استفزازات ابن غفير
كتب - عبدالله العميره
في خبر أدرجته وكالة بث ضمن أخبار اليوم السبت الثامن من إبريل 2023 ، تصريح لزعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد: " إن من عهد بمسؤولية المسجد الأقصى لإيتمار بن غفير وزير الأمن القومي، كان يعلم بأن استفزازات ابن غفير ستؤدي إلى كارثة".
في إشارة إلى استفزازات الصهيوني المتطرف ابن غفير منذ أن عينه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزيرا للأمن القومي في مدينة القدس على وجه الخصوص المقدسات الإسلامية وبالأخص الأقصى المبارك.
ما جرى ويجري من سياسات في إسرائيل - حتى الآن - هو سلوك عدواني ، وليس تخطيط يحقق الإستقرار في المنطقة.
مثل تلك السياسات؛ لا تجر وراءها إلا الكوارث لمطلقيها، ومنفذيها. على عكس الإعتقاد أن أساليب الإستفزاز تعزز الإنشقاق والتباعد المؤدي إلى تثبيت أركان دولة الإحتلال.
لقد جبلت إسرائيل على التخطيط والتنفيذ لسياسة " فرق تسد ".
و سياسة " فرق تسد " ، ليس المقصود بها النظرية الخوارزمية التي تعمل على تقسيم المسألة إلى مسألتين جزئيتين أو أكثر من نفس النوع، حتى تصبح المسائل الجزئية بسيطة بما فيه الكفاية لتحل بشكل مباشر. ومن ثم تدمج حلول المسائل الجزئية لتعطي حلاً دائماً ومتماسكاً للمسألة الجزئية.. ( هذه النظرية العلمية المفيدة لايعرفها متطرف صهيوني عدواني مثل ابن غفير).
هو يفهم أن "فَرِّق تَسُدْ" تعني تفريق قوة الخصم الكبيرة إلى أقسام متفرقة لتصبح أقل قوة وهي غير متحدة مع بعضها البعض مما يسهل التعامل معها. أو منع القوى المتفرقة التي لم يسبق أن اتحدت من الاتحاد وتشكيل قوة كبيرة يصعب التعامل معها.
الخلاصة؛ أن سياسة " فرق تسد " هي من أجل تفكيك قوة وتحييدها من خلال توجيهها داخليا؛ واحدة ضد الأخرى.
وهذه السياسة تنجح - حتى الآن - مع العالم العربي !
_____
كل مرة يقوم الصهاينة بعملية استفزاز، تقابل بردود رسمية عربية وإسلامية وعالمية تمر كسحابة صيف عابرة. غير مؤثرة على إسرائيل ولا منهجها العدواني. بل تزيدهم عدوانية.
لكن العارفون بتأثير الإستفزازات، بدركون أنها لاتمر مرور الكرام على الشعوب العربية والإسلامية..
إسرائيل؛ تمارس الإستفزاز، للترهيب، ولقياس درجة ردة فعل الدول الإسلامية والمسلمين. وإلى أي مستوى وصلوا؛ يمكن التعامل معه.
إسرائيل لايمكن أن تحقق أكثر من معرفة جزء من معلومة ظاهرة .
والحكماء فيهم؛ قد يكون منهم " لابيد " - وربما هذا جزء من اللعبة - يدركون أن كثرة الإستفزاز يزيد من حجم العداء لإسرائيل، وبالونة الحنق ضد التصرفات العدوانية؛ تتضخم، وستنفجر في يوم لا أحد يتوقعه..
قلت (ربما هذا جزء من اللعبة )؛ أعني أن السياسة في إسرائيل تتحرك وفق:
- العنصرية، وهذا سلوك تاريخي ، يعتقدون أنهم "شعب الله المختار".. هذا الإعتقاد ينفيه قول الله تعالى في الآية 18 من سورة المائدة " قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم..".
والواقع أنها عنصرية مفككة .. يقول تعالى : " بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ".
- تأصل الكراهية والحقد على غيرهم. وهذا جلب لهم العداء من العالم، وكل مرة من التاريخ يتم مطاردتهم، ومحاصرتهم.
وبرأيي، أن دفاع الغرب عنهم اليوم، ليس حباً فيهم، بل من أجل إبعادهم والإبقاء عليهم بعيداً، ومنعهم من العودة من العيش بين المجتمعات الغربية. وإشغال للعرب، واستخدامهم كورقة إبتزاز .. الخ
( عليهم أن يدركوا ذلك، ومن المنطق أن يكون كراهية الغربيين لليهود سبباً في بحثهم عن السلام بين المسلمين، الذين لم يجدوا عبر التاريخ حضناً أكثر دفئاً منهم).
- شعور مختلط عند الإسرائيلي الصهيوني؛ بأن إسرائيل دولة قائمة على الإحتلال، ويعلمون أن الأرض عربية وليست أرضاً للمهاجرين إليها من كل مكان. في الوقت ذاته؛ لا دولة لهم غير "إسرائيل" يجتمعون عليها اليوم.
- تطبيق سياسة " فرق تسد - والحرب بالوكالة".. فكرهم ، والبأس بينهم، وكونهم أقليه؛ جعلهم جبناء متآمرين ، خبثاء .. والحقيقة هم "شطار" في استخدام الأغبياء " حميراً " لهم.
" لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ " - الآية 14 سورة الحشر.
( لاحظ - مثلاً - كلما أعلنت المملكة العربية السعودية عن موقفها الدائم تجاه فلسطين " أرض كنعان العربية" والأقصى، كلما انبرى ثلة من العملاء المجندين المأجورين بعضهم من فلسطين وأماكن أخرى عرب وغير عرب، ليهاجموواالسعودية .. و نلاحظ أن صناعة ردة الفعل ضد السعودية، من أغبى صناعات الفعل وردة الفعل في الإعلام !).
إذ ؛ لو تم سؤال أي شخص عادي في أي شارع عربي، عن أولئك النباحين ضد السعودية، وهل هم من العرب أو من المواطنين الفلسطينيين؟.. الإجابات ستتفق على أن أولئك عملاء وصهاينة أدخلو ضمن العملية القديمة " فرق تسد".. في أساليب إنكشفت وإنتهت صلاحيتها، إلا مع قلة تحميل في جمجمتها دماغ كما ابن غفير،وتتكرر حالات النباح والصياح !
_____
من يريد زوال إسرائيل بسرعة، فإنه مع منهج ابن غفير..
ومن يريد الإستقرار للمنطقة ؛ لا يريد أن تكون إسرائيل في الصف الأمامي بالمنطقة، ويرى أن زوالها سيكون بوجود ساسيها الحاليين.
أما أنا فمع كل ما كتبت.
_____
هناك من ينتهج منهج ابن غفير؛ لكن لهدف عكسي .. الأداء متشابه، والنهاية مختلفة؛ متشابهة!
أعني في بعض الدول العربية ، تطبق سياسة " فرق تسد" ، وسياسة " الفقراء يدخلون الجنة"، وسياسة " الكلب والعظم" ..
وتلك السياسات مستوردة، ونرى نتائجها في العراق واضحة كما الشمس في رابعة النهار بدون سحاب. أوفي ليبيا، ولبنان، ودول أخرى أفضى التناحر فيها سبيل حياة بين مواطنيها. مما أتاح للمستعمر الجديد أن يدخل بحماره.
ودول قوية، كدول الخليج، قوتها، بما حباها الله من خيرات، وبمحبة مواطنيها لقادتهم، ومحبة بعضهم ببعض، على مستوى البلد االخليجي الواحد، أو بين الشعوب الخليجية .
ولن تنجح محاولات التفريق والتمزيق. ما دام الخير والأخيار منا وفينا.
حفظنا الله من كل كاره ومكروه.