غوتيريش في لبنان.. هل من مبادرة أممية لحل الأزمة؟ l تقرير

news image

بيروت - مروة شاهين - بث:

وصل الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى لبنان، في زيارة أسماها؛ زيارة تضامنية مع الشعب اللبناني في خَضمّ الأزمة التي يعيشها منذ العام ٢٠١٩، لتأكيد تضامن الامم المتحدة مع لبنان و شعبه و تأكيد التزام أسرة الامم المتحدة بدعم لبنان و امنه و استقراره، كما التأكيد على مطالبة الاطراف السياسة اللبنانية بتقديم المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية و الحزبية و الالتزام بتنفيذ الاصلاحات التي من شأنها ان تأخذ لبنان نحو الخطوة الاولى لحل الأزمات المتتالية التي عانى منها منذ اعوام على كافة الاصعدة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

فما هو برنامج هذه الزيارة و اهدافها؟

إلتقى الامين العام للامم المتحدة فور وصوله الى لبنان يوم الاحد الواقع في ١٩ من شهر ديسمبر بالرئيس اللبناني ميشال عون ، الذي اوضح للأمين العام ضرورة التعاون بين الامم المتحدة و الدولة اللبنانية في العمل على مسالة إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مما يخفف عن الدولة اللبنانية عبئ النزوح و تبعاته على الاقتصاد اللبناني ، و يتضمن ايضاً برنامج زيارة غوتيريش الى لبنان جولة لتفقد مرفأ بيروت الذي شهد انفجارا ضخماً في الرابع من آب من العام ٢٠٢٠، و الوقوف دقيقة صمت احتراما لأرواح ضحايا الإنفجار، و بعدها سيقوم غوتيريش بجولة للقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين بينهم رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي بالإضافة إلى عدة شخصيات من المجتمع المدني، كما سيقوم غوتيريش لاحقاً بجولة في شمال لبنان و مدينة طرابلس لتفقد مراكز الامم المتحدة في المنطقة ،ثم بجولة في الجنوب اللبناني لزيارة قوات الامم المتحدة المتواجدة في الجنوب على المناطق الحدودية الفاصلة بين لبنان و فلسطين المحتلة.

ماذا يحمل غوتيريش من مطالب أممية للسلطة اللبنانية؟

تاتي زيارة الأمين العام للامم المتحدة إلى لبنان في وقت تتعطّل فيه اجتماعات الحكومة اللبنانية و كافة أعمالها نظراً لتعطيل عمل الحكومة من قبل حزب الله و حلفائه الذين يطالبون بتنحية القاضي اللبناني طارق البيطار عن ملف للتحقيق في إنفجار مرفأ بيروت، اذ علّق غوتيريش على هذا الوضع خلال مؤتمر صحفي عقده يوم وصوله قائلاً ” الانقسامات بين القادة السياسيين في لبنان شلّت المؤسسات، وهذا ما جعل من المستحيل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإطلاق برامج اقتصادية فعالة وإحلال الظروف الملائمة ليباشر البلد تعافيه”.

كما أكد غوتيريش في عدّة مناسبات ان الاسرة الدولية ملتزمة بدعم و تقوية الجيش اللبناني كأساس لإستقرار لبنان ؛ ما يمكن اعتباره رسالة إلى حزب الله الذي لا يفوت فرصة للتلويح بالقوة العسكرية و استخدام القوة على الساحة اللبنانية، لا سيما بعد تصريح الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله الشهر الماضي بأن حزب الله لديه ١٠٠ ألف مقاتل، وهم جاهزون لأي شيئ عند الضرورة ،بحسب تعبيره.

أمّا عن ملف ترسيم الحدود بين لبنان و فلسطين المحتلّة، صرّح غوتيريش ان الامم المتحدة لن تدّخر جهداً لإنجاح مفاوضات ترسيم الحدود، لكي يتمكن لبنان من الاستفادة من ثرواته ، خصوصاً أن لبنان في أمسّ الحاجة للأموال التي ستنتج عن استثمار الثروات النفطية و الغاز الطبيعي الموجود في مناطق الجنوب اللبناني وخصوصا في المناطق البحرية الجنوبية المتنازع عليها مع”اسرائيل”.

كما أكد غوتيريش و بحسب مصادر خاصة من عين التينة حيث التقى غوتيريش برئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي، التزام الامم المتحدة ببذل الجهود للحد من الخروقات الإسرائيلية للأجواء و المناطق اللبنانية الحدودية، كما طالب غوتيريش ايضاً بإعادة تفعيل دور الحكومة اللبنانية و وقف التعطيل ، و شدّد ايضاً على ضرورة إجراء الانتخابات اللبنانية في موعدها، وأن اي تعطيل العملية السياسة الديمقراطية في لبنان قد يعطّل حصول لبنان على اي مساعدات من الاسرة الدولية، التي ترى في الطبقة السياسية اللبنانية غير جديرة بحكم لبنان و شعبه.

بعد أن حمِل غوتيريش مطالب المجتمع الدولي، هل حمل معه مبادرة اممية لحلّ الأزمة في لبنان؟

لا تختلف المطالب التي حملها الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش عن المطالب التي تبنّاها المجتمع الدولي و خصوصاً الدول الغربية الصديقة للبنان منذ بداية الأزمة، بدءًا من الإصلاحات السياسية و الإدارية، وصولاً إلى كفّ يد حزب الله عن المؤسسات السيادية اللبنانية كما القرار السياسي اللبناني على الصعيد الداخلي و الخارجي، هذا ما يمكن تفسيره بان المجتمع الدولي يحاول التأكيد على مطالبة من جديد و إعادة ممارسة الضغط السياسي على المسؤولين اللبنانيين و لكن هذه المرّة بشكل غير مباشر و تحت “مظلّة أُممية” .

كما تعبّر زيارة مسؤول كبير على مستوى العالم بأسره و بحجم الأمين العام للامم المتحدة عن اهتمام دولي كبير بلبنان و بسعي اصدقاء لبنان العرب و الغربيين لبذل كل الجهود الممكنة لإنقاذ لبنان و إخراجه من أزماته ، خصوصاً بعد تصريح رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ان هناك قرار دولي بعدم سقوط لبنان، ما يعني أن الخارج ملتزم و مهتم بحل الأزمة و إنقاذ لبنان من محنته، و لكن الأهم ان تكون هناك ايضاً إرادة داخلية لدى القادة اللبنانيين للتعاون مع الدول الصديقة بهدف وضع لبنان على سُلَّم الانقاذ، الامر الذي يُعدّ ضرورياً لنجاح أي مبادرة إنقادية، دولية كانت أم أُممية.