اهم النساء في حياة الملك عبدالعزيز .. وقصة (أنا أخو الأنور المعزِّي)..

news image

تناول حساب الملك عبدالعزيز @Kingabdulazizsa بالتفصيل الشامل لحياة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية وإضاءة جوانب محورية في حياته ــ رحمه الله ــ السياسية والاجتماعية والثقافية، ومحطات غنية في مراحل عمره ( 1877 ــــ 1953م) والوقوف عليها مما لم يشبعها الباحثون والمؤرخون درسًا وتأملًا، أو مرَّ عليها التوثيق مرور الكرام بسبب الخبر السياسي المهم آنذاك.

وأتى الحساب الذي تمتلك دارة الملك عبدالعزيز حقوقه الفكرية والإعلامية ليملأ فراغًا إعلاميًّا ومعلوماتيًّا كانت منصات التواصل الاجتماعي تعاني منه في ظل غياب المعلومة الموثوقة، وليكون الحساب تحت إشراف مؤسسة نظامية حكومية رسمية اقترن اسمها أيضًا بالملك عبدالعزيز، وفي رصيدها تجربة تراكمية طويلة وثرية بلغت نصف قرن.

وتعتمد “الدارة” في حساب المؤسس على لغة سهلة ويسيرة تحقق العلمية المباشرة، واستثمار فنون الإخراج الحديثة والميسرة بهدف الوصول إلى جميع المستويات والأعمار، وتستند الدارة على ما تحفظه من الكتب والمخطوطات والوثائق، وتحليل الأفلام والصور الفوتوغرافية واستخراج المعلومة منها بالربط والتحليل، وأكثر من (5000) ساعة من التسجيلات الشفهية، والمقتنيات التذكارية الملكية، وما تركه ـــ رحمه الله ـــ من آثار مادية ومعنوية ذات بُعدٍ وطني.

ومما كشف عنه الحساب، دور المرأة في حياة الملك عبدالعزيز ودعمه لها، فذكر أن هناك ثلاث نساء تأثر بهن، وكان في خدمتهن ودعمهن، ووردن في أخباره السياسية والاجتماعية، واهتم المؤرخون السعوديون والعرب والأجانب بذكرهن وبعضٍ من سيَرهن خلال توثيقهم للتاريخ الوطني، فضلاً عن قصص إنسانية للملك عبدالعزيز كانت نساء بسيطات يشاركنه البطولة ذكرتها الكتب.

وورد في الحساب تحت وسم ( الملك _ الشاب) أسماء النساء الثلاث وأفضالهن على الملك عبدالعزيز وهن: والدته الأميرة سارة بنت أحمد السديري التي اهتمت بتربيته وتوجيهه، وكان يذكر دورها في كل مناسبة ويعتز بذلك، وأخته الأميرة نورة التي شدّت من أزره لاسترداد الرياض وتأسيس المملكة العربية السعودية، وكانت ملازمة له بالمشورة وإدارة شؤون القصر الملكي، فحق له الافتخار بها حيث يقول: (أنا أخو نورة) وفي حالات الغضب يقول: (أنا أخو الأنور المعزِّي)*

وعمته الأميرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي التي عملت على تنمية روح العزيمة، ودفعه إلى استعادة تأسيس الدولة، ودعته إلى تثقيف النساء في قصره وتعليمهن، فكان يحبها ويجلُّها ويستشيرها في شؤون الأسرة، فكانت خير سند وعون له.

كما تطرق الوسم إلى جوانب أخرى في سيرة الملك المؤسس مثل الشخصيات التي كان يقتدي بها، وفي مقدمتها الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -، ووسائل وخطوات تعلمه وتثقفه، وسمات الشجاعة والطموح والهمة في شخصيته التي تكونت في شخصيته بفضل ما عاناه من أحداث انتهاء الدولة السعودية الثانية، ودخوله معترك الحياة الدبلوماسية مبكرًا قبل توليه الحكم، واطلاعه على جوانب من الحياة السياسية.

__

* الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الفيصل آل سعود لم تكن بحق امرأة عادية؛ بل تجاوزت نساء وقتها بما تملكه من أعلى درجات الحكمة ورجاحة العقل وحسن التدبير، وما حملته من قلب كبير اتسع للمحتاجين والأيتام وقدرتها على حل مشكلات المحيطين بها من داخل الأسرة المالكة وخارجها. كما حملت الأميرة آراء وأفكاراً ذات شأن، وهو ما دفع شقيقها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الى أن يردد دائماً في مواقف بالغة الصعوبة تحتاج الى جسارة وحكمة وسرعة اتخاذ القرار «أنا أخو نورة».

وُلدت الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في مدينة الرياض عام 1292 ه.

وتعلمت القراءة والكتابة في عصر كان من النادر فيه وجود المتعلمات من النساء.

وتزوجت من الأمير سعود بن عبدالعزيز بن سعود بن فيصل الملقب ب«سعود الكبير» وأنجبت منه الأمير محمد بن سعود الكبير الملقب ب«شقران»، كما أنجبت الأميرة حصة والأميرة الجوهرة التي تزوج بها الملك فيصل.

ورصدت الدكتورة دلال الحربي في كتابها «نساء شهيرات من نجد» جوانب مهمة في حياة الأميرة نورة التي تكبر الملك عبدالعزيز بسنة واحدة، وارتبطت بأخيها عبدالعزيز برباط وثيق منذ طفولتها المبكرة، إذ كانت تشاركه اللعب كما كانت رفيقته عند خروج الإمام عبدالرحمن الفيصل بأسرته من الرياض في أعقاب موقعة المليداء عام 1891م، كما كانت نورة وبعد سنوات من استقرار الأسرة في الكويت عاملاً مهماً في شحذ همة أخيها عبدالعزيز في السعي نحو استعادة ملك آبائه، فوفقاً للمعلومات المتاحة كانت هي التي حثته على تكرار المحاولة لاستعادة الرياض بعد أن أخفق في المرة الأولى، فأخذت تقوي من عزيمته و إرادته، وعندما عزم على الخروج من الكويت بصحبه لاستعادة الرياض، بكت والدته بكاء حاراً، غير أن نورة شجعته، وهو الأمر الذي انتهى إلى نجاح عبدالعزيز ذلك النجاح المعروف تاريخياً. وطرحت الدكتورة الحربي نماذج من دور نورة المؤثر في كثير من جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية بعد أن استرد الملك عبد العزيز الرياض واستقر فيها وعادت أسرته اليها ومن ذلك:

أنها جنبت أخاها مشاكل وشؤون القصر الداخلية طوال وجودها، كما أنها كانت تشرف على تسيير أمور نساء العائلة؛ إضافة الى أنها كانت تشفع عند الملك عبدالعزيز لكثير من المحتاجين ومن لهم مشاكل تحتاج إلى حل.

ومن نماذج بروز دورها المؤثر أن الملك عبدالعزيز كان يستشيرها في كثير من الأمور وكان يلجأ اليها ليتحدث معها كثيراً ويبحث أمورا كثيرة من شؤونه ويبوح بأسراره لها ويأتمنها على تلك الأسرار، كما استند عليها في بعض الجوانب التي تخص شؤون القبائل، خاصة ما يتعلق بالنساء اللاتي لهن صلات بأفراد من شيوخ القبائل وذوي السلطة في المجتمع. واعتبر المؤرخون أن الأميرة مارست بشخصيتها المميزة واجبات السيدة الأولى، وكانت تستقبل زائرات الرياض من الأجنبيات وتأذن لهن بزيارة ورؤية معالم معينة فيها، كما أنها كانت تهتم بتنمية قدرات الأطفال وتوسيع مداركهم العلمية وتحفيزهم على التعلم، ويبدو ذلك من اهتمامها بالأطفال الذين يختمون القرآن، إذ كانت تكافئهم على أعمالهم.

وحظيت الأميرة نورة بمكانة خاصة عند الملك عبدالعزيز لم تحظَ بها أي امرأة أخرى في عصرها، وكعادة الرجل النجدي كان الملك عبدالعزيز يعتز بها حين يردد: «أنا أخو نورة»، وفي حالة غضبه يكنى بها حيث يقول: «أنا أخو الأنور المعزي».

ولفتت شخصيتها وعلاقتها المتميزة مع أخيها والتي أتاحت لها أن تقوم بدور مؤثر في كثير من جوانب الحياة أنظار كثير من المؤرخين والباحثين، خاصة أولئك الذين أتيح لهم مقابلتها أو السماع عنها عن قرب، ففيوليت ديكسون التي قابلتها عام 1937م مع بعض نساء الملك عبدالعزيز أعجبت بها بصورة خاصة ووصفتها بأنها: «من أكثر النساء اللاتي قابلتهن جاذبية ومرحاً»، وأنها «من أهم الشخصيات في الجزيرة العربية»، أما جون فيلبي فقال عنها: «كانت السيدة الأولى في بلدها». في حين سجل ديفيد هاوارث انطباعه عنها بالقول: «أبدى ابن سعود اهتماماً ورعاية لأخته نورة طوال حياته».

ومن الصفات التي تميزت بها شخصيتها أنها كانت تتمتع بالحصافة والحكمة ورجاحة العقل والدين والورع والفضل، وهي تشبه بشخصيتها وأخلاقها وكرمها شقيقها الملك عبدالعزيز، كما أنها كانت متفتحة الذهن تتماشى في سلوكها مع تطورات العصر، فعلى سبيل المثال كانت تعد الهاتف أداة ضرورية و مفيدة، ففي نص ترويه فيوليت ديكسون تذكر أنها خلال زيارتها لها رن جرس الهاتف فقامت إحدى الخادمات بالرد على المتحدث، وبعد انتهاء المحادثة الهاتفية قالت فيوليت معلقة إنها تنزعج من الهاتف، فردت نورة:«لا إنها آلة رائعة، لست أدري إذا كنا نستطيع البقاء بدونها».

إضافة لذلك كانت تتمتع بروح تنم عن معرفة جيدة بسلوكيات التعامل مع الآخرين؛ حيث أبدت في حوارها مع فيوليت إعجابها بالحَلَق- القِرط- الذي ترتديه وكذلك ثوبها، وهو سلوك ينم عن تواضعها ومحاولتها أن تشعرها بالقرب منها.

توفيت الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بعد إصابتها بمرض في عام 1369هـ، وعمرها 77 عاماً كانت حافلة بالحضور اللافت على مختلف الأصعدة. ودفنت رحمها الله في مقبرة العود بالرياض.

beth،spa