التوتر الروسي-الاوكراني يُحرِج الاستخبارات الاميركية l تقرير خاص "بث"


مروة شاهين - بث:
منذ بدء التوترات العسكرية بين روسيا و اوكرانيا، و تزايد الحشود العسكرية الروسية على الحدود بين البلدين، بدأت الدول الغربية و لا سيما الولايات المتحدة الامريكية باطلاق التحذيرات حول خطورة اشتعال اي صراع مسلح في اوروبا الشرقية، معتبرة ان اي مغامرة روسية لغزو أوكرانيا قد تكون بمثابة شرارة تشعل صراعاً عالمياً تمتد آثاره خارج القارة الاوروبية.
توقعاتٌ “بالتّواريخ”!:
لم يوفر الرئيس الاميركي فرصة لمحاولة لعب دور ما قد يكون سلبياً ام ايجابياً في مسألة احتمالية الغزو، فخلال اجتماع جرى عبر الإنترنت، ضم ممثلي الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي، وكندا، فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، وبولندا ورومانيا، قال الرئيس الأمريكي إن روسيا قد تغزو أوكرانيا يوم الثلاثاء الموافق الخامس عشر من فبراير/شباط، ثم عادت الاستخبارات الأميركية لتحدد موعداً جدياً للغزو المزعوم في يوم الاربعاء 16 فبراير/شباط.
و في ظل التوتر الاعلامي الذي احدثته هذه المعلومات الاستخبارية التي شاركها الرئيس الاميركي و وكالة الاستخبارات الامريكية علناً مع وسائل الإعلام، تحدثت وكالة بلومبيرغ و هي وكالة انباء مقرها في نيويورك عن الغزو الذي حدث بالفعل، ونشرت عنوان “روسيا تغزو أوكرانيا”، لتقوم الوكالة بعد ذلك بإزالة المنشور و الاعتراف بأن نقل مثل هذا الخبر جاء عن سوء تقدير و تفسير الموقف.
و لكن معلومات جديدة بدأت تتصدر المشهد عن موعد آخر للغزو الروسي لأوكرانيا وهو يوم 20 فبراير/شباط المقبل وهو اليوم نفسه الذي فرضت موسكو سيطرتها على شبه جزيرة القرم في 2014، وقد دعم الحديث عن يوم 20 فبراير/شباط موعدا للحرب دخول روسيا في المرحلة العملية من تدريباتها واسعة النطاق في بيلاروسيا في استعراض للقوة يظهر كيف أن إحكام موسكو لقبضتها على مينسك أعطاها قدرات كبيرة في مواجهتها مع الغرب بسبب أوكرانيا، وربطت تقارير مختلفة عن أن موعد انتهاء المناورة سيكون هو التوقيت نفسه للغزو وينظر إليها باعتبارها تأتي في إطار الحشد العسكري الروسي قرب أوكرانيا.
الولايات المتحدة الامريكية تُصِّر على حتمية قيام روسيا بغزو اوكرانيا:
و في هذا السياق أعرب وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن عن اعتقاده بأن خطط روسيا المزعومة لـغزو أوكرانيا ليست خدعة،وقال أوستن : «لا أعتقد أنها خدعة كل ما هو مطلوب لغزو ناجح يقع بالقرب من الحدود مع أوكرانيا».
وأضاف: «لو نقلوا القوات إلى حاميات سحب القوات، ما كنا رأينا كل ما نراه في هذه المنطقة ليس فقط الأسلحة العسكرية، ولكن أيضا وسائل الدعم اللوجستي والطبي، والطائرات المقاتلة.. لديهم أشياء مثل الخيام الطبية والأجهزة الطبية والكوادر وغيرها.. لم تكن لترى ذلك إذا كنت ستسحب قواتك.. الهجوم يمكن أن يحدث في وقت قصير».
و في يوم الجمعة الموافق الثامن عشر من فبراير/شباط، قال مسؤول عسكري أمريكي إن ما بين 40 و 50 في المئة من القوات الروسية الموجودة قرب الحدود مع أوكرانيا اتخذت مواقع هجومية،. وقال إن نسبة القوات الموجودة في مواقع هجومية أعلى مما كان معروفا من قبل وتشير إلى أن تلك الوحدات الروسية يمكن أن تهاجم أوكرانيا دون سابق إنذار.
و في اليوم نفسه صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه واثق من أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين قد اتخذ ققرار بشأن غزو أوكرانيا في الأيام المقبلة”، كما شدد بايدن على أن الأوان لم يفت لإحلال الدبلوماسية بين الطرفين، وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوتر في شرق أوكرانيا وظهور تقارير من البنتاغون تثبت أن 40% من القوات الروسية المحتشدة على حدود أوكرانيا اتخذت وضعية هجومية.
أميركا تُصرّ، و روسيا تنفي:
و في ظل هذه التوترات العسكرية و الاعلامية، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واشنطن بمحاولة استدراج موسكو إلى حرب في أوكرانيا، وحذر من أن هدف الولايات المتحدة يتمثل في استخدام المواجهة ذريعة لفرض مزيد من العقوبات على روسيا، وأكد بوتين في تصريحات صحفية عقب لقاء رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في موسكو أن الولايات المتحدة تتجاهل مخاوف روسيا بشأن قوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا، وجاءت تصريحات بوتين مع تصاعد التوتر في شرق أوروبا بسبب تعزيزات عسكرية روسية بالقرب من حدودها مع أوكرانيا.
وتنفي روسيا الاتهامات الغربية بأنها تخطط لغزو أوكرانيا، بعد نحو ثماني سنوات من ضمها لشبه جزيرة القرم ودعمها متمردين مسلحين في المناطق الشرقية بأوكرانيا، و في هذا السياق قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي، أنتوني بلينكين، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاهلا المطالب الأمنية لروسيا ونفى مرارا وجود أي خطط لغزو أوكرانيا، رغم حشدها لأكثر من 100 ألف جندي بالقرب من الحدود.
الموقف الاوكراني:
و في ظل تبادل التصريحات بين روسيا و الدول الغربية عن موعد الغزو المزعوم قال الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي «قيل لنا أن 16 فبراير سيكون يوم الهجوم فنجعله يوم الوحدة»، و تابع: «لدينا جيش عظيم وأقوى بكثير مما كان عليه قبل ثماني سنوات، ونحن نبذل قصارى جهدنا للدفاع عن مصالحنا وقد حصلنا على الدعم الدبلوماسي من جميع قادة العالم المتحضر تقريبًا، والذين زار معظمهم أوكرانيا أعربوا عن دعمهم و أضاف «أمن أوروبا يعتمد على أوكرانيا وجيشنا».
و أضاف: «أعتقد أنه يوجد اليوم في الفضاء الإعلامي ما يزيد عن اللزوم من المعلومات المتعلقة بحرب عميقة واسعة النطاق من جانب روسيا.. نحن ندرك كافة المخاطر.. وإذا كانت لديكم أو لدى أي شخص آخر أي معلومات إضافية تؤكد أن الغزو الروسي لأوكرانيا سيحدث بنسبة 100 في المائة اعتبارا من 16 فبراير، قدموا لنا هذه المعلومات».
وأشار زيلينسكي إلى أن كييف تأخذ في الاعتبار هذه المعلومات التي تقدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها، لكنه أضاف أنه يجب تحليل تلك المعلومات بدقة، وأن الاستخبارات الأوكرانية “تعمل بشكل جيد” أيضا، وقال: «لدينا معلومات كثيرة ومختلفة. وأفضل صديق للعدو هو الذعر في بلادنا. وكل المعلومات التي تؤجج حالة الذعر لا تساعدنا»، مع ذلك، شدد زيلينسكي على ضرورة أن تكون أوكرانيا مستعدة لأي خطوات من وراء أي حدود.