مناجم الفوسفات السوري في مرمى الأطماع الإيرانية - تقرير

news image


#المشروعالفارسيفي_سوريا

تحت ستار الإعمار وتقديم الدعم والمساندة المختلفة، بررت إيران تواجدها في سوريا، لكنها في حقيقة الأمر انتهجت سياسة الاستنزاف والاستغلال لموارد سوريا وخيراتها، وسلكت طريق الغزو الثقافي والفكري والديني، بما يخدم ويغذي مصالحها وأجنداتها.
تعتبر سوريا دولة غنية بالفوسفات حيث تحتل المرتبة الخامسة عالمياً في احتياطي الفوسفات، وتعتبر مادة الفوسفات مادة أساسية لصناعة الأسمدة لزيادة المحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى إمكانية استخراج بعض المعادن النادرة منها، كما تستخدم لصناعة مواد الطلاء والأدوية والأسمدة، كما يُمثِّل خام الفوسفات في سوريا المرتبة الثانية من حيث الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية بعد خامات النفط والغاز الطبيعي بالنسبة إلى الموارد الباطنية المعدنية وشبه المعدنية، لكن بالرغم من التطور الحاصل في عمليات الاستكشاف والإنتاج، لا يزال دون المستوى المطلوب من حيث الدراسات والاستكشاف والإنتاج والتصنيع والتصدير، كما أنه ثروة نفيسة لم تستغل بشكل حقيقي، ويعتبر من أهم الموارد الاقتصادية التي يراهن عليها في مرحلة إعادة إعمار الأراضي السورية التي مزقتها الحرب الطاحنة، إضافةً لكونه غني بمادة اليورانيوم، التي تعد مادة مهمة في الاستخدامات والصناعات العسكرية المختلفة.
وفي ظل الاجتياح الإيراني للأراضي السورية، تستحوذ إيران على الفوسفات السوري بهدف استثماره في القتال ضدّ الشعب السوري، كما تسيطر على أهم المناطق الغنية بالفوسفات، وهما الصوانة وخنيفيس بريف حمص الشرقي، اللتان تضمان عشرات المناجم ويقدّر احتياطي الفوسفات فيهما بـ 1.8 مليار طن، ويقوم الحرس الثوري الإيراني بنقل شحنات الفوسفات من المنطقتين باتجاه العراق تحت حماية عسكرية مشددة، ويشكل الفوسفات أهمية لإيران، لأنه يدخل في صناعة الأسمدة، ويتم أثناء هذه الصناعة استخراج اليورانيوم الذي يشكل لإيران أهمية بالغة إذ تستخدمه في إتمام مشروعها النووي، ويدخل السماد في صناعة بعض المتفجرات، كما يعتبر الفوسفات ثروة اقتصادية تستغلها إيران في الصناعات المدنية، وتُعتبر واردات الفوسفات السورية مهمة جداً للقطاع الزراعي الإيراني، حيث تعاني التربة من نقص مادة الفوسفور، فتضطر إيران لاستيراد هذه المواد الأولية لبعض المصانع الإنتاجية بهدف زيادة الإنتاج ورفع صادراتها.
ويعتبر الفوسفات السوري محطة صراع دائم بين روسيا وإيران، حيث يحاول كل منهما الاستيلاء على الحصة الأكبر منه للاستفادة منه في مجالات زراعية وعسكرية واقتصادية مختلفة، وقد أظهر تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية، أن روسيا وإيران تحاولان ترويج لغتيهما الفارسية والروسية في المدارس السورية، كما أنهما تتنافسان للحصول على عقود في استخراج النفط وتعدين الفوسفات وبناء الموانئ في سوريا بقيمة ملايين الدولارات، إضافةً إلى توقيعهما عقودًا لبناء مطاحن في ظل الفقر المدقع والنقص الحاد للخبز بسوريا، كما أن كلا البلدين يبنيان محطات طاقة وسط انهيار الاقتصاد السوري.
وتستكمل إيران مسيرتها في نهب وابتلاع كافة الثروات والموارد الاقتصادية لسوريا عبر أذرعها، فبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان واصلت الميليشيات الإيرانية المدعومة من طهران سرقة الفوسفات السوري والتحكم في إنتاجه، كما استمرت في حرمان الشعب السوري من خيراته وعوائده بهدف تمويل أذرعها في سوريا، وتعيل مناجم الفوسفات المئات من السوريين، حيث يعمل في حقل خنيفيس 650 موظفًا، أما حقل الصوانة فيعمل به 2400 موظفًا، لكن الميليشيات الإيرانية سرّحت عددًا كبيرًا من العاملين بشكل تعسفي، ولم تسمح بعودتهم إلا بشرط أن يكون لهم ابن أو شقيق يعمل ضمن صفوفها، أو أن ينضوي العامل في صفوف الميليشيات التابعة لإيران، وفي عام 2021، استولت إيران على ما يزيد عن 5 آلاف طن من شحنات الفوسفات. 
ويعمل الحرس الثوري الإيراني على نقل الفوسفات السوري مِن مناجم منطقة (خنيفيس) الواقعة شرقي حمص إلى إيران، وذلك بواسطة المسلحين الموالين له في العراق، ويتم نقل الشاحنات بشكل متقطّع خشية الاستهداف، ويسلم الحرس الثوري الإيراني الشاحنات للحشد الشعبي العراقي التي رافقها إلى داخل الأراضي العراقية بعد عبور منطقة القائم التي تقع بالقرب من الحدود السورية، ثم يتوجه بها نحو الحدود الإيرانية، تمهيداً لدخولها إلى إيران.

وفيما تتسابق إيران وميليشياتها لابتلاع الفوسفات السوري، والاستفادة منه ومن عائداته، تتفاقم معاناة الشعب السوري الذي بات أكثر من 90% منهم تحت خطر الفقر.