( بحث ) محاكمة نتنياهو وسيناريوهات البقاء في الحكم - القصة الكاملة

news image

محمد وازن

خمسة عشر عامًا كاملة قضاها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منصب رئيس الوزراء، منها 11 عامًا متواصلة منذ عام 2009 وحتى الآن، وفي 1996 كانت فترته الأولى كأصغر رئيس وزراء إسرائيلي في تاريخها الذي عمره 72 عامًا منذ إعلان دافيد بن جوريون قيام الدولة العبرية في مايو 1948، حتى أن نتنياهو تفوق على بن جوريون نفسه في مدة بقاءه في هذا المنصب، كأطول حاكم لإسرائيل، وبنسبة مئوية بلغت 20% من عدد أيام قيام الدولة العبرية، وسار المحنك نتنياهو رجل دولة وداهية سياسية لم يسبق لها مثيل.

الرجل ظل هكذا حتى حامت حوله الشبهات، وبدأت تُقلق مضاجعه كحاكم استثنائي لإسرائيل، حتى انتخابات التاسع من إبريل 2019 والتي تمخض عنها الكنيست الحادي والعشرين في تاريخ الدولة العبرية، ومنذ ذلك التاريخ تم فتح الصندوق الأسود لنتنياهو، في قضايا الفساد المشهورة والتي قد تطيح به من الحكم، بل قد يصل بها إلى السجن، أو قد يناور ويفلت منها، بعدة حيل ذكية يحاول نتنياهو اللجوء لها، وحتى الآن تبدو الأمور معقدة إلى حد ما فيما يتعلق بالبحث عن مخرج قانوني وشعبي وسياسي للأزمة الراهنة، والتي تتطلب منه المثول أمام القضاء ثلاثة أيام أسبوعيًا، وبموجب القانون يصبح خلال هذه الأيام خارج السلطة كشخص مدان، ولا يجوز أن يحكم إسرائيل.

ثلاث مراحل.. من البريء إلى المدان

الموقف الحالي لرئيس الوزراء الإسرائيلي مر بثلاث مراحل، من مرحلة الشبهات وهذه بدأت في القضايا الأربعة الحالية والتي سنستعرضها سريعًا فيما بعد، حيث حامت حوله الشبهات في عدة قضايا فساد مالي، وجرت العادة وفقًا للقانون الإسرائيلي أن الشبهات إمّا أن تحفظ ويتم غلق الملف أو تنتقل للمرحلة الثانية بعد تأكد الشبهات، وفي هذه المرحلة يتم جمع المعلومات من قبل الشرطة من الأشخاص والجهات المعنية، وهو ما حدث مع نتنياهو، حيث تأكدت الشبهات، فما كان من المدعي العام الإسرائيلي إلا أن ينتقل إلى مرحلة التحقيقات، وتحديدا بدأت تلك المرحلة في نوفمبر من العام الماضي، حيث بدأت التحقيقات في 21 نوفمبر، وهنا كان دور فريق الدفاع الخاص بنتنياهو الذي دافع باستماتة، لكن تقرير الشرطة انتهى إلى توجيه الاتهام لنتنياهو في عدة قضايا وملفات فساد، وهنا إمّا أن يقنع فريق الدفاع المدعي العام وهو أفيخاي مندلبليت بأن الاتهامات الموجهة غير حقيقية، أو أن يصدر المدعي العام تقريره، وبالفعل في الثاني والعشرين من نوفمبر 2019 وتحديدا الخميس، الذي وصفه مؤيدي نتنياهو بالخميس الأسود.

كان قرار مندلبليت النهائي بتوجيه 4 تهم لنتنياهو وهي الفساد والتحايل والرشوة وكذلك خيانة الأمانة، ليصبح نتنياهو أول رئيس وزراء إسرائيلي توجه له تهم أثناء وجوده في الحكم، وعلل المدعي العام للرأي العام ذلك بأن الاتهامات ليست جزافية بل أتت بعد الرجوع للقانون وسماع التسجيلات المقدمة ضد نتنياهو، وهنا انتهى دور المدعي العام وانتقل نتنياهو إلى الخطوة التالية وهي دور النيابة والمحكمة في إسرائيل.

وقبل الدخول لهذه المرحلة وتوضيحها لنشير سريعًا إلى أهم القضايا المتهم فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو:

1 – القضية 1000: الاتهام هو تلقي هدايا تبلغ قيمتها 180 ألف دولار والحديث فيها يرجع إلى عام 2016، وأشهر الهدايا التي تلقاها نتنياهو هي أنواع فاخرة من السيجار وزجاجات الشامبانيا الفاخرة، من رجال أعمال لهم شأن ونفوذ كبير في إسرائيل وخارجها منهم ملياردير استرالي ومنتج من هوليود، وذلك مقابل تحقيق خدمات سياسية.

2 – القضية 2000: واتهم فيها بعرض مساعدات وهدايا على صحيفة “يديعوت أحرونوت”، لتحسين نطاق شهرتها وتوزيعها وتغلبها على أكثر الصحف منافسة لها، وهي صحيفة “يسرائيل هايوم”، وذلك مقابل تغطية صحفية مكثفة لصالحه في الانتخابات وغيرها من الملفات التي يحتاج فيها نتنياهو إلى مواقف إعلامية مؤيدة له.

3 – قضية 4000 (قضية بيزيك): والتي بدأ التحقيق فيها رسميًا منذ 18 يناير 2019، والتي اتهم فيها بمنح امتيازات لكبير حاملي أسهم شركة “بيزيك” للاتصالات، شاؤول إلوفيتش”، وذلك مقابل منحه تغطية إيجابية من موقع “والا” الإخباري الذي يملكه إلوفيتش.

4 – قضية 1270: وهي تعتبر جزء من قضية 4000، ومتهم فيها بمنح رشوة مالية للمدعي العام الإسرائيلي مقابل إسقاط قضية ضد زوجته سارة نتنياهو.

كما أشرنا نتنياهو هو الأول في تاريخ رؤساء وزراء إسرائيل الذي توجه له تهم أثناء توليه الحكم، ومع ذلك استمر في المنصب دون تنحية، عكس سابقه إيهود أولمرت الذي لم يستمر في منصبه كرئيس للوزراء حينما وجهت له اتهامات أودت به في النهاية إلى السجن، وهنا تعرض نتنياهو للوم شديد باعتباره ساعيًا لتحقيق مجد شخصي وليس حريصًا على إسرائيل، فالشخص هنا أعلى قيمة من الدولة كمبدأ عام ارتأه نتنياهو مناسبًا لنفسه.

نفي التهم وموقف نتنياهو منها

طبيعي أن ينفي نتنياهو كافة التهم، بل وصل الحال به إلى وصف ما حدث بأنه محاولة انقلابية ضده، ومكيدة سياسية مدبرة من قبل خصومه اليساريين، وحتى الآن، متمسكًا بالحكم وفقًا للقانون الإسرائيلي طالما لم تثبت إدانته، بل وأيضًا، في أولى جلسات محاكمته يوم الأحد 24 مايو 2020، لم ير نفسه متهمًا، عليه الجلوس في مكان المتهمين، بل تعامل بصفته حاكم الدولة، وجلس في مكانه مرتديًا كمامته داخل قاعة الحكم، كما أنه لم يحضر جلسة محاكمة في يوليو الماضي وأوكل عنه محاميه للحضور بحجة فيروس كورونا.

مرحلة الفراغ والمثول الأسبوعي أمام النيابة.. ماذا بعد؟

بحلول الثامن عشر من يناير 2021 يتعين على نتنياهو وفريقه الدفاعي الحضور إى جلسات الاستماع في المحكمة بعدما أرجأت القاضية ريفكا فريدمان- فيلدمان، القضية إلى يناير المقبل، مع فرض حضور ثلاث جلسات للشهود والمتهم في أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع، ولا يجوز التخلف عن الحضور، لكن بموجب القانون الإسرايلي، يصبح نتنياهو في هذه الأيام الثلاثة خارج حكم الدولة العبرية، بصفته متهم ويمثل للمحاكمة، وتبدأ جلسات الاستماع في القضية 4000 حيث يتم الاستماع إلى المدير العام الأسبق لشركة “والا” الإخبارية “إيلان يشوعا”، بحضور نتنياهو.

الموقف القانوني السابق جعل أقطاب حزب الليكود يدخلون في مناقشات من أجل تجهيز البديل من داخل الحزب بصفته الحزب الحاكم، وعلت الأصوات داخل الليكود بأن نتنياهو أهمل أهداف الحزب، وانشغل بملفات الفساد المتهم فيها، ما يعني أن ثمة محاولات لإزاحته من رئاسة الليكود، حتى أن تلك الأصوات أكدت أن الحزب يجب عليه العودة للطريق والمسار الصحيح بعيدًا عن نتنياهو، وهنا يصبح نتنياهو أمام معضلة أخرى وهي تخلي الحزب الذي يترأسه عنه والوقوف بجانبه في ملفات الفساد والمحاكمة، ومع تعالي هذه الأصوات، ثمة موقف يجب توضيحه فيما يتعلق بالليكود وزعامته، حيث من المقرر أن يعلن عن فتح باب الترشح لرئاسة حزب الليكود في نوفمبر المقبل، وفي هذا الصدد تشير صحيفة “زمان” في تقرير نشرته السبت السادس والعشرين من سبتمبر، أن الطريق ممهدًا أمام نتنياهو لرئاسة الليكود مجددا وأنه لن يترشح أحد من وزراء الليكود الحاليين ضد نتنياهو، تمهيدًا لاعطاءه فرصة لتحصين نفسه مستقبلًا.

السيناريو السابق من صحيفة “زمان” قد يكون مغايرًا للواقع، لذا من المرجح استبعاد سيناريو افساح الطريق أمام نتنياهو، فالفرصة الآن سانحة أمام العديد من منافسي نتنياهو داخل الحزب نفسه، وأبرزهم جلعاد شارون نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، أريئيل شارون، حيث يرى أن المرحلة الراهنة تحتاج لقائد يحمل صفات شارون الأب وهو أحق بها من غيره، ويرى في نفسه قائدًا مسقبليًا لليكود وبعدها إسرائيل، ويستند جلعاد الابن الأكبر لشارون لسيناريو توسعة البناء في المستوطنات وعدم توقف الضم، وسواء كان جلعاد منافسًا أم لا، فهناك العديد من المنافسين المحتملين لنتنياهو لعل أبرزهم أفي ديختر والذي لم يحصل على أي حقبة وزارية في الحكومة الحالية.

الخلاصة في موقف حزب الليكود

بالنسبة لنتنياهو سيتم حسمها مع اتضاح الرؤية المستقبلية بعد انتخابات الحزب ومن يقوده، ولو تم التخلي عن نتنياهو كرئيس لليكود، يصبح رئيس وزراء إسرائيل فاقدًا لجناحيه وقوة كبيرة كانت تدعمه ويستند إليها، لكن في حالة استمراره كزعيم لحزب الليكود هنا يصبح لكل حادث حديث وقد يمكر نتنياهو مجددًا للخروج من الأزمة الحالية بسيناريوهات أخرى.

الموقف الشعبي والشارع الإسرائيلي من نتنياهو

لم تتوقف المظاهرات ضد نتنياهو منذ طرح ملفات الفساد المذكورة، ومع تأكد مثوله أمام النيابة، وضرورة حضوره ثلاثة أيام أسبوعية في يناير المقبل، لم يعد الشارع الإسرائيلي قادرًا على تحمل مزيد من الضغوط، خاصة مع تفشي فيروس كورونا بشكل كبير، وضغط المعارضة وتأكيدها على فشل الحكومة برئاسة نتنياهو في مواجهة الجائحة، زادت المظاهرات وفقد نتنياهو جزء من شعبيته بشكل كبير، الاحتجاجات بدأت بشكل كبير في مارس الماضي، وزات حدتها مؤخرًا، حتى أن مدن وعواصم عديدة بها جاليات يهودية وإسرائيليين بدأو في التعاطف مع المتظاهرين، وأشهر المتضامنين كانوا في من بوسطن وميامي ولوس أنجلوس وبرلين وسيدني، وغيرها.

المتظاهرون طالبوا صراحة باستقالة نتنياهو بسبب التهم الموجهة له، البعض يرى أنه ليس من المقبول بقاءه في الحكم، المعارضة عززت تلك الرؤى ضد نتنياهو، بالتالي أصبح رئيس الوزراء في موقف لا يحسد عليه، ولا يقبل المحتجون اتهامهم من قبل نتنياهو بأنهم أعداء للدولة والسلام وأنهم انقلابيون ضده، وزاد الطين بلة حينما أمر الوزير الليكودي أمير أوحانا الذي يتولى وزارة الأمن الداخلي، والذي وجه الشرطة بتفريق المتظاهرين في تل أبيب، واستخدام العنف، وهنا اعترض زعيم المعارضة يائير لابيد والذي يتولى رئاسة حزب “يش عاتيد” والذي يعني بالعربية “هناك مستقبل”، على ممارسات الشرطة القمعية، وحمل لابيد رئيس الوزراء نتنياهو مسؤولية الدماء، وشدد على أن التحريض ضد المتظاهرين يقود الدولة لحرب أهلية.

الخلاصة في الموقف الشعبي

هو غضب عارم ضد نتنياهو وسياساته، يزكي هذا الغضب موقف المعارضة ضد نتنياهو، بالتالي الاحتجاجات مستمرة، وإن لم تفلح في تنحية نتنياهو من منصبه وإرغامه على الاستقالة فمن المتوقع أن يفقد نتنياهو وزنه وشعبيته حتى بين أنصار اليمين، طالما أن المعارضة تزكي موقف الشارع، وكذلك فهناك وزراء داخل حكومة نتنياهو يساعدون في تأجيج الشارع، ولعل أبرزهم نائب نتنياهو في رئاسة الحكومة والمناوب له بيني غانتس والذي يتقلد حاليا منصب وزير الدفاع في فترة رئاسة نتنياهو للحكومة كفترة أولى وفقًا لاتفاق الائتلاف بينهم قبيل اعلان الحكومة الحالية.

الموقف القانوني من قيادة الدولة

في التاسع من سبتمبر 2020 زادت حدة الصراع بين نتنياهو والمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية “أفيخاي مندلبليت” والذي أعلنها صراحةّ بأنه يتعذر على نتنياهو، أداء مهام منصبه، حال ثبوت استغلاله له، والاضرار بمؤسسة القانون الإسرائيلي، كما أن بقاءه قد يتعارض مع المصالح العليا فقد يتم استغلال منصبه لصالحه، وهنا أجرى مندلبليت مشاورات عاجلة مع كبار القضاة وناقشوا ضرورة الإعلان عن تعذر نتنياهو عن القيام بمهامه.

بالطبع كالعادة هاجم نتنياهو تلك التصريحات واعتبرها محاولة ومؤامرة لاسقاطه وارغامه على التنحي، وأنهم شوهوا القضاء، خاصة أن نتنياهو يرى أن بعض المحققين معه لم يكونوا منصفين وعلى خلاف شخصي معه واستغلوا ذلك في التحقيقات.

رأي الكتل والأحزاب السياسية في محاكمة نتنياهو

1 – حزب الليكود: كما أشرنا أن تقرير صحيفة “زمان” يشير إلى الوقوف إلى جانب نتنياهو من قبل حزب الليكود، ويدعم هذه الرؤية أيضا تهديد رئيس الائتلاف الحكومي الإسرائيلي “ميكي زوهار” من حزب الليكود، بالذهاب إلى انتخابات مبكرة، إذا تم الإعلان بان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في حالة تعذر من الوجهة القانونية لا تتيح له أداء مهامه.

فكرة الذهاب لانتخابات أخرى وحل الكنيست أصبحت كابوس لا يقبله الكثيرون خاصة الرئيس الإسرائيلي نفسه رؤوفين ريفلين، فضلًا عن صعوبة هذا الخيار بسبب انتشار فيروس كورونا ودخول إسرائيل موجة ثانية للفيروس، لكن الإطاحة بنتنياهو من زعامة الحزب أمر لا يزال مطروح وخيار قوي لدى منافسي نتنياهو ووقتها قد تتبدل المصالح ويتم العدول عن تأييد نتنياهو، بشكل عام انتخابات زعامة الليكود حاسمة وكاشفة في الفترة المقبل.

2 – حزب أزرق أبيض “كاحول لافان”: ينتظر الحزب بقيادة بيني غانتس قرار مندلبليت بإرغام نتنياهو على التخلي، ومنها بموجب الائتلاف، سيكون بيني غانتس رئيس الحكومة الوحيد لهذه الفترة من الحكم، ذلك ما يفسح له المجال لمناقشة القضية الفلسطينية وإيجاد حلول تناسب كلا الطرفين.

وبالفعل بدأ غانتس التلويح والتضييق على نتنياهو، وهو ما شاهدناه من موقف شديد وحاسم وصارم من غانتس بعد إصابة خمسة متظاهرين في نهاية يوليو الماضي، وطالب بالقبض على المعتدين على المتظاهرين ووصفهم بالمجرمين، وقال صراحة أنه لن يستطيع احد اسكات المتظاهرين ما دام هو متواجد في الحكومة، ومن المعروف أنه يتولى الآن وزارة الدفاع، لكنه استغل الفرصة للمزايدة على موقف وزارة الأمن الداخلي التي يتولاها الليكود من خلال أمير أوحانا، كما أنه زايد على نتنياهو وأراد اضعاف موقفه أمام الشعب.

3 – حزب إسرائيل بيتنا (حزب ليبرمان): دعا رئيس حزب إسرائيل بيتنا وعضو الكنيست “أفيجدورليبرمان”، الشعب واليمينيين تحديدا إلى الانضمام إلى المظاهرات الأسبوعية التي تنظم كل سبت أمام منزل نتنياهو، ووصف تصريحات نتنياهو ووعوده بالأكاذيب، خاصة فيما يتعلق بالاستيطان والضم، بالتالي يفقد نتنياهو حليف مهم داخل الائتلاف الحكومي والذي كان يناور به اثناء المفاوضات على تشكيل الحكومة، وما زاد الطين بلة هو مواقف أحزاب شاس وحزب يهودت هتوراة بعدم تأييدهم وموافقتهم على ترشح نتنياهو في الانتخابات مرة أخرى، وهنا أصبح نتنياهو عاريًا من اليمين واقطابه وانصاره.

ومع كل هذا، يحاول نتنياهو حتى الآن الوقوف أمام كل هذه الأزمات والتحديات ومواجهة أعدائه اليساريين والحفاظ على منصبه قدر المستطاع، ووفقًا لآراء الشارع الإسرائيلي، فسيلجأ نتنياهو لطريقة ما يبرأ بها نفسه من كل التهم المنسوبة إليه، ويعود مرة أخرى لمنصبه دون أي إدانة.

سيناريوهات نتنياهو لمنع محاكمته حسب آراء الشارع الإسرائيلي

1 – يمكن لنتنياهو أن يتقدم بطلب حصانة من القضاء الإسرائيلي بموجب سلطته، وبهذه الطريقة تتم محاكمته دون حضور الجلسات والمثول أمام المحكمة، ويستطيع أن يمارس مهامه كاملة كرئيس للحكومة، حتى تثبت إدانته بالفعل وفي هذه الحالة يتم عزله عن الحكم، ولكن عندما اضطر نتنياهو لتكوين حكومة ائتلافية مع بيني غانتس، قبل غانتس الائتلاف شريطة تخليه عن طلب الحصانة، وبذلك أصبح هذا الحال مستبعد ومرفوض.

2 – من الممكن أن يرفع نتنياهو دعوى قضائية يتهم فيها بيني غانتس بالجرائم المتعلقة بتأخر الميزانية المالية وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وبهذه الطريقة يتمكن من إبعاد غانتس عن الحكم ويستكمل مدة محاكمته، وبعدها يعود للترشح لرئاسة الوزراء مرة أخرى.

3 – يحاول نتنياهو خلال الفترة المقبلة الترشح لمنصب رئيس الدولة، وبموجب القانون الإسرائيلي، فرئيس الدولة لا يخضع للمحاكمة، وخلال مدة رئاسته “4 سنوات” تسقط عنه كل التهم الموجهة إليه، ويعود بعدها ليرشح نفسه في انتخابات رئاسة الوزراء مرة أخرى، وتعد هذه الطريقة المهرب الوحيد الآمن لنتنياهو من المحاكمة والسجن.

حتى الآن، غير معلوم مصير نتنياهو السياسي عقب تقرير الشرطة العسكرية والقضايا المتهم بها، ولكن من الواضح أن أي إدانة محتملة له ضمن هذه الاتهامات؛ قد تستغرق شهورًا طويلة، وذلك ما قد يمكنه من الاحتفاظ بمنصبه على رأس الحكومة الإسرائيلية حتى الانتخابات المقبلة، أو تولي غانتس المنصب بدلًا عنه بموجب الائتلاف. وبغض النظر عن السيناريوهات أو التداعيات السياسية المحتملة لقضايا الفساد بحق نتنياهو، فإنها تسلط الضوء مجددًا على تاريخ الفساد الحكومي في إسرائيل، وهو تاريخ حافل طال مسئولين كبار منهم رؤساء دولة وحكومة، وقد انتهى أمرهم إما باستقالتهم من مناصبهم أو عزلهم أو محاكمتهم وعزلهم.