الاتفاق النووي الإيراني على شفير الهاوية

مروة شاهين - بث:
قال مصدر اخباري مقرب من مجلس الأمن القومي الإيراني إن المنسق الأوروبي لمحادثات فيينا، إنريكي مورا، سيزور طهران بعد غدٍ الثلاثاء لمواصلة الحوار، في ظل تعثر المحادثات الرامية لإحياء اتفاق 2015 النووي بين طهران وقوى عالمية.
وأشار المصدر إلى أن زيارة انريكي مورا يمكن أن تكون خطوة جديدة في إطار "المحادثات البناءة"، لحل الملفات القليلة المهمة المتبقية وتسويتها، نظرا لأن الاتحاد الأوروبي يلعب دور الوسيط لتبادل وجهات النظر بين طهران وواشنطن، وأكد أن المحادثات وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرار السياسي من جانب الإدارة الأميركية.
جهودٌ أوروبية لإحياء الاتفاق:
يأتي هذا بعد تصريحات لمنسق السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل ، قال فيها إن الاتحاد الأوروبي يبذل جهود الفرصة الأخيرة لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران.
وأوضح بوريل أن طرحه يقوم على حل وسط يتم بموجبه رفع الحرس الثوري عن القائمة السوداء الأميركية على أن يبقى فيلق القدس (التابع للحرس الثوري) في هذه القائمة.
كما لفت المسؤول الأوروبي إلى أن طرحه هذا بمنزلة المحاولة الأخيرة، وهو مطروح على طاولة الرئيس بايدن أيضا، حيث وصلت المحادثات بشأنه مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى مداها الأخير، وفق قوله.
وتوقفت المحادثات منذ مارس/آذار الماضي لعدة أسباب، أهمها إصرار إيران على أن ترفع واشنطن الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
ووافقت إيران بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع قوى عالمية على تقليص برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
و كان مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد أعلن تعليق مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى بعد أن طرحت روسيا شرطا يتعلق بالعقوبات، ويأتي هذا التطور وسط تأكيدات بأن التوصل إلى اتفاق بات وشيكا.
وكتب بوريل في تغريدة على تويتر ثمة حاجة إلى وقفة في مباحثات فيينا نظرا لعوامل خارجية، معبرا عن أمله في أن تستأنف المحادثات سريعا.
وأكد أن نصا نهائيا بات جاهزا تقريبا ومطروحا على الطاولة، وقال إنه بصفته منسق المحادثات سيتواصل مع كل أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي لعام 2015) والولايات المتحدة، لتجاوز الوضع الراهن وإنجاز الاتفاق.
و من جانبه، قال ممثل الاتحاد الأوروبي في هذه المفاوضات إنريكي مورا إن المحادثات وصلت إلى نقطة يجب أن تتوقف فيها بشكل مؤقت ليعود المشاركون فيها إلى العواصم للتشاور قبل استئنافها قريبا، مشيرا لأن المفاوضات قريبة جدا من التوصل إلى اتفاق.
كما قال مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي إن روسيا وعدت بالرد في غضون بضعة أيام على مسألة الضمانات التي طلبتها خلال المحادثات، مضيفا أن قضايا فنية عالقة بفيينا بين واشنطن وطهران تتعلق بكيفية رفع العقوبات وليس نوعها.
الصراع الروسي الامريكي ينعكس سلباً على مفاوضات النووي الإيراني:
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن العقوبات المفروضة على روسيا لا علاقة لها بالاتفاق النووي، وإن بلاده لن تمنحها أي امتياز أو إعفاء، داعيا طهران وموسكو لاتخاذ قرارات حاسمة.
و قد نفى الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية ميخاييل أوليانوف أن تكون روسيا هي المسؤولة عن تعليق مفاوضات النووي الإيراني، قائلا إن هناك أطرافا أخرى لديها مخاوفها وتريد وقتا إضافيا.
موقِفٌ صينيّ:
من جهته، أكد ممثل الصين في مفاوضات فيينا أن النص النهائي للاتفاق النووي جاهز تقريبا، وعبر عن أمله في استئناف المفاوضات خلال يومين.
وقال المندوب الصيني إن النص النهائي للاتفاق النووي يحتاج لمسات نهائية، مبديا أسفه لتعليق المحادثات.
وبعيد الإعلان عن تعليق المحادثات، غادر رئيس الوفد الإيراني المفاوض علي باقري العاصمة النمساوية.
لكن وبعدما أُعلن أن التوصل إلى اتفاق بين إيران والقوى الكبرى بات وشيكا في فيينا طرحت روسيا شرطا جديدا يتمثل في ألا تشمل العقوبات التي فرضت عليها بسبب الحرب في أوكرانيا علاقتها مع إيران.
وجاء هذا الشرط ليقلص حجم التفاؤل الذي ساد في فيينا بقرب التوصل إلى اتفاق، وليطرح أسئلة حول الدور الروسي في هذه المفاوضات في ظل السياقات الدولية الراهنة المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
وذكرت مصادر مقربة من المفاوضات أن الأطراف توشك أن تنهي المسودة النهائية للاتفاق، لكنها أوضحت أن هناك حاجة للموافقة عليها من كل الأطراف، بما فيها روسيا التي فرضت شرطها الجديد.
طهران تسعى لإنجاز الإتفاق للخروج من وطأة العقوبات الاقتصادية:
وفي طهران، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده تعقيبا على تعليق المحادثات إن أي عامل خارجي لن يؤثر على الرغبة المشتركة في التوصل إلى اتفاق.
وأضاف خطيب زاده أن توقف المحادثات قد يشكل دافعا لحل أي مسألة متبقية والعودة النهائية لاتفاق 2015.
وكانت طهران تحدثت أمس عن مطالب أميركية جديدة تسببت في تعقيد المحادثات، في حين أبدت الأطراف الغربية المشاركة في المحادثات قلقها من تأخر الاتفاق بسبب مطالبة روسيا بضمانات أميركية مكتوبة بألا تؤثر العقوبات الغربية على موسكو جراء حربها على أوكرانيا على تعاونها مع طهران في مجالات مختلفة.
اتهامات اميركية لروسيا بالسعي لإفشال المفاوضات:
و قد اتهمت واشنطن موسكو من السعي لتخريب جهود إحياء الاتفاق النووي، والذي انسحبت منه واشنطن بشكل أحادي في العام 2018، مؤكدة أنها لن تنجح في ذلك.
أما عن موقف الولايات المتحدة الامريكية تجاه مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، فقد أقر مجلس الشيوخ الأميركي مشروعا غير ملزم يدعو لضرورة معالجة أي اتفاق مع إيران يتعلق ببرنامج أسلحتها النووية، وقد تؤدي تلك الاقتراحات إلى تعقيد المفاوضات الهشة بخصوص الاتفاق النووي، وفي ظل سيطرة طفيفة للديمقراطيين على مجلسي النواب والشيوخ، استغل الجمهوريون بعض الاقتراحات المطروحة لتقييم جهود الرئيس جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وحصلوا على دعم وموافقة من بعض الديمقراطيين.
وصوت أعضاء مجلس الشيوخ بأغلبية 62 صوتا مقابل معارضة 33 لصالح اقتراح يسعى لمنع إدارة بايدن من رفع الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية، وهي عقبة في طريق إحياء الاتفاق النووي.
كما صوتوا بأغلبية 86 صوتا مقابل معارضة 12 على اقتراح يرى أن فرض عقوبات مرتبطة بالإرهاب على إيران ضروري للحد من التعاون بين بكين وطهران.
و من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تستعد الآن بشكل متساو سواء لسيناريو تتم فيه العودة المتزامنة للامتثال لاتفاق نووي مع إيران أو لآخر لا يكون فيه اتفاق.
وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس في إفادة صحفية «نظرا لأن العودة المتبادلة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة اقتراح غير مؤكد إلى حد بعيد، فإننا نستعد لأي من الاحتمالين بشكل متساو».
و قد انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في مايو/أيار 2018 بقرار من رئيسها السابق دونالد ترامب الذي أعاد فرض عقوبات الضغط الأقصى التي دفعت إيران إلى العمل بجد على تطوير برنامجها النووي، إذ يعتقد مسؤولون غربيون وإسرائيليون أن طهران باتت على مقربة من امتلاك سلاحها النووي.
و يشار إلى أن المسؤولين الغربيين قد فقدوا الأمل إلى حد كبير في إمكانية إحياء الاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في أيار/ مايو ٢٠١٨، على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها المجتمع الدولي منذ أشهر عديدة في سعيه لوضع البرنامج النووي الإيراني تحت رقابة المجتمع الدولي مخافة ان تقوم طهران بتطوير اسلحة دمار شامل، و بالتالي يصبح من الصعب التعامل مع ايران و ردعها عن مواصلة انشطتها المزعزعة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.