استقالة رئيس الوزراء البريطاني "جونسون"

news image

 

أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، اليوم الخميس، بشكل رسمي استقالته من رئاسة حزب المحافظين، مؤكدا أنه سيواصل أداء مهامه في رئاسة الحكومة "حتى يتم اختيار قائد جديد".
وقال جونسون في تصريح من أمام مقر إقامته في "10 داونينغ ستريت: "كافحت بشدة في الأيام القليلة الماضية للاستمرار، لأنني شعرت أن وظيفتي وواجبي الاستمرار في رئاسة الوزراء"، معلنا أنه عين حكومة جديدة "مع استمراري في تولي مهام رئاسة الوزراء حتى يتم اختيار قائد جديد".

وأضاف: "افتخر بإنجازات الحكومة بدءا من "بريكست" وتأسيس العلاقات في القارة الأوروبية والقوانين التي تمت المصادقة عليها في البرلمان، وفيما يتعلق بإدارة جائحة كورونا واللقاحات والخروج من عملية الإغلاق، وتصرفاتنا اتجاه الحرب في أوكرانيا، ونحن سنستمر في دعم أوكرانيا وقتالها من أجل الحرية"، مشيرا إلى "أننا دفعنا برنامجا كبيرا للاستثمار وإعادة البناء، وهذا البرنامج الأكبر، وكان يمكن تنفيذه بسبب حماس ونشاط المجتمع البريطاني، وعلينا أن نستمر في عملنا هذا للدفع قدما في تنفيذ المشاريع"..

ولفت جونسون إلى أنه "من الصعب تغيير الحكومة في الوقت الذي حققنا فيه نجاحات.. صحيح أننا تأخرنا في بعض المسائل ولأن الوضع الاقتصادي صعب جدا محليا ودوليا، ويؤسفني أن لا أكون موجودا في النقاشات لمشاهدة الآراء والمشاريع الجديدة التي ستطبق. سيأتي قائد جديد ويمضي قدما في البلد بهذه الظروف الصعبة والمعقدة"، مؤكدا أنه "مهما كان رئيس الحكومة الجديد سأقدم له كل دعمي".

وأضاف: "من الآن وحتى تعيين رئيس جديد ستستمر الحكومة في عملها وسأستمر في خدمة هذا البلد".

واتصل جونسون، بالملكة اليزابيث الثانية، لإبلاغها أنه قرر التنحي عن رئاسة حزب المحافظين، على أن يتابع إدارة الحكومة حتى يتم انتخاب زعيم جديد للحزب.

يذكر أن قرار جونسون بالتنحي جاء بعد سلسلة استقالات من الحكومة، بعد أن اعترف رئيس الوزراء بأنه كان على علم بمزاعم عن سلوك غير لائق مقدم ضد نائب الرئيس السابق كريس بينشر في عام 2019، لكنه رغم ذلك عينه في منصب نائب منسق الجناح البرلماني المحافظ في فبراير.

-

في صيف عام 2019، أصبح بوريس جونسون، زعيما لحزب المحافظين، ورئيسا للوزراء، ليعيد فتح مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم دعا لانتخابات مبكرة، ديسمبر 2019، قاد فيها حزبه للفوز بنسبة 43.6% من الأصوات، وهي أكبر حصة للحزب منذ عام 1987.

في 31 يناير من عام 2020، انسحبت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ودخلت في فترة انتقالية ومفاوضات تجارية أدت إلى اتفاقية التجارة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، ثم كانت جائحة فيروس كورونا المستجد القضية الرئيسية في فترة رئاسة الوزارة لبوريس جونسون، وعلى الرغم من تصريحات جونسون المبدئية بشأن "مناعة القطيع"، وما اعتبر "استجابة بطيئة لتفشي المرض"، بما في ذلك مقاومته لتدابير الإغلاق، إلا أنه أذعن في النهاية، خاصة وأنه شخصيا كان من أول من تعرض للمرض.

تخللت رئاسة جونسون للوزراء خمس فضائح رئيسية، ويبدو أن الخامسة/الأخيرة هي التي على وشك أن تطيح بمسيرته السياسية:

الفضيحة الأولى، كانت فضيحة دومينيك كامينغز، وهي سلسلة من الأحداث التي كان بطلها كبير مستشاري جونسون، والاستراتيجي السياسي البريطاني، دومينيك كامينغز، الذي قام بـ "رحلة واحدة على الأقل" مع عائلته، خلال جائحة "كوفيد-19" في بريطانيا، من لندن إلى مقاطعة دورهام، بعد بداية الإغلاق العام في البلاد، مارس 2020، بينما كانوا يعانون من أعراض "كوفيد-19". ظهرت تقارير عن هذه الرحلة للمرة الأولى في مايو 2020، بعد تحقيقات قامت بها "الديلي ميل" و"الغارديان"، ما طرح أسئلة حول سلوك كامينغز وزوجته، خاصة وأن جميع الرحلات كانت ممنوعة أثناء الإغلاق، وبالذات بالنسبة للأشخاص الذين يتعين عليهم العزل الذاتي.

وأشارت استطلاعات الرأي إلى أن الفضيحة تسببت في انخفاض دعم حزب المحافظين، ومعه انخفضت الثقة في استجابة الحكومة البريطانية بقيادة جونسون للوباء.

الفضيحة الثانية، تمويل تجديد الشقة الواقعة بـ 11 شارع داونينغ، المقر الرسمي لوزير الخزانة البريطاني، والتي أصبحت موضوع جدل في عام 2021، عندما وردت ادعاءات في الصحافة حول ما إذا كان قد تم استخدام قرض لم يتم الإفصاح عنه في البداية للمساعدة في تمويله. ووجد تحقيق أجرته لجنة الانتخابات أن حزب المحافظين لم يبلغ بدقة عن التبرعات للحزب، وفرضت غرامة على الحزب وقدرها 17800 جنيه إسترليني. ثم قالت اللجنة أيضا إن التكلفة الكاملة للأعمال قد تم سدادها بالكامل في مارس 2021.

الفضيحة الثالثة، استجابة لوباء "كوفيد-19" في بريطانيا، قررت الحكومة البريطانية، مارس 2020، إبرام عقود وتوظيف عدد من الأفراد، في الوقت الذي كان فيه نقص معدات الحماية الشخصية هو القضية السياسية الخاصة لوزارة جونسون الثانية، وهو ما أدى إلى منح عدد من العقود دون إجراء مناقصات تنافسية، وسرعات ما تم منح عقود لأصدقاء الشخصيات السياسية والأشخاص الذين قدموا تبرعات سياسية، وتم توجيه اتهامات بالمحسوبية ضد الحكومة، ومن بين المتورطين في تلك الفضيحة كان أوين باترسون، وهو عضو البرلمان عن شمال شروبشاير، بينما كان في الوقت نفسه رئيسا لحزب المحافظين في أيرلندا الشمالية. وقد منحت إحدى الشركات التي يعمل بها مستشارا عقدا بقيمة 133 مليون جنيه إسترليني من وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية لإنتاج مجموعات اختبار أثناء الجائحة دون منح أي شركات أخرى الفرصة لتقديم عطاءات.

الفضيحة الرابعة، "بارتي غيت" وهي الفضيحة السياسية الأوسع انتشارا بين فضائح جونسون، ووقعت أحداثها خلال الجائحة عندما حظرت قيود الصحة العامة معظم التجمعات، وكانت هناك عدة عمليات إغلاق في البلاد، إلا أن هناك تجمعات حدثت في منزل رئيس الوزراء الكائن بـ 10 شارع داونينغ، ما جذب الاهتمام من جانب وسائل الإعلام، وفي أواخر يناير الماضي، تم التحقيق في 12 تجمعا بما في ذلك 3 على الأقل حضرها بوريس جونسون شخصيا، وأصدرت الشرطة 126 إخطارا بعقوبة ثابتة إلى 83 فردا، بما في ذلك إشعار لكل من جونسون وزوجته، ووزير الخزانة، ريشي سوناك، الذين اعتذروا جميعا ودفعوا الغرامات. إلا أن تلك الفضيحة لعبت دورا كبيرا في الدفع نحو استقالة جونسون.


الفضيحة الخامسة، والتي ربما تكون بالفعل القشة التي قصمت ظهر البعير، والتي تتعلق بسوء السلوك الجنسي لنائب رئيس حزب المحافظين السابق، والذي أثبتت الوقائع أن جونسون كان على علم بالتقارير عن وقائع تحرشه الجنسي، وعلى الرغم من ذلك عيّنه جونسون في منصب نائب منسق الجناح البرلماني المحافظ، بينما نفى جونسون معرفته بتلك الوقائع.
بعد الفضيحة الخامسة تسرب الوزراء من حكومة بوريس جونسون كل ساعة لا كل يوم، ولم تنقطع الانتقادات ضد رئيس الوزراء البريطاني، وكان معظم الاستقالات بسبب "الإحاطات غير الدقيقة" والتي تسببت في إحراج المسؤولين في حكومة جونسون التي لم يعد يربطها بالمنصب سوى خيوط رفيعة، ربما تنقطع في الساعات القليلة المقبلة.

من سيخلف جونسون؟

أظهر استطلاع رأي شمل ناخبي حزب المحافظين أن وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، هو الخليفة المرجح لبوريس جونسون لرئاسة الحزب والحكومة.

واحتلت وزيرة السياسة التجارية، بيني موردونت، المرتبة الثانية في الاستطلاع بنسبة 12٪ من الأصوات.

وجاء ثالثا، وزير المالية السابق، ريشي سوناك، وهو أحد الوزراء الذين استقالوا في الأيام الأخيرة. ويعتبر من المرشحين الأقوياء، وحصل على نسبة 10٪ من المستطلعة آراؤهم.