زيارة بيلوسي لتايوان.. شرارة نيران حرب عالمية ثالثة تلعب بها أمريكا

news image


 

مروة شاهين - بث: 


ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية أن لدى مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن مخاوف محدودة من احتمال استهداف الصين طائرة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إذا زارت تايوان الشهر المقبل، وقد حذرت بكين واشنطن من أنها سترد عسكريا على الزيارة المحتملة.

إجراءات أمنية مشددة:

وصرّح مسؤولون أميركيون لأسوشيتد برس أنه في حال تأكد زيارة بيلوسي لجزيرة تايوان، فإن الجيش الأميركي سيكثّف تحركاته في منطقة البحرين الهندي والهادي، غير أن المصادر نفسها رفضت الكشف عن تفاصيل بهذا الشأن.
وبحسب المسؤولين الأميركيين، فإن طائرات مقاتلة وسفنا حربية وأنظمة مراقبة ستوفر لرئيسة مجلس النواب الحماية خلال رحلتها وأثناء وجودها في تايوان.
وتقتضي أي زيارة خارجية لأي من كبار المسؤولين الأميركيين تدابير أمنية إضافية، إلا أن مسؤولين قالوا في وقت سابق هذا الأسبوع إن زيارة بيلوسي لتايوان ستتطلب إجراءات أمنية تزيد على الزيارات إلى أماكن أقل توترا، مقارنة بالجزيرة التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها وترفض مساعيها للانفصال.

الصين ترفض بشدّة زيارة بيلوسي إلى تايوان:

وفي حال تقررت زيارة بيلوسي، فإنها ستكون أرفع مسؤول منتخب في الولايات المتحدة يزور تايوان منذ عام 1997. ولم تؤكد بيلوسي الزيارة، إلا أنها قالت الأسبوع الماضي للصحافيين: "من المهم بالنسبة إلينا أن نظهر الدعم لتايوان"، ونفت المسؤولة الأميركية أن يكون الكونغرس يتحرك لدعم استقلال الجزيرة عن الصين.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان -في مؤتمر صحافي- "إذا مضت الولايات المتحدة قدما في زيارة تايوان… فإن الجانب الأميركي سيتحمل كل العواقب المترتبة على ذلك"، وأضاف "نحن نعارض بشدة زيارة بيلوسي لتايوان".
وقالت الخارجية الصينية "إذا زارت بيلوسي تايوان، فإن الجيش الصيني لن يقف مكتوف الأيدي". واعتبرت الوزارة أن زيارتها المرتقبة لتايوان "تنتهك بشكل خطير مبدأ الصين الواحدة وبنود البيانات الثلاثة المشتركة بين الصين والولايات المتحدة"، وأضاف أن الزيارة إذا تمت فستلحق ضررا كبيرا بالعلاقات العسكرية بين الصين والولايات المتحدة، وستؤدي إلى تفاقم الوضع في مضيق تايوان.

جزيرة تايوان تتدرب عسكرياً على صدّ أي هجوم صيني محتمل:

من جهتها، أجرت تايوان محاكاة لعملية التصدي لهجمات بحرية صينية خلال أكبر مناورات عسكرية سنوية حضرتها الرئيسة تساي إنغ وين من على متن مدمّرة حربية. وتعيش تايوان تحت تهديد دائم من إمكانية تعرّضها لغزو من الصين التي تعتبرها جزءا من أراضيها وتتعهد باستعادتها بالقوة إذا لزم الأمر.
و أشرفت رئيسة تايوان على تمرين لإطلاق النار الحي قبالة ساحل تايوان الشرقي.
وأفاد الجيش بأن طائرات وسفنًا حربية أطلقت مختلف أنواع الصواريخ الهادفة لاعتراض "مجموعة من سفن العدو"، كما أُطلقت صواريخ مضادة للغواصات وقنابل عميقة، بينما قامت غواصة من فئة "سوورد دراغون" -التي بنيت في هولندا- بعملية صعود طارئ.
وقالت رئيسة تايوان إن "التدريب الدقيق والصلب الذي قام به الجميع يظهر تصميم الجيش على حماية وطننا والدفاع عن بلدنا".

مكالمة هاتفية "مُلتهبة" بين شي جي بين و بايدن:

و في وقت سابق من هذا الأسبوع، أجرى الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جين بينغ  محادثات  استمرت لأكثر من ساعتين، وتناولت عددا من القضايا الخلافية التي تثير توترات متصاعدة بين الجانبين.
وحذر الرئيس الصيني خلال المكالمة نظيره الأميركي من "اللعب بالنار" بشأن تايوان مع تصاعد مخاوف بكين بخصوص زيارة محتملة لرئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة التي تقول الصين إنها جزء من أراضيها.
وأفادت وسائل إعلام حكومية صينية بأن شي أبلغ بايدن في خامس اتصال هاتفي بينهما بأن على الولايات المتحدة أن تلتزم "بمبدأ صين واحدة"، مشددا على أن الصين تعارض بشدة استقلال تايوان وتدخل قوى خارجية في شؤون بلاده.
وأصدرت بكين تحذيرات متصاعدة بشأن تداعيات زيارة بيلوسي -التي تنتمي للحزب الديمقراطي مثل بايدن- لتايوان إذا حدثت. 
ونقلت وسائل الإعلام الصينية عن شي قوله لبايدن "من يلعبون بالنار سيحترقون بها. نأمل أن يدرك الجانب الأميركي ذلك بوضوح".
ولم تقدم الصين سوى القليل من القرائن على ردود محددة قد تتخذها في حالة قيام بيلوسي بزيارة تايوان. وتنتقد بيلوسي الصين منذ فترة طويلة لا سيما فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان.
واستمر اتصال الرئيسين لأكثر من ساعتين. وأوضح مسؤولون أميركيون أن الاتصال تناول موضوعات واسعة بينها الحرب الروسية في أوكرانيا، التي لم تندد بها الصين بعد.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس بايدن أخبر نظيره الصيني أن سياسة الولايات المتحدة بشأن تايوان لم تتغير، وأنه أيضا أكد معارضة واشنطن لأي جهود أحادية لتغيير الوضع الراهن أو تقويض السلام بمضيق تايوان.
ويرى مسؤولون أميركيون أن تبادل الآراء، في جوهره، فرصة أخرى لإدارة المنافسة بين أكبر اقتصادين في العالم، خاصة أن علاقاتهما غير مستقرة بسبب التوتر بشأن تايوان ذات الحكم الديمقراطي والتي تعهد شي بإعادة توحيدها مع البر الرئيسي، بالقوة إذا لزم الأمر.
ولا تقيم واشنطن علاقات رسمية مع تايوان وتتبع سياسة "صين واحدة"، حيث تعترف دبلوماسيا ببكين وليس بتايبيه (عاصمة تايوان). لكنها مُلزمة بموجب قانون الولايات المتحدة بتزويد الجزيرة بوسائل الدفاع عن نفسها، وقد تزايد الضغط في الكونغرس لتقديم دعم أكثر وضوحا لها.
وقال جون كيربي، المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين: "يتعلق الأمر بالإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة مع رئيس الصين، وهي إحدى العلاقات الثنائية الأكثر أهمية لدينا، ليس فقط في تلك المنطقة لكن في أنحاء العالم لأنها تتعلق بأمور كثيرة. 
وقال أحد المطلعين على التحضير للاتصال الهاتفي إن إدارة بايدن تعتقد أن التواصل بين الزعيمين هو أفضل طريقة لتقليل التوتر حيال تايوان.
ويرى محللون أن الرئيس الصيني شي جي بين، له أيضا مصلحة في تفادي التصعيد لأنه يسعى إلى فترة ثالثة غير مسبوقة في المنصب خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الحاكم في الصين المتوقع بالخريف.
وأوضح الشخص الذي اطلع على التحضير للاتصال أن بايدن رغب كذلك في مناقشة قضايا المناخ والمنافسة الاقتصادية، إضافة إلى فكرة وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي لمعاقبة موسكو على حربها في أوكرانيا، وهي قضية أثارتها وزيرة الخزانة جانيت يلين مع نظرائها الصينيين في يوليو/تموز الجاري، بحسب ما أفادت وسائل الإعلام الأميركية و العالمية.
وعندما تحدث بايدن إلى شي المرة السابقة في مارس/آذار الماضي، حذر من "عواقب" إذا قدمت بكين دعما ماديا لحرب روسيا. وتعتقد الحكومة الأميركية أن الصين لم تتجاوز هذا الخط الأحمر في الأشهر التي تلت ذلك.
وكرر البيت الأبيض أن سياسة "صين واحدة" لم تتغير على الرغم من التكهنات بشأن زيارة بيلوسي المحتملة، والتي لم تؤكدها بعد رئيسة مجلس النواب.
وكانت آخر مرة زار فيها رئيس لمجلس النواب الأميركي تايوان عام 1997.
وتشهد العلاقات بين بكين وتايوان توترا منذ عام 1949، عندما سيطرت قوات يقودها الحزب القومي على تايوان بالقوة، عقب هزيمتها في الحرب الأهلية بالصين، وتدشين الجمهورية الصينية في الجزيرة.
ولا تعترف بكين باستقلال تايوان وتعتبرها جزءا من الأراضي الصينية وترفض أية محاولات لسلخها عن الصين، وبالمقابل لا تعترف تايوان بحكومة بكين المركزية.