السعودية .. والشعوب العربية
كتب - عبدالله العميره
عندما أكتب حول قضايا سياسية أو حتى اجتماعية أو اقتصادية، فإنني أعرف أن هناك من المتخصصين من هم أعلم مني.
عادة الصحفي لا يكتب من رأسه قرارات، ولا بيانات توضح سياسة دولة. إنما هي رؤى، يمكن لأي شخص القراءة فيها، ومقارنتها بالواقع المشاهد والمسموع والملموس.
وعندما أكتب عن المملكة، فإنني أكتب عن ثقة راسخة، والفكرة غالبًا ما تكون في أذهان الآخرين.
نقطة، قبل أن أستمر في كتابة هذا الموضوع:
الصحفي الحقيقي هو من يستطيع أن يجيب على أسئلة المشاهد أو المتابع، من القراء وغيرهم. مع العلم أن السياسة "فن الممكن والمستحيل"، وأن الحذلقة والفذلكة والمراوغة السياسية قد تظهر لنا بعد ذلك بشيء آخر، كنا نتوقعة، أو لم نتوقعه!
المهم عند الصحفي والمتلقي أن تنتهي الفكرة إلى ما يفيد.
بطبيعة الحال؛ ليس كل ما يعلمه الصحفي يكتبه.. ولكن؛ قد يحصل على أسرار لمعرفة الأبعاد، ويكتب في تلك الدائرة، مع أن كل شيء معروف، إلا ما في الرؤوس!
وكلما كان الصحفي على علم وواسع الاطلاع، كلما كانت الدائرة أوسع.
لا أحترم ذلك الصحفي أو المذيع الذي يتبنى شطحات زعيم أو حكومة، ثم ينتهي الأمر بسقوط الشطحة، ويبقى الأثر السلبي على الصحفي وزعيمه، وعلى دولته، وعند ذلك؛ يتأكد العالم أن الزعيم لا يحل ولا يربط، بل يعقّد، وليس لديه بعد نظر.
الدول عبارة عن: قيادة، وحكومة، واستراتيجيات.. والإستراتيجيات يتبين حجمها وعمقها والقدرة على تنفيذها من عمق إدارة الحكم.
توضيح: في المملكة العربية السعودية، لا تُتخذ القرارات عبثًا، وارتجالاً وحسب منافع وقتية أو رؤى قصيرة النظر. كل قرار هو نابع من حكمة، وكل حكمة جذورها ضاربة في عمق التاريخ. حكم دولة يتوارثه الأسياد.. قوة وشجاعة وهمم عالية ووفاء للأصدقاء، وكرم مع الأصدقاء، وأشداء على الأعداء. إدارة دولة منذ 1727 من الدرعية إلى الرياض، وقبل ذلك، وأبعد من ذلك.
تاريخ من الحكم المتتابع.. هذا يمنح اتخاذ قرارات صائبة واستراتيجيات عميقة، مع القدرة على التطوير في التكتيك بما يتناسب مع العصر.
وقوف المملكة مع سوريا ليس غريبًا.
والسعودية لاتسلك طريقاً أو تتخذ قرار إلا فيه خير للمملكة وشعبها وللأمتين العربية والإسلامية ولخير واستقرار العالم .
فإذا أردت الخير؛ كن مع السعودية؛ عضيداً وحليفاً موثوق فيه.
سياسة القيادة الحكيمة في المملكة منذ القديم تجددت في عهد المؤسس، بوصاية أبنائه وأحفاده، الاهتمام بالشعوب العربية والإسلامية.
مثال: مصر، وأذكر مصر، لأن العلاقات السعودية المصرية دائماً متميزة ، في مركب واحد - مهما كانت الموجه..الشعب هو الأهم. . وهكذا مع كل الدول العربية، بغض النظر عن سياسة الحكام بعد التحول، والمملكة يمكنها التعامل مع أي موقف بحنكة وبعد نظر ، من أجل سلامة الشعوب وكرامتهم، واستقرار المنطقة.
ومع كل بلد عربي، منذ عهد الثورات وما كانت تتلقاه المملكة من حكام جاءوا بهم الثورات، وصفونا بالرجعية والتخلف.. لتثبت الأيام من هو الرجعي والمتخلف.
اليوم؛ لا نحاسب، لكن - بين وقت وآخر، ومع مستجد - يتطلب الأمر التذكير، لمن يريد أن يكون شعبه معه وبخير، فليستفيد من تجربة أصحاب الحكم العميق في السعودية، في نظرتها وتعاملها مع الشعوب العربية.
سوريا عزيزة، وشعبها هو الأعز، بغض النظر عن من يحكمها.. معه إذا كان هو مع شعبه.
أكرر: "معه إذا كان هو مع شعبه".
لنعلم أننا في عصر التكتلات، وتأكيد التوافق على المشترك بين الدول. والعمل المتناغم ظاهراً وباطناً.
وهناك من لا يساعد (عالة) لا يحل، ولا يساعد على الحل، كما يحدث في السودان، وبعض دول عربية.
في العلاقات بين الدول، لابد أن تكون النظرة واسعة، وعميقة، وبعيدة المدى.
كل بلد يتعرض لمشكلات.
الإخوان في مصر، والتناحر في السودان، وعدم الاستقرار في ليبيا واليمن ولبنان... إلخ، من الدول التي يتبين للمتابع والمشاهد العربي والأجنبي، أن من يقف في الصفوف الأمامية من السياسيين، لا يحلون مشاكل.
ظهر لنا أنهم مجرد فقاعات، تعاطت الشعارات الفارغة، فكان الفشل طبيعيًا.
مساء أمس السبت، تابعت حوارًا في قناة العربية، مع السياسي الفلسطيني الإسرائيلي الجنسية، رئيس القائمة العربية الموحدة في الكنيست الإسرائيلي منصور عباس.
من أهم اللقاءات والحوارات الصحفية. حاوره المذيع السعودي نايف الأحمري، وهو من ألمع المذيعين الشباب، الذي ظهر على العربية قبل فترة قصيرة، ولمع بسرعة بأدائه المميز، وحضوره الذهني، ورقيه في اختيار العبارات الصحفية الخالصة والذكية. مع فريق عمل أتمنى أن يتكرر في كل البرامج.
ويوجد أمثاله كثر - لو تم منح الفرصة، بدلاً عن مذيعين ومذيعات من خريجي الاستخبارات الأجنبية، الذين يحاولون الاستثمار في القنوات العربية.. منهم من فشل في الوصول!
الحوار باختصار، يكشف للمشاهد أن في الكنيست الإسرائيلي عضوًا عربيًا مسلمًا، ينتمي لجماعة الإخوان.
وكلنا نعرف أن فكر جماعة الإخوان نبع من مصر.
وتطورت الفكرة، ليلعب بعد ذلك الفكر الإخواني وجماعته على أكثر من حبل، وأصبحت المجموعة (فرقة خدمة الأعداء المبعثرين) وصارت لعبة الدول، تستخدم كـ (فزاعة)، وأهداف أخرى تعرفونها، كما داعش وقبلها القاعدة.
استطاعت إسرائيل أن تخضع الجماعة تحت قبة الكنيست، ولم يستطع النظام في مصر الذي أسسها أن يدمجها في المجتمع!
والدكتور منصور، كشف في اللقاء، وفي كل تصريح له أن انتماءه فلسطيني، وهويته القانونية إسرائيلية، من أجل خدمة فلسطين!
(تصريحات فيها اعتقاد أن هذا الكلام ينطلي على العرب والإسرائليين المغفلين!).
هذا ممكن في حالة واحدة، لو كانت إسرائيل دولة ديمقراطية حقيقية، فلو كانت ديمقراطية، لما كانت الحروب، ولاحدث القتل في غزة ولا غيرها.. لو كانت إسرائيل ديمقراطية، لعاش الفلسطيني في بيته بسلام .
لكنها دولة استبداد وظلم ، ولا يمكن للمستبد الظالم، إلا أن تواجه بالرفض.
وهنا نقطة تشترك فيها إسرائيل مع بعض الدول العربية.. وهي عدم القدرة على إيجاد الحلول والتوافق، وعدم القدرة على احتواء الفلسطينيين بالديمقراطية والعدل.. بل يتم تكريس العداء، بتقريب المعينين على القتل المحركين للشر - كحماس وحزب الله ، ولا نستبعد الحوثي -.
كل أولئك محرضين على التدمير والقتل، وأولئك يتناسبون مع عقيدة إسرائيل المتطرفة.
ورغم كل ذلك؛ هناك آراء تقول، في يوم ما ستتحول إسرائيل إلى دولة مسالمة !
يجب أن تتخطى الدول التي تتبنى الشر لتحقيق الإستقرار؛ تلك العقيدة..
ذلك زمن وانتهى، الآن كل شيء واضح، هناك دول أعمق وأبعد تفكيرًا من إسرائيل، تصل لأهدافها من أقصر الطرق، وبدون لف ولا دوران فارغ.
المجتمع المصري، يمكنه أن يكون قوة في يد الحكومة لتهذيب من شذ عن الدين، والتحق بجماعة إرهابية صارت تستخدم للترويع والهدم.
وما يجري من واجب على المجتمع المصري، يجري على غيره.
المتدين المعتدل، وصاحب المنهج الإسلامي الصحيح.. أكرر ( المنهج الصحيح الصافي الخالي من الشركيات)، هو المطلوب.. ولا خوف من الاعتدال. ولا يجب التأثر بمن يخلط بين المجرمين والمسلمين. ولا بين الإخوان المنافقين وهم أشد عداوة من الأعداء الواضحين.
الأفعال، هي الميزان.
في الأول والأخير، نحن مسلمون، والإسلام كله خير، إلا من أراده غير ذلك، أو استخدمه لمصالح خاصة.
وكأني أرى بعض الدول المرتعبة من "الإسلام السياسي" ويمثله هنا مجاميع (داعش، والإخوان.. ومن شاكلهم وماثلهم من أصحاب العقائد الشركية.. ومنهم أصحاب شركيات مختبئين؛ أخطر من الإخوان!).
في البلاد العربية، يتم التركيز على محاربة ما يستعمله الأعداء ضدنا من جماعات، واضحة الظلال والتضليل، ويتم ترك الأفاعي المختبئة تحت التبن، وتمارس أفعالًا ضد الدولة والمجتمع.
جماعات إرهابية (مأجورين من مكاتب جيوش الظل المنتشرة في أوروبا وأمريكا، وفي العالم كله) يختارون ضعيفي الدين والجهلة، وأهل العقيدة الفاسدة، ويستعملون الإسلام للتشويه والتمويه.
وإسرائيل من حقها استخدام كل وسيلة، في زمن الحروب بالوكالة؛ مادامت الأطراف الأخرى لا تبصرون.
أنا شخصيًا لا أحترم أي دولة لا تستطيع حل مشكلاتها، ولا تساعد على حلها، وتصدر مشكلاتها إلى الآخرين، وتستعمل سياسات عجيبة (الصد والصدود.. تمامًا كمن يحرك عاصفة ترابية ثم تنعكس عليه، ويحاول صدها بيديه بوضع كفيه على وجهه، وترك جسده عرضة للعاصفة، لتتخطاه، وتأكل في مجتمعه!).
لقد أثبتت الأيام، أن الدور السعودي عظيم، وصادق في العون وفي الوفاء بالوعود والعهود.. شديد البأس على الأعداء، مع قدرة هائلة على تلقى المشكلات وعلاجها.
كما ذكرت سابقًا.. إنه العمق التاريخي في الحكم والقيادة.