خسائر إسرائيل الاقتصاديّة.. والدّعم الأميركيّ
عدنان كريمة*
حذَّر 300 من كبار الخبراء الإسرائيليّين من الأخطار التي يواجهها الاقتصاد الإسرائيليّ، بما يستوجب إجراءاتٍ فوريّة للحدّ منها، ومنْع وقوع أضرارٍ كبيرة. وقال هؤلاء الخبراء في رسالةٍ إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الماليّة بتسلئيل سموتريتش "أنتم لا تستوعبون حَجْم الأزمة، يجب أن تتصرّفوا بطريقةٍ مختلفة". وجاء هذا التحذير في وقتٍ اعترفَ فيه البنك المركزيّ بأنّ الخسائر الاقتصاديّة الأوّليّة لإسرائيل بلغت نحو 53 مليار دولار، جرّاء حربها على غزّة. وهذا الرقم سيتضاعف مع "تطويل" فترة الحرب. ولكن يبدو أنّ إسرائيل تعتمد، مهما بلغت الخسائر، على الدّعم الأميركيّ كعادتها، والذي لم يَقتصر على مبلغ 14.3 مليار دولار التي أعلنها الرئيس جو بايدن، بل يُمكن أن يرتفع إلى نحو 35 مليار دولار، ويتضمَّن مساعداتٍ متنوّعة؛ وذلك على الرّغم من ازدياد حركة الاحتجاجات الشعبيّة، وتوسّعها، ضدّ دفع هذه الأموال، من قِبَل دافعي الضرائب الأميركيّين، وبما يؤثِّر في مسيرة السباق الانتخابيّ إلى رئاسة الجمهوريّة المُرتقَبة في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2024. مع العِلم أنّ دَخْل الفرد الإسرائيليّ يبلغ 55 ألف دولار من النّاتج المحلّيّ، مُتجاوِزاً بذلك الولايات المتّحدة.
منذ إنشاء كيان إسرائيل في العام 1948، وطوال 75 عاماً، تتوالى اعتداءاتها وحروبها العسكريّة، وتتكبّد الدولُ المجاورة خسائرَ كبيرة تُعرقل نموّ اقتصاداتها، في مقابل تقدُّم نموّ الاقتصاد الإسرائيلي؛ وذلك بفضل الدّعم الأميركي اللّامحدود لها، بالمال والسلاح المتطوّر والخبرات التقنيّة العالية والمعلومات الاستخباريّة، لحماية مصالحها وضمان أمنها، حتّى وصلَ ناتجُها المحلّي الإجمالي الى 520 مليار دولار، مع عدد سكّان لا يزيد عن 9 ملايين نسمة، وهو يفوق النّاتج المحلّي لمصر البالغ 404 مليارات دولار، فيما عدد سكّانها يتجاوز 105 ملايين نسمة. وكذلك يُعادل أضعاف حَجْم اقتصادات البلدان المُجاورة، مثل الأردن (45 مليار دولار)، لبنان (21 مليار دولار)، وسوريا (11مليار دولار). وقد بلغَ حجْم المساعدات التي قدّمتها واشنطن لإسرائيل أكثر من 300 مليار دولار.
ومع تأكيد الولايات المتّحدة تاريخيّاً، وفي محطّاتٍ متوالية، حمايتها الدائمة والمستمرّة للدولة العبريّة، فهي لا تكتفي بفتْح ترسانتها العسكريّة وخزانتها الماليّة لتلبية كلّ حاجات حروبها العدوانيّة فقط، بل تأتي أساطيلها البحريّة إلى شواطىء المتوسّط، كما هو حاصل حاليّاً، عِلماً أنّها ليست المرّة الأولى، بل سبقها 4 مرّات، الأولى كانت في العام 1948، والثانية في العام 1967، وشاركت حينذاك في تقديم خدمات التجسّس والاشتباك، ثمّ المرّة الثالثة في العام 1973، والرّابعة في العام 1982.
لكن في واقع الأمر، لا يُمكن تكريس نتيجة ثابتة ومتوقّعة على الاقتصاد الإسرائيلي، جرّاء أيّ حرب بالمُطلق. فحرب الـ 1967 كانت، بالنسبة إلى إسرائيل، نهايةَ الركود الذي ضَربها منذ العام 1964، لتشهد بعدها نموّاً وتحوّلاً كبيرَيْن في اقتصادها، في حين أنّ حرب الـ 1973 أَنتجت مرحلةً طويلة من الأزمات الاقتصاديّة. بمعنىً آخر، كان لكلّ حربٍ إسرائيليّة ظروفها وتداعياتها التي جاءت من ضمن سياقٍ اجتماعي وسياسي معيّن، وهو ما يفسّر اختلاف النتائج الاقتصاديّة لهذه الحروب في كلّ حقبة زمنيّة، من دون أن يكون ثمّة قاعدة وحيدة للتنبّؤ بهذه النتائج مسبقاً.
الثورة التكنولوجيّة
شهدتْ إسرائيل منذ تسعينيّات القرن الماضي مرحلةَ ازدهارٍ وتدفُّقٍ استثماري، وخصوصاً مع استقطاب الشركات النّاشئة في قطاع التكنولوجيا، واعتماد الحكومات المُتعاقِبة سياساتٍ ليبراليّة أكثر تحرّراً، مُقارَنةً بالسياسات المتّبعة في مرحلة ما قبل التسعينيّات. واستفادت من نزوح يهود الاتّحاد السوفياتي بعد تفكُّكه، وأغلبهم من أصحاب الشهادات العلميّة والمهنيّة والتقنيّة المتقدّمة، إضافة إلى تدفُّق رؤوس الأموال اليهوديّة في الخارج. حتّى أنّ الإيرادات الموجَّهة إلى التسلُّح والأمن تقلّصت نسبتها، في مقابل الانتقال إلى الإنفاق على البنية التحتيّة ذات المردود الاقتصادي. وقد أَسهمت هذه العوامل كلّها بتطوُّر قطاع التكنولوجيا الذي أصبح يمثِّل 20% من النّاتج المحلّي، ولاسيّما بعدما ارتفعت مستويات "الثقة" بقدرة إسرائيل على البقاء في ظلّ الهدوء الذي شهدته حدودُها مع مصر والأردن وسوريا، ثمّ لبنان بعد حرب العام 2006.
لكنْ في السنوات الأخيرة، بدأت التطوّراتُ تأخذ منحىً مختلفاً، مع تداعياتٍ سلبيّة، انعكست قَلقاً كبيراً لدى الفئة التي قامت على أكتافها "الثورة التكنولوجيّة". وذلك نتيجة تصاعد شعبيّة اليمين المتطرّف، وتشكيل الحكومة الأكثر تطرّفاً في تاريخ إسرائيل. ثمّ جاء الانقسام السياسي حول مشروع الإصلاح القضائي ليضيف تراكماتٍ طويلة من الخلافات المُجتمعيّة حول هويّة إسرائيل ومستقبلها ودَورها وعلاقتها بالدول العربيّة؛ الأمر الذي أدّى إلى هجرةٍ استثماريّة معكوسة، وانتقال رؤوس الأموال في اتّجاه الغرب. وقبيل الحرب الأخيرة على غزّة وَضعت 70% من الشركات النّاشئة خططاً للانتقال إلى خارج إسرائيل، ومعظمها شركات تكنولوجيّة، لديها مرونة الانتقال الجغرافي. وكانت واحدة من كلّ 20 شركة إسرائيليّة قد بدأت بالفعل بنقْل أصولها الماليّة إلى الخارج، تحسُّباً لأيّ تطوّراتٍ اقتصاديّة غير مُلائمة في إسرائيل. وفي شهر شباط/ فبراير الماضي وحده، كانت صناديق الاستثمار المُشترَكة قد سَحبت بالفعل 8.1 مليار شيكل من إسرائيل، لتوظّف تلك الأموال في صناديق خارجيّة. وهنا، تحوَّل انفتاحُ الاقتصاد الإسرائيلي على الخارج إلى عاملِ ضعف، من خلال سهولة انتقال الرساميل في اتّجاه الغرب.
حصلَ ذلك في ظلّ تطوُّر المشكلة الأكثر خطورة، وتتمثّل في تنامي القوّة الديموغرافيّة والسياسيّة لفئة اليمين المتطرّف، وتحديداً مُجتمع "الحريديم"، الذين باتوا يمثّلون اليوم 13% من القوّة الديموغرافيّة في إسرائيل، وسط توقّعاتٍ بارتفاع نسبتهم إلى 20% بحلول العام 2050. وهذه الفئة بالذّات، تتّسم بمعدّلات خصوبة مرتفعة جدّاً، لتُصبح تدريجيّاً عبئاً على الاقتصاد الإسرائيلي، بالنّظر إلى ضعف إنتاجيّتها واتّجاهها إلى العلوم الدينيّة واعتمادها على المساعدات الحكوميّة، وهو ما تحوَّل إلى قوّةِ دفعٍ مضادّة لتلك التي قدّمتها هجرة المتعلّمين من دول الاتّحاد السوفياتي بعد تفكّكه.
خسائر اقتصاديّة فادحة
خلافاً لحروبها السابقة التي تمكّنت خلالها من تحييد اقتصادها وتجنيبه الخسائر، تُواجِه إسرائيل في حرب غزّة خسائر اقتصاديّة فادحة، إذ للمرّة الأولى تدور العمليّات العسكريّة في قلب المجتمع الإسرائيلي، وتشمل مختلف مناطق الكيان، علماً أنّ المنطقة التي دخلتها حماس (أي غلاف غزّة)، هي المسؤولة عن تزويد الاقتصاد بنحو 75% من المحاصيل الزراعيّة، وباتت منطقة عمليّات عسكريّة مُقفلة، ممنوع الدخول إليها. أمّا بالنسبة إلى حَجْم الخسائر، فهناك أرقام عدّة مُتداوَلة، منها تقديرات وزارة الماليّة التي حدَّدتها بنحو 53 مليار دولار، خلال الشهر الأوّل لهذه الحرب، ويزداد الرقم مع طول مدّة الحرب. ومن الطبيعي أن تخفي الحكومةُ الأرقام الحقيقيّة للخسائر، وتُقلِّل من تأثيرها إزاء وكالات تصنيف الائتمان التي تتّجه إلى "تصنيف سلبي" للنظرة المستقبليّة للاقتصاد الإسرائيلي.
وعلى الرّغم من أنّ مُوازَنة إسرائيل للعام 2023، قَبل الحرب، بلغت 130 مليار دولار، وهي أضخم موازنة في تاريخها، غير أنّها اضطرّت مع اندلاع الحرب إلى إقرار موازنة مُلحَقة "غير مسبوقة" بقيمة 8.1 مليار دولار، لتلبية حاجات الحرب العسكريّة، ما سيؤدّي إلى ارتفاع العجز المالي إلى3.7% من النّاتج المحلّي، ثمّ إلى 5% في العام 2024. وعلى الرّغم أيضاً من تخصيص البنك المركزي 45 مليار دولار لحماية سعر صرف الشيكل، فقد تدهوَرت قيمته، مُسجِّلاً أطول سلسلة خسائر منذ 39 عاماً. وبلغت خسارة المركزي 7.3 مليار دولار من احتياطاته من العملات الأجنبيّة. أمّا على صعيد خسائر قيمة الأسهم في بورصة تلّ أبيب، فقد تجاوزَت 204 مليارات دولار، بينها نحو 27 مليار دولار في شهر تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي.
وفي ما يتعلّق بالانكماش المتوقَّع للاقتصاد الإسرائيلي خلال ما تبقّى من العام 2023، توقَّع "جي بي مورغان" انكماشاً بنسبة 11%، فيما توقَّعت وكالة "أس أند بي غلوبال" انكماشاً بمقدار 5% جرّاء هذه الحرب، وعدَّلت الوكالةُ نظرتها إلى إسرائيل من مستقرّة إلى سلبيّة، وتوقّعت أن تُواجِه عجزاً حكوميّاً بنسبة 5.3% خلال عامَيْ 2023 و2024، نظراً إلى الإنفاق الدّفاعي الكبير الذي تفرضه الحرب.
بايدن وانتخابات الرئاسة
يشكّل تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته تلّ أبيب مع بدء حرب غزّة الأخيرة، على أنّ دعم بلاده لإسرائيل "صلبٌ كالصخر وراسخٌ في التاريخ"، وهو نمط اعتيادي "خطابيّاً" للرؤساء الأميركيّين، ويعود تاريخيّاً مع بدء دعْم واشنطن لإسرائيل منذ تأسيسها في العام 1948. وقال بايدن إنّ "الولايات المتّحدة تقف بجانب إسرائيل، ولن نخفق أبداً في مساندتها". وبدَوره كرَّر وزير الدفاع لويد أوستن التزام بلاده دعم إسرائيل، وقال "إنّ الجيش الأميركي يضمن حصولها على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها".
وأقامت واشنطن تعاوناً ثنائيّاً وثيقاً مع إسرائيل في مجالاتٍ عدّة، على رأسها التعاون العسكري الذي أصبح ركناً أساسيّاً في علاقات البلدَيْن. وفي العام 2016 وقّعت حكومتا البلدَيْن مذكّرة تفاهُمٍ مدّتها 10 سنوات بشأن المساعدات العسكريّة، وتغطّي السنوات الماليّة 2019 - 2028. وبموجبها، تعهّدت الولايات المتّحدة بتقديم 38 مليار دولار من المساعدات العسكريّة لتلّ أبيب مقسَّمة إلى 33 مليار دولار من مِنح التمويل العسكري الأجنبي و5 مليارات دولار من مخصّصات الدّفاع الصاروخي.
ونتيجةً للمساعدات العسكريّة الأميركيّة المُتواصلة، أصبحت القوّات المسلَّحة الإسرائيليّة واحدة من أكثر الجيوش تطوّراً من الناحية التكنولوجيّة في العالَم، وأقرّ الكونغرس في العام 2008 بأنّ إسرائيل ستتمكّن بهذا التفوّق من الإطاحة بأيّ تهديدٍ تقليدي من أيّ دولة منفردة، أو من تحالفٍ لدول عدّة، أو مجموعاتٍ وتنظيماتٍ عدّة ليست دوليّة.
كما أَسهمت المساعدات الأميركيّة في تأسيس صناعةٍ دفاعيّة محليّة إسرائيليّة، أَصبحت تصنَّف من أكبر مصدّري الأسلحة على مستوى العالَم، إذ تقوم شركات الدّفاع الإسرائيليّة بتصدير ما يقارب 70% من منتجاتها، لدرجة أنّ الجيش الأميركي قد اشترى في العام 2019 معدّاتٍ إسرائيليّة بقيمة 1.5مليار دولار، وهو ما يُمثِّل زيادةً بمقدار 5 أضعاف عمّا كان عليه الأمر قَبل عقدَيْن من الزمن.
لكنْ في المقابل، ترتفع حدّة الاحتجاجات لدى الشعب الأميركي، ويزداد عدد الناشطين الذين يعبّرون عن غضبهم تجاه سياسة بايدن المُنحازة والداعمة لإسرائيل وتمويل حربها "ضدّ المدنيّين والأبرياء" في غزّة، في وقتٍ تُواجِه فيه الولايات المتّحدة أخطارَ التداعيات السلبيّة لخفْضِ تصنيفها الائتماني من قِبل وكالات التصنيف العالميّة، وارتفاع ديونها إلى 33.5 تريليون دولار. وهُم يُطالبون باسترجاع الضرائب التي دفعوها لخزينة الدولة. وتبيَّن من استطلاعٍ أعدّته شبكة "سي. بي. أس" أنّ 56% يعارضون طريقة الدّعم لإسرائيل، مقابل 44% يؤيّدونها، ونحو 57% يؤيّدون إرسال مساعداتٍ إنسانيّة إلى غزّة وإسرائيل. وأَفاد استطلاعٌ آخر بأنّ 66% من النّاخبين يدعمون وقف إطلاق النار.
ومع تفجُّر الأوضاع في غزّة، احتلّ العدوان الإسرائيلي حيّزاً غير مسبوق في انتخابات الرئاسة الأميركيّة المُرتقبة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024. ويُواجه الرئيس بايدن مأزقاً مزدوجاً، على المستويَيْن الشعبي والحزبي، على نحوٍ بات يَنعكس سلباً على صورته كرئيسٍ في نَظَرِ الأميركيّين، وكقائدٍ من منظور "الديموقراطيّين"، بما يُهدِّد فُرص فوزه بولايةٍ رئاسيّة جديدة. وفي ظلّ ترجيحاتٍ بأن يتمخّض المشهد التمهيديّ الانتخابيّ عن تكرار "نِزال" العام 2020 بينه وبين سلفه دونالد ترامب، لا يبدو واقع الرجلَيْن على أحسن ما يُرام، علماً أنّ كليهما عانا من اهتزازِ "صورتَيْهما" بسبب هذه الحرب. ولكن يُمكن تتبُّع مصادر قلق بايدن على "مصيره الرئاسي" بصورةٍ جوهريّة، من الانقسامات الحزبيّة المُتفاقمة في أوساط "الديموقراطيّين" حيال مجريات الحرب في الأراضي الفلسطينيّة المحتلَّة، وما تخلّفه من أصداءٍ داخل إدارته، وفي الشارع الأميركي، وكذلك، وإنْ بصورة ثانويّة، من تَبعات توجُّه مجلس النوّاب الأميركي لإطلاق إجراءاتٍ لعزله من منصبه على خلفيّة قضايا لاحقت نجله هانتر.
وفي وقتٍ يتطلّع فيه الرئيس "الثمانينيّ" إلى الحصول على ولايةٍ ثانية، يُحذّر محلّلون أميركيّون من أنّ ما يصفونه بـ "تحالف نتنياهو – بايدن"، قد يفضي إلى خسارة الأخير تأييد بعض وجوه "الجناح التقدّمي"، ومن بينهم عضو الكونغرس من أصول فلسطينيّة رشيدة طليب، والسيناتور بيرني ساندرز، ممَّن يطالبون إسرائيل بضبْط النَّفس، وبوقْفٍ فوريّ لإطلاق النار في غزّة، من ناحية، ويدينون تعامل الإدارة الأميركيّة مع مجريات الأمور، من منطلق تخوّفهم من نتائج ذلك على ما يعتبرونه دَور الولايات المتّحدة كـ "وسيطٍ نزيه للسلام" بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين، من ناحيةٍ ثانية.
*كاتب ومحلّل اقتصادي من لبنان - مؤسسة الفكر العربي