مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار
الرياض - افتتح محافظ صندوق الاستثمارات العامة رئيس مجلس إدارة مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار الأستاذ ياسر بن عثمان الرميان، في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بمدينة الرياض اليوم، النسخة الرابعة لمؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، تحت شعار “النهضة الاقتصادية الجديدة”، بمشاركة أكثر من 140 متحدثاً بارزاً.
وألقى محافظ صندوق الاستثمارات كلمة رحب فيها بالمشاركين في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في نسختها الرابعة, مبيناً أن معهد مبادرة مستقبل الاستثمار يعمل على مدار السنة ليساعد على إحداث التغيير في العالم ليس فقط ليقدمها ولكن ليفعلها ويطبقها.
وأوضح أن المؤتمر والمعهد سيعملان كمؤشر ومدير للحوار العالمي حول أحدث القضايا الاجتماعية والاقتصادية عالميا لبدء الإجراءات الجيدة والواقعية, لا سيما أن العالم يتغير بطريقة غير مسبوقة بتقدم يحدث في كل القطاعات والصناعات والأعمال، مشيراً إلى أن جائحة كورونا لا تميز أي حدود جغرافية سواء قوة أو ثروة الدولة, حيث إن عمق التغيير يجلب تغييرات وتحديات اجتماعية واقتصادية وفرصاً متنوعة, الأمر الذي يتطلب إعادة تفكير جوهري في الطرق التي من خلالها يمكن للاقتصادات والمجتمعات أن تعمل على توحيد جميع الأمم والشعوب والشركات.
وأكد الرميان أهمية التغيير لا سيما مع وجود فرص غير مسبوقة لإعادة تخيل اقتصاد يخدم الإنسانية والكوكب ومجتمع الاستثمار العالمي بشكل أفضل وتصميم إستراتيجيات تعيد ابتكار تجديد الاقتصاد العالمي.
وقال : “نحن نرى تسارعًا في العديد من القطاعات والأعمال بما في ذلك الاستثمارات المستدامة, وأصبحت الأعمال والنماذج المرنة مهمة والمنتجات متاحة ولم يكن هنالك فرص أفضل للاستثمار مستديم الأثر من هذه الأيام وعندما نعود إلى التاريخ كانت هناك نهضة من القرن الرابع عشر والخامس عشر قادت وأدت إلى تغيرات في جميع أنحاء حياتنا بتغيرات لم يكن أحد يتخيلها فوضعت الأسس والمقاييس لثقافتنا الاجتماعية والاقتصادية حول العالم في السنوات والقرون التي تلتها”.
وبين أن العالم شهد فرصاً هائلة لبدء عصر ومرحلة من النهضة تقود إلى فصل جديد للإنسانية والنهضة الجديدة, مبيناً أن كل فرد لديه دور مهم يقوم به للإسهام في بناء هذه الأدوار الجديدة والتأثير على الإنسانية بشكل إيجابي ومستدام لإعادة التفكير وتخيل الاقتصادات العالمية وتحديد مشهد المستقبل للإنسانية, متطلعاً من خلال مبادرة مستقبل الاستثمار إلى نقاشات تسهم في تقديم إجراءات فعالة وحقيقية تشمل مختلف الجوانب.
النهضة الاقتصادية الجديدة وانتعاش الاقتصاد العالمي
ناقش مؤتمر مبادرة الاستثمار في أولى جلساته التي تحمل عنوان “النهضة الاقتصادية الجديدة: كيف سيساهم الاستثمار في انتعاش الاقتصاد العالمي”، أثر أزمة كورونا على أسواق الأسهم والأسواق المالية.
وشارك في الجلسة التي عقدت اليوم في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بمدينة الرياض افتراضيًا وحضوريًا كل من معالي محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس مجلس إدارة مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار الأستاذ ياسر الرميان، ورئيس مجلس الإدارة المشارك ومدير الاستثمار في شركة بريدج ووتر أسوسيتس الولايات المتحدة راي داليو، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بلاك روك، الولايات المتحدة الأمريكية لورانس فينك، والرئيس التنفيذي لمجموعة كريدي سويس بسويسرا الدكتور توماس غوتستين، ورئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة جولدمان ساكس بالولايات المتحدة الأمريكية ديفيد سولومون، وأدار الجلسة المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي المشارك في مجموعة كارلايل بالولايات المتحدة الأمريكية ديفيد روبنشتاين.
وقال الأستاذ الرميان :” في عام 2020 عندما بدأت أزمة فيروس كورونا كان هناك أثر قاسٍ وتأثير على الاقتصادات حول العالم، وعلى أسواق الأسهم وجميع الأسواق المالية التي تأثرت بشكل كبير مبدئياً”، مبينًا أنه في نهاية شهر فبراير وبداية شهر مارس حدث لغالبية الأسواق هبوط، والأسواق خاصة أسواق الولايات المتحدة والعالمية في نفس الفترة ارتفعت بشكل ملحوظ مما سبب عدم مساواة بين من هم لديهم أموال وتمويل وينتظرون على الجانب وبين الفئة العاملة .
وبين الأستاذ الرميان أن غالبية الفئة العاملة فقدت وظائفها بسبب وجودها في اقتصادات تقليدية كالسفر والسياحة والتجزئة والاستهلاك بشكل عام، مؤكداً أن غالبية هذه القطاعات عانت بشكل كبير، وأن الذين لديهم تمويل كمديري الأصول ومكاتب العائلات وغيرهم من الأشخاص ذوي الفئات العليا رأوا هذه كفرص جيدة،
وقال معاليه: “أعتقد أن الوقت حان لنا جميعاً لنبدأ ليس فقط التفكير في فوائدنا التمويلية الذاتية، ولكن لنرى الأثر الذي سوف يطرأ على السوق”، مفيدًا أن صندوق الاستثمارات العامة أعلن عن مرحلته الثانية من برنامج تحقيق رؤية 2030 التي هي جزء من الإستراتيجة من عام 2021 حتى 2025، موضحاً أنه سوف يتبع ذلك مرحلة أخرى تقود إلى تحقيق رؤية المملكة 2030، مشيرًا إلى أن جزءًا من هذه الإستراتيجية لاتقتصر في الاستثمار في الأسواق المالية فقط، إنما أيضاً في المشروعات الجديدة ويكون لها أثر في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإيجاد فرص للاستثمار والعمل .
وأفاد معالي محافظ صندوق الاستثمارات العامة أن الاستثمار في التقنية التي كان لها الدور في استمرار العيش والتواصل، مستشهداً بالمؤتمر الحالي الذي استطاعت التقنية في الربط بين القارات وبين المدن المختلفة والشعوب في ذات الوقت، مؤكدًا مواصلة الاستثمار في الأشياء التي سوف تؤثر على الاقتصاد، إضافة للاستثمار في الأسواق المالية.
وحول الاستثمارات الكبيرة في التقنية حول العالم قال الرميان: “استثمارنا ليس فقط من خلال الشركات الكبرى ولكن أيضاً نتطلع ونتجه إلى جميع أطياف التقنية، فنحن مهتمون ليس فقط في الاستثمارات المالية القائمة حالياً، ونتجه إلى استثمارات عدة، وكذلك الاقتصادات المشتركة ونوعية الشركات، بالإضافة إلى التقنيات التقليدية”، مبيناً أن هناك تحسنًا وارتفاعًا في السوق الأساسي ولا يوجد قلق تجاهه، أما في الأسواق الثانوية والأسواق المالية ربما مستويات القلق ستكون أعلى.
وأوضح المشاركون خلال الجلسة أن الأسواق والاقتصاد في العالم شهدت قوة بشكل عام وارتفاع نسبة بعض التقييمات وبعض التعافي المتوقع في النصف الثاني من 2020 – 2021، متوقعين أن تحقق بعض القطاعات ارتفاعًا بشكل فعال في الربع القادم.
وأكدوا أن عام 2021 متجه إلى بعض التغيرات في العملة والتضخم, وأن قيمة المال شي مهم جدا، مشيرين إلى أنه يجب النظر إلى توفير حلول متميزة للإئتمان في الأداء الاقتصادي وتغير المشهد المالي لتفادي ما حدث في 2020 من كثرة الديون.
”كيف يميل المستثمرون إلى التنويع الاقتصادي”
عُقدت اليوم ضمن جلسات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار, جلسة بعنوان “المرونة الإقليمية.. كيف يميل المستثمرون إلى التنويع الاقتصادي”, بمشاركة معالي وزير المالية والاقتصاد الوطني البحريني الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة, ومعالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، والمؤسس الرئيس التنفيذي لشركة كولوني كابيتال بالولايات المتحدة الإمريكية توماس جيه باراك، والمبعوث الخاص السابق للبيت الأبيض إلى الشرق الأوسط جيسون جرينبلات.
وأوضح وزير المالية والاقتصاد الوطني البحريني, أن مملكة البحرين عملت على تنويع الاقتصاد, وهناك جهود نظامية تنتهج منذ 20 عاماً تشمل إنشاء اللجان المشتركة, وتخفيض النفط الذي كان إسهامه في الناتج الإجمالي المحلي من 40% إلى أٌقل من 20% لذلك هناك تنوع اقتصادي ومازال العمل مستمر.
وأكد على أهمية التنوع الاقتصادي لبناء قاعدة أشمل للدخول في قطاعات مختلفة خاصة مع ما يشكله الشباب من نسبة في المنطقة ويتطلعون إلى فرص نمو وتوجيه طاقاتهم لبناء الدولة واستثمار الفرص الموجودة.
ونوه معاليه بما اتخذته المملكة العربية السعودية من إصلاحات اقتصادية لمجابهة التحديات المالية من خلال إطلاق الخطط والمبادرات لزيادة العوائد غير النفطية وتنمية الاقتصاد لوضع مالي أفضل, مشيراً في ذات الوقت إلى جهود بلاده في هذا الجانب بإطلاق برنامج التوزان المالي.
من جهته، نوه الأستاذ الجدعان بما يحدث في مجلس التعاون لدول الخليج العربية من تغيير جاد، والمملكة تهدف من خلال التنافس الصحي التكاملي بين دول المجلس للبناء الذي يعد كبيراً عند العمل كمجموعة واحدة.
وبين وزير المالية أن المملكة بدأت رؤية 2030 بمستهدفات واضحة، واستطاعت خلال 4 سنوات الماضية تحقيق نتائجها المرجوة، ومع وجود جائحة فيروس كورونا أثبتت قوتها من خلال رؤية المملكة 2030 في التعاطي مع الأزمة.
وأشار إلى الاستثمارات والإصلاحات التي قامت بها المملكة، والاستثمارات من الناحية الهيكلية والقوانين واللوائح التي شهدت تحسناً على مدار الـ4 و 5 السنوات الماضية، حيث أصبح من السهل ممارسة الأعمال والاستثمار بالمملكة وتسهيل وتوفير البيانات بشفافية.
واستعرض الجدعان استثمارات المملكة في التقنية التي سهلت الانتقال من العالم الواقع إلى العالم الافتراضي، عاداً التنوع معادلة رابحة لبناء الاقتصاد الذي سينمي من الوعاء الضريبي الذي سيحقق المزيد من العوائد الحكومية التي ستمكن من تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمقيمين، وستنتج المزيد من الفرص للمواطنين والمواهب الطموحة في مختلف القطاعات.
وأكد وزير المالية أن المملكة تركز على فرص هائلة، بعضهاً في الصناعات التقليدية، وأخرى أكثر جدية مثل التغير المناخي، وقطاع الطاقة المتجددة ،وهي جانب يُركز عليه ليس فقط فيما يتعلق بالتركيب، إلى جانب التركيز على التقنية ومواصلة الاستثمار فيها، لتحقيق قفزات نوعية, معوِّلاً على الشباب في الاستثمار في التقنية ومواجهة التحدي.
وقال معاليه : “إن البنية التحتية التي أنفقنا عليها وقيامنا بتقديم مبادرة التخصيص أو الخصخصة خلال عام 2020 نمت 20%، وفي عام 2021 ستزيد بنسبة 20% أخرى، في مجالات المياه والرعاية الصحية والتعليم ومعالجة النفايات وما وراء ذلك، إضافة إلى القطاعات الأخرى، لذلك فالفرص كبيرة وأعتقد أن المستثمرين الأفراد عندما يكون لديهم تركيز معين، فعليهم أن ينظروا إلى ذلك القطاع بعينه والاستثمار فيه”.
سياسة التكنولوجيا العالمية
كشف معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله السواحة أن المملكة حققت المرتبة السابعة عالمياً من ناحية جودة وسرعة "الإنترنت"، و جودة تغطية الجيل الخامس 5G، مفيدًا أن مشروع " ذا لاين " في نيوم الذي أعلن عنه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظة الله - سيتجاوز 150 عاماً من الثورة الصناعية من أجل الأفراد، موكداً أن هذا النموذج الخاص للطاقة المتجددة بدون انبعاثات 100%,إضافة إلى الابتكارات في مجال الغاز والنفط من خلال استغلال البيانات لتحسين التكلفة وتقليلها.
جاء ذلك خلال مشاركة معاليه في جلسة " فك الشفرة : ماهو مستقبل سياسة التكنولوجيا العالمية؟، ضمن جلسات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في نسختها الرابعة بمشاركة رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين الناصر، والرئيس التنفيذي لمجلس إدارة شركة رايثيون تكنولوجيز في الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور توماس كينيدي، وأدارها الخبير الاقتصادي، ومؤلف ورئيس مؤسسة بوسيتيف بلانيت الدكتور جاك أتالي.
وقال المهندس السواحة :" نعيش في هذا العالم الذي نقوم فيه بالابتكار والتشريع، ويجب أن ينتبه لها مشرع السياسات الديناميكية، وإعادة الضبط التشريعي وبأسلوب ابتكاري، متناولًا إصدار أول سياسة خدمات سحابية، مفيدًا أن المرونه والتنفيذ والسرعة عادت اليوم بأكبر الاستثمارات التقنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكثر من مليار ريال بين أرامكو وقوقل، وهذا يشير إلى أن صانعي السياسات يلتقوا بالديناميكية وبالضبط والابتكار.
وبين معاليه أن هناك كثيرا من التقلبات والغموض والتعقيد في المستقبل وسيكون المستقبل لمن لديهم الصمود والمرونه والمقاومة, مشدداً على ضرورة الاستثمار والابتكار في مجال الرقمنة, مبيناً أن مجال الرقمنة في عام 2020م أظهر أنها ليست أكبر الاقتصادات المتضاعفة من أجل التوازن الاجتماعي والاقتصادي المتواصل خاصة من جانب المحافظة على البيئة.
وتناول معاليه أحد شركاء الوزارة المتمثل في (بابيلون هيلث)، إذ جرت مناقشة كيفية تطبيق البيانات والذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية لتقليل التكلفة لبعض العمليات إلى حتى دولار واحد.
وقال المهندس السواحة :" إن الانتقال الآن ليس فقط لنكون رواد الطاقة الحرارية في العالم، ولكن في الطاقة المتجددة والمستدامة أيضاً، حيث أعلن عن استثمارات تقدر بقيمة 5 مليارات دولار في الهيدروجين وذلك ليس جديداً، ولكن مركز التنافسية الرقمية الأول رتب المملكة في المرتبة الأولى".
من جانبه، أوضح رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين حسن الناصر, أن أرامكو استفادت مع التسارع الحاصل بالتقنية في الاكتشاف والتعافي وتعظيم الاستفادة من التكلفة والفعالية والموثوقية وكذلك في انبعاثات الكربون, مشيراً إلى أن هناك الكثير يتعلق بتحليل البيانات, حيث يُستخدم السايزميك والنماذج والمحاذاة وبدئ بمليون خلية ويجري السعي لاستخدام ترليون لإدارة مكامن النقص.
وتناول إطلاق أحد أكبر الحواسيب العملاقة في وادي أرامكو التقني بالتعاون مع شركة STC الذي يتيح فرصا جديدة في مجال التنقيب والتطوير، ويعزّز قدرات اتخاذ القرار في مجال التنقيب والاستثمار.
وقال: "لدينا مستوى متقدم من الرقمنة ونحرك مختلف أدواتنا باستخدام الأقمار الصناعية من مركزنا في الظهران، ونهتم بمعداتنا وموثوقيتنا, والموثوقية لدينا من أعلى النسب لعام 2020م وتشكل 99%, واستفدنا من البيانات والتقنية في تقليل إنتاج المياه والتعامل معها كذلك مقدار الطاقة المطلوبة, والصناعات تمضي بسرعة كبيرة فيما يتعلق بالتطبيق والتبني واستخدام تحليل البيانات وما يتعلق بتحول أدائنا.