قدر وافق رغبة حاسد
كتب - عبدالله العميره
في لقاء مع الشيخ صالح المغامسي إمام مسجد قباء السابق ، تحدث بقول لم يسبقه به أحد - على حد علمي.
قال الشيخ صالح المغامسي، أن "الفقه الإسلامي صناعة بشرية ويجب مراجعته ولا بد من إقامة مذهبًا إسلاميًا جديدًا."
وقال :"لابد أن يكون هناك مراجعة للفقه الإسلامي القائم، ولابد من قيام مذهب إسلامي جديد، لا يعني هدم السابق، ولا أن ننتقص أحد ولا نذمه، ولا نعيبه، جميعهم علماء أجلاء، لكن مصلحة الأمة حاجة ملحة وقائمة جدا. "
_____
بعد ذلك اللقاء، تناول المتابعون تصريح الشيخ صالح بآراء مختلفة!
منهم المؤيد، ومنهم المعارض بشدة ، ومنهم المستنكر..
والمستنكر أقرب إلى ما صرح به الشيخ المغامسي، ولكنهم بحاجة إلى فهم.
_____
قول الشيخ صالح المغامسي، أعتبره رأي.
وكلٌ له رأي .. ورأيي هنا ( ولست بعالم) إنني أوافق الشيخ صالح، لعدة إعتبارات وأسباب:
- أن القرآن الكريم ، كلام الله ، منزه من التأويل والتحريف، لا يستطيع الشيخ صالح ولا أكبر منه أو أصغر أن يغيره ويؤثر فيه - قال تعالى : " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" الآية (9) من سورة الحجر.
- أن القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان. فكما كان صالحاً قبل 1444 عام، سيبقى صالح إلى يوم الدين .. ولو قًدر لنا أن نسأل إنسان مسلماً ، أو عالم غير مسلم، بعد 2000 عام من الآن، عن القرآن الكريم ، لوجدنا القرآن الكريم هو أفضل الكتب والحامل للرسالة الخالدة الصالحة لإدارة البشر، مهم تطورت الحضارة البشرية ..
إذاً العلة فينا / في مفسري القرآن الكريم ، وليست العله في القرآن الكريم.. فالقرآن الكريم متحرك مناسب لكل العقول في كل زمان، وليس جامد ، فالجامدة هي العقول التي تقول بالعلم في زمانها، والزمان متغير. ويحدث في زمانها من الجفوة والإختلاف ما لم يحدث في زمن العلماء الضالعين في زمانهم.
ولكن ؛ يحتاج علماء قادرين على فهم المجتمعات، وتطورات البشر، ويفهمون الإختلافات بين التكوينات البشرية، والاختلاف في الفكر . ويفهمون في معاني القرآن ومعانيه اللغوية ومقاصده البعيدة العظيمة.
فالياباني، يختلف عن الصيني، عن الإيراني، عن العربي ( حتى العرب، لهم طرق مختلفة في التفكير والتحليل، بعضهم بحسب هوى السياسي، وبعضهم بحسب الأهواء الفكرية) ويختلفون عن الروسي الأوروبي والأمريكي ..الخ
أؤكد على أن القرآن ثابت .. إنما المتغير هو التفسير.
لكل زمان رجال، وعلماء مفكرون ومفسرون وشارحون.
وعلماء الأمة، من المتبحرين المتمكنين هم من يملكون من العلم على فهم حياة كل البشر في كمل بلاد العالم، وفهم احتياجات المسلمين في كل مكان ، وجعل العقيدة، محببة في النفوس، مرغبة في التمسك بها ، وتجعل غير المسلمين يتفكرون في القرآن وعجائبه، وفضل الإسلام.
وأرى أن وجود مذهب يوحد كل المذاهب، ويجعل من المسلمين أجمعين، وحدة واحدة؛ هو مطلب في وقت دخلت مذاهب أفسدت الدين، ومذاهب بٌنيت على أفكار مفسرين قدماء ، بحاجة إلى علماء محدثين.
والمملكة العربية السعودية؛ باعتبارها حاضنة الحرمين الشريفين.. هي مهوى الأفئدة، ومن أرضها إنطلق الإسلام إلى الآفاق، وفيها من العلماء الأقرب إلى فهم القرآن، مع أشقاء من العرب المتخصصين في اللغة العربية والفقه. وعلماء الإجتماع.. والعلوم الإنسانية القارئة جيداً للفكر البشري. من البلاد الإسلامية المحافظة على الإسلام الصافي.
والخروج بمذهب واحد ، يوحد الأمة من أرض الحرمين الشريفين.. إما عن طريق رابطة العالم الإسلامي، أو هيئة مستقلة من كبار علماء الأمة. هو الغاية. إذا لم تتحقق اليوم، ستتحقق غداً.
أؤكد رأيي.. بأني أرى في تصريح الشيخ صالح بالفكرة، رأي يوافق تطلعات المملكة باعتبارها قائدة للأمة وحاضنة الحرمين الشريفين، التي لابد وأن تخرج منها التشريعات النافعة للمسلمين.
_____
أعود إلى العنوان .. ربما يسأل أحد؛ ماعلاقة العنوان بما كتبته. في البداية؟
ذكرت أن تصريح الشيخ المغامسي جاء في برنامج "ذات"، وهو برنامجً تلفزيوني حواري يعرض على شاشة القناة السعودية الأولى في موسم رمضان، ويقدمه سامي الجابر.
ومما جاء في اللقاء، أن ذكر الشيخ المغامسي قصة إعفائه من الإمامة في مسجد قباء.
وجاء بجملة رائعة، هي بمثابة الحكمة في مثل هذه الظروف .. قال أن ما حدث له " قدر وافق رغبة حاسد".
_____
رأيي المتواضع في الشيخ المغامسي..
سبق أن قلت - منذ سنوات - في بداية ظهوره، أنه يذكرني ببعض من مشائخ أو متحدثين في الدين الباحثين عن شهرة ومريدين، ثم ينقلبون علينا .
وبعد هذه الأعوام من الرأي فيه، وجدت أنه - حتى الآن - لم يتغير كما تغير من قبله.
لم يسيس في الدين، ولم يصرح بما يجيش الجهلة ضد الدولة.
ربما أن فيه شئ لا أعرفه - يعرفه المقربون منه - ولكن، من متابعتي لبعض ظهوره في القنوات - أخيراً ، أرى فيه تغيير للأفضل. وفي داخله عقل مفكر ، ومنه بعض أفكار من المملكن أن تجد معارضه من آخرين، إما من المستنفعين بمناصبهم، الخائفين على مكانتهم، أو من المقصرين، أو ممن ليس فيهم علم ولابعد نظر .. أو ممن يخشى التغيير، لمجرد الخشية، وهؤلاء ممن يرون عدم الإقتراب من الحمى حتى لا يتم الوقوع في المحظور.
والخائفين من المحظور ، هم من لايستطيعون إيجاد الحماية الذاتية في المسلم.
_____
" قدر وافق رغبة حاسد "..
ما أروعها من جملة ..
وما أروع ما فيها من إيمان بالله، وبالقدر خيره وشره.
وما أصدق كلمات.
كلمات، تداعب مشاعر كل من تعرض لقدر وافق رغبة حاسد.
أو قدر حقق عمل حاسد !