الإساءة للسعوديين .. للمجتمع العربي

news image

 كتب - عبدالله العميره

استوقفتني تغريدة  للأستاذة منال الصبحي على حسابها في  تويتر   (إكس) كتبت:
" فيه وحده صديقتي مصريه تسولف معاي و تقول شوفتي الفيديو بتاع الولاد السعوديين ف لندن دول كانوا مسخرااا
قلت لها مو سعوديين قالت يابنتي دي سيارات سعوديه 
شرحت لها وقلت سيارات كويتيين و هم تيك توكر كويتيين معروفين و قلت لها قصة اللوحات و قلت لها واحد منهم في لندن و الثاني في اوروبا كلهم كويتيين و واحد منهم دعم رحلته كامله رجل اعمال اماراتي 
اذا هذي عربية و ماشافت من تفاصيل المشهد الا انهم سعوديين بسبب لوحات السيارات فمابالك الاجانب و الغرب..حسبي الله و نعم الوكيل"- انتهت التغريدة.

سأناقش الموضوع من زاويتين:
الوعي ، والإساءة.
أما لماذا استوقفتني التغريدة؟
لأنها ذكرتني بقصة واقعية حدثت أمامي قبل 40 عاماً وذكرتها بالتفصيل في كتابي : يوميات سعودي في القاهرة .. القصة تتكرر في مدن كثيرة يتواجد فيها السائح  العربي.. الخليجي على وجه الخصوص، وبالأخص السعودي.
سأذكر القصة باختصار، ثم أناقش باختصار أيضاً (الوعي، والإساءة).. أسبابها، ومسبباتها.
القصة؛ حدثت في فورة حب الترحال، والقاهرة إحدى أولويات وجهاتي.

( في آخر زياراتي للقاهرة، قبل شهر، مازال هناك لزمة ، وسؤال، يتكرران: مصر أحسن من السعودية، وأنتم تأتون للسياحة ؟.. والإجابة عليهما سهلة.  الأول أقول له: هل زرت السعودية؟ يقول (لا)، أقول له:  كيف تقارن بين بلدين أو مكانين أو شخصين لاتعرف أحدهما؟!
والسائل الأخر أقول له: اليوم، لانأتي للسياحة في مصر، فعندنا الترف السياحي والمتعة متنوعة، والمجال أرحب وأرقى وأكثر تنظيماً .. نحن نأتي حباً في الشعب المصري فقط.. بساطة الناس، رغم وجود منغصات، ومنها: ضعف الخدمات، وقلة الإمكانيات، وإساء بعض من المصريين بالمغالاة في الأسعارمع (فذلكة) مكشوفة عند بعض الباعة والتجار.. لكنها (فذلكة ) مقبولة في بعض الأحيان، لأننا نفهمها.. تجلب لنا السعادة، وتشبع نرجسيتكم!).
وهكذا الإنطباع عند مواطني كثير من الدول التي نزورها!
__________
نعود للقصة..
كان لي صديق يعمل مفتش سياحة، رجل منضبط، لايشرب ولايدخن.. سمعته طيبة .. كان مناسباً لشخصيتي المحبة لمتعة السياحة وأنا بكامل وعيي.
(ما جعلني محباً لمصر؛ أنني لا أعرف إلا الطيبين، ولا أصاحب إلا الصادقين، ولا أشمل الشعب  بسوء شخص أو مجموعة.. فقط المأخذ على مصر في الآونة الأخيرة، ضعف الرقابة وحساب من يشوهون سمعة البلد.. وهكذا الحال في بلاد عربية نحب أهلها وزيارتها)..
في إحدى فنادق القاهرة على النيل، التقيت وعادل على العشاء وسهرة.. وتعلمون لاتخلوا هكذا سهرة من الطرب وتوابعه!
بعد الساعة الثانية ليلاً، بدأت كثير من الرؤؤس تتموج، والأجساد تترنح (تتمطوح).. وتظهر الشخصية الداخلية ( شخصية الطفل الشقي والمراهق المندفع)!
بالمناسبة؛ إذا أردت أن تعرف حقيقة البشر من أصحاب الكشخات والحكمة المصطنعة؛ فتعال هناك شاهدهم آخر الليل !
( مع علمي اليقين أن في داخل كل إنسان طفل يحب المرح والبساطة - وإن بدت الشخصية عظيمة مكفهرة، يحاول رسم هيبة له - الحقيقة في داخله طفل / إما شقي غير مؤدب، أو طفل متربي تربية سليمة، ويحب البتصرف ببراءة راقية.. ولا ألوم من " يكرب وجهه" ليظهر جديته والهيبة).
فبعض المجتمعات - للأسف - لاينفع معها إلا الصوت والمسواط!

المهم، بعد الساعة الثانية ليلاً وقف شخص على المسرح يلبس الثوب والغترة ،  يرقص سكراناً، وأخرج من جيبه مال ( الجنيهات المصرية ) وأخذ ( ينقط) بها، ثم، فجأة؛ صار يمزق الفلوس ويرميها على المطرب!
وضجت القاعة بالمتذمرين والشتائم على الشاب ( السعودي ) الذي أهان الجنيه.
وخرج  الفاعل إلى دورات المياه.. ثم سمعنا صراخ وضجيج.
صديقي عادل مكي، خرج للإستطلاع، وعاد.. قال: أن شباباً أمسكو بالرجل وضربوه وشرّحو يديه بالموس.
في اليوم التالي:
التقيت بعادل ، وقال لي : الشاب ( بتاع امبارح، لم يكن سعودياً، اتضح أنه كويتي، وتم ترحيله) !
قالت: من يصحح مفاهيم الحضور البارحة ، وبقية الناس؟!
وقصص مماثلة كثيرة تقابلني في السفر.

وقصص أكثر منها في غاية الروعة والجمال، وأنا أرى سعوديين وسعوديات في غاية الشياكة والأدب في بلاد الغربة، ويتركون انطباعات رائعة عن المملكة وأهلها .
فيما أرى عينة من الخليجيين، وبعض عرب تظهر (سحنتهم) مشابهة لنا، يرتكبون جرائم تشويه صورة ، بدافع شخصي أو من حاقد، أو بجهل.
وبعض اخواننا العرب في البلاد العربية عندما تحدث مشكلة؛ ينسبونها إلى سعودي وخلاص!.. والسعودي منها براء.
أنا هنا؛ لا أبرئ الجميع ، فهناك نسبة لكنها قليلة جداً جداً سيئة ، ومسيئة ، يمارسون كل ما يخطر في بال أهل الفساد والتشويه. في بيروت، أو القاهرة، أو دبي ، والمنامة، وفي لندن وباريس  وما نيلا.. وكل الأماكن .
وأكرر، في ذات الوقت أرى عائلات سعودية وشباب وشابات من السعودية نفتخر بهم وبرقيهم. يستمتعون، وفي ذات الوقت سفراء بامتياز.
__________
من الغباء أن نحكم على مجتمع بأكمله من تصرفات لامسؤولة من شخص أو بضعة أشخاص.
السعودية ليست مجتمعاً ملائكياً معصوم من الأخطاء .. ولكن الغالبية العظمى يخافون الله ويخافون على سمعتهم وسمعة بلادهم، وفيهم شعور عالي بالوعي، والثقافة والرقي العالي.
ومن الغباء الحكم على فاسد أو مجموعة فاسدين بأنهم من السعودية لمجرد تشابههم معنا في الشكل!
الوعي ليس وقفاً على السائح أومسافر للإستمتاع ، بل على الأطراف الأخرى أن يميزوا ، بقليل من الذكاء والحكمة.
للأسف ؛ طبيعة العقل العربي أنه تربى على تعليم قمعي تلقيني، أدى إلى عدم قدرة على التحليل والتمحيص والتمييز. وعلى إعلام تشكل فيه الجريمة والحروب والمصائب معظم تغطياته وبثه في الأخبار. مع تضخيم الذات بالمدح ، وكأنه لايوجد مجتمعات أخرى غيرهم على الأرض.
هذا شكّل  عقلية مرتابة ، عاشقة للمصيبة. مهانة، أضوحكة للعالمين.
أؤكد؛ أنني لا أخلط بين النقد، وبين الحكم الكامل نتيجة تصرفات عقل.
النقد ؛ هدفه طلب تحسين الحال والإفتراب من الكمال.
بينما العقل بأقسامه الخمسة؛ عند نسبة عالية من الناس ، والتي تشكل مجموعة القـدرات، والـسلوكيات ، لايتم توظيفها في المواقف الحياتية المختلفـة، بسبب المكتسبات التربوية والتعليمية السلبية. فتكون الأحكام تنم عن جهل في التعليم والتربية. والنتيجة؛ تصرفات غير حضارية.
__________
ويمكننا النظر إلى زاوية بعيدة:
السعودية والسعوديون، لو لم يكونوا شعباً رائعاً في دولة عظيمة، لما حدث ما يحدث. بالنظرة إليها إيجابياً، أو نظرة حسد وأحياناً حقد.
وأكاد أجزم ، أن الطيبين العرب ومن شعوب العالم، أكثر بكثير من الحاقدين والجهلة والأغبياء.
أولئك الطيبون والطيبات من العرب والعالم نكن لهم ولعقولهم كل المحبة، والإحترام والتقدير.
__________
خاتمة هذا المقال:
كَناطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً ليِوُهِنَها
فَلَمْ يَضِرّْها وأوْهى قَرْنَه الوعِلُ