باسيل منزعج من حزب الله و لكنه متمسّك بالتحالف معه .. لبنان إلى أين؟ l تقريرخاص

news image

بيروت - مروة شاهين - بث:

بعد تحالف التيار الوطني اللبناني وحزب الله .. تأكد المواطن اللبناني أنه لا يلبي إحتياجات لبنان وتطلعاته على الصعيد الداخلي والخارجي.

رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل ، ومع إقترانب نهاية فترة رئاسة ميشال عون، بدأ يلعب بعدة أوراق، لكي يبقى في المشهد.

وبحسب مراقب ومحلل مشارك في هذا التقرير..”يواجه لبنان انهياراً كاملاً للمؤسسات وكارثة مالية واقتصادية واجتماعية، وفشل في بناء دولة قادرة وفي مكافحة الفساد والهدر”..

بعد الصفعة التي تلقّاها التيار الوطني الحرّ من حلفائه في حزب الله فيما يخص قرار المجلس الدستوري حول تحديد موعد الانتخابات التشريعية و عدد مقاعد تمثيل المغتربين، تررد الحديث عن نيّة التيار الوطني الحرّ في فسخ تحالف “مار مخايل” الذي عقده مع حزب الله منذ العام ٢٠٠٨.

و منذ ذلك الحين، ظلّ المشهد السياسي اللبناني مترقباً لأيّ تصريح أو معلومة بشأن اتفاق مار مخايل الذي غيّر وجه لبنان، اذ استطاع التيار الوطني الحرّ و حليفه حزب الله من السيطرة على القرار السياسي اللبناني داخليا و خارجيا بواسطة هذا الاتفاق، ما جعل اللبنانيين يتسائلون عن المتغيرات التي قد تحصل إذا ما تم فسخ هذا التحالف..

ذلك التحالف الذي يعتبره اللبنانيون الخطوة الاولى لتسليم البلاد الى المحور السوري- الايراني، اذ يعتبرون ان جوهر هذا التحالف كان يهدف الى حصول الرئيس ميشال عون على كرسي الرئاسة، بينما يكون لحزب الله اليد العليا في القرار السياسي و الإداري في لبنان، ناهيك عن السيطرة على كافة مقدرات الدولة، و هذا ما يعبر عنه اللبنانيون بالعبارة الشهيرة «عطيني الكرسي و خود البلد» في اشارة الى تفاهم “مارمخايل” بين عون و حزب الله.

إنزعاج .. لا إنزعاج

عقد رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل مؤتمراً صحفياً، تناول فيه مسألة التحالف مع حزب الله، و من الواضح ان باسيل المنزعج من تصرفات الحزب و اخلاله بتفاهم مار مخايل، كان حذراً في انتقاء كلماته و كأنّه لا يريد إغضاب حلفائه في حزب الله، فقد بدأ اولا بالحديث بتلك اللهجة التي بفضلها الحزب، و هي لهجة الهجوم على الولايات المتحدة و “اسرائيل” فقال: «نحنا الوحيدين يلّي وقفنا ضد منظومتين: منظومة الخارج بمشاريع صفقة القرن وتوطين النازحين واللاجئين والارهاب الداعشي وضد منظومة الداخل يلّي بتشمل أمراء الحرب بزمن الميليشيات وأمراء الفساد بزمن السلم بمشاريع السطو المالي ومشاريع السطو السياسي على حقوقنا ودورنا».

أمّا عن امتعاضه من اخلال حزب الله بتفاهم “مار مخايل” و تجاهله لحليفه التيار الوطني الحرّ فعبّر عنه قائلاً «نحنا آمنّا بالديمقراطيّة التوافقيّة، واعتبرنا التوافق عليها بوثيقة التفاهم مع حزب الله، انجاز وطنيّ مهم، على اعتبار انّها تشاركيّة بين المسلمين والمسيحيين وانّو مش العدد بيحكم بل مبدأ الشراكة المتناصفة بينهم، و لكن،البعض حوّل التوافقية لحق نقض او فيتو لكلّ مذهب من المذاهب بيستعمله حتى يشلّ مجلس الوزراء، او يمنع التصويت حتّى بصدور قرارات عاديّة اذا هو مش موافق عليها».

ثمّ عاد ليذكّر حلفائه بأن التيار الوطني الحرّ هو صاحب الفضل على حزب الله في النفوذ السياسي الذي يتمتع به، نظراً للغطاء المسيحي الذي وفره التيار الوطني الحرّ لحزب الله، قائلاً:«بـ 6 شباط الـ 2006 عملنا تفاهم مع حزب الله بـمار مخايل ، اخترنا مار مخايل بعد هجمة 5 شباط على الأشرفية، كردّ على محاولة المجتمع الدولي وشركائه اللبنانيين لعزل حزب الله،محاولات العزل للحزب ما توقفت، وآخر موجاتها كانت بـ 17 تشرين بهدف اضعافنا لرفع الغطاء المسيحي عن الحزب بحسب ما عبّر عن هالشي فيلتمان بشهادته بالكونغرس الاميركي ».

باسيل يلقي اللوم على حركة أمل

لم يكتفِ باسيل بتذكير حزب الله بفضل التيار الوطني الحرّ عليه لجهة تأمين غطاءٍ مسيحي له، بل ذهب ابعد من ذلك ليعاتب حزب الله بطريقة مكشوفة، معتبراً أن حزب الله قد تجاهل تحالفه مع التيار الوطني الحر لإرضاء نبيه برّي، رئيس مجلس النواب اللبناني و رئيس حركة أمل التي تعتبر ثاني اكبر حزب شيعي في لبنان (و غالباً ما يتم وصف حركة امل و حزب الله في لبنان بعبارة “الثنائي الشيعي”، بصفتهم أكبر الأحزاب الشيعية في البلاد) معتبراً ان رئيس حركة امل نبيه برّي هو من دفع بحزب الله الى الوقوف ضد التيار الوطني الحرّ في المجلس الدستوري.

و في هذا السياق، توجه باسيل في كلامه مباشرة الى الامين العام لحزب الله حسن نصرالله قائلاً : «هلّق بيقول السيد حسن، يلّي إلو عندي مكانة خاصة بالقلب وبالعقل الله وحده بيعرفها، هيدا الكلام بينحكى بالغرف المغلقة. صحيح معو حق، ولكن حاولنا وحكينا كتير بحوار عميق لتفعيل وتطوير وثيقة التفاهم، وعملنا لجنة مشتركة اجتمعت مرّة واحدة، وكأن ما في شي مستعجل».

و عن تجاهل حزب الله لحلفائه في التيار الوطني الحرّ لإرضاء نبيه برّي قال باسيل «عم يحطّوا اصدقائهم الصادقين بموقع ما بقا بيقدروا يبرّروا، لأن هم أصلاً مش مقتنعين وما عندهم جواب ولمّا منسأل الجواب الوحيد 3 احرف: برّي».

باسيل: إذا كنتم تفضلون نبيه برّي علينا، فسوف نعيد النظر في تحالفنا معكم

حذّر باسيل حزب الله من الاخلال بقواعد تفاهم “مار مخايل” و السير وراء ارضاء برّي قائلاً: «نحنا عملنا تفاهم مع حزب الله مش مع حركة امل، لمّا منكتشف انّو الطرف الآخر يلّي صار بيقرّر مقابلنا بالتفاهم هو حركة أمل، بيصير من حقنا نعيد النظر،أنا ما عم استجدي عطف، انا عم نبّه من عواقب هالسياسات يلّي رح ندفع كلّنا ثمنها، وما بينجى منها حدا. القضيّة صار بدها حوار عميق والاّ ما فينا نكمّل هيك».

باسيل متمسك بتحالفه مع حزب الله انتخابياً، و لكنه يلوّح بفسخ التفاهم إذا استمرّ الحزب في تجاهل التيار الوطني الحرّ

و أضاف باسيل، ان التيار الوطني الحرّ قد يخسر الكثير من الاصوات الانتخابية إذا ما تم فسخ التحالف مع حزب الله، و لكنه وضّح أن تفاهم مار مخايل الذي يجمع بين الفريقين يحتاج الى إعادة تطوير ليتناسب مع المستجدات و التطورات على الساحة اللبنانية، اذ قال: «نحنا عملنا حساباتنا، ومن الطبيعي نكون انتخابياً أقوى اذا تحالفنا مع الحزب وهيدا شي بديهي بالانتخابات، ولكن بين نربح الانتخابات أو نربح حالنا، منختار حالنا وصدقيّتنا وكرامتنا، وما رح نربح بهالظرف اصوات انتخابية اضافية اذا فكيّنا التفاهم؛ بالعكس يمكن نخسر مصداقية، لكن الموضوع صار عند الناس ابعد من التفاهم – صار موضوع وجودهم ولقمة عيشهم».

ما وراء تصريحات باسيل ؟

تعليقاً على التصريحات التي صدرت عن رئيس التيار الوطني الحرّ، قال النائب آلان عون عضو تكتل لبنان القوي ( اي الكتلة البرلمانية التابعة التيار الوطني الحرّ) أن ” كلام باسيل هو تعبير عن مواقف من مجموعة ملفات داخلية كانت محطّ تباينات واختلافات بين التيار والثنائي الشيعي المكوّن من حزب الله وحركة أمل، تفاقمت من دون أن يتمّ تداركها أو معالجتها وهي لا شكّ تترك آثار سلبية على العلاقات الثنائية و ان هناك مجموعة محطات أظهرت تباينات بين الفريقين (التيار وحزب الله)، لذلك نادينا في أكثر من مناسبة الى مراجعة ورقة التفاهم، لأنها لم تعدّ تلبّي بحد ذاتها متطلبات المرحلة الحالية لا على الصعيد الداخلي حيث يواجه لبنان انهياراً كاملاً للمؤسسات وكارثة مالية واقتصادية واجتماعية، وفشل في بناء دولة قادرة وفي مكافحة الفساد والهدر، ولا على الصعيد الخارجي، إذ نواجه مشاكل عدة كان آخرها الأزمة الكبيرة مع دول الخليج العربي”.

و يرى الدكتور محمد سيف الدين، استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية، إن الهدف من التصريحات التي صدرت عن باسيل كان شدّ العصب المسيحي، و محاولة اقناع مسحييي لبنان بأن التيار الوطني الحرّ صاحب قرار سياسي مستقل و لا يدور في فلك حزب الله، مضيفاً ان باسيل يعتبر هذه الخطوة ضرورية لكسب تعاطف المسيحيين قبل الانتخابات اللبنانية، فباسيل يعلم مدى نقمة المسيحيين عليه و على التيار الوطني الحرّ، اذ إن اغلب اللبنانيين سواء كانو مسيحيين او مسلمين يحملون حزب الله مسؤولية الأزمات التي عصفت بلبنان منذ العام ٢٠١٩ بدءاً بالأزمة الاقتصادية وصولا الى إنفجار مرفأ بيروت بالإضافة إلى التوترات مع الدول الصديقة و لا سيما الدول العربية،و بالتالي فهم يعتبرون ان التيار الوطني الحرّ هو من ساعد حزب الله و مهّد له طريق السيطرة على السيادة اللبنانية و مقدرات الدولة و الشعب.

و أضاف الدكتور سيف الدين: ” إن باسيل يعلم في قرارة نفسه مدى الخطاء الذي ارتكبه التيار الوطني الحرّ لجهة الخضوع لحزب الله و منح غطاء مسيحي له، و لكنه ايضاً غير قادر على إصلاح هذا الخطأ، فقد فات الأوان، فباسيل و تياره اصبحا منبوذان من قبل اللبنانيين و المجتمع الدولي، وبالتالي فالبنسبة اليهم لا غنى عن حزب الله كحليف انتخابي لكي لا يخسر التيار ما تبقى له من مقاعد برلمانية”.

اما عن تلويح باسيل بفسخ التحالف مع حزب الله فيقول الدكتور سيف الدين ان حزب الله لم يعد بحاجة إلى التيار الوطني الحرّ كما كان بحاجة إليه في ال ٢٠٠٨ عندما تم عقد تفاهم مار مخايل، فقد مرت سنوات و الوضع تغير، و قد نال الحزب ما كان يسعى إليه، فكل مقدرات الدولة اللبنانية و قراراتها اليوم بين يديه.

و يضيف قائلاً « إن تلويح باسيل بفسخ التحالف مع حزب الله ليس رسالة موجهة الى الحزب نفسه، بل رسالة موجهة الى خصوم حزب الله في الداخل و الخارج بأن باسيل نادم على تسليم لبنان لحزب الله، و انه على استعداد لفسخ تحالفه معه شرط ان يتم رفع العقوبات الاميركي عنه و ضمان حفاظه على مكتسباته السياسية، بما يضمن له الحفاظ على دور فعال في السياسية اللبنانية تمهيدا لتحقيق حلمه يوما ما بالجلوس على كرسي رئاسة الجمهورية».