رونالدو .. القوة الناعمة والعقول الخشنة

news image

كتب - عبدالله العميره

مقدمة والدخول في الموضوع مباشرة..
بعض من الأصدقاء والزملاء؛ يسألني مندهشاً عن التوجه الجديد في مقالاتي نحو الرياضة، وتحديداً كرة القدم والأندية ؟
الإجابة ببساطة:
الجميع يرى توجه الدولة في الرياضة ينطلق من ثلاثة محاور مستمدة من رؤية 2030 - لا أتحدث عن برامج تحقيق هذه الاستراتيجية الفريدة، وأدوات التنفيذ ( بعض دول وضعت رؤية، ولكن الفارق بين رؤية المملكة والأخرى، في دقة الخطة، والقدرات على التنفيذ - المالية والبشرية، وهذا تميز تنفرد به المملكة، وبها ستتحقق برامج الرؤية بمشية الله، ولن يقف أمامها أي عائق - فكل عائقة أمام الرؤية السعودية لها حل).
أقول، أن المحاور الثلاثة التي أراها، هي أسباب مقالاتي في الرياضة:
الأول ، عام: مواكبة أهداف الرؤية.
الثاني:  القوة الناعمة / التنوير بأبعادها وأهميتها، ووسائل العمل عليها، وأدوات التنفيذ، والمراحل. وما يشوبها.
الثالث: الضرورة الحتمية والقصوى في تثقيف الجمهور الرياضي ( حديثنا هنا عن أهمية الرياضة بالنسبة للقوة الناعمة وأدوات تنفيذها).
هنا مثال:
كريستيانو رونالدو
ماهو الهدف من التعاقد معه؟ ومع ميسي وغيره - فيما لو تم التعاقد معه أو غيره؟
هل الهدف؛ هو تحقيق إنجازات للأندية التي ينتمون إليها؟!
إذا قلنا بذلك الهدف فقط، فإن لدينا قصور في التفكير. وقصور في معرفة دور الإعلام والرياضة وأهميتهما في الرؤية.

كريستيانو رونالدو لم يسقط، بل بيننا من أردنا ذلك ! ، ومازال هو كريستيانو اللاعب المتميز الذي يحظى بجماهيرية عالمية كبيرة، لاينافسه أحد في ذلك الحب العالمي.. وللأسف ؛ البعض يتعامل مع رونالدو ضد الهدف من التعاقد معه!

 قصور فاضح  وخلل في تعامل بعض الجماهير والمحللين والأندية مع الحالة.
رونالدو؛ سيبقى معلقاُ في قلوب الجماهير العالمية، ولم نحسن التعامل مع وجوده، ومع حضور كثير من الجماهير من دول، ليروه يلعب في الرياض أو أي مدينة سعودية، ولم يحسن الإعلام التعامل مع ركض القنوات العالمية لمتابعة رونالدو؛ ولا مع الجماهير في ملاعب أندية عالمية وهي ترتدي شعار النصر(السعودي).
كل المسألة عند البعض، أن عقله لايوجد فيه غير التعصب ضد نادي النصر، وبس !

ساعد أولئك؛ إدارة النصر، التي لم تستوعب أهمية اختيار عناصر بدقة،  يمكنها أن تشكل فريق متجانس قوي مع رونالدو.

رونالدو أو ميسي ، وغيرهما ، لم ولن يتم التعاقد معهم من أجل تحقيق بطولات لأنديتهم.

عندنا  في الميدان - الحالة كما ترون..
لاعب واحد مثل كريستيانو ، لاعب دولي محترف فذ، والباقي ... كما رأيتم. لاعبون ضعفاء، أو ربما بعضهم فيه جانب تميز، لكن لايوجد مدرب يحسن التوظيف.. وآخرين أضعف، لكن الإعلام الأخرق ينفخ فيهم ويجعلهم أساطير!!

__________

لن يستطيع أي لاعب بوزن رونالدو أن يأتي ببطولة - لاهو ولا ميسي، في وضع الأندية وجماهيرها حالياً!
للإيضاح؛ دائماً أضرب مثالاً بمحمد صلاح.
في الأندية المصرية الكبرى كالزمالك أو الأهلي - مثلاً،  لو انضم صلاح إلى أي منهما ، فإنه لن يُفلح.. و المنتخب المصري، خسر بطولة أفريقيا، ولم يتأهل  إلى كأس العالم الأخيرة، رغم وجود صلاح المبدع في النادي الإنجليزي !
لايظهر صلاح كما نراه في ليفربول، حيث يوجد لاعبون يتميزون بـ ( فن عالي، وذهن عالي التركيز، وتناغم عالي، وقوة في الأداء - قوة اللاعب المحترف - وليست قوة بدن بدون فهم للتحرك!.. وسلوك يركز على اللعب فقط، ونظام غذائي عالي التنظيم، وطبعا مدرب منتقى بدقة، وإدارة جيدة) وبالتالي محمد صلاح برز لأنه يوجد مع مجموعة تخدمه، ووجود مدرب يعرف كيف يوظفه. وإدارة تفهم كيف تستقطب.
لايوجد تنافس بين ليفربول ومانشستر سيتي ، ونيوكاسل - وريال مدريد -- مثلاً ، على خطف لاعب بالمزايدة واللعب تحت الطاولة، بهدف تحدي وإغاضة المنافس - كما هو الحال عندنا.
إنهم لايفكرون بهذه الطريقة الحمقاء، بل باحترافية.
التعاقد مع من تحتاجه ويخدمك فقط لاغير.
(!الدولة عندنا تفكر وتخطط بطريقة إبداعية متقدمة جداً.. والأندية مازالت على جهل الماضي حتى الآن).

__________

سيتم إحضار نجوم عالميين، سيقدمون خدمات مردودها مربح أكثر بكثير مما يصرف على العقود.
هذا تخطيط دولة، عالي الجودة، أهدافه عظيمة.
ما حققه كريستيانو في خطة " القوة الناعمة السعودية" خلال 6 أشهر تقريباً؛ النتائج/ العائد؛ أفضل بكثير مما تقوم به وسائل الإعلام، وبعض النشاطات الإعلامية غير المدروسة .
ولا أريد أن أدخل في الميزانيات الممنوحة للإعلام  الفوضوي غير المتناغم وغير المنظم - لأن الرقم يخل بالعقل!
(بعض وسائل إعلام تمنح دعماً بالملايين ، وأخرى فاعله؛ دعمها صفر!!)
أعتقد الوضع سيتغير- في الطريق خطط لتطوير الإعلام أكثر قوة ليتناسب مع أهداف الرؤية، وأتمنى عدم تأخر ظهورها.
شخصياً، متفائل بالوزير الجديد، الأستاذ سلمان الدوسري.
ومتفائل بنضج عقلية وزير الرياضة، وسعيه الدائم لتكون الرياضة السعودية في أعلى المستويات - ولكن سموه يحتاج أن يعطي أكثر تركيزاً على المسببات الجوهرية لما يحدث من سوء في تعامل الإعلام وفي إدارات رئيسية بالرياضة السعودية، وإدارات الأندية.. 
ومتفائل بتغيير في كل ما يتعلق بالمؤثرات على القوة الناعمة. ومراجعة الأرقام التي تُصرف على أعمال لاتأثير لها.

__________

في 2023، بدأنا نرى نوع من التخطيط المتطور يواجه بقوة تصرفات جامدة ، ومحاولات من منتفعين للبقاء الحال كما هو !
ما أراه، عجلة التطوير قد تحركت، ولن توقفها أحجار هشة، كنا ننظر لها ولا نتخطاها لهول حجمها وتأثيرها رغم هشاشتها!!
لا يقف أمام التأثير الإيجابي لخطط الوزارة، إلا ضعف الأدوات ، والإصطدام بهوى إدارات الأندية بخاصة ذات " الإدارة العميقة" التي تدير الرياضة السعودية بحسب مصلحة نادي واحد فقط. وكذلك ضعف الإعلام الشديد في التعاطي مع الجمهور، وظهور  برامج  تصطدم مع أهداف الرؤية.

__________

إذاً؛ فكرة التعاقد مع عدد من اللاعبين الدوليين الذين يحظون بحب الكبار والصغار في جميع دول العالم؛ هي سياسة إبداعية تتناسب جداً مع توجهات المملكة الجديدة.
ولكن يجب الإلتفات إلى وسائل الإعلام.. وإلى الأندية وإداراتها، وإلى الأساليب القديمة في التنافس - غير الشريف - داخل الملعب وخارجه.. إلتفاته جدية ، لاتأخير فيها.
بعبارة أوضح:
نحتاج إلى برامج رياضية على مستوى عالي جداً تخاطب الجماهير من منطلق القوة الناعمة.
ونحتاج إلى شخصيات بعقليات وطنية ناضجة تدير الأندية.
ونحتاج إلى دعم الأندية لتكون مجموعة اللاعبين سعوديين وغير سعوديين، على مستوى يتناسب مع العالميين.
ونحتاج إلى إبعاد أي لاعب يسئ للرياضة السعودية - يتعمد أو لايتعمد - تشويه الصورة ، وبالأخص اللاعب غير السعودي، الذين بعضهم إستمرأ العبث، والإهانة للأندية ، والإستهتاربالكيانات والشخصيات والجماهير. ويتم الترويج لتصريحاتهم المشينة . معتقدين أن التنافس بين الأندية السعودية يمنحهم صلاحية التلاعب وسوء الخُلق، ولديهم يقين أنهم لن يُحاسبوا.
( نتذكر كيف تعاملت قطر مع لاعب في أحد الأندية هناك، لمجرد أنه ارتقى المنصة وقد وضع علم بلاده على كتفه.. صدر قرار في ذات اللحظة بترحيل اللاعب لبلادة)


الأخلاق، ثم الخلاق. والأخلاق.. ثم الإنضباط والانضباط، والإحترام والوفاء لهذه البلاد وقيادتها  وكياناتها التي منحت كل ممكن للرقي بالعمل، والإبداع فيه.
لتكن " القوة الناعمة " هي الهدف الرئيسي للإعلام والرياضة .. 
رسالتنا تصل بيضاء غير مشوهة للعالم من خلال إعلام متميز ، وجمهور يستمتع ، ويعبر عن متعته برقي عالي.