تنافس بين مثقفي ومستثقفي "كلوب هاوس "
محمد عبدالعزيز الصفيان
خلال السنوات العشر الماضية عاش العالم ثورة تطبيقات التواصل الاجتماعي والتي ظهرت فيها العديد من التطبيقات الشهيرة مثل "تويتر " و "السناب شات"، و "الانستجرام " والتي من خلالها أصبح الوصول إليها سهلا عبر الجوالات .
تلك التطبيقات التي سجلت أعداد مشتركين بمئات الملايين من حول العالم وتحولت إلى منصات لتداول الأخبار والتواصل الاجتماعي وباتت في متناول الجميع .
لا أحد ينكر مميزات وفوائد هذه التطبيقات ومساهمتها في إحداث نقلة إعلامية جديدة لإيصال المعلومة بشكل واسع النطاق حول العالم وتقديم المعلومات بشتى أنواعها وبطرق متعددة منها مايكتب ومنها مايصور وأيضا صوتيا حيث أن العديد من التطبيقات بدأت في الظهور مؤخراً وقامت العديد من الشركات العملاقة تتنافس لطرح المزيد من التطبيقات بهدف الاستحواذ على حصة أكبر من المشتركين من مختلف دول العالم .
خلال الأسابيع الماضية لاقا تطبيق "Clubhouse،"، اهتمامًا كبيرا محلياً وعالميا وسجل التطبيق أكثر من مليوني مشترك خلال أسبوع بحسب تقارير الشركة المسؤولة عن التطبيق الذي يمكن دخوله حتى الآن من خلال الدعوة فقط، ويسمح للأعضاء بالانضمام إلى غرف افتراضية لإجراء مناقشات صوتية حول مختلف المواضيع.
وبحسب مؤسسي التطبيق فإن الهدف من التطبيق هو بناء تجربة اجتماعية إنسانية، من خلال الاجتماع مع أشخاص آخرين والتحدث في غرف يتم إنشائها بواسطة أحد الأشخاص.
البعض وصف التطبيق بـ "نادي رجال الأعمال والمشاهير " والبعض الآخر أطلق عليه تطبيق "النخبة" نظراً لأنه لا يمكن التسجيل دون الحصول على بطاقة دعوة إذ يتعين عليك الحصول على دعوة من عضو داخل التطبيق، أو التسجيل عبر الموقع الرسمي وانتظار دورك.
إلا أن الملاحظ أن التطبيق بدأ يجذب المشاهير والشخصيات العامة ورواد الأعمال وبدأ الجميع في طرح العديد من المواضيع وفتح مجال الحوار للنقاش مع جميع المشاركين .
وعلى الرغم من زيادة شعبية التطبيق بشكل "ملحوظ " إلا أنه لا يزال يطرح في بعض الغرف الصوتية للتطبيق من مواضيع وأطروحات خارجة عن المألوف من خلال استخدام مفردات خادشة للحياء وتقديم مواضيع اعتذر عن قولها في المقالة احتراما للقراء . كما وصل الحال إلى بعض الإساءات التي قد تطال بعض المشتركين في الغرفة بسبب مداخلة قد لا تعجب البعض ، وهذا أمر خطير خصوصا وأنه يعود إلى هامش الحرية التي يوفرها التطبيق لمستخدميه لنقاش مواضيع مختلفة دون رقابة أو قيود .وأصبح التطبيق أيضا ساحة للتنمر الالكتروني وكشف ضحالة فكر بعض الأشخاص الذين يطرحون مواضيع سطحية وتقديم معلومات مضللة بأسلوب "المستثقفين" إن صح التعبير وذلك لمجرد أنه يرغب في زيادة المتابعين أو الحصول على شهرة من خلال مشاركاته الصوتية .
حقيقة هذه المواضيع أحدثت انقسام في الرأي بين مؤيد ومعارض وبخاصة في هامش الحرية الذي فسره البعض بالأمر الطبيعي ولكن مع الأسف الشديد هناك الكثيرين لا يعرفون مفهوم الحرية الحقيقي في طرحهم لبعض المواضيع التي تتعارض مع أخلاقيات مجتمعنا وقيمه الدينية وهو فعلا أمر يحتاج إلى وقفة جادة للتصدي لهذه الممارسات التي تهدد بأمور خطيرة على الجيل الناشئ.
لا أستطيع الإنكار أن هناك مواضيع هادفة وتشهد مشاركة عدد من المثقفين والمفكرين والمؤثرين ، وهي مواضيع ثرية وتقدم محتوى هادف ومعلومات مهمة ولكن يجب مراعاة الآداب العامة وأخلاقيات الحوار والأخذ في الاعتبار أعمار المشاركين وإلا سنشهد انفلات أخلاقي ستكون له عواقب وخيمة جدًا وبخاصة أن التطبيق يشهد انتشار كبير ومشاركة من جميع الفئات العمرية نظراً لأنه يعتمد على المشاركة الصوتية فقط وهي ميزة هامة تختلف عن بقية تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي.
يجب علينا جميعا أن ندرك خطورة وفائدة هذا التطبيق في نفس الوقت ونعرف كيف نستخدمه بشكل احترافي
من خلال تحويله إلى منصات رقمية تقدم محتوى هادف بطريقة احترافية تخدم المجتمع .