اكتمال الملء الثالث لسد النهضة.. يرفع نسبة التوتر في مصر و السودان

مروة شاهين - بث:
نفى وزير الخارجية الإثيوبي وجود تصدعات في جدار سد النهضة، وذلك بعد إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الجمعة اكتمال عملية الملء الثالث للسد بنجاح. من جانبه قال رئيس اللجنة الفنية للتفاوض في السودان إن الخرطوم تتعامل مع الموضوع بمسؤولية لحماية مصالح البلاد.
ونفى وزير الخارجية الإثيوبي دمقي مكنن وجود تصدعات في جدار سد النهضة، قائلا إن ما يثار بشأن وجود تصدعات في السد لا أساس له من الصحة.
وفي خطابه أثناء الاحتفال بإكمال الملء الثالث لسد النهضة أمس الجمعة أوضح الوزير الإثيوبي إن بلاده "حققت اليوم إنجازا تاريخيا بتوليد الطاقة الكهربائية والتعبئة الثالثة ونؤكد هنا أن ما يثار حول التصدعات في سد النهضة هي معلومات مغلوطة ولا أساس له من الصحة وأن التعبئات الثلاث لم تلحق أي ضرر بالآخرين، لقد واجهنا تحديات وضغوطات وتغلبنا عليها، هذه هي أول مرة تحقق فيها إثيوبيا الاستفادة من مياهها".
وأشار إلى أن بلاده أرسلت رسالة للعالم بضرورة تحقيق الاستفادة العادلة من مياه النيل، حسب تعبيره. ودعا إلى مرحلة جديدة من التعاون بين دول حوض النيل.

في وقت سابق أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أن التعبئة الثالثة لسد النهضة تمت بطريقة سلسة وتدفقت المياه من الممر الأوسط دون أي ضرر في حصة مياه دولتي المصب. وأضاف أنه عند اكتمال عملية البناء وتوليد الطاقة ستتحقق فوائد اقتصادية لجميع دول المنطقة والدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا.
وأشار آبي أحمد إلى أن "إثيوبيا حريصة على استثمار مواردها وتوفير الكهرباء لشعبها دون إلحاق الضرر بالآخرين"، مؤكدا أن هدف بلاده هو العمل مع دول المصب لتحقيق التنمية المشتركة.
وكان آبي أحمد دشن رسميا المرحلة الأولى من إنتاج الطاقة الكهربائية من سد النهضة في فبراير/شباط الماضي، وذلك بعد 7 أشهر من اكتمال الملء الثاني لخزان السد.
و في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت إثيوبيا تشغيل التوربين الثاني لسد النهضة من أجل توليد الطاقة الكهربائية، وذلك بحضور رئيسة البلاد سهلي ورق زودي ورئيس الوزراء آبي أحمد ومسؤولين آخرين.
قلقٌ سوداني مصري من الإجراءات الإثيوبية:
في الجانب السوداني، قال رئيس اللجنة الفنية للتفاوض في ملف سد النهضة بوزارة الري السودانية مصطفى حسين إن بلاده تراقب عن كثب نتائج خطوة إثيوبيا الأخيرة. وأشار إلى أن الخرطوم ستتخذ الإجراءات اللازمة بشأنها في حال تهديدها سلامة خزان الروصيرص السوداني أو تأثيرها على المشروعات الزراعية والتوليد الكهرومائي.
وأضاف حسين أن الوزارة تتابع عملية تشغيل التوربين اليوم في سد النهضة وتتعامل مع الموضوع بمسؤولية لحماية مصالح السودان، وأكد المسؤول السوداني تمسك بلاده بمواصلة التفاوض الثلاثي بآلية تُـمكّن من الوصول إلى اتفاق مُرض وملزم بين الأطراف الثلاثة تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.
وفي 2011 أطلقت إثيوبيا المشروع الذي تقدر قيمته بنحو 4 مليارات دولار ويهدف إلى بناء أكبر سد لإنتاج الطاقة الكهرومائية في أفريقيا، إلا أنه يثير توترات إقليمية، خصوصا مع مصر التي تعتمد على نهر النيل لتوفير حوالي 90% من حاجاتها من مياه الري والشرب.
ويقع سد النهضة على النيل الأزرق في منطقة "بني شنقول-قمز" على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود مع السودان، ويبلغ طوله 1800 متر وارتفاعه 145 مترا.
محاولات مصرية لاحتواء أزمة المياه:
و لمواجهة النقص الذي سيحصل في المياه جراء ملئ السد، كانت مصر قد وضعت رسميا خطة تصل لعام 2037 باستثمارات تصل إلى 100 مليار دولار لإقامة مشاريع تعظم من موارد المياه منها التحول لنظم الري الحديث، والمعالجة، ولديها اجتماعات دورية لبحث كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي من نهر النيل، أحدثها تم في السابع من الشهر الجاري.
وفي هذا الصدد، استنكر محمد حافظ تحميل ميزانية الدولة بنودا مالية إضافية ضخمة لمعالجة المياه بدلا من حل جذري لأزمة السد، مشيرا إلى أن مصر ربما تواجه سنوات عجافا مع إقبال إثيوبيا على حجز 10.5 مليارات متر مكعب من المياه، مما سيؤدي لنقص في التدفقات المقبلة.
و دعت مصر مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته في هذا الشأن بما في ذلك التدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس، الذي يلزم الدول الثلاث بالتفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق في أقرب فرصة ممكنة.
وكانت مصر قد أعلنت تلقيها رسالة من إثيوبيا في 26 تموز/يوليو الماضي، تفيد باستمرار أديس أبابا في ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان الجاري، وهذا هو الملء الثالث الذي تنفذه إثيوبيا دون التوصل إلى اتفاق مع مصر والسودان بهذا الشأن.
ووصفت مصر الموقف الإثيوبي في المفاوضات المتعلقة بسد النهضة في وقت سابق بـ"المتعنت".
وكانت جامعة الدول العربية قد أعلنت العام الماضي أنها قد تتخذ "إجراءات تدريجية" لدعم موقف مصر والسودان في خلافهما مع إثيوبيا بشأن السد.
لكن إثيوبيا رفضت موقف الجامعة ووصفته بـ"غير العادل"، مجددة رفضها تدويل الأزمة.
مصر بين الدبلوماسية و الخيار العسكري :
و مع الحديث عن نية مصر اللجوء إلى الخيار العسكري،يرى الباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية، يستبعد لجوء مصر إلى الحل العسكري لأسباب عدة من بينها "عدم وجود حدود مباشرة بين مصر وإثيوبيا وبعد المسافة بينهما، وعدم امتلاك مصر لطائرات قاذفات قنابل بعيدة المدى – بي 52 – قادرة على تدمير جسم السد".
ويضيف أن إثيوبيا: "تمتلك منظومة دفاع جوي وأجهزة رادار قوية اشترتها من إسرائيل، وقد يغرق تدمير السد السودان".
ومن بين السيناريوهات التي يمكن اللجوء إليها – كما يقول شافعي – التوجه إلى التحكيم الدولي، عبر تشكيل محكمة دولية خاصة بموافقة طرفي النزاع، كما حدث بين مصر وإسرائيل في قضية جيب طابا الحدودي، أو عبر اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. ويستلزم ذلك موافقة الطرفين أيضا، ومن ثم التزامهما طوعا بما يصدر عن المحكمة.
ويقول شافعي: "هذا السيناريو مستبعد تماما لأن إثيوبيا ترفضه، بل ترفض حتى وساطة رباعية دولية تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى جانب الاتحاد الأفريقي، وتتمسك فقط برعاية الاتحاد الأفريقي للمفاوضات".
ويرى شافعي أن أمام مصر خيار آخر هو الانسحاب، أو التهديد بالانسحاب، من اتفاق إعلان المبادئ المتعلق بسد النهضة، الذي وقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم في مارس/ آذار عام 2015.
ويقول: "ربما تكون هذه خطوة رمزية مهمة تعري السد من الشرعية. ولكنها لن تكون كافية وحدها وإنما ربما تؤثر ضمن إجراءات أخرى".
و يرجح شافعي أن تستمر مصر والسودان في مسار المفاوضات، بسبب استحالة أو صعوبة البدائل الأخرى.
لكنه ينصح في حال استمرار المفاوضات أن تبقى مصر والسودان موحدين في موقفهما وأن يعملا على حشد ضغط دولي على إثيوبيا بهدف التوصل إلى اتفاق ملزم، وأن يستخدما – في سبيل ذلك – الانسحاب أو التهديد بالانسحاب من اتفاق المبادئ "كورقة ضغط على أديس أبابا".