بين المؤامرة .. ومنفذها
كتب - عبدالله العميره
الشعوب العربية؛ موهومة بالمؤامرة على المُطلق!
صحيح أن المؤامرة تدخل في مخططات الحرب، وكما قيل " الحرب خدعة" .. والخدعة مؤامرة.
وواقع الحال، أن المؤامرة لاتقع إلا في البيئة المناسبة.
ولن يكون حديثي في هذا المقال عن الحرب التقليدية المباشرة بين الجيوش.
بل سأتحدث - في إشارات - نتائج الحروب.
لم تعد الحروب كما السابق، مواجهة مباشرة بين جيشين، المنتصر يستحوذ على خيرات البلد المنكسرة.
ولكن لايفوتنا أن الإنتصار في أي حرب؛ هي نهاية البلد المهزوم في المعركة .. بل ربما الهزيمة تتحول إلى عزيمة لاتنكسر، تصعد بالمهزوم إلى قمة النصر..
اليابان؛ مثال..
سعت أمريكا إلى هزيمة اليابان والقضاء عليها بالقنابل الذرية، والخراب، في أول تدمير بهذا السلاح الخطير على الكرة الأرضية.
لكن المجتمع الياباني بقيادته ونظامة الأمبراطوري المستقر استطاع أن يهزم أمريكا؛ بالتطور التكنولوجي المذهل.
أمريكا لم تهزم اليابان من الداخل.. أعني لم تمارس عليها سياسات التفتيت والتمزيق والتخريب للمجتمع من الداخل، وتهيئته للغزو والإستحواذ والإحتلال وامتصاص خيراته ، ورمي الشعب مع الكلاب الضالة الباحثة عن ما ينقذها من الموت جوعاً بين الخرائب !
فقد واجهت مجتمعا يابانيا صلباً ملتفاً حول قيادته ونظامه، فلم يكن أمام الأمريكان إلا القنابل والصواريخ، ولم تفلح.
وأظهر الإعلام لحظات توقيع اليابان على وثيقة الإستسلام في 2 سبتمبر 1945. والحقيقة التي تجلت بعد ذلك ، أن اليابان لم توقع على وثيقة استسلام، بل على وثيقة نهوض حضاري من نوع جديد.
أريد القول:
ليس كل مايريده العدو يتحقق له.. عادة العدو الظالم المقتدر بالسلاح، يقوده الغرور، بينما عقله وعيناه مغمضتان، لايرى ولايفكر أبعد من لحظة الإنتصار الآنية.
ولذلك نلاحظ أن كثيراً من الغزاة يفشلون.
لم تستطع أمريكا تحقيق الإنتصار الحقيقي في أي من الدول التي غزتها. وفرنسا قوبلت باستبسال من الشعب الجزائري والشعوب العربية ، وأخرجتها من الأراضي الجزائرية .
وفكر الأعداء بعقلية الغازي ، فأخذوا يجربون الحرب بالوكالة .
ووجدوا ظالتهم: " الإستثمار في الجهل".
أي تحويل الشعوب - وهنا أتحدث عن الشعوب العربية - وسعت إلى تحويلهم إلى قطعان يمزقها الجهل والخرافات والنعرات الفارغة التي تؤجج الصراع بينها، ويتحين الأعداء الفرصة للإنقضاض، حينما تكون الشعوب العربية قد وصلت إلى مرحلة التمزق التام والخور وعدم القدرة على المواجهة ، وتحت قيادات هلامية لايهمها إلا مصلحة نفسها فقط.
فراغ وطني نتيجة التغذية بالخرافة والضعف العلمي، إلى حد القناعة بأن كل شعب عربي يرى نفسه الأفضل. ولايرى سوى نفسه!
طبعاً الإعلام الردئ والمتعاون مع المتآمر؛ ساهم في انحلال العقول والأجساد، فصارت الشعوب تلهث وراء الثلاثي المدمر للطموحات؛ والعقول:
الأولى: لقمة العيش التي يجترها إجتراراً، لاهثاَ خلفها .. وطبعاً تعلمون أن " الجوع كافر"، وعندما يكفر المواطن بوطنه، مع تفشي الجهل، فلا يهمة أن يتبع أي طريقة ليعيش، حرام أو حلال، لايهم.
الثانية: الغوص قي الملذات، واستنساخ العقول الغربية في حياتهم الفاسدة.
الثالثة: التسافد.. الرجل يبحث عن المرأة ، والمرأة تركض وراء الرجال .. وصار الجنس والمال هما الدافعان - فقط - لقضاء وقت من المتع المحرمة.
السؤال الكبير: من يغذي هذه المفاسد؟ ولماذ؟
أعتقد الإجابة واضحة !
الشعوب العربية حالياً ، في مرحلة " اللا رجعة " ، أو بمعنى آخر، مرحلة تمام التخلف..
من بغداد إلى تطوان .
شعوب عربية - حولنا - غارقة في الخرافة والجهل.. في السحر والشعوذة .
ملل متفرقة، ليس لها من الإسلام شئ.
قصور فخمة تبني، والشعوب تبني البيوت الخربة على الموتى في المقابر، يكادون يلتزمون بعبادتها!
حتى اللغة العربية:
تحولت (القاف) إلى (كاف)، و(الجيم) إلى (قاف)، و(القاف) إلى (ألف)، و(الزاي) إلى (ش)، و( الكاف) إلى (زاي).. ولغات جديدة محشوة بالإبتذال ومعاني التخلف.
ممكن أن ترى أمامك شخوصاً مهندمة من الخارج، تفوح منها روائح العطورات الفخمة ، لكنها فارغة من الداخل.
من المسؤول؟
إنها ألأنظمة العربية ، أعني (الجمهوريات) وليست بجمهوريات، يحكمها ملوك غير متوجين، لايتركون الكراسي حتى الموت.
لكم أن تتخيلوا في بلد العربي ؛ وزير التعليم فيه لايعرف يقرأ جملة عربية صحيحة!
ذلك مثال..
أنظمة خربة متخلفة، يهما العيش الباذخ، ومن بعدهم الطوفان.
أدخلوا شعوبهم في أتون الخرافة والجهل وأوهام العظمة؛ ليحكموا السيطرة عليهم.
لايعلمون أنهم يخدمون الشيطان الأكبر المتربص بالبلاد والعباد.
ولكم أن تتخيلوا قائد في بلد عربي، يعتقد أنه بطل، وهو لاينفع حتى بائع في سوق البصل.
هكذا إعلام الخرافة يحولون الهلام إلى نجوم من ورق لامع.
والنتيجة إنقلاب الشعوب، وتدمير الأوطان ( لكم من حولنا مثال وعبرة)..
تحدث معي شباب من الوطن العربي من المؤمنين بالعروبة والتجمع العربي..
أقسم بالله أحدهم قال لي بالحرف الواحد : " نريد أن تحتلنا السعودية ، وأمثال هذا الشاب كثير، يبدون إبنبهارهم وفخرهم بالحضارة السعودية وبالعقلية السعودية ، والقيادة السعوديةالمشرفة للعرب والمسلمين، وحتى لكل العالم.".
قلت : أرجو إلغاء مصطلح وفكرة (احتلال) بين الدول العربية، نحن وإياكم بلد واحد - هكذا شعوري كمواطن سعودي، ولكن في بعضكم عنجهية..
كثير من البلاد العربية ؛ الأنظمة التي فيها لاتريد التطوير لشعوبها.
هي تسير وفق سياسة فيها تنفيذ لتآمر الشياطين.
قد تتغير الأحول، فتضيع خطط المتآمرين ومن معهم، هباء. وينتصر العرب على ذاتهم، ويعرفون أين مصلحتهم.
__________
أقول دائماً، ومازلت أقول: وجود "إسرائيل" بيننا، وسيلة رئيسية لجعل العرب في الخلف، وإشعال الفتن بين الشعوب. بوسائل متعددة.. بعضها واضح على مواقع التواصل، وخطط سرية تتكشف مع الأيام، و في الأزمات.
ولا أعتقد أن إسرائيل ستتغير في الزمن المنظور.
ولن تتعدل الحال في المنطقة بسهولة، إلا بزوال التطرف الديني في إسرائيل، و تحول فيها من النظام العسكري الجاسوسي المخرب الكاره للعالم، إلى نظام مدني مندمج مع الجيران والعالم، منتج لخير البشرية.
وتحول العرب من الخراب العقلي إلى الإعمار للعقول والأرض.
ولا أعتقد أن شيطان الغرب سيوافق على أن تتقوى دول الشرق الأوسط وبالذات العربية، وتحديداً الخليجة، حتى وإن كانت إسرائيل تريد الإندماج مع الأخيار العرب المنتج المتطلع إلى خير العالم، لأن الغرب تعود على أجندة: الإحتلال ونهب خيرات البشر.. بدءاَ من (تجهيل الشعوب) وإدخالهم في الخرافة، والخلافات.
إلا من بوادر أراها في الغرب، بعض دول بدأت تتفهم فائدة التكامل الإقتصادي، وبدأت تشعر أنه لامفر من التكامل مع السعودية، التي تعتبر أنموذجاً للتقدم الحضاري في العالم، ومعه الإنتعاش الإقتصادي المنشود للبشرية، وأن مصالحها الحقيقية في استقرار وانتعاش دول العالم، بخاصة دول منطقة الشرق الأوسط.. وأن الإستثمار في العلم هو الأصل، والأبقى والأكثر فائدة واستدامة..