تنصيب ترامب: وعود وتحولات
تقرير - هناء خليوي - بث:
شَهِدت الولايات المتحدة الأمريكية في العشرين من يناير 2025 لحظة فارقة في تاريخها السياسي، حيث أدّى دونالد ترامب اليمين الدستورية كرئيسٍ للولايات المتحدة الأمريكية للمرة الثانية ولمدة 4 سنوات، بعد انتصارٍ سياسي غير مسبوق أعاده إلى البيت الأبيض. جاءت كلمته خلال حفل التنصيب مُحمّلة بوعودٍ كبيرة وتحولاتٍ جذرية قوية تعكس رؤيته لمرحلة جديدة من القيادة. وعد خلاله بإعادة عصر "أمريكا الذهبي" ومُتعهداً باتخاذ مجموعة من الإجراءات ستساعد البلاد على "الازدهار".
أبرز ما تضمنته هذه الكلمة من أهم القرارات، والرسائل والأهداف:
- القيم الوطنية والطموحات المستقبلية:
• إن انتخابي الأخير هو لإعادة إيمان الناس، وحريتهم.
• سأضع أمريكا في المقام الأول، وستكون أولويتنا القصوى هي إنشاء أمة فخورة، مزدهرة، وحرة.
• من هذه اللحظة فصاعداً انتهى انحدار أمريكا، وسيبدأ عصرها الذهبي الآن.
• قريباً ستُصبح أمريكا أعظم وأقوى وأكثر استثنائية من أي وقتٍ مضى. وسنبدأ استعادتها بالكامل وإطلاق ثورة تعتمد على الفطرة السليمة.
- القيم الاجتماعية والثقافية:
• سنُنشئ مجتمع لا يُفرّق بين الألوان ويعتمد على الجدارة.
• ستوقف قوتنا كل الحروب وتجلب روحاً جديدة من الوحدة.
• ستكون سياستنا الرسمية هي: أن هناك جنسين فقط، الذكر والأنثى.
- المحاور السياسية:
• سنستعيد قناة بنما، ونُغيّر اسم خليج المكسيك إلى خليج أمريكا.
• سنبدأ عملية إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى الأماكن التي أتوا منها، وسيتم وقف جميع عمليات الدخول غير القانونية.
• سوف أوجّه حكومتنا للقضاء على وجود جميع العصابات الأجنبية والشبكات الإجرامية. وسأعتبر مجموعات الكارتيل منظمات إرهابية دولية.
• سأُعيد تعيين أفراد الجيش الذين عُوقِبوا لرفضهم الحصول على لقاحات كوفيد. وسأعمل على بناء أقوى جيش في العالم، سيعتمد نجاحه على إنهاء الحروب.
- المحاور الاقتصادية:
• ستكون أمريكا دولة صناعية مرة أخرى؛ لأن لدينا أكبر احتياطي من النفط والغاز وسنستخدمه.
• سنُخفض الأسعار ونملأ احتياطياتنا الاستراتيجية إلى أقصى حد، وسنُصدّر الطاقة الأميركية إلى جميع أنحاء العالم.
• سأعمل على خفض التضخم القياسي الذي حدث نتيجة الإنفاق الخارجي وزيادة أسعار الطاقة، وسأُطلق عملية طوارئ على مستوى الطاقة.
• سأبدأ في إصلاح نظامنا التجاري لحماية العمال والعائلات الأميركية. وبدلاً من فرض الضرائب على مواطنينا لإثراء بلدان أخرى، سنفرض تعريفات جمركية وضرائب على الدول الأجنبية لإثراء مواطنينا. وسأُنشئ "هيئة الإيرادات الخارجية" لتحصيل جميع التعريفات الجمركية والرسوم والإيرادات.
تحليل إعلامي لخطاب تنصيب ترامب:
اختلفت توجّهات الصحف حول خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حفل تنصيبه، بين من أشاد به ومن وجّه له الانتقادات.
وصفت هيئة تحرير صحيفة "وول ستريت جورنال" خطاب ترامب بأنه تفوّق بشكلٍ ملحوظ على كلمته الافتتاحية في ولايته الأولى. وأكّدت الصحيفة أنه إذا عكس هذا الخطاب نواياه الحقيقية وخططه المستقبلية، فإنه قد يتمكّن من إنهاء فترة رئاسته الثانية بنجاحٍ ملحوظ.
من جهة أخرى، قدّمت صحيفة "الوئام" السعودية تحليلاً لخطاب ترامب، معتبرة أنه يُمثّل خطة شاملة تحمل رؤية طموحة لانطلاقة عهد جديد في التاريخ الأمريكي، مع تسليط الضوء على أولويات القضايا الوطنية الرئيسية وتعزيز الاقتصاد والأمن الداخلي.
أما صحيفة "نيويورك تايمز" انتقدت القرار التنفيذي الذي أصدره الرئيس بالعفو عن أنصاره المدانين باقتحام مبنى الكونغرس (الكابيتول) في السادس من يناير 2021، اعتراضاً على نتائج انتخابات 2020 الرئاسية.
ووفقاً لرؤية الصحيفة، فإن العفو الجماعي يحمل رسالة مهمة إلى الشعب الأمريكي والعالم، مفادها أنَّ مخالفة القانون لدعم ترامب وحركته ستكون محل مكافأة، خاصةً عندما نأخذ في الاعتبار القرارات السابقة التي اتخذها بالعفو عن مستشاريه.
في السياق نفسه، أشارت صحيفة "الإمارات اليوم" في تحليل لها بأنَّ رؤية ترامب للنظام الدولي تضع حلفاء أمريكا أمام "مأزق كبير"، خاصةً مع تهديداته بفرض رسوم جمركية على دول صديقة، وهو ما قد يؤثر سلباً على القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على التجارة.
بشكلٍ عام، تباينت الآراء حول خطاب ترامب بين من يراه بداية لعصرٍ جديد من الاضطرابات والاستقطاب، ومن يعتبره خطوة نحو إصلاح الأزمات الداخلية واستعادة المكانة الريادية للولايات المتحدة.
- تسبّبت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تحولاتٍ كبيرة في الأسواق المالية، مما قد ينعكس على معدلات النمو والتضخم وتوجهات استراتيجيات المستثمرين. ومن أبرز هذه التأثيرات:
على الأسواق المالية: تسبّبت سياسات ترامب في تقلباتٍ في الأسواق المالية، حيث توقّع بعض المُحللين أن تؤدي التعريفات إلى زيادة التضخم، مما قد يدفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى إعادة تقييم مسار أسعار الفائدة. كما توقعوا أن تؤدي خطط الإنفاق الطموحة لترامب إلى سياسة نقدية أكثر صرامة في المستقبل.
على العملات العالمية: أدّت التهديدات بفرض تعريفات جمركية إلى تقلباتٍ في أسعار العملات العالمية. انخفض الدولار الكندي بنسبة 1.5% والبيزو المكسيكي بنسبة 1% بعد إعلان ترامب عن التعريفات. كما توقّع بعض المُحللين أن يضعف الدولار الكندي أكثر، ليصل إلى 1.48 مقابل الدولار الأمريكي بحلول نهاية الربع الأول.
على الاقتصادات العالمية: أدّت سياسات ترامب إلى تفاؤل في الاقتصاد الأمريكي، حيث شهدت الأسواق الأمريكية ارتفاعاً في المؤشرات الرئيسية مثل S&P 500. في المقابل واجهت أوروبا تحديات اقتصادية، بما في ذلك صعوبات اقتصادية، وقضايا قيادية في ألمانيا وفرنسا، وارتفاع التيارات اليمينية المُتطرفة، ومخاوف بشأن التنظيمات المُتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى.
بشكلٍ عام، أدّت السياسات الجديدة إلى تقلباتٍ وتوترات في الأسواق العالمية، مع تأثيراتٍ متفاوتة على الاقتصادات المختلفة.
قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطاب تنصيبه تُظهِر توجهات قوية ذات تأثير بعيد المدى على السياسة الأمريكية والدولية. تتراوح ردود الفعل بين التأييد والانتقاد، مما يعكس الانقسام العميق داخل الولايات المتحدة وحولها. من جهة، تُمثّل تصريحاته التي تُركّز على القيم الوطنية وتعزيز الاقتصاد الأمريكي تأكيداً على شعاراته السابقة.
فيما يتعلّق بالقضايا الاجتماعية والثقافية، أثارت مواقفه جدلاً واسعاً، مثل تأكيده على وجود "جنسين فقط"، حيث يعكس هذا توجهاً يُعزّز من الاستقطاب الاجتماعي في المجتمع الأمريكي. لكن قد يؤدي إلى ردود فعل قوية من القوى السياسية المُدافعة عن حقوق الأقليات.
على الصعيد الاقتصادي يُشير تركيزه على تعزيز الاستقلالية في مجال الطاقة إلى رؤيته لتحويل الولايات المتحدة إلى قوة صناعية ذات تأثير أكبر في الأسواق العالمية. ومع ذلك قد تترتّب على هذه التحولات تحديات في العلاقات التجارية الدولية.
أما عن تهديداته بإعادة هيكلة السياسات التجارية، بما في ذلك فرض التعريفات الجمركية على الدول الحليفة، تعكس توجهاً اقتصادياً يهدف إلى تحقيق استقلال اقتصادي أكبر، لكنه قد يؤدي إلى توترات مع حلفاء أمريكا. وعلى صعيد الأسواق المالية، يبدو أن قرارات ترامب قد تُزعزع استقرار الأسواق العالمية.
هناك تباين في الآراء حول مدى نجاح هذه السياسات. ومع ذلك، فإن تأثير تلك القرارات سيكون محط اهتمام العديد من القوى الدولية، وسيساهم في تحديد مسار العلاقات الاقتصادية والجيوسياسية في المستقبل.