النصاب الموثوق به !
كتب - عبدالله العميره
سؤال ذكي طرحه خالد مدخلي على الممثل المصري خالد الصاوي في برنامج مباشر على القناة العربية :
هل من الممكن أن ينقل الممثل المصري ما يجري في الشارع المصري اليوم؟!
إحترامي لشخص خالد الصاوي..
شاهدت اللقاء اليوم السبت على قناة العربية، فاستنهض فكرة هذا المقال..
لا ألوم خالد الصاوي عندما ارتبك عند الإجابة على السؤال!
العارف بما يدور في الشارع المصري في ظروف هذه الأيام - الإقتصادية - يعرف ماذا يعني خالد مدخلي.
( وأضع في الإعتبار أن هذا هو الشارع المصري منذ عرفته.. النصابون والسحرة؛ لم يتركوا للأخيار مكان يصححون فيه تلك المفاهيم عن الشعب المصري، الذي يعرف بالطيب قبل التعامل مع النصابين - وهم موجودون في كل سكة وموقع).
لم يجب الصاوي على سؤال خالد مدخلي..
بعد صمت وتفكير قال بما يعني أنه ممكن!
وأنا عبدالله العميره؛ أزعم أنني أعرف الشارع المصري جيداً جداً، منذ 1983 حتى اليوم وغداً.
أعرف كيف يفكر المصري.
سأختصر واحدة من معاني تدلل على بعض ما يتصف به المصريين، وشاهد من أهلها.
في فترة سابقة أُقترح عليّ إصداردليل عن السياحة في مصر. بعد نجاح كتابي " يوميات سعودي في القاهرة".
فاجتمعت بالملحق الإعلامي بالسفارة المصرية في الرياض شعيب عبدالفتاح - كان ذلك في أواخر عهد الرئيس حسني مبارك - رحمه الله.
قال، توكل على الله، وشوف المطلوب..
قلت له مطلوب إعلانات من الشركات المصرية .. وقال لي كلمة لم تزل ترن في أذني كلما فكرت في أي مشروع أو عقد يربطني بأي شقيق مصري - أفراد أو شركات..
قال الأستاذ شعيب : في مصر يمكنك أن تعطي، وشاطرين في (الأخذ) لكن عندما تحاول أن (تطلّع ) منهم شئ، فكأنك تطلعة من (بق الأسد).. يعني : يأخذون ولا يعطون.
وكثير من المصريين ، لا يرتاحون إلا إذا (أخذوا منك )، وإلا يشعرون بالنقص- الكمال عند الكثير منهم ؛ عندما يشعر أنه ( يضحك عليك )، وأنه نجح في استغبائك!
قد لايفهم أنك تفهمه، وأنك متسامح.. وكثير منهم لا يعرف أنك ذكي، وتعرف وتتسامح!
اختلاف ثقافات .. ولا أعمم.
فأنا أعرف رجال؛ فيهم كرم وشهامة العربي الأصيل.
فيهم طيبون جداً - وفيهم النصاب الأفاك الأثيم. مثل أي مجتمع يعاني.
فيهم أهل الدين .. وفيهم السحرة وأهل الشعوذة - ربما أكثر مما يُعرف عن المغرب.
والنصابون لم يتركوا لأهل الخير شئ.
خالد الصاوي .. لا أقول عن شخصه أنه نصاب، فأنا لم أتعامل معه مادياً.
أتحدث عن مقاربة بين التمثيل ( بشكل عام) وأداء معظم الممثلين في السينما والتلفزيون، وبين التمثيل على أرض الواقع.
لدي إعتقاد مستقر في عقلي بأن (التمثيل هو نوع من أنواع النصب والكذب ) ، عكس المغنين - فالمطرب تشعر به وبمشاعره الحقيقية، وهي مشاعر ملتصقه بأعماقه.
أما الممثل، فهو يلعب بالثلاث ورقات، متقلب، يلعب أدواراً مختلفة بوجوه متعددة غير حقيقية.
ويلعبون بمشاعر العرب المعروفون بالعاطفة الجياشة!
هذا الإعتقاد؛ فكروا فيه جيداً..
على ذلك يمكن القول عن هوليود أنها أشهر مناطق النصب في العالم، يليها بوليود.. وأما أكثر المناطق العربية فهي التي تنتج أفلاماً ومسلسلات أشبعت المشاهد العربي تخلفاً؛ وغذته بالفكر المتجمد، وجمدت عقله بإظهار قليل من الحقائق وكثيراً من التزييف ، بالتركيز على قصص (يعتقد القائمون على التمثيل؛ أنها مثيرة للمشاهد).. ولا أعني التزييف في الفكرة، بل في المعالجة.
وكما يعلم البعض منا ؛ أن المواطن العربي يفكر من نخاعه الشوكي - عاطفي، يصدق كل شئ. ولا يفكر بعمق في حقيقة أو كذب ما يراه. أو يقرأه من مبالغات ممتلئة بحروف النصب الإحترافي.
حتى لا أعمم، هناك القليل من الأفلام والمسلسلات، تتحدث عن واقع مؤكد، لكن المعالجة ليست علمية مفيدة في تعديل سلوكيات.
الصحف المصرية، ووسائل الإعلام العربية، ممتلئة بالجرائم. ولكن لايجروء كاتب أو مخرج أن يكتب عن أسباب الجريمة، أو بالأحرى، لايعرفون كيف تتم المعالجة.
الأمر الآخر، مازال المجرمون النصابون في الشركات أكثر إنتشاراً ووحشية في المجتمعات العربية، وفي مقدمتها مصر.
نصب وتدليس في شركات مقاولات وبناء وترميم، وفي مشاريع للناس.
ولا أحد يحاسب. ولن تجد لك معين..
حبال القضاء طويلة - في القضاء المصري عدل، ولكنه لايتحقق إلا بعد مرارة وخسائر على القضية والمحامين.
إنتشار السحر والشعوذة، والمخدرات.. ولا أحد يعالج.
عندما يقع مواطن عربي في مشكلة نصب واحتيال، لا أحد يأخذ له حق بسبب إنتشار الرشاوى وضعف تطبيق القانون - والمط والتطويل ، حتى يمل وييأس الشاكي.
حتى لو لجأت إلى محامين، أو شخصيات تعتقد أنها ستأخذ حقك، فلن تجد العون.
كلام.. في كلام ..
( سوق سمردحي ، حقك إما أن تأخذه بالذراع والرشوة ) أو يتم أخذ حقك (عينك عينك)، ولن يغنيك الحذر قبل الوقوع في شباك النصابين.
لدي دليل مؤكد أن احد المواطنين السعوديين وقع في فخاخ شركة نصب في مصر.. ولها إعلانات تدليس في مواقع التواصل بخاصة الفيس بوك؛ لاصطياد الزبائن .. وقع المواطن السعودي في الفخ .. استنزاف وتدليس.. إنتهى بدفع مبالغ طائلة، مقابل عمل في شقته، لا يرتقي لمستوى المبالغ، ولايتطابق مع المواصفات..مع تدليس وغش في المقايسات والأسعاروالتنفيذ.
إطلعت على القصة والصور، والعقود الملفوفة بخيوط النصب - ، هي قصة فيها نصب وتدليس، وأشعر أن صاحب الشركة مغفل ، في شركته شخص أو اثنين ولاهم كل أمر حتى صار مالا يعلمه أكثر بكثير مما يعلمه، وعرفوا أنه مشغول بالظهورفي وسائط التواصل ، وميوله للنرجسية وحبه للتباهي والكبرياء. .
الخلاصة.. نصب واحتيال وتدليس.
لذلك، أرى - كإعلامي - من الواجب التنبيه بان يكون المواطن السعودي والخليجي، بل وحتى مواطني تلك الدول المنتشر فيها النصب؛ أن يكونوا على حذر شديد .. بل أنبه - حتى الشركات التي تريد أن تدخل في شراكات أو ما شابه؛ بالحذر الشديد، بخاصة في مصر وتركيا، وبعض دول أوروبا الشرقية، وأي دولة تنتشر فيها عصابات المافيا.
لا تعتقدوا أنها دول أنظمة وقوانين ، وتأخذ حقك بسهولة كما في المملكة ودول الخليج.
وإذا عزمت، ورغبت ، وصممت على عدم الإبتعاد عن مواطن النصب، أو وقعت وما زلت في البداية؛ بخاصة في البلاد التي تهتز فيها القوانين، ولا يمكن السيطرة فيها على النصابين..
عليك أن تدقق في العقود.. وتراجعها،حرفاً حرفاً.. وجملة جملة ، بواسطة محامين دوليين - وعدم الإكتفاء بالمحامي المحلي.. وتوثق العقود في الجهات الدولية وأولها سفارة المملكة في تلك البلاد. وبالنسبة للخليجيين ؛ في سفارات بلادهم - بمعرفة محامين دوليين خاصين من السفارة. وأن يتم متابعة العمل شخصياً أو بواسطة وكيل معتبر موثوق فيه فاهم في ذلك العمل. لاتثقوا في تلك الشركات.. لاتمنحوهم الثقة المطلقة، بل كونوا مراقبين بشدة.
والأهم؛ لاتصدقوا الفيديوهات الدعائية التي يبثها أصحاب الشركات أو مناديبهم في مواقع التواصل - تلك؛ معظمها حبائل نصب لإسقاط عملاء مغفلين - أو بالأحرى، إسقاط ناس لايعرفون أساليب الكذابين النصابين.
لاتتعاملوا مع أولئك بالثقة المطلقة، بل بالحذر الشديد.
لاتتعاملوا مع أولئك بالشهامة العربية وكلام الرجال.. هم لايفهمون في المرجلة ولا الشهامة ولا الثقة.
لاتتركوا لهم أية ثغرة..
والإبتعاد عنهم أفضل.
وإذا أجبرك الزمان عليهم، فاعرف حاجتك وكفى بالحذر والحنكة لك رفيقاً.. لتكون سعيداً ، وتسعد بتفاهات التمثيل والإستعراضات الوهمية، واستذكاء الأغبياء..
إنتشار النصابين والمشعوذين؛ معهم تحضر السمعة السيئة لتلك البلاد.. أتمنى أن تسارع حكوماتهم في معالجة تلك الظواهر القبيحة السيئة المسيئة.
________________
الصورة المرفقة مقتبسة من موضوع للكاتب حسين بكري - كوكب المعرفة