أسئلة + -

news image

 

كتب - عبدالله العميره

أتلقى أسئلة كثيرة، معظمها تدور حول وكالة بث ، وتوجهاتي في الكتابة، ومنهجي في النقد.. ولماذا التركيز على السلبيات؟
لماذا لا أكون إيجابياً ؟!
ولماذا الإطالة في المقالات؟
ولماذا لايتم اختصار الفكرة؟
والنزول قليلاً لتكون الفكرة مفهومة لدى العامة؟!

معظم الأسئلة مكررة بهذا المعنى، أو آخر في نفس الإتجاه.
أرى في الأسئلة رغبة في الفائدة.
وهي فائدة مشتركة .. نوع من العصف الذهني.


سأجيب:
يداية، أذكر ، بأن الصحفي لايكتب  عن ذاته، ولنفسه.. بل يكتب نيابة عن الآخرين ( الجمهور )، ولهم.

وقاعدة مهمة جداً للصحفيين والصحفيات : " إنزلوا لمستوى الناس لترتقوا بهم، ولاتنزلوا لمستواهم لتسايروهم".


من أهم مهام الإعلام: التعليم (الإخبار بالمعلومة الصحيحة)، والتثقيف..
ولست مع من يقول أن دور الإعلام هو التوجيه بالمعنى التقليدي.
لأن هناك توجيه كاذب..
إذا كان التوجيه صادقاً؛ إذاً هو التثقيف ، والفرق بين المصطلحين ( التوجية والتثقيف) أن التثقفيف يقوم على ثلاثة عناصر: احترام عقلية المتلقي، والصدق في المعلومة، والجدية.
ولا ننسى أننا في عصر المعلومة المفتوحة.. فإن لم تكن صادقاً في إعلامك، سيرحل المتلقي ، وينجذب إلى إعلام أكثر احترافية ومصداقية.. العقول تغيرت.

 

أعود للأسئلة .. وأحاول أن أجيب باختصار:
- "بث" وكالة أنباء، تصنع لوسائل الإعلام.ليست صحيفة.
ما تروته على مواقعها الثلاثة. بث العربية، وبث الإنجليزية، وبث للأعمال. هو جزء من التواصل مع بعض العملاء، لإيصال رسالتهم.

- " بث"؛ وكالة تصنع الإيجابيات, وتنقل من أرض الواقع كل عمل رائع.. البرامج والمشروعات التي تخطت السلبيات وعالجت النواقص، وتساهم في نقلها إلى الإعلام العالمي.
بعبارة أخرى؛ ننقل للعالم ما يدهشهم - لا أفضّل العمل على نقل الرسالة من اتجاه واحد، وفرض المحتوى كما نرى، دون الإهتمام بما يغري الآخرين.

- أما  في مقالاتي الخاصة؛   أميل للتركيز على السلبيات، لأنني أرغب في معالجتها والإقتراب من أقصى درجات الكمال.
وبحكم اطلاعي على الإعلام المحلي والأجنبي .. سأروي لكم  موقفاَ لابد أن يدركه أي إعلامي أو إعلامية ( لاحظوا أنني أقول " إعلامي"، ولم أقل صحفي، لأن كل صحفي إعلامي، وليس كل إعلامي صحفي".. الإعلامي مهما بلغ فهو تلميذ مبتدئ في عالم الصحافة).

بحكم موقعي من وكالة "بث" الإعلامية، لا أنفك عن سؤال الزملاء والزميلات الأجانب، ووكالات الأنباء الأجنبية ووسائل الإعلام هناك:
ماذا تعرفون عن الإعلام العربى؟ وماذا الذي تريدونه؟

إجابتهم دائماً: نريد الجديد.. كل شئ : السلبيات والإيجابيات،  بلغة عالمية - صياغة - احترافية، تركز على الرقم والمعلومة، والصورة الإحترافية المعبرة، والعمل التقني الواقعي المبهر.
وأكثر أفكار الأجانب تأثيراً، تأكيدهم أن أي بلد لا مشروعات جديدة فيه، ولا مشكلات تظهر، فهو بلد نائم لاحراك فيه.
والفرق بين الفوضى، والإنضباط الحضاري؛ عندما يطرح الإعلام المشكلات في ذلك البلد بطرق احترافية، ويتم حل المشكلات باحترافية؛ يعني أن البلد فيه حراك، وفيه عقول تعالج.

ملاحظاتهم على الإعلام العربي؛ أنه يطرح السلبيات بشكل سطحي، دون دون كشف غير المرئي، أو الإشارة إلى الأسباب للمساعدة على العلاج.

مثال: شب حريق، حادث تصادم، جرائم القتل وما شابه، والفساد ..
نقل الظاهر، دون الإشارة إلى الأسباب ، والأضرار والمعالجة.


لكم أن تتخيلوا خبراً بهذه الصياغة ( وفعلا تم نشرها منذ فترة).. الخبر الموغل في التسطيح، مكتوب بهذا الشكل:
" شب حريق في خيمة، وقد سيطر الدفاع المدني على الحريق وتم إخماده بعد أن التهمت النيران الخيمة" !!!

المراسل، أراد الإبهار بعقلية عالم سفلي، وأراد المديح، وفتح العيون فأعماها ، وأراد إثارة الدهشة، فصارت الصياغة هشة مشوهة مع غباء فاحش.
أو ما سمي بخبر: " القبض على حشيش مخدر ..." !
لكم أن تتخيلوا، برسيم مخدر.. 
ولا أدري هل هناك حشيش مخدر، وحشيش غير مخدر؟.. إلا  إذا كان معد الخبر يقصد التفريق بين ما  يُقدم للبهائم، وما يتعاطاه بعض البشر؟!

غالباً الأخبار يتم طرحها بشكل سطحي وعجيب.. لايتم التعمق فيها، وذكر الأسباب، ليسهل العلاج، وضمان عدم التكرار .

قد يقول بعض الناس: يكفي ذكر الجريمة والعقاب وهذا علاج رادع.
طيب: والجمهور .. والتوعية.. ماذا عن إخبار الجمهور بالدور الحيوي والكبير للدولة في المعالجة، ومشاركة المواطنين في عمليات الردع؟

العقاب من الدولة؛ قد يحد من الجريمة ، ولكنه - وحده - لايردع عن تكرار الجريمة، بدون برامج السلامة (التوعية)، وبدون تعاون المواطن.. فالمواطن هو " رجل الأمن الأول".. 
وهنا السؤال: كيف يكون المواطن رجل الأمن الأول ؟!
عليكم الإجابة.

أعيد، وأكرر:
أميل لطرح السلبيات، من أجل الكمال، أو الإقتراب من الكمال، وفي ظني هذا قمة التفاؤل.. الطموح للأفضل هو الأمل والتفاؤل.
ذكر السلبيات بدون عمق،  كما المديح بدون مناسبة أو أسباب.
وقد يكون المديح ( خطاب الذات) أخطر من النقد.

أما عن المطالبة بالنزول بالفكرة إلى مستوى فهم البسطاء، فإنني أتطلع أن يفكر القارئ - ولدى فهم أن كل إنسان في داخله عقل مفكر- وبعض الناس لايرغب في استخدام عقله، هؤلاء الناس ليسوا من أهدافي.
هدفي كل من يستخدم عقله؛  يحب القراءة والتمعن والتحليل، ويرغب في العلاج، ويساهم فيه.
وأعتقد من يريد أن يكون كذلك، هو من يتحلى بالمسؤلية.

باختصار؛ دائماً أوجه خطابي للمسؤول، أو من يتحلى بالمسؤلية، وينشد الفائدة الأعظم.

أما قضية الإختصار، فلأن من يسأل تعود على مقالات الرأي.
أما كتاباتي فهي مقالات "رؤية"، وليست رأي، ولا يمكن أن تكتمل الرؤية إلا بمعالجة كل أركان الفكرة.

الرأي ممكن سطر واحد.. عبارة عن فكرة قصيرة لاعمق فيها، (رسالة  إلى المشاعر  وليست موجهة  إلى العقل).. والرسائل المرسلة إلى المشاعر، تنتهي بسرعة، وتترك عقل المتلقي حائراً، ثم مرتبكاً، ويتوسع الإرتباك، إلى درجة يمكن تشبيه الأثر، كقطيع أغنام يحميها راعي، إذا نام الراعي تعرض القطيع لهجوم الذئاب.
تخيلوا كيف سيكون مشهد  من أفرغت عقولهم من التوعية وتحمل المسؤلية.. من المؤكد سيحدث ارتباك وهيجان ورعب  وفوضى بين “ القطيع "، يصعب على الراعي - حينذاك - السيطرة.

_____

موضوع  ذو صلة

الإبداع.. والذكاء الإصطناعي