الثورات العربية.. التشابه والفروقات

news image


كتب - عبدالله العميره

علامة استفهام كبيرة تنتصب أمامي خلال متابعة ما يجري في سوريا (؟)
أراقب الحدث، أقرأ الشارع السوري، وردود فعل المواطن السوري والعربي هنا وهناك. وكأنني أتابع فيلمًا سبق أن شاهدته عدة مرات: في العراق، وتونس، وليبيا، ومصر، واليمن، والسودان... حالة من الفوضى؛ تارة يسميها الغرب بالربيع العربي، وأخرى بالثورات العربية. كلها بمعنى واحد: كشف المستور ونتائج مسيرة الأنظمة الجمهورية في تلك البلاد العربية المبتلاة بأنظمة لا تفكر إلا في نفسها ووقتها، بدون تخطيط للمستقبل.

كلٌ يفكر في مصلحته، وكلٌ يقول إنه الزعيم، ويتناول الدولة الشقيقة المستترة بالنقد والتجريح.
ذهب المزمرون والراقصون والمهرجون على تخلف شعوبهم، وبقيت الحقيقة صامدة.

وصفونا بالرجعية، وبأوصاف لا تليق إلا بهم. هم في حال يرثى لها، وشعوبهم الشقيقة لنا تعاني وتعاني وتعاني. حتى جاء "ربيع أوباما"!، فاشتدت المعاناة، والدم العربي كله، من شرقه إلى غربه، يشعر بمعاناة الأشقاء وببلادهم المحترقة.

بقدر أذى الغرب - وتحديدًا أوباما ومعاونيه الأشرار - هم وتخطيطهم السيئ، بذات القدر؛ على الشعوب العربية أن تشكر أوباما والغرب على مخططاتهم السيئة لنا !

ألم أقل لكم في مقالات سابقة: "نرى أمورًا قد تبدو لنا سيئة، ولكنها في النهاية لصالحنا".

والسيئون في الغرب والشرق، لو اعتقدوا أن نواياهم ومخططاتهم الشريرة ستجلب الخير للعرب، لما فعلوا!

فالأشرار - وأعني الأشرار منهم، وليس كل من في الغرب شرير؛ كما هو الحال في كل ركن من العالم-  أرادوا لكل البلاد العربية الخراب، وإعادة الشعوب إلى العصر الحجري. فلم تكن إرادة الأشرار الخفية كما يعلنوها : ورد وازدهار، وشكولاتات وآيس كريم، وحضارة وبناء ومعيشة طيبة ، رفاهية - وكرامة للشعوب العربية.


السؤال العنوان: ما وجه التشابه والفروقات بين ما يحدث في سوريا، وما حدث في بقية البلاد العربية التي قامت فيها الثورات؟ الإجابة ترونها من واقع الحال، أمامكم مباشرة. تابعوا ما يحدث وحدث، وستعرفون:

مستوى الأوطان العربية وشعوبها؛ قبل وبعد الثورة. حال الشعوب والأوطان أثناء مراحل الانتقال - التي ما زالت في كر، وفر - وبعد التغيير. عقلية الشعوب، نظافتها، ونظافة أبدانهم وتصرفاتهم.. تعليمهم، ثقافتهم، وحدتهم أو تنافرهم، مستوى المعيشة، كل ذلك سيكشف لكم طريقة إدارة الأنظمة البائدة، وسرعة تخطيط الباقية.

يمكن معرفة درجة التحول، والمستقبل، من أسلوب الأنظمة الانتقالية، ومن الدساتير الجديدة، ومن عقلية القيادات الجديدة.
تأثير التخلف الذي تركته الأنظمة السابقة على الدول العربية المستقرة. كم من الزمن تحتاج الدول العربية التي حدثت فيها الثورات لتعود إلى عافيتها، وتقترب من مستوى الدول المستقرة؟ ما هي الوسائل الأمثل للتسريع بإعادة الحياة الكريمة لشعوب الدول المتأثرة بالثورات والانقلابات؟

يسألني شقيق عربي، صحفي:  "متى ستصبح الدول العربية متقدمة مثل الشقيقة السعودية. حاضرها مزدهر ومستقبلها مبهر؟".

قلت له: أولًا، لابد من التبيان أنك منحتنا الدرجة الكاملة من الإبهار والكمال، وهذا تشكر عليه. ولكنني أرى أننا لم نصل للكمال الذي تريده القيادة لنا، ونريده نحن.

الخير كثير، ولكننا بحاجة إلى أن يراه الناس كلهم كما يجب، فعادة البيت الجميل لا يراه صاحبه كما يراه الغريب والبعيد عن الجمال.

ما يميز الشعب السعودي، ليس في الحضارة المتنامية كل يوم، بل أن ما نتمنى يحدث فورًا، وقبل أن نكمل جملة التمني. هذه ليست مبالغة.
والتمني في اللغة العربية يعني المستحيل.. ولكنه الرجاء الدائم ممن نثق أنه يحقق ما نريد - وأعني هنا قيادتنا في المملكة العربية السعودية.
مع أن التمنى (هنا ) يتحقق.. لامستحيل في السعودية. قصر الزمن أو طال.

هنا رؤية كانت حلمًا، وبعض المراقبين وصفوها بالمستحيل، فحدث ما يتوقعه الشعب السعودي، وما صدم بعض المراقبين الأجانب أصحاب المستحيلات. نشهد اليوم إنجازات الرؤية تتحقق على الأرض.

وكلما حدثت مشكلة نتيجة العمل المتواصل، يتم إيجاد الحلول لها فورًا. وليست حلولًا متوقعة، بل حلول تفوق الخيال.

مشكلة الزحام - كآخر الأمثلة - وحلولها، القطارات والنقل، وتوسعة الطرق والكباري... قرارات تتحقق.

والسرعة مع الإنجاز، تعني أن لدينا إدارة وعقولًا تفكر وتخطط بسرعة، وتنفذ بشكل فوري وأسرع، للحاضر والمستقبل معًا.

هنا مكمن الفرق يا صديقي - أقول هذا للزميل السائل - ولكل سائل...

إنه الاستقرار في نظام الحكم، والاستقرار وحده لا يكفي، بل استقرار مع عقل مفكر مخلص لوطنه وشعبه.

لذلك نرى - بدون مبالغة - أن الفرق بين السعودية وأي دولة عربية أخرى - بل حتى كثير من الدول في الشرق والغرب - فرق كبير، مسافة زمنية كبيرة، من الصعب اللحاق بها، إلا في حالت معينة، يمكن بواسطتها تقريب المسافة:

التكامل المستدام، والتعاضد، والاستفادة من التجربة السعودية. مع الوضع في الاعتبار: أنه لا يجيد تنفيذ الخطة أو الفكرة إلا إذا أشرف عليها من ابتكرها ورسمها.