أهم التوقعات في الموارد البشرية عام 2021
بث: ربما كان العام 2020 أهم الأعوام وأكثرها صعوبة بالنسبة للموارد البشرية على الإطلاق. ومع انتقالنا إلى العام 2021، ستكون أقسام الموارد البشرية محور التحول الرقمي، عن طريق استعمال التكنولوجيا بطرق مبتكرة في تحقيق عمل ناجح ومستدام.
الموارد البشرية ستستخدم الأدوات الرقمية لتعزيز ريادتها في مرونة الأعمال والعمل المستدام
على ضوء التوقع باستمرار الخلل الناشئ عن كوفيد-19، سيظل الموظفون منفصلين عن بيئة المكاتب، وسيتحوّل العمل الهجين، غير المألوف عند الكثير من الشركات قبل عام واحد فقط، إلى وضع راهن، وستكون إحدى الأولويات الرئيسية لدى الشركات الحفاظ على الاتساق والمرونة، بحيث لا يتكرر الإخلال الأولي بالعمل بسبب كوفيد-19.
تقاس مرونة الشركة بمرونة أفرادها، لذلك ستركز فرق شؤون الأفراد والموارد البشرية باهتمام بالغ على رفاهية الموظف وما يلاقيه من تجارب. فالممارسات المستدامة في العمل - حين يشعر الموظفون بالسعادة والصحة والدعم - ضرورية على صعيد الإنتاجية والعمل الناجح. مع ذلك، ربما يصعب الحفاظ عليها حين يكون الموظفون مبعثرين. تتسم وتيرة العمل بالزخم في غالب الأحيان، مما يلقي بظلاله على صحة الموظفين النفسية ورفاهيتهم. وما لم تخفف الشركات من هذه الآثار، فلسوف تواجه صعوبات في التعامل مع إجهاد الموظفين واستبقائهم.
لهذا السبب، يتوقع بول بورين، نائب الرئيس لشؤون المنتجات في سايج أن تزيد الموارد البشرية استثمارها في متابعة الموظفين وتحليل البيانات. فهذه الأدوات ستساعد قادة الموارد البشرية في فهم التغيرات التي تطرأ على المؤسسة في الزمن الفعلي. إذ تتاح لهم ملاحظة كيفية تطور تجربة الموظف الافتراضية والتحرك السريع لتخصيص المزيد من الموارد وتقديم الدعم عند الحاجة.
كما ستعود فعاليات العمل ومناسباته الاجتماعية- التي توقفت في كثير من الشركات- بهيئة افتراضية. وسيحدث هذا بالتزامن مع مبادرات ناشئة، مثل التنقل الافتراضي الذي تستكشفه بعض الشركات من أجل تشجيع موظفيها على شحذ همتهم والاستعداد ليوم العمل. وبغرض اتخاذ دور أكثر فاعلية في حياة الموظف المهنية والشخصية، يتعين على فرق الموارد البشرية الحذر من تجاوز الحدود. إذ يتوجب التخطيط لإدراج فعاليات الفرق الافتراضية ضمن يوم العمل في سبيل تجنب الإجهاد، ولا بد من أخذ جداول العمل المزدحمة للموظفين بعين الاعتبار- فلن يعجبهم تحمل المزيد من المهام أو طلبات الحضور المستمرة.
أدوات التعاون تحلّ محل الحاسوب المكتبي
يتأثر التعاون سلباً بلا شك حين يتفرق الأفراد. لقد لاحظنا ذلك خلال الجائحة، وبدأت الشركات تعي أن عمل الفرق الجماعي، لا عمل الأفراد المنفصل، هو ما يسهم في نجاح الشركة ككل. في عام 2021، سيتخذ قسم الموارد البشرية دوراً استباقياً في الحث على العمل الجماعي والتعاون. وستغدو القدرة على العمل مع الزملاء عاملاً جوهرياً في تقييم الموظف. على نحو مماثل، حين يتعرض أحد المشاريع للفشل، سيخضع الفريق الأوسع للتقييم من أجل فهم مواطن الخلل وأسبابه.
إن الحفاظ على استمرارية التعاون في بيئة العمل عن بعد يتطلب كذلك تحولاً تكنولوجياً. فمنصات التعاون، مثل (Zoom) و(Teams) و(Slack)، لعبت دوراً هاماً في الربط بين الزملاء والإبقاء على عملية التواصل أثناء الإغلاق. وستتمثل الخطوة التالية في دمج هذه الأدوات مع نظام الموارد البشرية وأنظمة العمل الأخرى، لتزويد الموظفين بوسيلة أسرع وأسهل للوصول إلى التطبيقات والبيانات وخيارات الخدمة الذاتية.
ويتيح دمج أدوات التعاون المختلفة فرصاً عظيمة على صعيد مشاركة الموظفين. سوف نشهد أكثر فأكثر نشر الملاحظات الافتراضية والإعلانات الهامة من قسم الموارد البشرية عن طريق أدوات التعرف على الموظفين- المدمجة مع منصات التعاون التي يستخدمها الكادر بالفعل. حين يحقق الموظف النجاح أو يجسد أحد قيم الشركة أثناء العمل، سيتلقى تهنئة تلقائية، بهدف رفع المعنويات وتحسين المشاركة عن بعد.
الذكاء الاصطناعي سيصبح حارس الموظفين، لكنه سيثير الجدل حول الخصوصية والثقة
سيكون العام المقبل في غاية الأهمية فيما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة في إدارة الأفراد. يلعب الذكاء الاصطناعي بالفعل دوراً محورياً في عملية التعيين لدى كثير من الشركات، لكن هذا الدور سيتسع الآن ليعطي قسم الموارد البشرية إمكانات جديدة بالكامل.
تكمن قوة الذكاء الاصطناعي بالنسبة للموارد البشرية في الكشف عن الأنماط والتوجهات في البيانات وهو ما يستحيل على البشر ملاحظته أو تحليله تقريباً. بناء على ذلك التحليل، تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي إمكانية التنبؤ وتزويد الشركات بالتوصيات، بحيث تحسن المؤشرات الرئيسية التي تساعد المديرين على الاستعداد للتعامل مع المشكلات- بدلاً من الاستجابة لها بعد حدوثها. على سبيل المثال، سيتمكن قادة شؤون الأفراد من تحديد الموظفين المحتمل رحيلهم عن الشركة، وفجوة المهارات التي ستصادفها الشركة في المستقبل القريب. وبفضل الحصول على معلومات متعمقة، سيتمكنون من تعديل سياساتهم بثقة تامة.
نحن نقترب في الواقع من بلوغ المرحلة التي يمكن فيها قياس وتحليل كافة محادثات العمل- سواء عبر الفيديو أو البريد الإلكتروني أو الرسائل. تستطيع الشركات الحصول على البيانات المتعلقة بالأوقات والمدد التي يقضيها الموظف في محطة العمل. وإذ يستحيل على فريق الموارد البشرية أن يتابع ويحلل كل هذه المعلومات، إلا أن الذكاء الاصطناعي قادر على ذلك.
عن طريق إدراج الذكاء الاصطناعي في أنظمتها التكنولوجية، يمكن لفرق الموارد البشرية الحصول على معلومات وتحليلات سلوكية دقيقة. فمن خلال تحليل عدد من العناصر، ابتداءً من نبرة الصوت وانتهاءً بموعد بدء العمل في الصباح، تستطيع الشركة أن تعرف متى يعاني الموظف من الإجهاد والضغط. عندئذ، يمكن لقسم الموارد البشرية أن يتدخل لضمان حصول الموظف على الدعم الذي يحتاجه قبل أن تتدهور إنتاجيته أو يتغيب عن العمل. ستشكل هذه الأنواع من الأنشطة العمود الفقري لمبادرات العمل المستدام.
على أي حال، لا بد من التعامل مع الذكاء الاصطناعي بحذر. إذ إن توظيفه ضمن عمليات الموارد البشرية يثير الجدل بالفعل حول قضايا تتعلق بالخصوصية وأخلاقيات العمل، والذي سيزداد دون شك مع تبني المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي. هذا ما حدث في السابق حين أطلقت شركة (مايكروسوفت) أدوات رصد ومتابعة الإنتاجية في منصتها (Teams)، التي تقلص استعمالها منذ ذلك الحين عقب الانتقادات. يؤكد الجدل على أهمية شمول الموظفين حين يتعلق الأمر باستخدام الذكاء الاصطناعي. فمن الضروري ألا تُفرض التكنولوجيا على الموظفين دون موافقتهم أو تثقيفهم بشأن فوائدها. وعلى فرق شؤون الأفراد التأكد من أن القرارات المرتكزة على الذكاء الاصطناعي لا تقود إلى التمييز بين الموظفين أو ظلمهم. لا يجوز الاعتماد على البيانات وحدها ولا بد من يظل القرار البشري العنصر الحاسم في كل الأحوال.