د. راشد بن عساكر يسلط الضوء على حقائق في التاريخ السعودي
غاص في أعماق تاريخ السعودية، وبحث في أحداثها، وسطر ضمن مسيرته العديد من المؤلفات التي تخص تاريخ وتراث الدولة السعودية، كما قام بتحقيق عدد من المخطوطات والوثائق من التراث العربي ومن تراث أمراء وعلماء منطقة نجد والدولة السعودية.
الباحث والمؤرخ السعودي الدكتورراشد بن محمد العساكر. قصة كفاح ومسيرة عطاء سطرها ليلتحق بقسم التاريخ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، واصل التعليم فحصل على الماجستير وكانت الأطروحة عن منفوحة وتاريخها، ثم التحق بجامعة الملك سعود وحصل على الدكتوراه من قسم التاريخ وكانت الرسالة عن الحياة العلمية في مدينة الرياض.
وقفة مع الدكتور راشد بن عساكر .. حياته ومسيرته:
التخصص
كان الميل بعد مرحلة الثانوية هو الاتجاه للطيران الحربي، حيث قمت بتشجيع بعض الزملاء للاتجاه له وبالفعل اتجهوا له وما زالوا، وعملت أيضا على تأليف كتاب عن الطائرات الحربية وأنواعها، إضافة إلى مشاركاتي في بعض المسابقات الخارجية، إلا أن ضعف البصر هو الذي حال بيني وبين دخولي لمجال الطيران الحربي، ولكن في الوقت ذاته كانت لدي حب للقراءة منذ الصغر ولاسيما المجال التاريخي ثم شجعني على هذا الاتجاه في ذلك الوقت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكذلك شيخنا الشيخ ابراهيم بن محمد بن عثمان – رحمه الله – حتى أصبحت محبة التاريخ ولاسيما تاريخ المملكة العربية السعودية هي المفضلة بالنسبة لي.
الاهتمام بتاريخ السعودية
قبل الثانوية العامة كنت أدون ما أسمع أو بعض ما أقراء في المفكرة الشخصية التي رافقتني منذ الطفولة، ومنذ عام 1990م/1411هـ بدأت أولى المراحل في قراءة تاريخ السعودية وتحديداً تاريخ نجد، فكنت أقرأ على أحد أقاربي من كبار السن اثناء سكنه في بيت والدي كل يوم كتاب (عنوان المجد في تاريخ نجد) للمؤرخ عثمان بن بشر المتوقي عام 1290هـ وفي الوقت نفسه كان لدي كتاب الشيخ عبدالله بن خميس رحمه الله المسمى (معجم اليمامة) ويقع في مجلدين، حيث قمت باختصاره للمواقع الواردة حول الرياض والدرعية وفي منطقة نجد، فاستفدت من الأحداث التاريخية وربطها بالمواقع التي حدثت بها، وهذا ما شجعني فيما بعد بالبحث والسؤال حول تاريخ نجد في تلك الحقب التاريخية.
أهم قرار اتخذه الدكتور راشد
لعل من أهمها مواصلة البحث التاريخي وتقديمة على ما سواه من المجالات الأخرى، رغم المغريات التي قد يواجهها الإنسان في حياته.
تأسيس الدولة السعودية
قيام الدولة السعودية الأولى وتأسيسها منذ عام 1139هـ/1727م يعد أهم حدث تاريخي ألقى بظلاله على الجزيرة العربية، بعد مقتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلم تكن الجزيرة العربية تعرف تحقيق الأمن إلا في ظل هذه الأسرة السعودية، وقادتها وبمشاركة أبنائها المخلصين.
الهدف
أظن هدف أي باحث ولاسيما في البحث التاريخي عموماً، هو تلمس الحقيقة التاريخية والبحث عنها وتحقيقها وكشفها، وتزداد الأهمية أيضاً في عصرنا الحالي باهتمام القيادة العليا في بلادنا بتاريخنا وتراثه
المرأة في الجزيرة العربية
المرأة شريكة للرجل في الوجود الإنساني، لكن في الجزيرة العربية ساهمت في التنشئة الفاعلة، وتكمن أهميتها في وجهة نظري في أنها تحملت أعباء مضاعفة، وذلك بعد قيام الدولة السعودية الأولى، وتمثلت أعباؤها في فقد الزوج أو الأب أو العائل في مرحلة عملية بناء الدولة، فساهمت بصبرها وتسخير ما لديها لأسرتها ورعايتهم في المقام الأول، وبالتالي خرجت أجيال من الأسماء المضيئة في مسيرتنا الحضارية للدولة السعودية بمراحلها المختلفة وما زالت حتى اليوم.
الوعي بالتاريخ
التاريخ هو مجموعة أحداث وتراكمات السنين يستلهم منها الإنسان العبرة، فالجيل الحالي من المجتمع السعودي يدرك أن الآباء عانوا في حياتهم المعيشية والاقتصادية والأمنية حتى تغلبوا على المصاعب في ظل توحدهم تحت قيادة واحدة وبالتالي إدراك الأبناء والأجيال لتلك المرحلة المهمة سيساهم وبقوة في نقل التجارب والأحداث والعبرة للأجيال الجديدة والعزيمة في بناء المستقبل والحفاظ على بلادهم وأمنهم بكل السبل.
توصية
المهم لدينا هي الهمة، فإذا تحققت الهمة والإخلاص فستتحقق بلوغ الغاية وتبرز بشكل تفاعلي في المجتمع طال الوقت أم قصر، ولكن المريح في الأمر أن قيادتنا الحكيمة ممثلة في ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لديها آمال كبيرة في دفع المسيرة التاريخية للنواحي الإيجابية في عهدنا الحاضر والمستقبل بإذن الله.
الدولة السعودية الأولى.. حالة المعيشة فيها
ببروز العملية التوحيدية التي سعى لها الإمام محمد بن سعود منذ بدأ التأسيس عام 1139هـ/ 1727م ظهرت مرحلة جديدة من مراحل البناء، فأول عملية هي بسط الأمن في أرجاء البلاد حتى اكتملت في عهد الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود ثم ابنه الإمام سعود بن عبدالعزيز فأصبح التحول كبيراً خلال تلك المرحلة من حيث المستوى المعيشي الجيد، فانعكست على واقع الحياة من حيث السكن والملبس والبناء حتى غدت العاصمة السعودية – الدرعية- من أغنى وأبرز البلدات في الجزيرة العربية ليس من الناحية السياسية فحسب بل من الناحية العمرانية والعلمية والاجتماعية.
العادات .. ومصالح المجتمع
العادات هي جزء من المجتمع المتآلف فيه والمتفق عليه عرفياً وإن كانت جزءا من تكوينه نظراً لهويته الإسلامية والدينية لكن في الدولة السعودية الأولى برز عامل مهم وهو النظر في مصالح المجتمع ولم ينظر للمصلحة الشخصية فتطبيق نظام العدل والاحترام بين أفراد الأسرة وتقدير الكبير للصغير واحترام الصغير للكبير هي مما استمرت مطبقة حتى يومنا هذا بالنسبة للأسرة المالكة.
علماء نجد
من أبرزعلماء نجد وأشهرهم الشيخ العلامة أحمد بن عطوة الحنبلي المتوفى عام 948هـ واتجه للطلب العلم من الشام ورجع إلى نجد فدرس في العيينة والدرعية وغيرها، فتخرج على يديه العشرات من طلاب العلم وبالمثل الشيخ العلامة الفقيه المتبحر عثمان بن قائد النجدي المتوفي عام 1097هـ واتجه للرياض ثم استقر في مصر، وتولى الريادة العلمية للحنابلة وله مؤلفات سبق غيره بها ككتابه التوحيد وكتابه نجاة الخلف في اعتقاد السلف وهو أبرز وأقوى علماء نجد قاطبة الذين مروا في المنطقة وأطلقت عليه ابن تيمية النجدي.
حقيقة انتشار الشرك قبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
هذا الأمر بولغ فيه كثيراً بل أصبح خرافة من الخرافات عند الحديث عن ذلك فقد ساهم حسين بن غنام ومن جاء بعده في نشر ذلك وكتب كتابه الذي قيد فيه بعض الحوادث والمسمى (روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام) بحيث كان كتابه مدحاً خالصاً للشيخ محمد بن عبد الوهاب كونه الذي أمره بكتابته بل بالغ في ذلك حتى صور أن الجزيرة العربية كلها تعبد القبور والأشجار والأحجار وهذا كذب وافتراء، وفي نفس الوقت تغاضى عن انعدام الأمن وجهود الإمام محمد بن سعود في اعادة توحيد البلاد وتأمينها وتجاهل استشهاد أبناء الإمام محمد وهما ( فيصل وسعود ) بل وصف الإمام محمد بن سعود بأنه كان في الجاهلية قبل أن يأتي له محمد بن عبدالوهاب، وأظهر ابن غنام لغة الجهلة في التعميم، ولكن إن وقع شيء من ذلك من فرد أو فردين فلا يعمم على الجميع، فالشاذ لا حكم له.
الباعث لقيام الدولة السعودية الأولى
الباعث الحقيقي على قيام الدولة السعودية الأولى هو باعث سياسي وأمني في المقام الأول وليس دينيا، كما صوره ابن غنام ومن أخذ عنه، فالمجتمع منذ دخول الإسلام وهو مطبق للشرائع وأركان الإسلام فليس هناك دين مفقود، ولكن هناك أمنا مفقودا.
فالأصل في قيام الدولة سياسي وأمني وتعود أسبابه وشرارته إلى أنه في عام 1146هـ/1733م كان أمير الرياض دهام بن دواس آل شعلان وهو أمير بالوكالة فيها كونه طرد من قبل أبناء عمه في منفوحة بعد مقتل أخيه الأمير عبدالله ولجأ دهام إلى الرياض وكانت أخته (هيا) متزوجة من أسرة آل زرعة وهم من بني حنيفة، فعند مقتل الأمير ابن زرعة خلى عرش الرياض فاستغله دهام كون أخته هي زوجة الأمير فاعتلى الإمارة فقام أهل الرياض عليه في قصر الحكم وحاصروه فاستفزع دهام بن دواس بالأمير محمد بن سعود في الدرعية وكانت علاقاتهم حسنة، فأرسل الأمير محمد بن سعود جيشاً للرياض بقيادة أخيه مشاري، وتمكن من تثبيت الحكم لدهام بن دواس، ومكث الأمير مشاري عدة أشهر في الرياض بسبب ذلك.
وبعد سنوات حاول دهام بن دواس أن ينتقم من أبناء عمه في منفوحه كونهم طردوه منها، ومحاولته للسيطرة على مقاليد الحكم بها، عندئذ قام أهالي منفوحة بالذهاب إلى الأمير محمد بن سعود وطلبوا الحماية كون الأمير هو الذى ثبت دهام وجعله أميراً للرياض عندئذ أرسل الأمير لدهام محذراً من تصرفاته فلم يقبل دهام بل هاجم منفوحة، فتدخل الأمير محمد بن سعود وجاء بجيش لنجدة حلفائه فاشتعلت نار الحرب بين الدرعية والرياض قرابة 28 عاما، وهذا الباعث الأساسي للحرب وترتب عليها تقوية الدولة والتغلب على الرياض ثم ضم كثير من البلدان بعد ذلك وذكرت تلك الأسباب في كتابي الذي كان أصله رسالة علمية عن منفوحة في عهد الدولة السعودية الأولى.
وكل هذه الأحداث والوقائع لم تحدث مثلاً بأن في الرياض قبر أو صنم دعي الشيخ محمد بن عبد الوهاب لإزالته أو أن هناك شركيات تمارس.
__________
عن العربية.نت - فهد الدوسري