صناعات قديمة تظهر في مهرجان النهام بالدمام

news image

 


سميرة القطان - بث: 


يستمر #مهرجان_النهام  - المقام على الواجهة البحرية بالدمام؛  في تمكين زواره من عيش تجربة ثقافية تغوص بهم إلى أعماق ماضي حياة المدن الساحلية بكامل تفاصيلها، حيث يضم المهرجان الذي يأتي بتنظيم من هيئة المسرح والفنون الأدائية مناطق متنوعة يقوم بها الحرفيون على صنع أشهر المواد والمنتجات التراثية، ومن أبرز هذه المنتجات هي سلال الخوص، التي تعد عنصرا ثقافياً هامّاً قل ما يخلو منه مشهد تاريخي أو عمل فني تقليدي.

كما يعد مهرجان النهام أبرز فعالية ثقافية تقام في المنطقة الشرقية حالياً، حيث يتضمن المهرجان عدداً من المناطق المخصصة للعروض الأدائية الحية بأنواعها مع تفعيلات ثقافية وأركان تفاعلية ومكتبة ومعرض فوتوغرافي إضافة لعدد من المتاجر والمطاعم والمقاهي.

وللحديث عن صناعة السلال قال الحرفي مهدي عسيف أنه لم يزل يمارس حرفة صناعة السلال منذ 40 سنة، حيث اعتاد على تقديم الورش التدريبية للشباب لتمكينهم من اتقانها وحفظها للأجيال التي تليهم. وقد أكد "عسيف" أنه حضر عدداً من المهرجانات والفعاليات الثقافية حيث عرض فيها منتجاته التي يضع فيها كل جهده وشغفه. وقد ذكر أيضاً أن عملية صناعة السلال تستغرق وقتاً طويلاً نظراً لأن العملية يدوية بالكامل وتستلزم الدقة والاتقان، حيث نوه أن صناعة سلة واحدة متوسطة الحجم قد تستغرقه حتى 4 أيام عمل. ويُذكر بأن هذه الحرفة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطقة الشرقية كون موادها الأولية مصدرها طبيعة المنطقة وما تحويه من مزارع نخيل. وقد ذكر الحرفي "عسيف" أن عائلته توارثت هذه المهنة منذ قديم الزمن وقد دأبت على انتاج السلال من مزرعة عائلتهم الواقعة في القطيف.


ومن أقدم تلك المهن التي تواجدت في المهرجان، هي صناعة الاقفاص الخاصة بصيد الأسماك، والتي تعرف محلياً بـ"القراقير"، حيث كانت عنصراً رئيسياً على متن قوارب صيد السمك والتي لا يستغني عنها الصياد، حيث يمكن لها أن توفر له الصيد الوفير نظراً لطريقة تصميمها الذكي، الذي يعتمد على جذب الأسماك من خلال الطُعم الموضوع داخلها ثم حصرها ومنعها من الخروج".
من جهته أوضح القفاص إبراهيم العيسى المسيري بأن الأقفاص تُصنع من خوص النخيل او من اسلاك الحديد، وتُترك بعد وضع الطعم داخلها في البحر لعدة أيام، لتتيح للأسماك الدخول لها بحثاً عن الغذاء، ولا تستطيع الخروج بعدها، فيما تلعب خبرة الصياد دوراً مهماً في كمية الصيد من خلال اختياره للمكان والوقت المناسب لرمي القفص في البحر.
وقال: "ورثت هذه الحرفة من والدي، حيث تعلمت صناعة القراقير في البداية باستخدام الخوص، ولكن تحولنا بعدها لاستخدام الاسلاك الحديدية عوضاً عن الخوص، نظراً لسهولة تشكيلها، ولكونها مرغوبة من الصيادين بشكل أكبر، نظرا لقوتها وصلابتها".
وشدد المسيري على أن القراقير يجب أن تصنع بعناية من مواد عالية الجودة، نظراً لأنها قد تبقى في البحر لمدة تزيد عن 8 أشهر إلى سنة كحد أقصى، فيما تحولت الاقفاص المصنوعة من الخوص لمجرد سلال للزينة أكثر من استخدامها للصيد، مشيراً لاهتمام محبي المقتنيات التراثية بتزيين بيوتهم بها.
يذكر بأن مهرجان النّهام الذي يستمر حتى الثاني من نوفمبر القادم يأتي ضمن جهود هيئة المسرح والفنون الأدائية في تنشيط الفنون الأدائية المُختلفة وتعزيز حضورها في المهرجانات والفعاليات الوطنية والعالمية المقامة في المملكة، حيث يحتفي المهرجان بالحياة البحرية بشكل عام، وفن النهمة بشكل خاص، كما يقوي حضور الفنون الأدائية الوطنية في الذاكرة الوطنية ويسهل من نقلها للأجيال الناشئة وذلك ضمن الجهود الرامية للوصول للمجتمع الحيوي ضمن المستهدفات الأساسية لرؤية السعودية 2030.

ويأتي مهرجان النّهام والفعاليات المصاحبة له بتنظيم من هيئة المسرح والفنون الأدائية ضمن استراتيجيتها الهادفة لتنشيط الفنون الأدائية المُختلفة في المملكة عبر إقامة الأنشطة والفعاليات والاحتفالات بطابع الفنون السعودية وذلك لتقوية حضورها في المشهد الثقافي وتعزيز تجربة السياح وزوار المملكة من جانب الثقافة وذلك ضمن استراتيجية وزارة الثقافة وركائز رؤية السعودية 2030.