الصّراع على الغاز بين لبنان و إسرائيل هل يُشعِل حرباً

news image

 

بيروت - مروة شاهين
بث: دخلت السفينة اليونانية إنرجان باور إلى المنطقة البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل للتنقيب عن الغاز في حقل كاريش.
و قال مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، إن الرئيس ميشال عون وافق على دعوة المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت لمواصلة المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل، وقال مكتب رئيس الحكومة إنه تقرر إجراء اتصالات مع الدول الكبرى والأمم المتحدة لتأكيد تمسك لبنان بثروته البحرية، واعتبار أي أعمال تقوم بها إسرائيل في المنطقة المتنازع عليها استفزازاً عدوانياً يهدد السلم والأمن الدولييْن ويعرقل التفاوض.
و  قال ميقاتي إن تعدي إسرائيل على ثروة لبنان المائية وفرض أمر واقع في منطقة متنازع عليها في منتهى الخطورة، معتبرا أن تل أبيب تفتعل أزمة جديدة، ودعا الأمم المتحدة وجميع المعنيين إلى تدارك الوضع وإلزام العدو الإسرائيلي بوقف استفزازاته، حسب قوله.
اسرائيل تستعد للمواجهة العسكرية:
و في هذا الصدد قالت هيئة البث الإسرائيلية إن سلاح البحرية يستعد لاحتمال تعرض منصة الغاز "كاريش" عند حدود لبنان البحرية لهجوم، وإنه سيقوم بنقل نسخة بحرية من نظام القبة الحديدية إلى المنطقة.
وأضافت هذه الهيئة أن سلاح البحرية سيؤمن المنصة العائمة بواسطة القطع البحرية فوق وتحت البحر، بما في ذلك الغواصات، وأنها ستكون جاهزة للرد.
لبنان يُفعِّل الأدوات الدبلوماسية لحلّ الأزمة:
وكانت الرئاسة اللبنانية قالت إن عون بحث مع ميقاتي دخول سفينة يونانية إلى المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل.
وقد دعا وزير الدفاع المجتمع الدولي إلى التحرك سريعاً لوضع حد للممارسات الإسرائيلية، واستباق حصول أي تدهور أمني جنوب لبنان.
وحذر لبنان إسرائيل أمس من أي عمل عدواني في المياه المتنازع عليها حيث تأمل الدولتان في تطوير موارد الطاقة البحرية بعد وصول سفينة تديرها شركة إينرجيان ومقرها لندن قبالة الساحل لاستخراج الغاز لإسرائيل.
حقل "كاريش" أساس النّزاع:
ووفق وزارة الطاقة اللبنانية، يبعد حقل كاريش 4 كيلومترات فقط عن الحدود مع إسرائيل وتحديداً في البلوك 8 العائد للبنان، و7 كيلومترات عن البلوك رقم 9 ونحو 15 كيلومترا عن مكمن غازي لبناني تمّ مسحه.
وتوقعت مصادر لبنانية في السابق أن تقيم إسرائيل ما بين 3 و4 آبار في الحقل، واحدة إلى اثنتين منها على الأقل على مسافة مؤثّرة من ثروة لبنان من الغاز.
ويحذر خبراء لبنانيون من أن الخطورة في أن تسمح تقنيات الحفر الحديثة بشكل منحرف أو حتى أفقي في حقل كاريش ما بين 4 و7 كيلومترات بالوصول إلى البلوكين رقم 8 و9، وبالتالي يحصل التعدّي على ثروة لبنان من الغاز في البحر الأبيض المتوسط.
الجانب الإسرائيلي يُفضّل الحل الدبلوماسي و يتحضّر للخيار العسكري: 
من جهته، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في كلمة بالكنيست (برلمان الكيان الاسرائيلي) أن منصة الغاز وصلت يوم السبت الماضي إلى المنطقة الاقتصادية الإسرائيلية وليس إلى منطقة متنازع عليها.
وقال غانتس إن الخلاف بين إسرائيل ولبنان على المناطق المتنازع عليها في البحر المتوسط ستتم تسويته عبر المفاوضات الجارية بوساطة أميركية، وهي محادثات غير مباشرة.
و كان الجيش الإسرائيلي قد كثّف خلال عام 2021 وبشكل غير مسبوق مناوراته التي تحاكي مواجهة على عدة جبهات، في مسعى لرفع جاهزيته في ظل ما يصفها بالمخاطر الأمنية التي تحيط به من دول الطوق التي تحيط به من جانب الحدود الشمالية و الجنوبية.
وفي تحول لافت، أجرى جيش الاحتلال الإسرائيلي مناورات في بلدات عربية تحاكي توغلا بريا في قطاع غزة وجنوب لبنان، وكذلك اندلاع اضطرابات بالداخل الفلسطيني والضفة الغربية في حال نشوب حرب على إحدى الجبهات كما حصل خلال العدوان الأخير على غزة والمواجهات الواسعة في مايو/أيار 2021.
وتزداد التحديات أمام إسرائيل ضبابية خلال عام 2022 وفقا للتقديرات الأمنية والعسكرية ولمحللي مراكز الأبحاث، وذلك مع سلسلة طويلة من الأحداث العالمية والمحلية والإقليمية التي أثرت على المشهد الإسرائيلي خلال عام 2021 الذي لقب بـ"عام المناورات".
اسرائيل تردّ على تصريحات نصرالله:
و من جهته ذكر وزير المال الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في رد على كلمة الأمين العالم لحزب الله حسن نصرالله، أنه «لن يملي علينا أحد ما إذا كنا سنستخرج الغاز من مياهنا أم لا»، مشيرًا إلى أنّ «إسرائيل ستواصل اتخاذ القرارات، وفقا لمصالحها فقط دون اعتبار لأي تهديدات».
ويأتي ذلك، بعد كلمة نصرالله التي تطرق خلالها لملف النفط والغاز في المياه الاقليمية اللبنانية والاعتداء الاسرائيلي، اضافة إلى عملية الترسيم.
وتخوض إسرائيل ولبنان، منذ أكتوبر الماضي، محادثات بوساطة أمريكية لحل قضية المناطق المتنازع عليها.
وبحثت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار في أواخر يناير، مع المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين، استئناف المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن وزيرة الطاقة كارين الحرار التقت مع آموس هولشتاين الوسيط الاقتصادي الأمريكي لبحث مجموعة من القضايا، بما في ذلك استمرار والمحادثات بين الطرفين الإسرائيلي واللبناني، إلى جانب فريق التفاوض الوزاري بقيادة أودي أديري.
وتوقفت المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين عام 2020 بوساطة أمريكية في مايو من العام الماضي جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
كان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها، على مساحة بحرية تقدر بنحو 860 كيلومتراً مربعة، بناء على خريطة أرسلها لبنان في 2011 إلى الأمم المتحدة. لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت الى تقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل "كاريش".
في المقابل، تعتبر إسرائيل أن حقل كاريش يقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها وليس في المنطقة المتنازع عليها.
ويعد لبنان وإسرائيل في حالة حرب رسمية منذ حرب فلسطين عام 1948، ورغم عدم وجود اتفاق على ترسيم الحدود بين البلدين، إلا أنهما ملتزمان بوقف لإطلاق النار على طول ما يسمى الخط الأزرق، الذي كانت الأمم المتحدة قد حددته بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000، لتنهي بذلك 22 عاماً من احتلالها للمنطقة.
وتعد المنطقة المتنازع عليها واحدة من أكثر المناطق الحدودية توتراً في الشرق الأوسط، إذ تقف فيها القوات الإسرائيلية في مواجهة الجيش اللبناني وحزب الله، بينما تحاول قوات حفظ السلام الدولية الحفاظ على الهدوء.