تأثير الانتخابات الأمريكية على أداء سوق الأسهم
بيتر غارنري، رئيس استراتيجيات الأسهم في ساكسو بنك
مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية في نوفمبر، أردنا إلقاء نظرة على التأثير المتبادل بين الانتخابات الرئاسية وأسواق الأسهم. هل لأداء الأسواق تأثير على الانتخابات، وهل يؤثر انتخاب رئيس ما على أداء السوق، أم أنه لا رابط بين الأمرين على الإطلاق؟ تكمن الإجابة في مكان ما بينهما.
في هذه المقالة نستعرض 13 انتخابات رئاسية منذ عام 1972 وهي الفترة التي تلت كسر ما يسمى بنظام بريتون وودز في عام 1971، والذي يشير إلى فك ارتباط الدولار الأمريكي بالذهب، حيث أدى ذلك إلى تغيير جذري في آليات عمل السوق. إلا أن ثلاثة عشر انتخابات لا تكفي لإثبات الدلالة الإحصائية، لذلك ينبغي أن تؤخذ أي استنتاجات تم التوصل إليها بحذر. علاوة على ذلك، من الإنصاف التساؤل عن مدى تأثير السنوات الاستثنائية مثل 1980 و1996 و2008 على تقليل أو تضخيم النتائج، مما يؤكد على فكرة أن هذه الاستنتاجات ليست أكثر من مجرد اقتراحات في أحسن الأحوال. خلال تلك الانتخابات الـ 13، فاز الجمهوريون بسبعة وفاز الديمقراطيون بستة. وتم إعاد انتخاب الرئيس بخمسة انتخابات، و7 منها نتج عنها تغيير الحزب الحاكم، بينما شهدت انتخابات واحدة رئيساً جديداً من الحزب الموجود في السلطة.
هل تؤثر سنة الانتخابات على أداء السوق؟
كان السؤال الأول الذي شرعنا في الإجابة عليه هو ما إذا كان أداء الأسواق مختلفاً في سنوات الانتخابات مقارنة بأي عام آخر. يمكن للمرء أن يعتقد بشكل معقول أن أي رئيس موجود في السلطة سيبذل قصارى جهده لدعم الاقتصاد ليبدو جيداً. تبدو هذه الفرضية صحيحة من منظور سطحي، حيث أن متوسط عائد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (باستثناء إعادة استثمار أرباح الأسهم) في سنوات الانتخابات يحقق 8.7% في المتوسط، مقارنة بـ 7.7% في سنوات أخرى. ولكن، كما هو الحال دائماً، الشيطان يكمن في التفاصيل. فلا يمكن أخذ متوسط عائد سنوات الانتخابات ومقارنته بالسنوات الأخرى وذلك لأسباب تتعلق بمفاهيم رياضية. ولتصحيح ذلك، نقوم بتجميع بيانات العائد هذه لمدة 13 عاماً وحساب العائد المركب المجمع خلال سنوات الانتخابات هذه. ثم ليخرج العائد السنوي لسنوات الانتخابات بنسبة 7.8% سنوياً، وهو قريب جداً من العائد المركب خلال السنوات غير الانتخابية، مما يشير إلى عدم وجود فروق كبيرة.
هل يؤثر سوق الأسهم على نتائج الانتخابات؟
يتجلى السؤال التالي الذي يمكننا طرحه هو ما إذا كان لأداء سوق الأسهم أي تأثير على نتائج الانتخابات. يعتبر سوق الأسهم أحد المؤشرات الرئيسية على المعنويات الاقتصادية والآفاق المستقبلية للاقتصاد. فهو يلخص مجمل الآراء حول آفاق المستقبل، وبالتالي فإن الإقبال على سوق الأسهم في يوم الانتخابات يشير إلى تحسن التوقعات، والتي من الناحية النظرية تحمل مؤشرات قد تكون إيجابية للحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض. لهذا استعرضنا العائد السنوي لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 في سنوات الانتخابات التي شهدت تغيير الإدارة الأمريكية والسنوات التي لم تشهد تغيير في الإدارة.
استناداً إلى الرسم البياني أعلاه، يمكن استنتاج أن أداء سوق الأسهم الأمريكية القوي يعزز من فرص فوز الحزب الذي يسيطر على البيت الأبيض. ومع ذلك، لا يمكننا أن نستنتج أن هناك أي علاقة سببية بين أداء سوق الأسهم ونتيجة الانتخابات.
هل تفضل سوق الأسهم وصول حزب معين إلى السلطة؟
آخر ما أردنا التحقق منه هو ما إذا كانت الأسواق تفضل رئيساً جمهورياً أم ديمقراطياً. للقيام بذلك، نظرنا إلى عوائد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في السنة التالية لتاريخ الانتخابات.
تبين النتائج ارتفاعاً ملحوظاً في العوائد بعد عام واحد من انتخاب رئيس ديمقراطي. ومع ذلك، وحرصاً على استنتاجات أكثر، تجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج قد تأثرت إلى حد ما ببعض السنوات الاستثنائية مثل 1976 و1996 و2020.
في الختام، وبالاستناد إلى هذا التحليل، فإن الاستنتاج الأقوى هو أنه لم يتوفر لدينا عدد كافٍ من الانتخابات منذ انهيار نظام بريتون وودز لاستخلاص نتيجة قاطعة. وعلى الرغم من عدم وجود فروق جوهرية في أداء سوق الأسهم خلال سنوات الانتخابات مقارنة بالسنوات الأخرى وفقاً للبيانات المتاحة، إلا أن هناك اتجاهاً عاماً لاستمرار الحزب الحاكم في السلطة خلال فترات قوة سوق الأسهم.
أخيراً، كان أداء الأسواق، خلال الفترة التي قمنا بدراستها، أفضل بعد عام من انتخاب رئيس ديمقراطي مقارنة برئيس جمهوري، على الرغم من أنها هذه النتيجة تبدو غير دقيقة وهي نتيجة أحداث لا علاقة لها بالسياسة الحزبية.
وكالة بث