القتلة .. والدروس

news image

 

كتب - عبدالله العميره

لابد من التوقف أمام ما حدث ويحدث في سوريا، وما قبلها من مصائب طالت معظم الدول العربية.
"لا تخرج الدروس ؛ إلا من رحم المصائب".

أبدأ بما هو معروف لتطييب الأنفس المكلومة بسبب جرائم بشار الأسد ومن معه من زبانية الإجرام.
وأقول بكل تأكيد:
"بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين".
سيصل إليهم حكم الله، ولن يمنع القصاص منهم؛ قلاع موسكو، ولا غيرها.

علينا التوقف لحظات طويلة لاستذكار الأحداث التي مرت على الأمة، بخاصة في التاريخ الحديث.
يجب أن لا نسمح بأن تأخذنا نظرية المؤامرة  لنستهلك الزمن في دروس معلومة.
يجب أن يفكر أبناء الأمة في أنفسهم.
إذا حدثت المشكلة، ابدأ بنفسك، واسأل: ماذا عملت؟
ما هي الجرائر التي عاقبنا الله بسببها، وجعل سبب العقاب مجرمون من أمثال بشار الأسد وصدام والقذافي وجلاديهم؟
يجب العلم أن:
"المؤامرة لا تقع إلا في البيئة المناسبة لها".
وأفضل بيئة للمتآمر؛ انتشار الجهل في المجتمعات، وتحكيم العواطف، وتحييد العقول.
ولا يمكن أن نجعل العقل متحكماً في الظروف، بدون تعليم جيد.
"أشغلوا المجتمعات بالعلم والتعليم، لا تشغلوهم بالتفاهات، حتى لا ينقلبوا عليكم في المستقبل".

الإعتدال في كل شئ ؛ طيب.

رغم ما عُرف عن أهل العراق والشام من شراسة، إلا أنهم أكثر من تعرضوا للإهانة في بلدانهم...
قمع وتعذيب وإهانة من أنظمتهم المستبدة المجرمة.

المواقف من صفحات تاريخ الأمة الأحدث - اليوم - جعلني أتذكر الحجاج بن يوسف، عندما جاء إلى العراق والياً... وكيف بدأ الحكم بخطبته الشهيرة.

 أتساءل: لماذا يُحكم الناس في بلاد الشام والعراق بالجبروت؟!

 بمعنى آخر؛ لماذا يرسخون في مجتمعاتهم الخرافة والتخلف،  ثم يطالبوهم بالتعقل ؟! ولن يتعقلوا لأن العقول مغيبة، فيتم مطارتهم وإذاقتهم الويلات !

التعقل لم يحدث في تلك البلاد.. بل ما حدث؛ تطرف في الخرافة، وتطرف في الفسق والفجور.
وطبيعي أن يأتي العقاب من رب العباد.
وبعد العقاب، والدروس القاسية ؛ يحظر العدل. 

إلا في تاريخ عز الدولة الإسلامية (الأمويين والعباسيين) كان الحكم رحيماً حضارياً؟
بعد مراجعة: أيقنت أن أسباب استقرار المجتمعات ورفاهيتها، وتفاعلهم الإيجابي مع الدولة ومع محيطهم؛ هو التعليم وانشغال (أو إشغال) المجتمع بالعلم والإبتكار، وبالبناء الحضاري. وأعظمها بناء العقول.
من يقول إنه لا يمكن حكم شعب العراق والشام، إلا بالقهروالإركاع؛ قول غير صحيح.
تاريخنا الحديث، يؤكد أن الحكام الجهلاء المجرمين في تلك البلاد يرون أن أفضل طريقة للسيطرة على الشعوب، هو ترسيخ الجهل، وجعل الشعب ينغمس في اللهو والملذات والفساد.
وأثبتت الأيام وأحداثها، النتائج الفظيعة في تلك المجتمعات... العراق وسوريا، وليبيا، واليمن والسودان. أمثلة حية.

ماذا يجب عمله لإنقاذ شعوب تلك البلاد، بخاصة في العراق وسوريا اللذين قيل عنهما عبر التاريخ أنهم من أشرس خلق الله في منطقتنا العربية؟!

برأيي.. لابد أن يؤخذ العلاج في ثلاثة مسارات متوازية:
الأول: توفير المستلزمات الضرورية، الأمن، والخبز والكهرباء والماء... الخ من الاحتياجات الضرورية، والتدرج إلى ما يساعد ويسهل الحياة...
الثاني: التعليم والتثقيف، بهما ينتشر التسامح، وتطيب الأنفس، وتتحول الأرواح من شريرة إلى خيرة.

والمسار الثالث المهم: دمج المجتمع (وهنا نتحدث عن المجتمع السوري لأنه المثال الأبرز حالياً) ومثله المجتمع العراقي.. والدمج يأخذ أسلوبين في إدارة الأزمات:
1- تكامل مع المجتمع العربي المحيط، والمجتمع العربي مع العالمي... بتوسيع وحوكمة العلاقات الاقتصادية، والسياسية... الخ
2- احتواء المجتمع السوري - وبقية المجتمعات العربية المنهكة بسبب الثورات - وبخاصة المجتمعين السوري والعراقي، وكذلك اليمني .. والبقية - وإبعادهم تماماً عن اتهامات كانت سائدة، بأنهم إذا اغتنوا تجبروا وتمردوا وتنمروا أكثر مما هم شرسون بطبعهم نتيجة الظروف والجهل، وإذا جاعوا تشيطنوا، ولا يستكينوا إلا بالقمع.
يجب مسح هذه المعلومة التي يقال أنها من صفاتهم.
تلك معلومات خاطئة، لها أسبابها.
ويجب العلاج السريع، للخروج بمجتمع منهك من الثورة، والقمع والإهانة؛ إلى العودة للحياة السوية، وحتى لا ينفرط، وينقلب بعد إشباعه، وتحوله من شعب أهانه نظامه، إلى شعب متمرد على محيطه العربي.
وأعتقد؛ أن المجتمعات العربية التي أنهكتها الثورات وما قبلها من سياسات تحطيم وإهانة، استوعبت الدرس.
كما يجب على المجتمعات المستقرة التي تعيش حياة هنية، أن تستوعب الدروس.

 

 

موضوعات ذات صلة
الثورات العربية.. التشابه والفروقات
مواجهة تدليس المهزوم والمأزوم !
الحقيقة غير ..