أوروبا تتخوف من أزمة نووية في حال فشل المفاوضات مع ايران.. الخارجية الفرنسية تتهم طهران بالمماطلة


مروة شاهين - بث:
أعلن الاتحاد الأوروبي الثلاثاء أنه اقترح مسودة نص جديد لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، وبينما أكدت طهران أنها ستطرح رأيها، قالت واشنطن إنها تدرس الرد على المسودة.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "لقد وضعت الآن على الطاولة نصا يتناول بالتفصيل الدقيق رفع العقوبات بالإضافة إلى الخطوات النووية اللازمة لاستعادة العمل بخطة العمل الشاملة المشتركة"، في إشارة إلى اتفاق عام 2015.
وأضاف في مقال بصحيفة فايننشال تايمز (Financial Times) أنه بعد 15 شهرا من المفاوضات المكثفة والبناءة في فيينا، والتفاعلات التي لا تحصى مع المشاركين، قد نفدت كل الفرص لتقديم تنازلات إضافية مهمة، حسب وصفه.
وفي تغريدة على تويتر، قال كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري إن نقاشات بناءة وجادة جرت خلال الأسبوع الماضي مع الأطراف الأخرى بشأن مفاوضات فيينا الخاصة بالملف النووي.
وأضاف باقري أن المنسق الأوروبي قدم أفكاره بشأن كيفية إتمام المفاوضات، مشددا على أن لدى إيران أفكارها الخاصة لإتمام المفاوضات من حيث الشكل والمضمون، وأنها ستقدمها.

في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحفيين إن واشنطن تراجع "مسودة التفاهم" التي طرحها بوريل، وسترد مباشرة على الاتحاد الأوروبي.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن تحقيق نتيجة في محادثات إعادة تفعيل الاتفاق النووي مرهون بوجود إرادة حقيقية لدى الطرف المقابل، مضيفا أن بلاده لن تتراجع عن مواقفها وأنه لا يمكن التعامل معها "بلغة القوة".
كما أكد رئيسي أنه إذا تعامل الطرف المقابل بحكمة وبصورة منطقية يمكن التوصل إلى نتيجة في محادثات إعادة تفعيل الاتفاق النووي.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قال في تغريدة على تويتر إن بلاده لم تنسحب من الاتفاق النووي، وما زالت باقية فيه، وإن الولايات المتحدة هي الطرف الذي ينبغي أن يثبت حسن نيته والتزامه بالاتفاق النووي لكي يتمكن من العودة للاتفاق، حسب تعبيره.
وأضاف كنعاني أن بلاده ما زالت ملتزمة بالسعي للوصول إلى اتفاق جيد ومستدام وقوي، يضمن مصالح إيران المنصوص عليها في الاتفاق النووي؛ مؤكدا أن التوصل لهذا الاتفاق مرهون بإرادة الإدارة الأميركية.

مساعٍ أوروبية لإحياء الإتفاق:
قال قصر الإليزيه في بيان إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعرب لنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي عن خيبة أمله إزاء عدم إحراز تقدم في المحادثات الخاصة بإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، في حين انتقد رئيسي قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحق بلاده، واعتبره إجراء مثيرا للأزمة.
وأشار قصر الإليزيه إلى أن الزعيم الفرنسي حث رئيسي على تبني "خيار واضح" للتوصل إلى اتفاق والعودة إلى تنفيذ التزامات إيران بموجب الاتفاق النووي.
وأكد ماكرون في مكالمته الهاتفية مع رئيسي أمس السبت أن إحياء الاتفاق بشأن برنامج إيران النووي المبرم عام 2015 "ما زال ممكنا" شرط "أن يتم في أقرب وقت ممكن".
وأضاف الإليزيه أن ماكرون أعرب "عن خيبة أمله لعدم إحراز تقدم" بعد أشهر عدة من تعليق المفاوضات في فيينا، "وأصر أمام الرئيس رئيسي على ضرورة اتخاذ خيار واضح للتوصل إلى اتفاق والعودة إلى تنفيذ (إيران) التزاماتها النووية".

إيران تُساوم الغرب على قضايا المنطقة:
من جانبه، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إن إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا ضد إيران شكل إجراء مثيرا للأزمات، ويهدف للتضييق على الشعب الإيراني، وأدى إلى الإخلال بالثقة السياسية بين الجانبين.
وشدد رئيسي على أن حل قضايا المنطقة بيد شعوبها وحكوماتها لأن التدخل الأجنبي يزعزع الأمن والاستقرار الإقليميين، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا".
و في هذا الإطار، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية الجديدة كاترين كولونا،إنه لم يتبق سوى بضعة أسابيع قبل انتهاء فرصة إحياء الاتفاق النووي مع إيران.
وأضافت كولونا في حديث أمام البرلمان أن "الوضع لم يعد محتملا"، متهمة طهران باستخدام "أساليب المماطلة والتراجع عن المواقف المتفق عليها سابقا".
واعتبرت الوزيرة أن طهران تراجعت عن التزاماتها خلال المحادثات بالدوحة في وقت سابق من هذا الشهر، وظلت تمضي قدما في برنامجها النووي.
الخارجية الإيرانية: إيران جادّة في التوصل إلى اتفاق جديد شرط تقديم الضمانات الكافية:
و في هذا الإطار، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن إيران جادة في التوصل لاتفاق جيد ودائم في مفاوضات الملف النووي الإيراني.
و أضاف خلال لقائه نظيره الإيطالي لويجي دي مايو في العاصمة الإيطالية روما أنه ينبغي لإيران أن تتمكن من الاستفادة الكاملة من المكتسبات الاقتصادية للاتفاق النووي عبر تطبيقه بشكل جيد.
وتابع أنه يتعين على واشنطن إدراك هذا الواقع فيما يخص تقديم الضمانات، حسب تعبيره.
وأوضح عبد اللهيان أن طهران قدمت مبادرات جديدة طيلة المفاوضات، متهما الجانب الأميركي بعدم التصرف بمنطق ونهج سليم، وفق قوله.
وتقول طهران وواشنطن إن الباب لا يزال مفتوحا أمام التوصل لتفاهمات لإحياء الاتفاق النووي.
جوزيف بوريل: العالم أمام خيارين.. إما اتفاق مع إيران أو أزمة نووية.
و في هذا الخصوص، كتب جوزيف بوريل، ممثّل الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، مقالاً في صحيفة "ذ فايننشال تايمز" الأميركية تحت عنوان "الآن هو الوقت لإنقاذ اتفاق إيران النووي".
واستعاد الكاتب إبرام الاتفاقية منذ سبع سنوات بين إيران والدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع الأمم المتحدة والممثلية العليا للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية في الاتحاد الأوروبي، ووصفها بـ"الصفقة الدبلوماسية التاريخية".
وقال إن الخطة المشتركة أتت نتيجة سنوات من الجهود الدبلوماسية المكثّفة بشأن برنامج إيران النووي. وإن الاتفاقية "قيّدت أنشطة إيران النووية" وكفلت حركة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية في المراقبة والتفتيش.
وأضاف قائلاً إن إجراءات تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، تأثرت بشدّة مع قرار الرئيس الأريكي السابق دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاقية عام 2018.
وتابع بوريل قائلاً إن "ردّ إيران كان تصعيد أنشطتها النووية وإن قرار ترامب أدّى أيضاً إلى الحدّ من مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرّية".
ولفت إلى أن الشعب الإيراني تأثر بعدم رفع العقوبات بشكل كامل.
وقال بوريل: " وضعت الآن على الطاولة نصًا يتناول، بالتفصيل الدقيق ، رفع العقوبات بالإضافة إلى الخطوات النووية اللازمة لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة".
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يناقش مع إيران مخاوفه التي تذهب "أبعد من قضية النووي، مثل حقوق الإنسان وأنشطة إيران الإقليمية".
وأكّد أنّ الصفقة المطروحة على الطاولة، تعكس "تصميم جميع المشاركين في خطة العمل المشتركة الشاملة على ضمان استدامتها، بما في ذلك التزام الرئيس جو بايدن والتأكيدات الأمريكية في هذا الصدد".
وختم قائلاً: "إن رُفض الاتفاق، فإننا نخاطر بحدوث أزمة نووية خطيرة، تتعارض مع احتمال زيادة العزلة لإيران وشعبها. إنها مسؤوليتنا المشتركة لإبرام الصفقة".