تقرير السلع الأسبوعي: تصاعد المخاوف في الأسواق قبيل الانتخابات الأمريكية

news image

أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك

اتجه قطاع السلع نحو تحقيق أول مكاسب أسبوعية له في ثلاثة أسابيع، مدعوماً بالمكاسب القوية التي حققها قطاع الطاقة والحبوب، في حين تراجعت مكاسب المعادن الثمينة بعد أن ساعد ارتفاع الذهب إلى مستوى قياسي جديد على جذب بعض عمليات جني الأرباح وسط قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عائدات السندات، بالإضافة إلى بعض عمليات جني الأرباح قبيل الانتخابات الأمريكية التي تحمل مخاطر كبيرة على الأسعار في الاتجاهين، اعتماداً على نتائجها. كما تراجع قطاع المعادن الصناعية في ظل انتظار السوق لاتضاح الصورة أكثر والمزيد من التفاصيل من بكين بشأن إعلانات التحفيز الأخيرة، في حين انتقدت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين حملة التحفيز الخاطفة حتى الآن لفشلها في معالجة المشاكل الأكثر إلحاحاً المتمثلة في فائض الإنتاج وضعف الطلب المحلي.

وتركز الأسواق المالية بشكل متزايد على الانتخابات الأمريكية القادمة في 5 نوفمبر، حيث لا تزال النتائج متقاربة للغاية. وقد ارتفع كل من الذهب والفضة إلى مستويات جديدة في وقت سابق من هذا الأسبوع قبل أن يواجهان محاولة تصحيح أخرى، متأثرين إلى حد كبير بارتفاع عوائد سندات الخزانة وارتفاع الدولار الأمريكي. يشير هذا الانهيار غير المعتاد في الارتباطات المعتادة في السوق إلى أن المتداولين يتحوطون ضد احتمال ”فوز كاسح للجمهوريين"، يسيطرون فيه على كل من البيت الأبيض والكونغرس. قد يؤدي مثل هذا التحول السياسي إلى أجندة إنفاق غير ممولة، مما يزيد من نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ويزيد من مخاوف الاستدامة المالية على المدى الطويل. قد يؤدي ارتفاع الاقتراض الحكومي إلى زيادة المعروض من السندات الحكومية، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في كافة القطاعات الاقتصادية. وبالمقابل، فإن احتمال حدوث ”فوز كاسح للديمقراطيين“ أقل، مما يشير إلى محدودية القدرة على المناورة في الإنفاق في ظل رئاسة هاريس، مما يقلل من هذه المخاوف.

وبشكل عام، ارتفع مؤشر بلومبرج لإجمالي عائدات السلع، الذي يتتبع سلة من 24 سلعة رئيسية مقسمة بالتساوي تقريباً بين الطاقة والمعادن والزراعة، بنسبة 1.5% خلال الأسبوع. كما حقق المؤشر عائداً بنسبة 5.5% على أساس سنوي منذ بداية العام وحتى تاريخه، وكانت القطاعات الرئيسية المساهمة في ذلك هي المعادن الثمينة بنسبة 34% والمعادن الخفيفة بنسبة 21%، بينما تركزت الخسائر في الحبوب بنسبة -16.5% والطاقة بنسبة -4.7%، وتعزى هذه الأخيرة بشكل أساسي إلى خسارة 35% من الغاز الطبيعي.

استقرار مؤقت في أسعار الذهب مع ظهور عمليات جني الأرباح قبل يوم 5 نوفمبر

توقف ارتفاع الذهب الذي حطم الأرقام القياسية أخيراً بعد أن أدى ارتفاع عائدات السندات وارتفاع الدولار إلى تحول الأسعار نحو الانخفاض. كما واجهت الفضة، التي قفزت في الأسبوع السابق من خلال المقاومة والدعم الرئيسيين عند 32.50 دولار أمريكي، عمليات جني الأرباح بعد أن سجلت أعلى مستوى لها في 12 عاماً. وقد شهد سوق المعادن الثمينة ارتفاعاً كبيراً غير مسبوق خلال العام الماضي، حيث ارتفع الذهب والفضة على أساس إجمالي العائدات بنسبة 31% و38% على التوالي، مع تصحيحات طفيفة فقط حتى الآن خلال هذا الارتفاع الممتد. ويعتمد استمرار ذلك بنفس الوتيرة بشكل متزايد على نتيجة الانتخابات في 5 نوفمبر، بالنظر إلى تأثير النتيجة، كما هو موضح أعلاه، في توقعات العلاقات التجارية العالمية والدولار والإنفاق الحكومي ومستويات الدين الأمريكي.

وعلى الرغم من خطر التصحيح بعد الانتخابات على أساس سلوك ”اشترِ بناء على الشائعات وبع بناء على الوقائع“، إلا أن وجهة نظرنا المتفائلة منذ فترة طويلة بشأن المعادن الاستثمارية لم تتغير، نظراً لأنها مدعومة بالعديد من العوامل المحفزة التي من غير المرجح أن يتلاشى معظمها في أي وقت قريب. ومن بين هذه العوامل المخاوف بشأن عدم الاستقرار المالي – كما هو الحال في الولايات المتحدة - والطلب على الملاذ الآمن، والتوترات الجيوسياسية، والتخلص من الدولرة التي تدفع الطلب القوي من البنوك المركزية، بالإضافة إلى الصين، حيث يسعى المستثمرون إلى إيجاد بدائل لمعدلات الادخار المنخفضة للغاية وانخفاض أسعار العقارات.


وفي حين تحتاج الفضة إلى الحفاظ على الدعم عند 32.50 دولار أمريكي لتجنب اندفاع آخر من التصفية طويلة الأمد، سيبحث الذهب، بعد الارتفاع الأخير عند 153 دولار أمريكي، عن الدعم عند 2,685 دولار أمريكي، و2,666 دولار أمريكي، وفي النهاية عند 2,600 دولار أمريكي.

استقرار أسعار النفط الخام في ظل مخاطر ثنائية الاتجاه
استقرت العقود الآجلة للنفط الخام في وضع الانتظار والترقب الحذر، في ظل استمرار المخاطر الرئيسية ذات الاتجاهين التي تبقي الأسعار ضمن نطاق محدود في الوقت الحالي. وبعد أن شهدت الأسعار تراجعاً إلى ما دون 70 دولار الشهر الماضي، تلتها محاولة لاختراق مستوى 80 دولار، استقر خام برنت في نطاق ضيق نسبياً حول 75 دولار. وفي حين أن النشاط يشير إلى استقرار الأسواق، إلا أن هناك الكثير من المخاطر التي لا تزال تتراكم، والتي قد تشهد اختبار السعر مرة أخرى لأي من الحدين المذكورين.

وإلى جانب التأثير الإيجابي الصغير المحتمل للحوافز الصينية على الطلب، لا تزال المخاطر الرئيسية قصيرة الأجل على الأسعار مرتبطة بالتطورات في الشرق الأوسط، وخاصة تأثير الهجوم الإسرائيلي المتوقع على إيران رداً على الضربة الصاروخية التي وقعت في الأول من أكتوبر. وفي الوقت نفسه، فإن مخاطر الهبوط متعددة، حيث أصبحت الانتخابات الأمريكية المقبلة حدثاً مفتوحاً على كافة الاحتمالات على مما قد يؤثر على الرغبة في المخاطرة في الأسواق. وبالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالطلب، يتعين على السوق أيضاً التعامل مع احتمال قيام منظمة أوبك + بزيادة، غير مرغوب حالياً، في الإنتاج اعتباراً من ديسمبر.

صمود النحاس، وسطوع نجم الزنك

لا يزال النحاس يجد دعماً حول 4.30 دولار أمريكي للرطل الواحد، وهو أداء قوي نسبياً خلال الأسبوع الذي شهد تلاشي التركيز على التحفيز الصيني بينما ارتفع الدولار وسط زيادة التركيز على الانتخابات الأمريكية. ولا تزال وجهة نظرنا المتفائلة على المدى الطويل دون تغيير، مع احتمال أن يؤدي الطلب القوي، لا سيما فيما يتعلق بالتحول في مجال الطاقة، إلى حدوث نقص في ظل معاناة شركات التعدين لزيادة العرض بسبب ارتفاع أسعار المدخلات وانخفاض درجات الخامات وتغير المناخ وارتفاع التكاليف التنظيمية والتدخل الحكومي. بشكل عام، يبدو الاتجاه الصعودي من أدنى مستوى خلال فترة الوباء في عام 2020 راسخاً بشكل جيد، وسيتطلب الأمر إغلاقاً أسبوعياً دون 4 دولارات أمريكية لتغيير ذلك.

كان الزنك، بدلاً من النحاس، هو الذي حظي بمعظم الاهتمام بعد أن أظهرت البيانات تراكماً كبيراً للمخزونات في بورصة لندن للمعادن. ارتفع المعدن، الذي يُستخدم بشكل أساسي في الجلفنة، والتي تنطوي على طلاء الفولاذ أو الحديد لمنع الصدأ، لفترة وجيزة إلى أعلى مستوى له في 20 شهراً بعد سلسلة من الاضطرابات الأخيرة. ومما زاد من ارتفاع الأسعار البيانات الصادرة عن بورصة لندن للمعادن والتي أظهرت أن طرفاً واحداً يمتلك أكثر من 50% من المخزون المتاح، مما أثار المخاوف بشأن حدوث ضغط، وهو أمر شهدته سوق لندن للمعادن في عدة مناسبات في السنوات الأخيرة.

أسعار الغاز الطبيعي الأوروبي تصل إلى مستوى مرتفع جديد لهذا العام

وصل الغاز الطبيعي الأوروبي إلى أعلى مستوى له لهذا العام بالقرب من 43 يورو لكل ميجاوات ساعي أو 13.65 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية - وبعبارة أخرى، يدفع المستهلكون الأوروبيون 5.5 أضعاف ما يدفعه المستهلكون في الولايات المتحدة مقابل الغاز - مع انقطاع الإمدادات من النرويج، أكبر مورد للغاز في أوروبا، والعديد من المخاطر الجيوسياسية التي تعوض ضعف الطلب الصناعي. كما أن احتمالية بداية معتدلة لشهر نوفمبر تُبقي الطلب على التدفئة محدوداً. وتبلغ نسبة امتلاء مواقع التخزين في جميع أنحاء المنطقة 95.3%، مقابل 98.6% في مثل هذا الوقت من العام الماضي.

مع اقتراب فصل الشتاء، سيشعر التجار بالقلق بشأن المنافسة على الغاز الطبيعي المسال من آسيا، خاصة بعد انتهاء عقد تدفق الغاز عبر خط أنابيب روسيا-أوكرانيا في الأول من يناير المقبل، وهو أمر بالغ الأهمية لشرقي ووسط أوروبا، ولا سيما سلوفاكيا والنمسا. بالنظر إلى الظروف الحالية، من غير المرجح تجديد الاتفاقية بصورتها الحالية، مما قد يؤدي إلى تقليص حصة روسيا من الغاز الطبيعي المورد إلى أوروبا أكثر من المستوى الحالي البالغ 20%، والذي انخفض من حوالي 45% قبل هجوم روسيا على أوكرانيا الذي أضر بالعلاقات التجارية بين أوروبا وروسيا.

ارتفاع أسعار البالاديوم بعد اقتراح فرض عقوبات على روسيا

رداً على الحرب الروسية ضد أوكرانيا والعقوبات الغربية، ارتفعت أسعار البالاديوم، المعدن الذي يتعرض لضغوط منذ أشهر، بقوة بعد أن طلبت الولايات المتحدة من حلفاء مجموعة السبع النظر في فرض عقوبات على البالاديوم والتيتانيوم الروسيين. وتُعد روسيا، إلى جانب جنوب إفريقيا، مسؤولة عن 70-80% من إنتاج البالاديوم العالمي، مما يجعل أي اضطراب في الإمدادات الروسية مصدر قلق محتمل. ومع ذلك، يتم التخفيف من حدة هذا الأمر إلى حد ما بسبب الضعف الحالي في صناعة السيارات بمحركات الاحتراق الداخلي العالمية وسط تباطؤ اقتصادي وانتقال الصناعة إلى السيارات الكهربائية.

وفي حين أن التأثير الإيجابي المستدام على الأسعار مشكوك فيه، بالنظر إلى أن أي إجراءات كبيرة قد تزيد الضغط على قطاع السيارات، فقد جاء الدعم على المدى القصير من المضاربين الذين قلصوا مركزاً شرائياً طويل الأجل بعد اختراق مستوى المقاومة السابق، والذي أصبح الآن مستوى الدعم عند 1125 دولار للطن..

ارتفاع صادرات الحبوب، مما يخفف من ضغط العرض من المحصول الأمريكي الوفير

شهدت صادرات الذرة وفول الصويا الأمريكيين ارتفاعاً ملحوظاً، مما دعم أسعارهما على الرغم من توقعات بحصاد وفير في الولايات المتحدة وعدم اليقين بشأن نتائج الانتخابات الأمريكية. وقد سجلت مبيعات الذرة الأمريكية أعلى مستوى لها أسبوعياً منذ مايو 2021، مدفوعةً برغبة المشترين في الاستفادة من الأسعار المنخفضة وتخزين احتياطيات قبل الانتخابات، خشية حدوث اضطرابات تجارية أو تغييرات في السياسات الزراعية.

وتصدرت الذرة الارتفاع بعد أن أعلنت وزارة الزراعة الأمريكية عن بيع 4.2 مليون طن من الذرة الأمريكية الأسبوع الماضي، وهو أكبر كمية في أسبوع واحد منذ مايو 2021. كان هذا مدفوعاً بطلب المشترين الذين استفادوا من انخفاض الأسعار لإعادة التخزين قبل الانتخابات، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في التجارة أو تغييرات في السياسة.

بشكل عام، تراجع مؤشر بلومبرج لأسعار الحبوب بنسبة 16.5% خلال العام، مما يجعله أسوأ القطاعات أداءً. ويعود ذلك إلى وفرة المعروض من المحاصيل الرئيسية، رغم تأثر الإنتاج في بعض المناطق بظروف الطقس السيئة. ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة إنتاجاً قياسياً للمحاصيل.

انخفاض أسعار الكاكاو يأتي متأخراً جداً للتأثير على موسم العياد

انخفضت أسعار الكاكاو إلى أدنى مستوى لها في مارس عند 6,750 دولار، مع بدء موسم الحصاد الرئيسي في ساحل العاج، مما أدى إلى تحسين حالة نقص المعروض التي شهدت في وقت سابق من هذا العام ارتفاعاً مؤقتاً في الأسعار للتجاوز 12,000 دولار أمريكي للطن.  تجاوزت كميات حبوب الكاكاو الواصلة إلى الموانئ حتى الآن ما وصلت إليه في العام الماضي، مما يسلط الضوء على تحسن توقعات الإمدادات بعد موسم من الأمطار المفيدة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التأخير لمدة عام في تنفيذ لائحة الاتحاد الأوروبي لإزالة الغابات قد يخفف من مخاوف المستوردين في الاتحاد الأوروبي بشأن الإمدادات، والذين كانوا يواجهون زيادة في النفقات الناجمة عن التحقق من خلو الإمدادات من إزالة الغابات، في حين أن التأخير يقلل من مخاطر قطع الإمدادات من المناطق غير الممتثلة على المدى القصير.

ومع ذلك، ربما جاء انخفاض الأسعار متأخراً جداً على الأرجح لخفض الأسعار في موسم ارتفاع الطلب قبل عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة. وفي حين أن شوكولاتة عيد الفصح قد تكون أقل تكلفة في العام المقبل، إلا أن الشوكولاتة التي نستهلكها في عيد الميلاد هذا العام ستكون على الأرجح أغلى من العام الماضي. على الرغم من احتمالية تحسن المحصول، إلا أن النقص الذي حدث في المحصولين السابقين سيستغرق وقتاً لتصحيحه، إن أمكن. ويتضح ذلك في سوق العقود الآجلة، التي تُسعر الكاكاو في ديسمبر/ المقبل بحوالي 5200 دولار أمريكي للطن - أي أقل بنحو 23% من السعر الحالي، ولكنه لا يزال أكثر من ضعف المتوسط على المدى الطويل.

وكالة بث