المرأة السعودية: من التحدّي إلى التميّز
تقرير - هناء خليوي - بث:
شَهِدت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة تحولاتِ ملحوظة في مُختلف المجالات، وكان للمرأة دورٌ كبير في هذه التغيرات، حيث أصبحت مشاركتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أكثر وضوحاً من أي وقتٍ مضى.
منذ انطلاق رؤية السعودية 2030، كان تمكين المرأة أحد المحاور الأساسية، مما أسهم في تعزيز مُشاركتها في سوق العمل، ودخولها مجالات مثل القطاعات الأمنية، والفضاء، والهندسة، وغيرها. كما برزت المرأة في مواقع صُنع القرار، وأصبحت تشغل مناصب قيادية في القطاعات الحكومية والخاصة. لم تقتصر هذه التحولات على الجانب المهني فحسب، بل شملت أيضاً تعزيز حضورها في المجالات الثقافية والرياضية والعلمية، مما جعل دورها أكثر تأثيراً في المجتمع السعودي.
حرصت المملكة على تعزيز دور المرأة في سوق العمل من خلال إطلاق العديد من البرامج والمُبادرات التي تهدف إلى دعمها وتمكينها. وقد أسهمت هذهِ الجهود في توفير بيئة عمل أكثر مرونة، مما ساعدها على تحقيق التوازن بين حياتها المهنية والشخصية.
برامج ومبادرات في السعودية لدعم المرأة العاملة وتعزيز دورها:
- مُبادرة وصول:
تهدف إلى توفير حلول تنقّل آمنة وموثوقة للنساء العاملات، وتسهيل وصولهن إلى أماكن عملهن.
- مُبادرة التدريب والتوجيه القيادي للكوادر النسائية:
تهدف إلى تطوير مهارات القيادة لدى النساء العاملات، ورفع نسبة توظيفهن في المناصب القيادية.
- مُبادرة تشجيع العمل عن بعد:
تهدف إلى توفير خيارات عمل مرنة للنساء العاملات، وتمكينهن من التوفيق بين حياتهن العملية وحياتهن الشخصية.
- المنصة الوطنية للقيادات النسائية:
منصة تفاعلية تهدف إلى تسهيل الوصول إلى القيادات النسائية في مُختلف القطاعات، وتوفير فرص التواصل والتعاون بينهن.
- مُبادرة تمكين المرأة في الخدمة المدنية:
تهدف إلى زيادة نسبة مُشاركة المرأة في جميع القطاعات الحكومية، وتوسيع خيارات العمل أمامها، وضمان تكافؤ الفرص بين الجنسين، وتقلّدها المناصب القيادية.
- مُبادرة التوازن بين الجنسين في سوق العمل:
تُركّز على تعزيز تكافؤ الفرص بين الرجال والنساء، من خلال وضع سياسات تدعم توظيف المرأة في مختلف القطاعات، وضمان حصولها على حقوقها الوظيفية.
- برنامج قُرة:
يهدف إلى توفير خدمات رعاية الأطفال للنساء العاملات، وتمكينهن من مواصلة عملهن دون الحاجة إلى القلق بشأن أطفالهن، مما يُساعدهن على تحقيق التوازن بين العمل والأسرة.
- برنامج المرأة في التقنية:
يهدف إلى تعزيز وتطوير مهارات النساء في سوق العمل، حيث يعمل على توجيه طالبات الجامعة وحديثات التخرج بواسطة مُرشدين مُختصين في مجال التقنية، بهدف تمكين المرأة وتطوير مهاراتها في المجال التقني لتكون مُساهمة في مستقبل رقمي واعد.
بالإضافة إلى هذه المُبادرات، هناك العديد من البرامج الأخرى التي تدعم المرأة العاملة، مثل برامج التدريب والتأهيل، وبرامج الدعم المالي، وبرامج التوعية والتثقيف.
رُوّاد في مجالاتهن: نساء سعوديات يُسطّرن النجاح والإبداع:
-أميمة عبد الله الخميس:
روائية وشاعرة وناقدة وصحفية سعودية بارزة، تُعَد من أبرز الأسماء في الأدب السعودي والعربي المُعاصِر.
عن مسيرتها المهنية: عملت في التعليم والإعلام، ولها العديد من المقالات النقدية والكتابات الأدبية.
وأبرز أعمالها الأدبية: رواية البحريات، والوارفة، ومسرى الغرانيق في مدن العقيق. بالإضافة إلى العديد من كتب الأطفال.
ومن الجدير بالذكر أنَّ رواية مسرى الغرانيق في مدن العقيق فازت بجائزة "نجيب محفوظ للأدب 2018".
- فريدة الحسيني:
فنانة سعودية بارزة، وُلدت لتكون من الأسماء المُميزة في مجال الفن والثقافة في المملكة. من الشخصيات الرائدة في إبراز الفنون الإسلامية وتقديمها على الساحة الدولية.
عن مسيرتها المهنية: شغلت منصب أول مديرة لبينالي الفنون الإسلامية في المملكة. كما أنّها عملت في مركز إثراء، ومركز الملك سلمان للبحوث والدراسات.
ومن الجدير بالذكر أنّها حظت بتقديرٍ واسع من قِبَل المُجتمع الفنّي والثقافي، وذلك لإسهاماتها البارزة في مجال الفنون الإسلامية وتعزيزها للثقافة السعودية على الساحة الدولية.
- ريم محمد أسعد:
شخصية بارزة في مجال الاقتصاد والاستثمار في المملكة، ولها مسيرة مهنية حافلة بالإنجازات. تُعتبر نموذجاً للمرأة السعودية الناجحة التي استطاعت أن تُحقّق إنجازات كبيرة في مجال الأعمال، وتُلهِم الشباب والشابات، وتسعى لتمكين المرأة في مجال الأعمال.
عن مسيرتها المهنية: مُستشارة استثمارية واقتصادية في شركة "أيان القابضة". كما عملت مُحلّلة اقتصادية في بنك التجارة المحلي. وشغلت منصب مستشار استثماري في شركة "السعودي الفرنسي كابيتال". والعديد من المناصب الأخرى.
ومن الجدير بالذكر أنَّ لها مُساهمات في الصحافة السعودية، من خلال كتابة ونشر المقالات الاقتصادية. كما أنّها نالت لقب "أكثر شخصية عربية تأثيراً" وذلك في عام 2012 من قِبَل مجلة "أرابيان بيزنس".
- منى أبو سليمان:
واحدة من أبرز الإعلاميات السعوديات، وتُعتبر من الشخصيات الرائدة التي لعبت دوراً مُهماً في تعزيز حضور المرأة في الإعلام العربي
عن مسيرتها المهنية: عملت كمُقدمة برامج، كما شغلت منصب الأمين العام "لمؤسسة الوليد بن طلال الخيرية". وتشغل عضوية المجلس الاستشاري "لصندوق المرأة المسلمة" والذي يعمل على تقديم المساعدة للأُسر المُحتاجة، ورفع مكانة النساء المسلمات. كما تعمل كمديرة مُتطوعة في جمعية "أصدقاء المملكة العربية السعودية".
ومن الجدير بالذكر أنّها أول سعودية تحصل على منصب "سفيرة الأمم المُتحدة للنوايا الحسنة في السعودية". كما صُنّفت ضمن قائمة ال500 سيدة الأكثر تأثيراً بالعالم الإسلامي. وحاصلة على جائزة "السيدة الرائدة وسيدة أعمال الشرق الأوسط" من معهد الشرق الأوسط للتميّز.
- بيان محمود زهران:
أول محامية سعودية تحصل على رخصة رسمية من وزارة العدل. وتُعتبر من الرائدات في مجال المحاماة في المملكة.
عن مسيرتها المهنية: أسّست مكتبها الخاص "مكتب بيان محمود علي زهران للمحاماة والاستشارات القانونية"، الذي يُعد من أوائل المكاتب التي تديرها مُحامية سعودية. كما شغلت منصب مستشارة قانونية في "جمعية حماية الأسرة".
من الجدير بالذكر أنّها في عام 2014 احتلت المرتبة الأولى "لأكثر نساء العالم تأثيراً". كما نالت العديد من التكريمات، منها تكريم "جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين".
- بسمة الميمان:
إحدى الشخصيات البارزة في مجال السياحة على المستوى المحلي والدولي. ساهمت بشكل كبير في تطوير قطاع السياحة في المملكة والمنطقة العربية، وعملت على تعزيز الاستثمارات السياحية وتنمية الكوادر البشرية، مما يجعلها نموذجاً ملهماً للمرأة السعودية الطموحة في مجالات الإدارة والقيادة.
عن مسيرتها المهنية: لديها أكثر من 19 عاماً من الخبرة في قطاع السياحة. شغلت منصب المدير الإقليمي للشرق الأوسط في منظمة السياحة العالمية. وتولت منصب مديرة اللجان والمنظمات في إدارة التعاون الدولي.
ومن الجدير بالذكر أنها صُنّفت في المرتبة الـ13 ضمن أقوى 100 امرأة عربية لعام 2020، وذلك من قِبَل مجلة فوربس الشرق الأوسط. وفي عام 2022 اختارتها جوائز السفر العربية كسفيرة للسياحة، وذلك لجهودها في رفع مستوى السياحة العربية.
- سمر جابر الحمود:
طبيبة سعودية واستشارية مُتخصّصة، تُعد من الرُوّاد في هذا المجال على المستوى المحلي والدولي. حقّقت العديد من الإنجازات البارزة. وتمتلك سجلاً حافلاً في البحث العلمي والمشاركة في صياغة الأدلة الإرشادية لفحص وتشخيص سرطان القولون والمستقيم، مما جعلها شخصية مؤثرة في مجال الطب والجراحة.
عن مسيرتها المهنية: تشغل منصب استشاري جراحة القولون والمستقيم في "مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث". كما أنها أستاذ مُشارك في جامعة الفيصل. وتولت رئاسة لجنة تحكيم الأبحاث العلمية في "الوكالة الدولية لأبحاث السرطان" التابعة لمنظمة الصحة العالمية، لتكون بذلك أول سعودية وعربية تتولى هذا المنصب.
من الجدير بالذكر أنها اُختيرت من بين 23 خبيراً عالمياً لصياغة دليل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) حول فحص سرطان القولون والمستقيم. كما كُرّمت من قبل العديد من الجهات المحلية والدولية تقديراً لإسهاماتها في مجال الطب والأبحاث.
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من النساء السعوديات اللواتي حقّقن إنجازات لافتة في مجالاتٍ مُتنوعة، بعيداً عن الأضواء التي تُركّز غالباً على مجالات معينة. فقد أظهرت المرأة السعودية تميزاً واضحاً في مجالات مثل الهندسة، والتكنولوجيا والابتكار، وكذلك في الفنون، والإخراج، والأزياء. علاوةً على ذلك، تمكّنت العديد من النساء من تحقيق تقدّم كبير في مجالات الرياضة، حيث برزت أسماؤهن محلياً ودولياً. إنَّ هذه الإنجازات تُبرز تنوّع المواهب والقدرات التي تتمتّع بها المرأة السعودية، وتؤكّد أنَّ نجاحها لا يقتصر على مجالٍ واحد، بل يمتد ليشمل العديد من المجالات.
لقد كانت إنجازات المرأة السعودية على مر السنوات شاهدة على قوة الإرادة والتحدّي، حيث استطاعت أن تخترق الحدود التي وضعتها الظروف وتصل إلى أعلى مراتب النجاح. اليوم، تُعتبر المرأة السعودية مثالاً يُحتذى به في القوة والتميز، حيث أثبتت كفاءتها وقدرتها على القيادة والابتكار. سواء في المجال الأكاديمي أو المهني، تبرز النساء السعوديات كعوامل رئيسية في تحقيق رؤى المملكة الطموحة وأهداف التنمية المُستدامة، وهن يظهرن بقوة وإصرار على المساهمة في بناء مستقبل بلادهن.