ذاكرة العرب الضعيفة

news image


كتب - عبدالله العميره

استمعت للسيدة سميحة أيوب؛ وهي تردد القول الشهير عن العرب:
" إحنا ذاكرتنا ضعيفة .. لما تمشي من الصورة بتتنسي".
( لا أنقل عن سميحة أيوب الممثلة، إنما أنقل عن الجانب الإنساني ، منها.. لا أؤمن ولا أصدق 90% بما يسمى فن التمثيل (العربي) على وجه الخصوص، لأنه  - غالباً - ينقل تجربة فرد يجيد الكتابة، ولا يملك علماً ولا تجربة ولا تحليل وهدفه غير عميق ، ثمة أن الأداء العربي في التمثيل أعتبره ما اعتبرته في مقال سابق )!
السيدة سميحة فيها جوانب عقلانية وشئ من الحكمة ، وعندما تسمع عن حرف من الحكمة؛ فالتقاطها دليل قدرتك على التمحيص.
_____
للأسف؛ العرب / جلّهم ، يتغنى بالأمثال عن الوفاء، ولكن ذاكرتهم ضعيفة جداً!
في بلاد الغرب؛  للخبرات قيمة.. عندما يتقاعد الموظف تزداد قيمته، ويزداد الإحترام له. ولا يترك الشخص المتقاعد، إلا من أجل راحته قليلاً، وليعيد برمجة خبراته.
تتهافت عليه الشركات للحصول على عصارة الخبرات الغنية المركزة .
وقد يسأل أحدكم: وهل (الخبرات العربية) مثل الخبرات في الغرب ؟
لدي إجابة محتلفة، أؤمن بها في مثل هذه الحالة، أقول فيها:
الخبرة لاتقاس بالعمر، بل بمقدار ما تستفيده من الحياة .. والذكي من يستفيد من تجارب وخبرات الآخرين من الناجحين.
أما عند العرب، فأسرع طريقة للخلاص من المبدع المشاكس ( المشاكس، من صاحب العقول الخمسة - ولا أقصد بامشاكس المشاغب السئ).. عند العرب أسرع طريقة للتخلص من المشاكس المبدع ؛ هو الخلاص منه بإحالته على التقاعد.
ولا أتعجب وأنا أشاهد برنامج ( علمتني الحياة، في mbc)، معظم المستضافين، شباب وشابات .. فكيف يمكن الإستفادة منهم؟!
عندما أستمع لهم، وأعرف كيف استفادوا من تعليمهم ومكتسبات الخبرة من الخارج، وذكاءهم وحرصهم على الإستثمار في أنفسهم؛ أتفهم استضافة أولئك الشباب، لأنهم أكثر من كبار السن قليلي الخبرة، وبالتالي من السهل على البرنامج الحصول على الشباب / هذا الجيل.
لا ملامة ، فالحال عند العرب، كما المثل" البعيد عن عيني؛ بعيد عن قلبي"..  ولا توجد ثقافة أو استعداد للبحث عن الخبرات المميزة. وأسباب أخرى تتعلق بالمديرين - معظم العرب لايحبون الموظف الأكثر ذكاء وانتاجاً وإبداعاً منهم!
نحن قوم نردد أقول وأمثال، ولا نعمل عليها، ولابها،  مثل:
الأم مدرسة...
الحياة مدرسة...
ونحن قوم نحب أن نعمل العمل من جديد، وليس من حيث انتهى الآخرون.
نحن قوم لانحب التغيير، ولا نعرف التعديل والتطوير.
ونحن قوم نحب أن يكون تحت إدارتنا ، من يصدق على أقوالنا.. ويقول: ( سم..تم )، ولا نحب من يأتي بأفكار وخبرات مختلفة، تجعل العمل يتقدم بسرعة.
ونحن قوم نحب الإبتداع، ولا نفهم في الإبداع.
ونحن قوم لانعترف بالأخطاء، ونبطئ في التصحيح، ولو بعد خراب"مالطا"!
نحن قوم نحب الصوت العالي، ونعشق "الهياط" ، ونتحدث عن الصمت ؛ وفي الوقت نفسه؛ نثرثر أكثر من الأفعال. وإذا فعلنا؛ نضخم الفعل حتى يبدوا كبالونه ضخمه تلمع، ويتهيأ لنا أن العالم يُصدق.
نحن قوم لانكرم المبدعين؛ إلا بعد وفاتهم - وهذا ليس دائماً.
__________
وحول المحور السابق..
أعني  ما يدور في فلك الخبرات والهياط الناتج عن جهل وتخلف، وتقوقع؛ نكتة يرددها بعض المصريين، وأسمعها مباشرة ..
يحدثك أحدهم عن السعودية أو الإمارات أو غيرهما من دول الخليج،  بطريقة تؤكد أنه يجهل الحياة وما فيها من خبرات ومعرفة ( كلامي هذا لايتعارض مع وجود بعض الخلل  عندنا؛ المتعلق بأسباب بعض تأخر، رغم مانراه من تطور).
يعتقد كثير من الأخوة المصريين، أن الكرة الأرضية لايوجد فيها إلا مصر!
وأن الخيرات المصرية هي التي بنت العالم!
يسألني كثير منهم عن الحضارة والعمران والتطور في دول مجلس التعاون الخليجي.. وعندما أجيبه. يبادرني بالقول:
"نحن من طوركم، نحن من عملنا كم "!
يقولها بجدية.. فأضطر أن أرد عليه:
" لو فيك خير؛ لطورت نفسك وبلدك أولاً ".
قوم ( نسبة كبيرة منهم - وليس كلهم طبعاً ) يعتقدون أن رقي الخليجي، وحبه للبلاد العربية، وتسامحه.. يعتقدون أننا لانفهم، وهُبل !).. ببساطة ، سبب فهمهم الخاطئ، لأن من يعتقد بذلك منهم ، لايفهم في الشهامة والرقي والتسامح وثقة الخليجي في نفسه. ومغيب، لا يعرف ما يجري في العالم.
بسبب إعلام "توك شو" ينقل، ولا يحلل بأمانة.
أكرر القول: لا أعمم ، ولكن هذا ما يبدوا ظاهراً، ونسمعه.
لذلك يجب على الخليجي أن يكتسب الخبرة اللازمة ويطبقها عندما يسافر إلى أي بلد عربي أو أجنبي.
كل بلد فيه ثقافة عجيبة، نتيجة الجهل بما يجري في دول الخليج من تطور مذهل، يسبق الآخرين بما لايقل عن 200 عام من العمل الجاد والسريع ( كيف شكل التطور عندنا لو تخطينا سلبيات تبطئ من تقدمنا (المتقدم) ؟!
ودائماً أقول للزملاء العرب وحتى الآجانب، عندما تتاح لي الفرصة:
يجب أن تتجردوا من الأحكام السابقة المبنية على جهل، وتتعلموا الجديد في إعلام الفضاء المفتوح، حتى لايتم اتهامكم بالتكلس في قوقعة الجهل. وحتى لايضحك  الناس عليكم.
يجب أن تخبروا الناس بما يجري في العالم.
يجب أن تزيلوا الحقد من نفوسكم، وتستبدلوه بحب، ويمكنكم استلاف هذه المحبة من الخليجيين!
أو يمكنكم الإستفادة من أنفس بعض منكم المحبين لنا.
_____
آخر هذا المقال، أعود على ذي بدء ؛ لأزيد بالقول:
أحياناً ؛ أخجل من أن أطالب الآخرين بالوفاء لنا، ومن أهلنا يفتقد الوفاء معنا !!
_____
حتى يُفهم مقالي بشكل جيد إيجابي؛ يجب قراءة الموضوع أكثر من مرة!