هل يُوْلَد "ناتو عربي" ضد إيران ؟

news image

 

تقرير: مروة شاهين - بث 


قال الملك الأردني، عبد الله الثاني، إنه يدعم تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي الناتو، على أن يتم ذلك مع الدول التي لديها نفس التفكير، على حسب قوله. 
وأشار إلى أن الأردن يعمل بنشاط مع الناتو ويعتبر نفسه شريكًا في الحلف، بعد أن قاتل جنبًا إلى جنب، مع قوات الناتو لعقود، حسبما قال في مقابلة لقناة سي إن بي سي الأمريكية. 
وتابع أن دول الشرق الأوسط بدأت العمل معًا لمواجهة التحديات التي نشأت عن الوضع في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية إثر العملية العسكرية الروسية، وفق قوله. 
وأشار إلى أن بلاده لديها نفط ولكنها تفتقر إلى القمح وتحتاج إلى المساعدة. 
وقال العاهل الأردني إن «دول المنطقة تدرك أن الهدف يجب أن يكون حلا يربح فيه الجميع، وأنه إذا كنت أنا بخير ولم تكن انت كذلك، فسوف ينتهي بي الأمر بدفع الثمن لأن المشاريع الإقليمية ستتأثر». 
وأضاف:«إذا لم يتحدثوا مع بعضهم، فإن ذلك يخلق حالة من عدم الأمان وعدم الاستقرار في المنطقة مما سيؤثر على المشاريع الإقليمية». 
وحول إيران، قال الملك عبد الله  إنه «لا أحد يريد الحرب، لا أحد يريد الصراع، مضيفا أنه "يبقى أن نرى ما إذا كان بإمكان دول الشرق الأوسط العمل نحو رؤية يكون فيها الازدهار هو اسم اللعبة». 
وتطرق العاهل الأردني إلى زيارته لمصر وزيارة الأمير محمد بن سلمان للأردن، قائلا إنها تهدف لبحث مساعدة بعضنا. 


ما المقصود  بـ "الناتو العربي" ؟ 
 


هو تحالف إقليمي عسكري يعرف باسم تحالف الشرق الأوسط الإستيراتيجي، أو اختصارا بكلمة "ميسا"، ويطلق عليه رمزيا "الناتو العربي". 
و لا يُعرف بالتحديد التاريخ او الوقت الذي طُرح فيه تشكيل هذا الحلف، إلا أن الفكرة لتأسيس الناتو العربي جاءت في الغالب في عهد الرئيس الأميركي باراك اوباما، لكن الادارة الامريكية لم تتخذ اي خطوات عملية لتنفيذ فكرة التحالف الجديد. 
و في الغالب يرجع تاريخ فكرة هذا التحالف إلى بدايات الربيع العربي عام 2011، وأعيد التفكير فيه مجددا عام 2015 ولكن إدارة أوباما السابقة كانت مشغولة بالانسحاب الاستراتيجي التدريجي من المنطقة. 
و قد سعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب  تأسيس تحالف يضم إضافة الى الولايات المتحدة، ثماني دول عربية، هي دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والأردن.  
و يكمن الهدف الذي تسعى اليه الولايات المتحدة من سعيها لتعزيز فرص ولادة هذا الحلف الى تقوية التحالف العربي لمواجهة ما تقوم به إيران في المنطقة،  إضافة لمواجهة الجماعات المتطرفة، بما يخفف الضغوط والعبء العسكري على الولايات المتحدة في الحفاظ على استقرار المنطقة. 
و في هذا السياق، كان  مستشار الأمن القومي جون بولتون  قد ذكر في مقال له بصحيفة وول ستريت جورنال الامريكية كان عنوانه "أميركا بحاجة إلى إستراتيجية ما بعد داعش"؛ أن الوقت قد حان لتضغط الولايات المتحدة على مصر والأردن ودول الخليج لزيادة عدد القوات والمساعدات في قتال داعش. 
 

  "الناتو العربي".. فرص النجاح و الفشل 
 

لا يمكن التنبؤ بنجاح التحالف أم فشله قبل نشأته، و لكن يمكننا البحث في المعوقات التي قد تحول دون ولادة هذا الحلف الجديد، و في هذا الاطار يقول الباحث في الشؤون العسكرية بكلية الحرب الأميركية العليا فلورانس جوب؛ أن هناك تحديين رئيسيان أمام الفكرة: 


التحدي الأول هو انخفاض مستوى الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء، والثاني هو أن طبيعة تحديات الدول العربية العسكرية لا تنبع في الأساس من وجود تهديدات عسكرية مباشرة من دول، بل التحدي الحقيقي ينبع من جماعات محلية خارجة عن سلطة الحكومات المركزية، و هو يقصد بذلك الميليشيات و الأذرع الإيرانية المنتشرة في بعض الدول العربية كالعراق و اليمن و لبنان. 
 

هل ستشهد منطقة الشرق الأوسط ولادة تحالف "الناتو العربي"؟

 

في هذا الإطار، يقول يزيد صايغ كبير الباحثين بمركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط لموقع ديفينس نيوز المتخصص بالشؤون الدفاعية و العسكرية، «إن فكرة الناتو العربي غير مقنعة فهي ببساطة لن تحدث». 
أما العقيد المتقاعد في الجيش الكويتي ظفار العجمي له رأي مختلف إذ قال لذات الموقع، أن البنية العسكرية في أنحاء العالم أثبتت قدرتها على عبور كل الحدود السياسية، وبريطانيا مثال على ذلك إذ تخلت عن ارتباطها السياسي والاقتصادي بأوروبا ولكنها مستمرة في الناتو، وفي الربيع الماضي حضر ضباط قطريون مناورات في السعودية فكل ذلك يثبت أن التعاون العسكري الحقيقي هو الطريق لنجاح ناتو عربي. 
 

"إسرئيل" شريكٌ في الأمن العربي !  
 

إن التغييرات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط و المنطقة العربية خصوصاً، جعلت من التقارب العربي الإسرائيلي أمراً واقعاً فرضته التهديدات الإيرانية، إذ يتفق الجانبان على خطورة الأنشطة الأمنية المزعزعة للاستقرار في منطقة الخليج العربي و العراق و لبنان. 
و يقول الدكتور وليد فارس، أمين عام المجموعة النيابية الأطلسية لمكافحة الإرهاب، أن ما نراه في طور التشكيل الآن هو حلف في الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي؛ لمواجهة الإرهاب والتهديدات الإيرانية. 
و جاءت تصريحا الدكتور وليد فارس عُقب قمة النقب السداسية، التي جمعت وزراء خارجية دولة الإمارات ومصر والمغرب والبحرين إضافة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، و التي عملت على تشكيل لجان أمنية لمواجهة تهديدات إيران في الشرق الأوسط، وشبكة للإنذار المبكر، مع عقد القمة بشكل دوري. 
و وصف وليد فارس، القمة السداسية بالنقب بالقمة التاريخية، و أنها تعبر  ميزان قوى جديد ضد مصلحة إيران، بما يصب لمصلحة شعوب المنطقة، والدول المعتدلة. 
و أكد في تصريحات لاحدى الصحف العربية أن التنسيق بين مصر، ودولة الإمارات، والبحرين، والمغرب من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، بوجود الولايات المتحدة، على الأصعدة الدفاعية، والأمنية، والدبلوماسية، وبدعم من السعودية، يقلب موازين القوى رأسا على عقب. 
 

فاعلّية "الناتو العربي" في مواجهة الخطر الإيراني 
 

إن تزايد النفوذ الإيراني في بعض الدول العربية (لا سيما العراق و لبنان و اليمن)، يجعل من فكرة التحالف الشرق الأوسطي الموحد ضد إيران فكرة لا غنى عنها للحفاظ على الأمن و الاستقرار في المنطقة العربية و الشرق الأوسط، اذ أن تسارع نمو الانشطة التيىانية المزعزعة للاستقرار سوف يؤدي بما لا شك فيه الى مزيد من الخراب في المنطقة العربية، و يعيق -بما لا يدع مجالاً للشك- أي مشاريع للتقدم و الازدهار في الوطن العربي. 
الا أن أي تحالف لدول المنطقة ضد ايران يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ضرورة حل الخلافات الاقليمية و الثنائية بين هذه الدول، إن لجهة السياسيات الخارجية و الداخلية و إن لجهة التوجهات الاقليمية و الدولية، اذ لا يمكن لأي تحالف أن ينجح و يكون فعالاً في مواجهة الأخطار الأمنية و العسكرية في ظل وجود شروخ و خلافات سياسية أو ايديولوجية بين أعضائه، و لا شك في أن حل هذه الخلافات سوف ينتج حلفاً متجانساً قوياً يعمل بفاعلية ضد أي تهديدات إيرانية، إذ أن قوة دول الحلف مجتمعة، تفوق بمرات عديدة القوة العسكرية الإيرانية، مما سيحدث تغييراً كبيراً في موازين القوى الإقليمية لصالح العرب، مما سيساهم بشكل كبير في حماية أمن المنطقة العربية و استقرارها.