الغرب يُقايِض تركيا: الشمال السوري مقابل ضمّ فنلندا و السويد الى حلف شمال الأطلسي

news image

مروة شاهين - بث: 
ذكر وزير الخارجية الفنلندي بيكا هافيستو، أنّه من الضروري أن تحل مشكلات تركيا مع عضوية فنلندا بحلف شمال الأطلسي (ناتو)، قبل اجتماع الحلف في مدريد نهاية تموز المقبل.


كما اعتبر اعتبر وزير الخارجية الفنلندي، بيكا هافيستو، «أن عضوية فنلندا في حلف شمال الأطلسي، لا تشكل تهديدا لأحد، و نريد أن نبقي حدودنا التي تزيد عن 800 ميل مع روسيا سلمية. نحن نسعى فقط لتعزيز أمننا والمساهمة في أمن أوروبا».
فنلندا: مخاوفٌ بشأن التهوّر الروسي
و في هذا السياق لفت وزير الخارجية الفنلندي إلى «أننا رأينا استعداد روسيا لاتخاذ خطوات جريئة للغاية محفوفة بالمخاطر على أمنها، محفوفة بخسائر كبيرة في الأفراد والمعدات. حقيقة أنك تعيش بجوار جار قادر على اتخاذ خطوات لا يمكن التنبؤ بها للغاية هو مصدر قلق كبير، مدعيا أن طلب انضمام بلاده إلى الناتو جاء من المواطنين على الرغم من رفض الحكومة القيام باستفتاء».
وذكر الوزير أنه « تؤيد فنلندا في الواقع فرض حظر على كل من النفط والغاز. لا توجد مشكلة من جانبنا. لكن بالطبع، أفهم سبب كون الغاز موضوعا حساسا بشكل خاص لبعض الدول الأوروبية، حيث يستخدم المستهلكون الغاز الطبيعي من روسيا، مؤكدًا أنه بالطبع، لا نريد إطلاق النار على أنفسنا. هذا أمر مفهوم. لكن بالنسبة لفنلندا، لا يمثل كلا الحظرين مشكلة.. أعتقد أنه تحول إلى الأبد، لا يمكن قطع خط الأنابيب إلا مرة ».
وجاءت تصريحات الوزير الفنلندي عقب لقائه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن.

تركيا: قطعُ الدعم بالمال و السلاح عن حزب العمال الكردستاني سيكون ثمناً للدخول الى الحلف

وفي الإطار ذاته، أفادت الرئاسة التركية، بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحث مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال اتصال هاتفي، العلاقات الثنائية وملفات إقليمية منها الحرب الروسية الأوكرانية، وطلب السويد وفنلندا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
ولفتت في بيان، إلى أن أردوغان أعرب خلال الاتصال عن رغبة تركيا التوصل إلى سلام عادل بين روسيا وأوكرانيا في أقرب فرصة، وأردفت أن الرئيس التركي أكد أن بلاده تواصل حث موسكو وكييف على الحوار والدبلوماسية.
وحول انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، اعتبر أردوغان أن تواصل البلدين مع الأفراد والمنظمات الخاضعة لتنظيم (بي كي كي/واي بي جي) الإرهابي لن يكون متوافقا مع روح التحالف تحت مظلة الحلف.
تركيا نتنهز الفرصة: السماح بعملية عسكرية في الشمال السوري مقابل الموافقة على انضمام فنلندا و السويد:
و خلال مؤتمر صحفي عقده أمس، أعلن أردوغان أن بلاده ستشرع قريبا باستكمال إنشاء مناطق آمنة بعمق 30 كيلومترا، على طول حدودنا الجنوبية (مع سوريا)، وهو الأمر الذي حققت أنقرة جزءا منه، عبر عمليات عسكرية شنتها في الشمال السوري، كان آخرها عملية "نبع السلام" أواخر عام 2019.
وها هي تعود الآن للتلويح به، بينما تجري الإدارة الأمريكية ودول فاعلة في الناتو اتصالات لإقناع تركيا، بالموافقة على انضمام الدولتين الاسكندنافيتين إلى الحلف.
وقد أكد أن العمليات ستبدأ بمجرد انتهاء تحضيرات الجيش والاستخبارات والأمن، مشيرا إلى أنه سيتخذ قراره بهذا الخصوص خلال اجتماع مجلس الأمن القومي التركي.
و في هذا الصدد، يتوجه وفدا التفاوض الفنلندي والسويدي الى أنقرة، لاقناع المسؤولين الأتراك بالعدول عن موقفهم الرافض لانضمام البلدين إلى حلف الناتو، يكرر أردوغان اتهامه لهما باستضافة قيادات وعناصر تعتبرها أنقرة ارهابية، من حزب العمال الكردستاني المعارض، والذي يقود تمردا مسلحا ضد الدولة التركية منذ عام 1984، ويتخذ من جبال قنديل في شمال العراق منطلقا لهجماته على تركيا.
وتقول تركيا، إن المسلحين الأكراد في سوريا والمنضوين تحت لواء قوات سورية الديمقراطية ووحدات الحماية الكردية، ما هم إلا الذراع السوري لحزب العمال الكردستاني، وتأخذ على واشنطن ودول الاتحاد الأوروبي، استمرار دعمهم بالمال والسلاح.
ويقول أردوغان،« إن حلفاء تركيا في واشنطن والغرب، يعلمون أن السلاح الذي يقدمونه للمسلحين الأكراد في شمال سورية، بحجة مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية، سيوجه في النهاية إلى صدور أبنائنا».
وكانت أنقرة قد تقدمت منذ عام 2016 بطلبات للسويد، لتسليم 33 شخصية تقول تركيا أنهم نشطاء في حزب العمال الكردستاني، وهو ما رفضته ستوكهولم مرات عدة، بدعوى عدم وجود أدلة، أو لأن بعض الشخصيات المطلوبة تحمل الجنسية السويدية، وشكل هذا الأمر واحدا من ملفات الخلاف التي تستند إليها تركيا في رفضها لطلب السويد للانضمام الى الحلف.

لماذا يُشكّل الفيتو التركي عاىقاً امام دخول فنلندا و السويد الى الحلف؟


يضم الحلف الذي تأسس عام 1949، ثلاثين دولة، ويشترط نظامه الداخلي قبول الدول الأعضاء فيه بالإجماع أي طلب أو قرار ليتم تمريره، ما يعني أن (لا) واحدة من أي من أعضائه، ستكون كافية لإسقاط أي قرار.


ويشير الكاتب التركي سعيد الحاج، إلى أن « الرفض التركي لضم السويد وفنلندا لحلف الناتو ليس نهائياً بل هو مشروط، مما يعني أن هناك عملية حوار وتفاوض ستجرى بين الطرفين، بل وبين تركيا من جهة والناتو وواشنطن من جهة أخرى».
ويضيف: «من المتوقع والمفترض أن تحصل تركيا على ثمن مقبول قبل رفعها الفيتو ضد انضمام الدولتين، الذي ينظر إليه الجميع على أنه خطوة مهمة وفارقة وعامل الوقت فيها بالغ الحساسية».
ويذكر الحاج، بقول الرئيس التركي:« إن توسع الناتو مهم بذات القدر الذي تقابَل فيه حساسياتنا باحترام، وهو ما يجعل، برأيه، من زيارة الوفد الدبلوماسي من البلدين لأنقرة مؤشراً أولياً على مدى سهولة أو صعوبة عملية التفاوض والحوار بين الجانبين».

ويقول الكاتب والمحلل السياسي بكير أتجان، «إن رفض أردوغان لاستقبال المبعوثين السويديين والفنلنديين في تركيا، نابع من أن الثمن الذي تريده أنقرة، ليس بمقدور هلسنكي أو ستوكهولم أن تدفعانه، لأنه وببساطة بحاجة الى موافقة أمريكية».
ويضيف أتجان، أن تركيا تريد من حلفائها في الناتو ومن واشنطن، أن يقوموا برفع كل العقوبات التي تم فرضها عليها، بما في ذلك تقييد صفقات بيع الأسلحة الاوروبية إلى تركيا، وهو الأمر الذي جاء في إطار ما يعرف بقانون (كاتسا) الذي يعاقب الدول الداعمة والمتعاونة مع أعداء الولايات المتحدة الامريكية، وفرض على تركيا بعد قيامها بشراء منظومة الدفاع الصاروخية الروسية إس 400.
ويرى مراقبون، أن العملية التي يريد أردوغان شنها في الشمال السوري، تنبع من رغبة تركيا في توفير منطقة آمنة بعمق ثلاثين كيلو مترا، تمتد على طول خط الحدود الفاصلة بين سوريا وتركيا والتي تزيد عن 900 كم.
ومن شأن هذه المنطقة، في حال تمت السيطرة عليها، أن تكون كافية لإقامة منطقة عازلة تحفظ لتركيا أمنها بعيدا عن مدى أي قذائف صاورخية يمكن أن تسقط داخل الاراضي التركية، وهي كفيلة أيضا باقامة منطقة قادرة على استيعاب مليوني لاجئ سوري، يريد أردوغان ان يعيدهم طوعا، كما يقول إلى بلادهم، لتخفيف العبء السياسي والاقتصادي الذي يواجهه قبل موعد الاستحقاق الانتخابي المقلق بالنسبة له بعد نحو عام.