يوبيل الـ "بالاديوم"

news image


كتب - عبدالله العميره
هل هناك علاقة بين المعادن والإنسان؟
هل الإنسان له ارتباط بالمعادن؟
قبل الإجابة، سأسرد جانباً من بحث بسيط قمت به في الإنترنت عن العلاقة بين المعادن والمناسبات، أو ربط الإنسان مناسباته بالمعادن: النحاس، الفضة، والذهب، والألماس، والبلاتين.
وخطر لي، أيهما أغلا وأهم؟
وارتباطها بكلمة "يوبيل" .. أصلها، ودلالاتها؟
وقبل التعمق، أجيب على سؤال - قد يسأله أحد : لماذا مقالي اليوم مختلف، والهدف منه؟
أما كونه مختلف، فهذا طبيعي .. فالتنوع منهج صحفي.
أما الهدف، فهو مقارنة الناس ببعضهم، والفرق بين  النفيس والرخيص.

وأيضاً؛  تأثر البشر باحتفالات البعض، وقدرة أولئك البعض على تعميم إحتفالاتهم الخاصة، وكأنها عامة لكل البشر .
مثل؛ الإحتفال باليوبيل، وبرأس السنة .
وأن هذا لايعني المشاركة في المعتقد أو الديانة.
فلكل ديانة أو معتقد مناسبات أو أعياد خاصة لا يتشارك فيها كل البشر.
أمثلة للأعياد في الديانات السماوية الثلاث:

أهم الأعياد اليهوديّة :
يوم الغفران، وعيد العرش، عيد هسيجاد، عيد الفصح.

أهم الأعياد في المسيحية:
عيد الميلاد ، وعيد الغطاس، وعيد القيامه، وعيد الصعود.

وفي الإسلام:
عيد الفطر، وعيد الأضحى.

أما الإجابة على السؤال الأول والثاني ، عن العلاقة بين المعادن والإنسان؟ وهل الإنسان له ارتباط بالمعادن؟
في جسم الإنسان المعادن الخمسة الرئيسية :
الكالسيوم والفوسفور والبوتاسيوم والصوديوم والمغنسيوم. والعناصر المتبقية في جسم الإنسان تسمى (عناصر التتبع). وهي التي لها وظيفة بيوكيميائية معينة . وهي:  الكبريت والحديد والكلور والكوبالت والنحاس والزنك والمنغنيز والموليبدنوم واليود والسلينيوم.
 

والإجابة على السؤال عن ارتباط المعادن بكلمة "يوبيل" .. أصلها، ودلالاتها؟
الإجابة:
اليوبيل في الأصل؛  هو عيد يحتفل به اليهود، وليس كالأعياد المرتبطة بالعقيدة اليهودية.
تماماً؛ كما  الفرق بين "الكريسماس"، ورأس السنة.
الكريسماس هو عيد الميلاد (في العقيدة المسيحية)، و يُعتبر ثاني أهم الأعياد المسيحية بعد عيد القيامة، ويُمثل تذكار ميلاد المسيح - عليه السلام - وذلك بدءًا من ليلة 24 ديسمبر ونهار 25 ديسمبر.( عيد عقدي).
إنما رأس السنة فهي احتفالية مستحدثة، لاعلاقة لها بالعقيدة المسيحية.


إذاً؛ يوبيل: اسم عبري معناه بوق قرن الخروف ومعناها الأصلي : النفخ بالبوق.
( الفرق بين العقيدة والدين: لدى كل شخص أو مجتمع معتقدات حول الحياة والعالم الذي يعيش فيه. وقد تشكل المعتقدات أنظمة عقائدية، قد تكون دينية أو فلسفية أو أيديولوجية. والأديان هي أنظمة عقائدية تربط الإنسانية بالروحانية).


اليوبيل في الحياة تحول من معتقد إلى احتفالية مستحدثة بذكرى مناسبة، وربطها بقيمة رقمية.
يستخدم حديثا للاحتفال بمرور عدد من السنوات على ذكرى مناسبة من المناسبات أو ذكرى مرورحدث معين:

يوبيل قطني : وهو الاحتفال بمرور عام.
يوبيل قشي : وهو الاحتفال بمرور عامين.
يوبيل جلدي : وهو الاحتفال بمرور 4 أعوام.
يوبيل خشبي : وهو الاحتفال بمرور 5 أعوام.
يوبيل برونزي: وهو الاحتفال بمرور 10 أعوام.
يوبيل نحاسي : هو الاحتفال بمرور 15 عام.
يوبيل فضي: وهو الاحتفال بمرور 25 عام .
يوبيل لؤلؤي : وهو الاحتفال بمرور 30 عام.
يوبيل ذهبي: وهو الاحتفال بمرور 50 عام.
يوبيل ماسي: وهو الاحتفال بمرور 60 عام في بريطانيا، و 75 عام في الولايات المتحدة، و 100 عام في جنوب آسيا.
يوبيل بلاتيني: وهو الاحتفال بمرور 70 عام في بريطانيا، و 75 عام في جنوب آسيا.

يبدو أن البلاتيني هو الأغلى والأعظم بين المناسبات، وليس اليوبيل الذهبي أو الماسي !

البالاديوم عنصر كيميائي من الجدول الدوري،  يتكون من مجموعة البلاتين ورمزه Pd ، وله العدد الذري 46. وهو فلز انتقالي نادر،  وهو لديه أدنى نقطة انصهار وأقل كثافة منها. ويشبه البلاتين كيميائياً. ويستخرج من خامي النحاس والنيكل. ويستخدم كعامل مساعد وفي صناعة المجوهرات وفي مجال طب الأسنان و هو معدن أبيض فضي لامع نادر . 
البالاديوم من المعادن الأغلى من الذهب.
كما أن الألماس أغلى من الذهب ، رغم أن الألماس أصله من الكربون.
وهنا يتبين الفرق بين  الأربعة يوبيلات الأولى ( القطني، والقشي، والجلدي، والخشبي). وبين الثلاثة الأخيرة ( الأشهر)، والأخير الأغلا ، وهو البلاتيني.
قد يسأل سائل: أمن المعقول البلاتين أغلا من الذهب؟
نعم؛ الغالي  يعود لندرة ذلك الشئ.
حتى  بني آدم ، النادر هو الأغلا.. وطبعاً المعنى في  الجيد الأندر.
فهناك ردئ نادر، ليس له مكان حتى بين القش !

وبعيداً عن الأغلا والأندر ، استحضر - دائماً - ذكر المعادن في القرآن الكريم:

يقول الله تعالى:
" يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ " (35) - سورة الرحمن.
وقال تعالى:
"آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا" (97) - سورة الكهف.
وقول الله تعالى :
"وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" (25) - سورة الحديد.

أتوقف كثيراً عند العلاقة بين :
النار والنحاس.
عندما يتحول الحديد إلى نار ويتم إفرغ عليه قِطر- والقِطر - بحسب التفاسير - هو النحاس.
الحديد والبأس والشدة.

ولا يوجد يوبيل نحاسي، ولا يوبيل حديدي. رغم تميز النحاس والحديد بقوة ، يبدو أن علماء الصناعة لم يكتشفوا هذه القوة -  !
"شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ "
زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ .. جَعَلَهُ نَارًا .. وأُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا 
"الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ"
وأرى أن في الحديد بأس شديد غير ما عرف عنه من صناعات صارت تقليدية : الفؤوس، والسيوف...
نعلم أن الأسلحة ذات البأس الشديد اليوم ، يتم صناعتها من معادن تظهر لصانعي الأسلحة ، وصواريخ الفضاء أنها أخف وأشد من الحديد - بحسب ما توصلوا إليه اليوم.
وأرى أن في الحديد بأس لم يتم اكتشافه بعد.

الخلاصة -  دلالات:
القاعدة السابعة عشرة: "إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين"
نفحص التلازم  بين الصفتين "القوة والأمانة".
فلا قوة تفيد بدون أمانة.

من لا يتفكر في آيات الله؛ فلا عقل له.
ومن لايتعظ بأحداث التاريخ والقصص؛ لن يصل للأفضل.
من يعتمد على الأقوياء والقوة بدون أمانة، فالنتيجة المؤكدة في النهاية الخسارة.
التاريخ يؤكد أن أي حضارة قامت واعتمدت على القوة في يد أقوياء من غير أمانة في الأداء؛ كانت نهايتها مأساوية.
البقاء في القوي الأمين.

والقوة في بحث الأمناء عن الأحدث، والإبداع في البحث والإكتشاف.

وأختم بحديث أبي هريرة ؛ عن النبي ﷺ قال: " الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، والأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف".