(تقرير) تحولات في جورجيا
لويزة قادري / تبليسي - جورجيا
جورجيا .. اصبحت وجهة تستقطب العالم العربي , من خلال الاستثمار, في جورجيا العديد من الفرص الاستثمارية والاستثمار العقاري بها له عائد مرتفع , هذا بالاضافة الى إدارة رشيدة من قبل الحكومة الجورجية. والذي يشجع المستثمرين على الاستثمار في هذا البلد ,حيث تتميز بتقدمها الإداري وبفضل نظام الحوكمة الإلكترونية / وتتفوق جورجيا بين كل دول الجوار بل وحتى عدد من دول أوروبا , فإن تأسيس شركة في جورجيا لا يستغرق أكثر من يوم واحد.
كذلك تعتبر وجهة للطلاب العرب، إذ يعتبر التعليم في جورجيا ذو معايير اوروبية وامريكية ومعترف بها عالميا .
اما اهمية جورجيا على مستوى العالم وأوروبا , فهي توجد في منطقة استراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي تعتبر جسرا بين أوروبا وآسيا. خاصة مع اللقاءات المتكررة بين جورجيا ودول الاتحاد الأوروبي التي تعتزم ضم جورجيا الى الاتحاد الاوروبي..
الحدث..
هل ستشهد جورجيا تحولا ديمقراطيا شفاف ،يساعدها على الانتقال السلس للنظام النسبي الكامل في انتخاباتها؟
انه موسم السياسة ، والعبارات الرنانة للحملات الانتخابية في جورجيا، فلا يمكنك المرور او الوقوف في اي مكان, الا وتقابلك الملصقات واللوحات الاعلانية المزينة بالشعارات الحزبية للمترشحين السياسيين.
حتى نهاية الشهر، على الانتخابات البرلمانية في جورجيا، حيث ستجرى الدورة الانتخابية العاشرة في يوم ٣١ اكتوبر ٢٠٢٠، فهل سيحافظ حزب حلم جورجيا الذي يتمتع باغلبية المقاعد في البرلمان المؤلف من ١٥٠ مقعداً ،على سيطرته لولاية ثالثة ، في ضوء تحالفات الاحزاب المعارضة التي تحاول التغلب عليه، رغم الهيمنة الساحقة التي يتمتع بها ؟
سؤال يطرح نفسه في ظل الاوضاع الحالية التي تشهدها البلد، فالمتأمل في هذه الانتخابات ، يعرف جيدا مدى اهمية هذه الاخيرة ، وانها ليست مجرد مرحلة سياسية عادية تمر بها جورجيا، حيث سيتم اجراء الانتخابات وفقا للنظام النسبي الذي يضمن تمثيل كل الفئات السياسية في البلد ،خاصة ان هذا الامر كان قضية تؤرق الكثير من الاحزاب والسياسيين في جورجيا ، حيث اتفقت كل الاطراف في شهر آذار الماضي على توقيع بيان مشترك يؤكد على ضرورة اجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة بعيدة عن تسيس نظام الانتخابات او النظام القضائي، وعلى ضرورة التحويل من النظام المختلط الى النظام النسبي الكامل بحلول سنة ٢٠٢٤.
وقد كان اهم بنود الاتفاق ان يتم انتخاب ١٢٠ نائب وفق القوائم الحزبية باستخدام التمثيل النسبي ،فيما يتم انتخاب ٣٠ نائب حسب الاغلبية. والملاحظ كذلك في هذا البيان ان نسبة التمثيل في البرلمان تبلغ ١٪ من الاصوات،مما يسمح للاحزاب الصغيرة المشاركة في الانتخابات،على ان يتحصل الحزب الذي سيشكل الحكومة على نسبة ٤٠٪ من مقاعد البرلمان . وقد عبر في ذلك الوقت رئيس الوزراءالجورجي ، جيورجي جاخاريا لوسائل الاعلام ان هذا الاتفاق يعتبر خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية وتقليل الاستقطاب مع المحافظة على استقرار البلد .
رغم ذلك ، فسنة ٢٠١٩ قد شهدت اضطرابات كبيرة غيرت نظرة الناس الى الاوضاع السياسية ، هذه الاخيرة التي سببها المظاهرات وعدم الاستقرار الشعبي مع الحكومة الدائمة , قد اصبحت مصدر قلق للحزب الحاكم ، لانها لم تضعها في افضل صورة.
واذا نظرنا الى جانب المعارضة ، فاننا نجد ان قضية ميخائيل ساكاشفيلي ،الرئيس السابق لجورجيا والمنفي في اوكرانيا، والذي تعهد مرار بالرجوع الى جورجيا،قد جعله على قائمة سوداء تحيله الى الاعتقال في حالة عودته، الامر الذي جعل امكانية عودته الى ارض الوطن تثير مزيجا من المشاعر المضطربة بين الجورجيين، هذا العامل الذي قد يستخدمه الحزب الحاكم كوسيلة ضغط على المعارضة،خاصة ان الرئيس السابق لم يعد يحمل الجنسية الجورجية، مما لا يسمح له بالترشح او التمثيل الحكومي ، ومع ذلك فان الكثير من الجورجيين لن يقبلوا فكرة سكاشفيلي .
تقول تامتا ميرادشفيلي ،استاذة القانون ومديرة تلفزيون متافاري ارخي ” أعتقد أن الانتخابات البرلمانية لعام 2020 حاسمة لمستقبل جورجيا وتطورها الديمقراطي، ان فترة ما قبل الانتخابات مليئة بالتحديات والمشاكل ، بالإضافة إلى التحديات التي سببها فيروس كورونا, لقد مر شهر منذ أن بدأت فترة ما قبل الانتخابات ويمكن أن نستنتج أن الشهر المقبل سيكون أكثر صعوبة، لقد رأينا اعتداءات جسدية عدوانية على أعضاء المعارضة والناشطين. وقد أصبحت الهجمات التخريبية على مكاتب المعارضة وإلحاق الضرر بملصقات حملتهم ممارسة شائعة. الصحفيون أيضا تحت التهديد. نحن خائفون من إرسال الطاقم إلى الميدان. توجد بالفعل عدة حالات تعرض فيها صحفيون لاعتداء جسدي. إن غياب الإجراءات الملائمة من قبل أجهزة إنفاذ القانون والصمت والتشجيع على العدوان من قبل الحزب الحاكم والحكومة يخلق بيئة معادية قبل الانتخابات.”
في ضوء كل هذا ، فان وباء كورونا قد يؤثر على سير الانتخابات ،نظرا لما احدثه بالفعل في المجتمعات، وبالتالي ففكرة تجمع حشد كبير في اماكن الاقتراع ،قد تكون ضربة موجعة للاجراءات التي تبنتها الدولة الجورجية لمكافحة الوباء والوقوف في وجه الفيروس ،من جهتها اوضحت الحكومة ان الكوفيد لن يؤثر على الانتخابات ، وان السلامة عنصر مهم في سير هذه الاخيرة، ولدعم ذلك سيتم تنظيم وحدات شرطة خاصة لتسيير الوضع. وهذا وقد اكد رئيس الوزراء جيورجي جاخريا خلال الاجتماع الذي جمعه مع رئيس البرلمان الاوروبي ديفيد ماريا ساسوني،بان الانتخابات ستجرى في بيئة حرة ونزيهة وشفافة ، وقد دعا المراقبين في البرلمان الاوروبي بحضور الانتخابات مع ضمان سلامتهم في البلاد .
تواصل جورجيا انتقالها الى النظام الانتخابي النسبي الكامل في عام ٢٠٢٤ ستكون الانظار هاته المرة موجهة الى حزب الحلم الجورجي واحزاب المعارضة ،التي تحاول اثبات نفسها رغم الصعوبات التي تواجهها، ومحاولات التاثير الخارجي الاجنبي على الاوضاع في البلد. ولاشك ان فترة ماقبل وبعد الانتخابات ستكون مليئة بالأحداث الحاسمة ،وبغض النظر في الطريقة التي ستسير بها الانتخابات ، فإن الكلمة الاخيرة للشعب الجورجي.
في ظل كل هذه الظروف، يبقى السؤال مطروح : هل ستشهد جورجيا تحولاً ديمقراطياً شفافاً،يساعدها على الانتقال السلس للنظام النسبي الكامل في انتخاباتها؟