دراما رمضان 2025: بين وهج الإبداع… وظل التسطيح

news image

🖋 تحليل – إدارة الإعلام الاستراتيجي | BETH

 

رمضان لم يعد مجرد موسم عبادة واجتماع أسري، بل أصبح اختبارًا سنويًا لوعي الفضائيات، وذكاء صُنّاع المحتوى، وتطور الصناعة الدرامية والترفيهية. وفي 2025، برزت القناة الأولى السعودية وMBC كأهم منصتين في المشهد العربي، لكن بمفارقات تستحق النقد والتحليل.

 

🟥  دراما على طاولة النقد: بين تسطيح الوعي وجرأة الذكاء"شارع الأعشى"... حين تصبح السطحية بطلاً دراميًا

من أكثر الأعمال التي أثارت الاستغراب هذا الموسم، لا لقيمتها الفنية، بل لانخفاض مستواها الفني والفكري، رغم التوقعات العالية.

المسلسل يُسوَّق على أنه مستوحى من قصة واقعية إنسانية، لكنه في الحقيقة لا يتجاوز سرد معاناة بأسلوب مفتعل، دون رؤية فنية أو معالجة ذكية.

🔹 الأداء: باهت ومفتقر للحيوية.
🔹 الإخراج: نمطي بلا ابتكار.
🔹 التأثير: رغم المشاهدة العالية... إلا أن القيمة محل تساؤل.

وهنا يُطرح سؤال مشروع:

📌 هل التسطيح الفني مقصود لاستقطاب جمهور سهل التأثر؟
في بعض الحالات، التسطيح ليس مجرد قلة إبداع... بل يصبح أسلوب جذب يعتمد على ضعف الوعي العام، وهو أخطر من الغباء الفني ذاته.

الفكرة قريبة من بعض نماذج الطرح القديم، كالمواسم المتكررة من "طاش ما طاش"، حين كانت قضية تناقش المشكلة مرارًا، دون محاولة فعلية للخروج منها.

💡 الفرق الجوهري الذي نحتاجه اليوم: طرح ذكي ينتقل من استعراض الماضي إلى بناء الحاضر، بأسلوب متجدد، لا مجرد تكرار بهدف الإثارة أو الاستعطاف.السلبية وترسيخ التسطيح.
من الواضح أن الممثلين والممثلات يمتلكون إمكانات أكبر من الأدوار المناطة بهم في هذا العمل - التوقعات؛ بروزهم في أعمال قادمة متقنة.
كما يبدو أن الإخراج  يُظهر مقدرة أكبر لو خرج من النمطية.

يوميات رجل عانس... الجرأة في بساطة الفكرة

عمل مختلف ومبهر، يطرح أسئلة اجتماعية بجرأة هادئة، ويخاطب طبقات نفسية وذهنية بذكاء خفي.
هذا النوع من الدراما هو ما نحتاجه:

فكرة بسيطة

سيناريو ذكي

تمثيل طبيعي

نقد اجتماعي بلا صراخ

🎬  "جاك العلم"... بدوية الحكاية، وحضارة الفكرة

في زمن تتشابه فيه القوالب الدرامية، برز مسلسل "جاك العلم" كعمل مختلف في الشكل والمضمون.
بلهجة بدوية عذبة وسيناريو اجتماعي محبوك، قدّم المسلسل قصصًا إنسانية مؤثرة بعمق شعبي أصيل.

الفكرة: جديدة ومحببة.

الحوار: بسيط وذكي.

القبول المجتمعي: عالٍ بفضل مزج الأصالة بالدراما.

📌 "جاك العلم" ليس فقط مسلسلًا... بل هو تجربة تُعيد تعريف كيف يمكن للدراما أن تخاطب الفطرة والبساطة وتُلامس الوجدان دون صخب.

 

🎭  الترفيه والهوية

💥 رامز إيلون مصر... خيال بصري بلا عمق

ميزانية ضخمة، ديكورات مبهرة، إنتاج عالمي...
لكن الأثر؟ ضعيف جدًا.

📌 السبب: الفكرة مستهلكة، والرعب لم يعد مضحكًا.

مالك بالطويلة 

من البرامج الثقافية الخفيفة - مطلوب استمراره ،  يحتاج إلى المزيد من اللمسات الفنية في عرض الجرافك واللوحات الإيضاحية

🎭 "واي فاي"... من الارتجال إلى الذكاء (لكن المسافة لا تزال)

يُعرض "واي فاي" في ذروة المشاهدة الرمضانية، وهو برنامج لا يُصنف كمسلسل تقليدي، بل كمنصة إسقاطات فنية عبر مشاهد متعددة، تتناول قضايا اجتماعية وسياسية بشكل ساخر.

🔹 الأسلوب: يعتمد على الأداء الارتجالي أكثر من البناء الدرامي المحبوك، ما يمنحه بساطة في الوصول، لكنه يُفقده أحيانًا العمق.

🔹 الجزء الخامس: شهد تطورًا نسبيًا في الأفكار والطرح، وأظهر ذكاءً في بعض الفقرات... لكن ركاكة الأداء في مشاهد معينة تعكس الحاجة إلى ضبط الإيقاع التمثيلي ورفع جودة الكتابة.

📌 ملاحظة BETH:

"واي فاي" يمتلك هوية خاصة، لكنه يحتاج إلى إعادة ضبط الفكرة باتجاه كوميديا ذكية تُبنى على كتابة محكمة لا على ارتجال سريع، ليحافظ على قيمته كمنصة نقد رمضانية حقيقية، لا مجرد مادة للتسلية المؤقتة.

 

🍽️ مطبخ رمضان... تنوّع واحترافية

رغم ازدحام البرامج، برز "إفطارنا غير" في MBC باحترافية الفكرة والتنفيذ.
أما النسخ المكررة في قنوات أخرى، فلم تقدم سوى تكرار بلا نكهة.

وبرنامج "أهلا بالستات" على MBC مصر كان مزيجًا ذكيًا من الطهي والتواصل الإنساني.

 

🏆  مسابقات تلامس المجتمع

 

🎯 درايش – مسابقات القناة الأولى

يحمل روحًا جميلة،فكرة نبيلة في تحفيز المجتمع والمواهب، لكنها تحتاج المزيد من التطوير الإخراجي والسرعة البصرية. يحتاج مزيدًا من التميز في التنقل البصري.

🧭 تحدي المناطق – MBC

برنامج طموح... يُقدّم التنافس كجزء من الهوية الوطنية، لكن يفتقر أحيانًا إلى العمق في طرح الأسئلة أو التعريف بالمناطق.

 

🎧 6. صوت العقل: برامج وعي وإلهام

🎙️ برنامج سين

كعادته... عمق في الطرح، ورؤية تمزج الفكر بالعرض التلفزيوني. ينجح في تثقيف دون وعظ.

 

🟦 . فوضى الإنتاج: هل هناك تنسيق على الإبداع؟

رغم التحسن العام في الصناعة الدرامية السعودية، يبرز سؤال كبير:
هل هناك دراسة حقيقية لكل فكرة قبل تنفيذها؟ أم أن القبول يخضع للعلاقات والتزكيات؟

النتيجة أحيانًا:

أعمال ممتازة تُهمل.

أعمال ضعيفة تُسوّق بقوة.

هذا يفتح ملف "الحوكمة الإبداعية" في مؤسسات الإنتاج التلفزيوني.

 

🟨  إبداع سعودي قادم من الشباب والشابات

في مقابل التسطيح، برز شباب سعوديون في الأداء والإخراج والكتابة، بجرأة وحرفية تبشّر بصناعة سعودية عالمية.
مشاهد محددة في بعض الأعمال تكفي لتقول: المستقبل هنا.

 

🎯 نحو دراما سعودية ناضجة: تطوّر لا يُخفى

ما بين دراما تسطيحية وأخرى تنبض بالمعنى، تشهد الساحة السعودية تحوّلًا دراميًا لافتًا.

🔸 الأعمال الذكية مثل "جاك العلم"، و**"يوميات رجل عانس"، وحتى بعض إنتاجات البرامج النوعية مثل "سين" و"بودكاست عسيري"**، تؤشر على تحوّل في العقلية الدرامية من النقل إلى الإبداع، ومن التكرار إلى الابتكار.

🔸 الشباب والشابات السعوديون باتوا اليوم في طليعة صنّاع الدراما، بفكر جديد وأدوات حديثة، يجمعون بين الحس المحلي والانفتاح العالمي.

🔸 ومع هذا التحول، تُطرح أسئلة كبرى:

هل هناك تنسيق فعلي بين الجهات المنتجة لتعزيز الجودة؟

هل يتم تقييم الأفكار بناءً على مضمونها، أم أن العلاقات والتكرار ما زالت تحكم بعض القرارات؟

وهل ستحرص الفضائيات على استثمار الطاقات الشابة وتطوير رؤيتها في إنتاج رمضان المقبل؟

✳️ إن تطور الدراما السعودية ليس موجة مؤقتة، بل هو نواة لصناعة ناعمة جديدة، تعكس روح الجيل، وتبني صورة ذكية للمملكة في وجدان المشاهد العربي.

"الدراما مرآة… إما أن تعكس وعي الأمة، أو تكرّس تشويشها. والاختبار مستمر كل رمضان."
كما أن التسطيح سلاح ذو حدين

🎯 التأثير هو الهدف... والبوصلة التي لا يجب أن تغيب

في نهاية المطاف، كل عمل درامي أو ترفيهي يجب أن يُقاس بتأثيره، لا فقط بمستوى الإنتاج أو عدد المشاهدات.
فالمعيار الحقيقي ليس "الكم" بل "الكيف"،
ولن تكون أي موافقة على عرض أو عمل ذات قيمة إن لم تحقق:

✅ جودة وإبداعًا في الشكل
✅ تأثيرًا إيجابيًا في المضمون

لكن هنا الخطر:

⚠️ التسطيح سلاح ذو حدين…
قد يبدو بريئًا حين يُستخدم للتبسيط،
لكنه يصبح قاتلًا حين يُستثمر لترسيخ الجهل،
وصناعة جمهور هشّ... لا يُفكّر، بل يُسلَّى فقط.

وهنا يأتي مثال صارخ:

💰 "مسابقة الحلم" على MBC
برنامج يحشد ملايين المتابعين بأحلام وأمل ضئيل،
يوحي أن الحل في الحياة يأتي برسالة SMS،
لا بالعلم ولا بالعمل ولا بالإبداع.

📌 الإعلام الذي لا يزرع وعيًا… سيحصد هشاشة.
والمستقبل للإعلام الذي يوازن بين المتعة والوعي،
لا للذي يُلهي... ويغلق العقول ببطاقات شحن وهمية.

🔻 هل يقاس نجاح المسلسل بالعاطفة أم بالتأثير؟

في خضم الجدل حول بعض الأعمال الرمضانية، وعلى رأسها "شارع الأعشى"، قد تظهر آراء تُفاخر بثلاثة معايير:

العاطفة: "أحببناه وتأثرنا به"

المتابعة الجماهيرية: "الكل يتحدث عنه"

الندرة: "لا مثيل له!"

لكن السؤال الأهم:

📌 هل هذه المعايير كافية لتقييم عمل فني؟

🔹 العاطفة لا تصنع جودة.
قد تتأثر الجماهير بأي طرح عاطفي، لكن ذلك لا يعني أن العمل ناضج أو مؤثر فكريًا.

🔹 المتابعة لا تعني القيمة.
الشهرة لا تساوي الجودة، فحتى المقاطع الهزلية الفارغة تحصد ملايين المشاهدات.

🔹 "لا مثيل له"؟
أحيانًا يكون "التميّز" ناتجًا عن غياب المنافسة أو انخفاض المستوى العام، كما يُقال ساخرًا: "كالأعور في أرض العميان!"

🎯 المعيار المهني الحقيقي هو:

هل ترك العمل أثرًا عميقًا في وعي الجمهور؟

هل طرح فكرة جديدة أو معالجة ذكية؟

هل قدّم قيمة تستحق أن تُخلّد؟

إذا كان الجواب لا، فإن الجوائز أو الشهرة لا ترفع من قيمة العمل… بل تفضح أزمة معاييرنا.

 

🔚 ختام BETH:

الجدل لا يحدث حول العمل المتميز...
فالعمل الحقيقي يفرض احترامه، لا يطلبه.
وكلما احتاج العمل إلى الدفاع عن نفسه، كلما دلّ ذلك على أن التأثير لم يكتمل، أو أن الجودة ما زالت محل نقاش.

أما الإبداع...
فهو لا يبرر نفسه، بل يترك أثره بصمت، ويُحتفى به بلا ضجيج.

 

موضوع ذو ضلة

المجتمع الواعي: القاعدة الصلبة لبناء القوة الناعمة