عدوانٌ آخرُ على غزّة.. لماذا لا تنطلِق صواريخ حزب الله لإغاثة غزّة و نُصرة المسجد الأقصى؟

تقرير - مروة شاهين - بث:
في الأسبوع الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن اقتحام مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة واعتقال فلسطينيين أحدهما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بسام راغب السعدي.
وقال متحدث باسم الشرطة (MGB)، وآخر باسم الجيش الإسرائيلي، إن "عملاء سريين من حرس الحدود الإسرائيلي ومقاتلون دورية ناحال بقيادة الشاباك، اعتقلوا اثنين من المشتبه بضلوعهم في نشاط إرهابي في مخيم جنين للاجئين".
وأشار المتحدث إلى أن القوة العسكرية قوبلت بالرصاص وجرى تبادل لإطلاق النار.
حركة الجهاد الإسلامي.. استنفار عسكري للرد على اعتقال السعدي :
اذ دعت حركة الجهاد الإسلامي إسرائيل إلى الإفراج “الفوري” عن القيادي بالحركة بسام السعدي، في حين توعد جناحها العسكري بـ”الرد” على اعتقاله، وطالبت عائلته بأن تطلع لجنة طبية على وضعه الصحي.
وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي هاني جرادات أن قيادة حركته في غزة قدمت مطالب “للإفراج الفوري والعاجل” عن كل من السعدي والأسير المضرب عن الطعام منذ 33 يوما خليل العواودة رفضا لاعتقاله الإداري (دون تهمة أو محاكمة).
وقال ملثم توسّط مجموعة مسلحين من “سرايا القدس”، إن القوات الإسرائيلية “أقدمت على جريمة بشعة باقتحام مخيم جنين واعتقال الشيخ بسام السعدي والاعتداء على أسرته”.
وتوعد قائلا: “لن نقف مكتوفي الأيدي (…) ولن نمرر هذا الحدث مرور الكرام (…) ردنا سيكون بحجم هذه الجريمة النكراء”، محملا القوات الإسرائيلية “كامل المسؤولية” عن حياة السعدي.
و رداً على ما سبق، اتخذت إسرائيل سلسلة إجراءات في محيط غزة، خشية من رد حركة الجهاد الإسلامي، بينها إغلاق مناطق وطرقات متاخمة للسياج الأمني مع القطاع، وإغلاق معبري “إيرز” و”كرم أبو سالم” التجاري.
كما وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مساء يوم الإثنين، حالة الاستنفار بين مقاتليها.
وقالت في تصريح مقتضب “نعلن في سرايا القدس الاستنفار ورفع الجاهزية لدى مجاهدينا، والوحدات القتالية العاملة تلبيةً لنداء الواجب أمام العدوان الغادر الذي تعرض له القيادي الكبير الشيخ بسام السعدي وعائلته قبل قليل في جنين”.
إسرائيل تبدأ المواجهة:
في يوم الجمعة الخامس من أغسطس/آب 2022 اغتالت إسرائيل قائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس (الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، حيث استهدفته بطائرة مسيرة داخل شقة سكنية في "برج فلسطين" بحي الرمال.
وأطلقت إسرائيل على هذه العملية اسم "الفجر الصادق"، وعللت اختيار تلك التسمية بأنها "لتأكيد تركيزها على حركة الجهاد التي تتخذ اللون الأسود شعارا"، بحسب بيان لجيش الاحتلال.
وردت حركة الجهاد الإسلامي بعملية سمتها "وحدة الساحات"، وأطلقت خلالها مئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح).
و منذ يومين انتهت العمليات العسكرية بين الجانب الإسرائيلي و قطاع غزة على إثر الهدنة التي تم التوصل إليها بين حركة الجهاد الإسلامي وإسرائيل.
ورحب الرئيس الأمريكي جو بايدن الأحد بهذه الهدنة، حاضا جميع الأطراف على تنفيذها بالكامل.
وشكر بايدن نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على دور بلاده في التفاوض الذي أفضى إلى وقف إطلاق النار.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة مساء الأحد ارتفاع حصيلة القتلى إلى 44، بينهم 15 طفلا، وأكثر من 360 جريحا في القطاع.

الحرب على غزة..أين حزب الله؟
و في سياق العدوان الإسرائيلي على غزة، قال أمين عام حزب الله حسن نصر الله "أننا نَتواصل مع قيادة حركة الجهاد الاسلامي وقيادة حركة حماس ونُواكب وسَنرى الساعات والأيام المقبلة إلى أين ستتجه”.
وأكد نصرالله أن “ما حصل على غزة هو عدوان إسرائيلي واضح ومكشوف وابتدائي، لم يخرج شيء من غزة حتى يقول أنا ردّيت على غزة مثلما عادة يتذرّع، لا هذا اعتداء ابتدائي وما حصل هو جريمة مباشرة وموصوفة. وعلى كل شريف في هذا العالم أن يُدينها، وكل ساكت عن إدانة هذه الجريمة مُدان”.
وقال “هذه جريمة يجب أن تُدان ولا يجوز السكوت عليها كما سكتت الكثير من دول العالم والكثير من الأنظمة العربية. في المقابل من حق الشعب الفلسطيني، ومن حق المقاومة الفلسطينية، ومن حق حركة الجهاد أن تردّ على هذا الاعتداء بالوسائل والأساليب والزمان والمكان الذين يَرونه مناسبًا. هذا قرارهم، هذا حقهم ويجب على كل شريف في العالم أن يَدعم هذا الحق، وألا يُشكّك أحد في هذا الحق لأنّ السكوت على هذه الجريمة وخصوصًا أنّ هذا أول اغتيال بعد مدة طويلة من الزمن، سيفتح أبواب الاغتيالات مجدّدًا على كل القيادات والكوادر والناس في غزة. سيجرؤ العدو على فعل ذلك، وبالتالي ردّ المقاومة يجب أن يكون موضع تأييد ومساندة من الجميع بالحد الأدنى، المساندة المعنوية والسياسية والإعلامية والتأييد وعدم التشكيك بهذا الحق”.
وأضاف نصرالله: “نحن في حزب الله نتابع ما يجري ساعة بساعة، نحن على تواصل دائم مع إخواننا الأعزّاء في قيادة حركة الجهاد الإسلامي، ونتواصل أيضاً مع إخواننا في قيادة حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية. نَعتقد بأنّ يَد المقاومة ستكون هي العليا في هذه المعركة، ومن الواضح أنّ العدو دائماً هو يذهب إلى تقديرات خاطئة، سَمعنا تصريحات ترهيب من العدو للمقاومة في فلسطين وللمقاومة في لبنان لأنّه هو يقصف في غزة، ويخاطب لبنان، ولكن هو مخطئ في التقدير”.
وتوجّه إلى إسرائيل بالقول “كل ما تَفعله وكل ما تَقوله أيها العدو لا يمكن أن يُؤثّر لا في إرادتنا ولا في معنوياتنا، ولا في قرارنا شيئاً على الإطلاق. نحن نَثق بربنا، نثق بأنفسنا، ونثق بقوتنا، ونثق بضعفك وهزالتك وجبنك. وأنا أنصح العدو الذي يُوجّه هذه الرسائل أن يَكفّ عن توجيهها لأنه في لبنان هو لا ينتظر على الإطلاق أن المقاومة ستسكت عن عدوان ما، أو عن انتقاص ما من حقوقنا هذا الأمر ليس وارداً، وكل الحرب النفسية والتهديدات التي يَخرج بها وآخرها خرج وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال الآن، لو خرج وزير الزراعة نقول عنده منكوش مثلًا، لكن وزير المالية يُهدّد بمسح الضاحية الجنوبية، “فيك تحكي ما تريد” وأنا لن أردّ على هذا التهديد، لن أردّ على هذا التهديد والأيام بيننا. وأنتم تعلمون أن المقاومة اليوم أشد عودًا، وأقوى وقودًا من أي زمن مضى”.
موقف حزب الله.. لا يخرُج عن التصريحات الكلامية:
تاريخ طويلٌ من الاعتداءات الإسرائيلية على غزة و الأراضي الفلسطينية، فضلاً عن الانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة بحق لبنان، بدءاً من خرق السيادة الجوية من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي، وصولاً إلى شبكات التجسس والعمليات الاستخبارية المنفذة على الأراضي اللبنانية من قبل الموساد و فرق الكوماندوس الإسرائيلية التي تتسكع مراراً و تكراراً على شواطئ لبنان بشكل يمحي اي صورة من صور السيادة و هيبة الدولة، و كما هي العادة، تكون ردة فعل حزب متمثلة ببعض التهديدات و الحرب الكلامية أو يكون الرد عن طريق خطاب لحسن نصر الله، حيث يظهر على الشاشات مهدداً و رافعاً اصبعه بينما يُردد التهديد و الوعيد المعتاد، و الذي لا ينفذّ منه شيئ كما هو معلوم للجميع.
و هنا، سؤالٌ يُطرح: هل استطاع حزب الله الدفاع عن لبنان و عن منشآته الخاصة داخل لبنان و عن أفراده و مراكزه كي يستطيع الدفاع عن غزّة و الأقصى؟
إن الجواب يكمن في أن القوة العسكرية لحزب الله ليست بالقوة التي يمكنها مواجهة جيوش منظمة و متطورة كجيش الكيان الإسرائيلي، و إن حزب الله يدرك إنه ليس بمقدوره مواجهة قوة عسكرية كهذه لأسباب عديدة نذكر منها:
أولاً: إن حزب الله و بالرغم من وصفه نفسه كمجموعة مسلحة تُعنى بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي لأراضي لبنانية إضافة إلى فلسطين، لكنه لا يعدو عن كونه أداة إيرانية تتحرك بحسب الأوامر و النواهي الآتية من طهران، و بالتالي فإن حزب الله لا يستطيع فتح أي جبهة أو أن يحتك بالجيش الإسرائيلي دون رغبة طهران بذلك، و تجدر الإشارة إلى أن طهران تستخدم حزب الله اللبناني كأداة ضغط تستخدمها في تفاهماتها مع القوى الغربية، لا سيما في هذه الأثناء التي تحتدم فيها التوترات حول الملف النووي الإيراني.
ثانياً: إن حزب الله ، و على الرغم من امتلاكه الخبرة القتالية جراء خوضه معارك مع إسرائيل منذ التسعينات، و مواجهته مع الجيش الإسرائيلي في حرب تموز/يوليو عام ٢٠٠٦، فضلاً عن مشاركته ميدانياً في أحداث سوريا العسكرية منذ ال ٢٠١٣، إلا أن هذه الخبرات لا تؤهله لمواجهة الجيش الإسرائيلي المصنف في المرتبة الثانية في منطقة الشرق الأوسط.
ثالثاً: إن السلاح الأبرز الذي يتباهى به حزب الله قائلاً انه قد يستخدمه في أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل هو الصواريخ، و هو السلاح الذي قد تكون فعالية شبه معدومة في ظل وجود أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية المعروفة بنظام القبة الحديدية.
رابعاً: إن إستراتيجية حزب الله الحالية، بحسب ما تريده طهران، هو محاولة تقوية سيطرة حزب الله داخل الدولة اللبنانية و فرض سيطرته على قرارها الداخلي و الخارجي، و بالتالي تستفيد إيران داخليا و خارجيا من سيطرتها على لبنان، لذلك فإن اي مواجهة عسكرية مع إسرائيل سوف تؤدي إلى ضربة قد تكون قاتلة بالنسبة للحزب، و هذا ما لا تريده إيران و لا يريده حزب الله.
خامساً: إن الاستراتيجية الحالية للسياسة الخارجية الإيرانية التي يعد حزب الله أبرز أذرعها في المنطقة، تركز على الحفاظ على الوضع الراهن و عدم القيام يالتصعيد، إذ يكمن الهدف الأساسي الحالي للنظام الإيراني في الحفاظ على النظام السوري و تثبيت الأسد في الحكم، و محاولة إعادة سيطرته على كافة الأراضي السورية، و يعتبر حزب الله أحد أبرز فواعل القوة الإيرانية في سوريا، و لذلك فإن أغلب مقاتلي حزب الله متواجدين في سوريا لحماية المصالح الايرانية.
سادساً: إن الإيديولوجيا الطائفية للنظام الإيراني، تتمثل في إعادة بناء النفوذ الإيراني القديم الإمبراطورية الصفوية السابقة، و بالتالي فإن إيران تعتبر الحركات الجهادية الفلسطينية ضمن المنافسين، و بالتالي فلا فرق بين كيان الاحتلال و الفصائل الفلسطينية بالنسبة لإيران، طالما ان أن الأراضي الفلسطينية خاضعة لسيطرة أحد خصوم النفوذ الإيراني.
و من خلال ما سبق يتبين أن حزب الله و على الرغم من وصفه نفسه "بالمقاومة" ، فإنه لا يخرج عن كونه مجموعة سياسية مسلحة ممولة من قبل إيران، و إن قرارها يكمن في ما تمليه السياسة الإيرانية، و إن قرار التدخل في اي جبهة عسكرية سواء في فلسطين أو غيرها، ليس بيد حزب الله و لا يخضع لقراره الذاتي، و بالتالي فإن مسألة عدم تدخل حزب الله لصالح غزة، يجب مناقشتها من المنظور الإيراني و ليس من منظور حزب الله.