بعدَ هزّةٍ أرضيةٍ بلغتْ أربع درجات.. لبنان يعيش ليلةً مُرعِبةً.. و جدلٌ بين عُلماء الجيولوجيا حول إمكانية حدوث زلزالٍ مُدمّرٍ في البلاد

تقرير - مروة شاهين - بث:
عاش اللبنانيون منذ ثلاثة أيام في رُعبٍ و هلع، بعد أن وصلت تداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا و الشمال السوري فجر الاثنين إلى الأراضي اللبنانية على شكلِ هزة أرضية قوية و توالت بعدها الهزاتُ الارتدادية التي شعر بها سكان لبنان.
لكن أكثر الليالي رُعباً كانت ليلة الخميس، إذ ضربت هزة أرضية بلغت درجة ٤،٢ على مقياس ريختر منطقة الهرمل في شمال لبنان، و الأمر الذي أخاف معظم اللبنانيين بشكل كبير، أن الهزة التي ضربت شمال لبنان لم تكن هزة ارتدادية مصدرها تركيا، بل هزة مستقلة حصلت على فالق اليمونة الذي يشهد نشاطاً زلزالياً غير عاديّ بحسب ما صرح به خبراء محليون.
و في السياق، أفاد المركز الوطني للجيوفيزياء في بحنس، التابع للمجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان، أنه عند الساعة التاسعة تقريباً، من مساء الأربعاء بتوقيت بيروت، وقعت هزة أرضية بقوة 4.2 درجات على مقياس ريختر على بعد 5 كيلومترات من الهرمل جنوباً، وشعر بها سكان البقاع والشمال والمتن وكسروان وبيروت.
اللبنانيون يُخلونَ منازلهم خوفاً من زلزالٍ مُدمّر، و الجهات المعنية تتحرك:
و على إثر ذلك، قام عدد من المواطنين، لا سيما الذين يقيمون في أبنية سكنية قديمة ومتصدعة قد بدأوا بمغادرة منازلهم واخلائها تخوفاً من انهيارها أو من حصول هزات جديدة تزيد وضعها سوءاً، خصوصاً أن الخبراء في مركز بحنس تحدثوا عن احتمال وقوع هزات ارتدادية لغاية فترة تمتد من أسبوع إلى عشرة أيام، ورصد مغادرة مواطنين من طرابلس شمالي لبنان منازلهم ليل الأربعاء.
كما أوعز رئيس بلدية طرابلس المهندس احمد قمر الدين، الى المعنيين عن الحدائق في المدينة الى "فتح حديقة الملك فهد في منطقة المعرض وحديقة الرسالة في القبة أمام الاهالي الذين خرجوا من منازلهم هربا على اثر الهزة التي حصلت قبل قليل"، وآمل قمرالدين من الله عز وجل ان "يحفظ طرابلس واهلها وكل اللبنانيين في ظل ظروف دقيقة".
على صعيد متصل، أوعز وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، بناءً على قرار مجلس الوزراء، إلى المحافظين كافة، الطلب من البلديات واتحادات البلديات والقائمقامين المباشرة فوراً بإجراء مسح شامل للأبنية المتصدعة وغير الصالحة للسكن، والانجرافات الحاصلة على الطرقات.
وشمل الإيعاز الاستعانة بنقابتي المهندسين في بيروت وطرابلس، والعمل على تدعيم أو ترميم الأبنية المتصدعة من قبل أصحابها وإذا تعذر ذلك من قبل البلديات المعنية، وبالتالي، رفع تقرير مفصل بباقي الأبنية المتضررة والانجرافات والتي يتعذر تنفيذ الإصلاحات فيها لأي سبب آخر مع بيان الأكلاف التقديرية لتدعيمها أو ترميمها، على أن يودع مباشرة لدى الهيئة العليا للإغاثة بالسرعة الممكنة.
نشاطٌ زلزاليٌ كبير في الصفائح الأرضية للبنان:
وفي السياق، أعلنت مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء مارلين البراكس أنّه خلال 48 ساعة، تمّ تسجيل 9 هزّات أرضيّة مصدرها لبنان، وقد شعر السكان بـ4 منها"، وقالت إنّ "الحركة ليست عاديّة في لبنان".
وأوضحت البراكس لتلفزيون الجديد اللبناني أنّ "هذا الأمر لا يعني أنّه يُمكن حدوث هزّة كبيرة، ولكن لا يمكننا القول إنّها حركة عاديّة".
كما قالت البراكس خلال حديثها إلى وسائل الإعلام اللبنانية، انها قد حضّرت حقيبة طوارئ خاصة بها و وضعتها عند باب المنزل، و قد وضعت بها جواز السفر و مبلغاً مالياً و بعض المستلزمات الأساسية ، و طلبت من المواطنين أن يبادروا بالفعل ذاته تحسباً لأي طارئ.
الخبير الهولندي الذي توقع زلزال تركيا يتوقعُ أحداثاً مشابهةً ف لبنان:
إذ غرد الخبير الهولندي والباحث في شؤون الزلازل فرانك هوغيربيتس بالضبط قبل 3 أيام بدقة، متوقعا وقوع زلزال بتركيا مشيرا أيضا إلى الدول التي ستطالها الهزة.
وبفارق 0.4 درجة عن توقعه، ضرب فعلا زلزال بلغت قوته 7.9 درجة جنوب تركيا في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، وشعر به سكان سوريا ولبنان والعراق ومصر واليونان وقبرص وأرمينيا، وقد خلف العشرات من القتلى والجرحى في تركيا وسوريا، إضافة إلى انهيار عدد كبير من المباني وحصار العشرات تحت الأنقاض، وخروج السكان إلى الشوارع المغطاة بالثلوج.
و أضاف الباحث في الجيوفيزياء فرانك هوغربيتس، إنّه أجرى بحوثاً وقد رصد من تموضع الكواكب أن نشاطاً زلزالياً كبيراً قد يحدث في المنطقة.
وأشار هوغربيتس في حديث عبر إحدى وسائل الإعلام العربية، إلى أنّ "المنطقة خطرة جداً على المستوى الزلزالي وقد حصلت عام 526 في انطاكية وقد تحصل مجدداً".
كما شدد هوغربيتس على أنّه قد تحدث هزة أرضية كبيرة في لبنان وسوريا والأردن خلال السنوات المقبلة، مضيفاً أنّه توقع حصول هزة أرضية في نبيال واليابان سابقاً وحصل.
أستاذ لبناني في علم الجيولوجيا يَرُد على توقعات هوجربيتس:
إذ قال طوني نمر، و هو دكتور اختصاصيّ في الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت، أنه يستغرب تنبّؤات الخبير الهولنديّ، و قال عبرصحيفة "النهار" اللبنانية إنّه لا يملك المعطيات التي دفعت الخبير الهولنديّ إلى قول ما قاله.
ومن باب التحليل أو التقدير، قد يكون هناك شيء ما له علاقة بـ"الذكاء الاصطناعيّ"، استطاع هوغربيتز من خلاله، معرفة ما سيحدث مسبقاً، خصوصاً أنّه عملياً نحن في منطقة زلزاليّة عبر التاريخ، وهناك كثير من الزلازل موثّقة تاريخياًّ، وبمساعدة الكمبيوتر أو برنامج معيّن عبر الذكاء الاصطناعيّ يمكن لهوغربيتز أن يقوم بجمع كلّ المعطيات حول الزلازل التاريخية التي حصلت في المنطقة، ويضيف إليها المعطيات الحالية للزلازل التي تحصل اليوم على الفوالق الموجودة والصفائح في منطقتنا، إضافة إلى معرفة الفارق في الوقت الذي تحصل فيه الزلازل عادة عبر التاريخ وفي أيّ منطقة، ما أدّى به إلى الخروج بمقاربة أنّ الزلزال المقبل سيكون في تركيا ودول الجوار".
و قد يذهب البعض إلى التفكير بنَسب الزلزال إلى عامل اصطناعيّ مفتعل، ناتج على سبيل المثال عن تجارب عسكرية أو نووية في عمق البحر، وهو أمر ليس بمستبعد بحسب الخبراء، ولكن، "مراكز رصد الزلازل الموجودة في العالم يمكنها رصد ومعرفة ما إذا كان الزلزال طبيعياً أم اصطناعياً، من خلال الإشارات التي تظهر لدى المرصد، وبالتالي، بحسب نمر، ما حصل اليوم هو زلزال ناتج عن عوامل طبيعية وليس اصطناعيّاً".
ويوضح أنّه في منطقتنا، الزلازل الاصطناعية لا تحصل عادة. ويضيف: "المنظمة الدولية لحظر السلاح النووي، على سبيل المثال هي التي تراقب التجارب النووية التي تقوم بها كوريا الشمالية المغلقة على العالم، فتعرف تحديداً بأيّ وقت وأيّ تاريخ أُجريت التجربة النووية، وذلك عبر ما يُعرف بالـ seismogram، أي عبر الذبذبات الزلزالية، التي تبيّن حقيقة الصورة وما اذا كانت طبيعية أو اصطناعية، خصوصا أنه ليس كلّ تجربة نووية تحت الأرض تعطي آثارها فوق الأرض".