إنقِسامُ الشّرقِ و الغربِ و شموليةُ الحَربْ.. إلى أينَ تَتَّجِهُ السياسيةُ الدوَلية في تَصاعدُ التّوتُّرِ بَينَ طَرفَيْ العالَمْ؟

news image

 

تقرير - مروة شاهين - بث: 


على الرغم من كون كندا دولةً ديمقراطية مسالمة تعيش في واحدة من أبعد البقع الموجودة على الكرة الأرضية، و على الرغم من قلّة تدخّلها في المشهد السياسي العالمي و مسائل التنافس الدولي، إلا إنه لا يجب إغفال كون كندا جزءاً لا يتجزأ من العالم الغربي، تتبنى ما يتبنّاه الغرب و تُعادي ما يُعاديه، لا سيما و أنها دولة عضو في حلف شمال الأطلسي المُوجه ضدّ روسيا منذ نشأته، لكنه سرعان ما تحول إلى حلف أميركي يُعادي كل ما تعاديه الولايات المتحدة الأمريكية، و بالتالي فإن كندا ليست بعيدةً أيّ بعدٍ عن المشهد السياسي المعقد الذي يسود العالم. 
كانت كندا منذ نشأتها، تمارس ظهوراً خفياً نوعاً ما في المشهد السياسي الدولي، ذلك أن وضعيتها كدولة تابعة للتاج البريطاني أولاً، و دولة واقعة تحت المظلة الأميركية ثانياً، لكن السنوات القليلة الماضية حملت معها تغيرات كبيرة على المستوى الدولي، إذ بدأت كندا، التي تحاول الخروج من التبعية التامة للدول الكبرى (التاج البريطاني و الولايات المتحدة الأمريكية) في محاولة رسم شخصية مستقلة نسبياً على الساحة العالمية خلافاً لتاريخها السابق ، حيث كانت شخصية الدولة الكندية ذائبةً في السياسة الدولية التي ترسمها الولايات المتحدة الأمريكية و حلف شمال الأطلسي التابع لها. 
إذ بدأت كندا مؤخراً بممارسة ظهورٍ خجول على مسرح السياسة العالمية لكن هذا الظهور سرعان ما تحول إلى تداخل كندي في مجال التنافس الدولي على النفوذ و الصراع، إذ كانت الصين اول خصمٍ بدأت كندا بممارسة بعض السياسات الخارجية العدائية ضده، لا سيما َ أن الصين كانت منذ البداية تعامل كندا كجزء من العالم الغربي، و بالتالي تعتبرها خصماً من الناحية السياسية و الاقتصادية على حدّ سواء. 


توتُّرٌ دبلوماسيٌّ كَبير بسببِ النّشاط الصّيني في الأراضي الكندية:


لم تستطع كندا و الصين هذه المرة إبقاء الخلافات بينهما طيّ الكتمان، إذ أعلنت كندا أنها استدعت السفير الصيني لديها لتوضيح مسألة مراكز الشرطة الصينية التي يشتبه بإقامتها على الأراضي الكندية، وحذرت من اتخاذ تدابير بهذا الشأن، بحسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. 
وقال المدير العام لشمال شرق آسيا في وزارة الخارجية ويلدون إيب "طلبنا من السفير مرارا أن يحضر للتباحث معنا وأعربنا عن قلقنا الكبير بهذا الصدد".
لكن بكين أكدت أن هذه "المراكز" لا تتعلق إطلاقا بأي شرطة بل "هدفها الرئيسي تقديم مساعدة مجانية للمواطنين الصينيين".
وجاء كلام الدبلوماسي الكندي في إطار عرض للعلاقة بين كندا والصين أمام لجنة برلمانية. وأوضح إيب أن أوتاوا تدرس احتمال "اتخاذ تدابير أخرى".
وكانت الشرطة الفدرالية الكندية أعلنت قبل شهر أنها تحقق في معلومات تفيد بأن الصين أنشأت مراكز شرطة في كندا وقامت بمضايقة مهاجرين صينيين فيها.
وفتح التحقيق بعدما كشفت مجموعة "سيفغارد ديفندرز" الحقوقية ومقرها إسبانيا، أن للصين 54 مركز شرطة مماثلا عبر العالم، بينها 3 في منطقة تورونتو، أكبر مدينة في كندا.
وأفادت المجموعة بأن بعض هذه المراكز يتعاون مع الشرطة الصينية للقيام "بعمليات لحفظ النظام على أراض أجنبية".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين إن هذه المعلومات "خاطئة تماما"، مؤكدا خلال مؤتمر صحفي أن بكين تحترم "تماما" سيادة البلدان الأخرى.
كما أثار رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يي مطلع هذا الأسبوع مع الرئيس الصيني شي جيبينغ قضية "التدخل" الصيني في شؤون مواطنين كنديين بعدما اتّهمت أوتاوا في الأسابيع الأخيرة بكين بالتدخل في أنظمتها الديمقراطية والقضائية.


إستراتيجيةٌ  كنديّة مُوجّهة ضدَّ الصّين:


إذ كشفت كندا في وقت سابق عن إستراتيجيتها الاقتصادية والدبلوماسية الجديدة لمنطقة آسيا والمحيط الهادي، وخصّصت 1.7 مليار دولار أميركي على مدى السنوات الخمس المقبلة للخطة الهادفة إلى تخفيف وطأة المخاطر التي تُمثّلها الصين.
وبنت حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو إستراتيجيتها على 5 محاور رئيسية: تعزيز السلام والأمن؛ ويشمل هذا المحور طريق إرسال سفينة حربية إلى المنطقة، وتعزيز التجارة والاستثمار، ودعم مشاريع "مساعدة دولية للنساء"، وتمويل البنية التحتية المستدامة، وزيادة الحضور الدبلوماسي الكندي.
وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي -في بيان- إن "مستقبل منطقة المحيطين الهندي والهادي هو مستقبلنا، فلدينا دور نلعبه في تشكيله، ولهذه الغاية يجب أن نكون شريكًا حقيقيًّا وموثوقًا" للحلفاء الغربيّين.
وشدّدت على أن "هذه الإستراتيجية تبعث رسالة واضحة: كندا موجودة في المنطقة وهي موجودة لتبقى".
وأضافت أن خريطة الطريق هذه تهدف إلى "تعميق التزامنا في منطقة المحيطين الهندي والهادي خلال السنوات العشر المقبلة، عبر زيادة إسهامنا في السلام والأمن الإقليميَين".


تَهديدٌ كنديّ ب"صريح" العِبارة:


وفي مقابلة مع صحيفة "لابريس" اليومية الناطقة بالفرنسية، قالت جولي إن الرسالة موجهة تحديدا إلى بكين التي يسود التوتر علاقاتها بأوتاوا. وقالت جولي للصحيفة "هناك مشكلة أساسية في حقيقة أن الصين لا تحترم المعايير الدولية حاليا وتحاول تغييرها أو تفسيرها لمصلحتها الخاصة".
وقالت الوزيرة إن الحكومة لن تذهب إلى حد تقديم المشورة للشركات الكندية بعدم ممارسة أعمال تجارية في الصين. وأضافت أن "وظيفتي هي شرح المخاطر. وأنا أقول إن هناك مخاطر جيوسياسية في ممارسة الأعمال التجارية في الصين".


جُذورُ التّوتُر: 


و يعود التوتر في العلاقات الصينية الكندية إلى ما يُقارب عقداً من الزمن، لكن الخلافات حينها كانت تجري في أروقة الدبلوماسية السرية، و لكن في السنتين الماضيتين، بدأت الخلافات الصينية الكندية تظهر إلى العلن، إذ قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بتوبيخ رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أمام عدسات الكاميرات خلال قمة مجموعة العشرين، في سجال علني غير معهود من شأنه أن يزيد تعقيد العلاقات المتوترة أساسًا بين البلدين.
وأظهر فيديو سجّله صحفيون خلال قمّة مجموعة العشرين -التي استضافتها بالي- شي وهو يوبّخ ترودو بعدما تمّ تسريب تفاصيل عن محادثات عقدها الزعيمان إلى وسائل الإعلام.
وبلغت العلاقات بين البلدين أدنى مستوياتها عندما أوقفت السلطات الكندية المديرة التنفيذية في هواوي مينغ وانتشو عام 2018 بتهمة انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
واعتقلت بكين لاحقا مواطنَين كنديين في الصين هما مايكل سبافور ومايكل كوفريغ في خطوة عدّها كثيرون انتقامية. وأطلق سراح مينغ والكنديين العام الماضي بعد مفاوضات شاقة.


كندا تَعتبِرُ الصّين خطراً على الوِحدة الغربيّة و تَدعو إلى التَوحُدِّ ضِدّها:


إذ اتهم رئيس وزراء كندا جاستن ترودو الصين بتأليب بعض الدول الغربية على بعض، مطالبا بتشكيل جبهة موحدة ضد بكين لمنعها من استخدام المصالح التجارية في تحقيق هذا الهدف.
وفي مقابلة مع شبكة "غلوبال نيوز" التلفزيونية، قال ترودو "اندلع تنافس بين الأصدقاء لأننا ديمقراطيات رأسمالية تحاول أن تحسن أوضاعها، خاصة في ضوء الفرصة الاقتصادية الاستثنائية لارتفاع مستوى الطبقة المتوسطة الصينية".
وتابع ترودو "إننا نتنافس، واتجهت الصين إلى التسبب في نزاعات بيننا بمهارة شديدة من حين إلى آخر في سوق مفتوحة وبطريقة تنافسية".
وأضاف رئيس الوزراء الكندي أنه ينبغي على الدول الغربية تحسين أسلوبها في العمل المشترك، وتشكيل اتحاد قوي فيما بينها، والتمسك بمواقفها، بحيث لا تتمكن الصين من استغلال الفرص وتقسمها إلى أطراف متناحرة.
وجاءت تصريحات ترودو بالتزامن مع توتر بين الحكومتين، حيث احتجزت الصين كنديين اثنين نحو 3 سنوات واتهمتهما بالتجسس، وهي الخطوة التي رأتها كندا بمنزلة انتقام من قبضها سابقا على مينغ وانتشو المديرة المالية لمجموعة هواوي الصينية للاتصالات.
و وفي وقت سابق ، أعلنت كندا مقاطعتها الدبلوماسية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية القادمة في بكين، أسوة بالولايات المتحدة، وقال ترودو في مؤتمر صحفي "نحن قلقون للغاية حيال انتهاكات الحكومة الصينية لحقوق الإنسان".
وتتهم منظمات حقوقية دولية الصين باحتجاز ما يصل إلى مليون من الإيغور المسلمين في معسكرات اعتقال بإقليم شينجيانغ منذ 2017، وتنفي الصين ذلك، إذ تزعم أن الأمر يقتصر على برامج  تأهيلية لمكافحة "التطرف" بين الإيغور.


تَعاظُم الدور الصيني.. و التدخل الدبلوماسي في حرب أوكرانيا:


إذ قال وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر إنه يعتقد أن الحرب الروسية الأوكرانية تقترب من نقطة تحول، ويتوقع إجراء مفاوضات سلام بين روسيا وأوكرانيا بحلول نهاية العام بفضل الجهود الأخيرة التي بذلتها الصين.
ولفتت نيوزويك الانتباه إلى أن بكين حاولت إعادة المحادثات بين كييف وموسكو عبر مبادرة من 12 نقطة نُشرت في الذكرى السنوية الأولى للهجوم الروسي على أوكرانيا، وتضمنت إلى جانب الدعوة لوقف إطلاق النار، ترك القوات الروسية في الأراضي التي استولت عليها بأوكرانيا، ووضع حد لأي عقوبات لم يوافق عليها مجلس الأمن الدولي.
وفي تشكيك حول الدور الصيني من قبل السياسيين الأوكرانيين، نسبت نيوزويك إلى عضو البرلمان الأوكراني أولكسندر ميريزكو قوله لها عقب زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لموسكو في مارس/آذار الماضي؛ إن الصين ليست مهتمة بانتصار أوكرانيا في الحرب وإعادة كل أراضيها المحتلة، وإن فوز أوكرانيا يعني انتصار الصين للديمقراطية وهزيمة شريكها الإستراتيجي (روسيا)، "الصين ستبذل قصارى جهدها لمنع حدوث ذلك".
ومع ذلك كما تقول المجلة أجرى شي في وقت لاحق محادثة هاتفية لمدة ساعة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أبريل/نيسان المنصرم. وقال الرئيس الصيني لزيلينسكي -وفقا لملخص رسمي من الصين- "وسط الارتفاع الحالي في التفكير المنطقي والأصوات من جميع الأطراف، يجب أن ننتهز الفرصة لبناء ظروف مواتية لتسوية سياسية للأزمة". وقال زيلينسكي على تويتر "أجرينا محادثة طويلة وذات مغزى"، مضيفا أن هذه الدعوة -فضلا عن تعيين سفير لأوكرانيا لدى الصين- "ستعطي دفعة قوية لتنمية علاقاتنا الثنائية".
واستمرت المجلة لتقول إنه وعلى الرغم من أن مسؤولي بوتين والكرملين قالوا إنهم منفتحون على مناقشة الحرب مع أوكرانيا، فإن شروطهم لمثل هذه المحادثات تشير إلى أن وقف إطلاق النار بعيد المنال، وبالمثل أشارت أوكرانيا إلى أنها لا تستطيع التفاوض مع بوتين بسبب أمر المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض عليه بشأن الترحيل المزعوم لأطفال أوكرانيين.
وكان مستشار الرئاسة الأوكراني ميخايلو بودولاك غرد بعد صدور المذكرة في مارس/آذار الماضي بأن تعريف بوتين بأنه "مجرم دولي واضح ويعني بشكل مباشر أنه لن تكون هناك مفاوضات مع النخبة الروسية الحالية".


عودةُ العالَمِ إلى انقسام الشرق و الغرب..بوتين يُعمِّق مفاهيم العَداء الغربي لروسيا:


فليست الصين وحدها من تعيش حالة عدائية من قبل الغرب، إذ قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء في احتفال بذكرى الانتصار على ألمانيا النازية إن "الحضارة عند نقطة تحول" متحدثا عن حرب تشن على روسيا، وقد أقيمت الاحتفالات وسط إجراءات أمنية مشددة عقب سلسلة هجمات بالطائرات المسيرة من بينها هجوم على الكرملين نفسه الأسبوع الماضي.
وأضاف بوتين أمام آلاف الجنود والساسة الروس المجتمعين في الساحة الحمراء بموسكو "ما من شيء أكثر أهمية الآن من مهمتكم العسكرية، أمن الوطن يقع على كاهلكم ومستقبل دولتنا وشعبنا منوط بكم"، مخاطبا القوات الروسية المشاركة في الحرب على أوكرانيا.
واعتبر الرئيس الروسي أن الحرب التي بدأتها بلاده ضد جارتها أوكرانيا الهدف منها "الدفاع عن روسيا ضد عدوان غربي"، يرمي إلى دفع روسيا للانهيار والدمار، واتهم بوتين من سماهم "النخب الغربية المعولمة" بـ"تحريض الشعوب على بعضها البعض، وتقسيم المجتمعات وإثارة نزاعات دامية"، وهي تصريحات تذكر في مضمونها وشكلها بتلك الصادرة إبان الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والغرب.
وعقب خطاب مقتضب للرئيس بوتين، اجتاز الآلاف من الجنود الساحة الحمراء الشهيرة، ملوحين بالأعلام الروسية والسوفياتية.
ويعد يوم النصر من أهم العطلات الرسمية في روسيا، ويحيي فيه الروس ذكرى الجهود التي بذلها الاتحاد السوفياتي لهزيمة ألمانيا "النازية" إبان الحرب العالمية الثانية (1939-1945).


تدابيرٌ أمنيّةٌ مُشددة بسبب الحرب في أوكرانيا:


اذ أن السلطات الروسية ألغت تحليق طائرات خلال العرض العسكري، مما يعكس تدابير أمنية مشددة لأسباب من بينها هجمات الطائرات المسيرة.
وأشارت تقارير أيضا إلى مشاركة عدد أقل من الجنود والعتاد العسكري في العرض هذا العام لأن الحرب الأوكرانية تستنزف الرجال والعتاد بشدة، وألغت السلطات مواكب يحمل فيها الناس صور أقاربهم الذين قضوا خلال الحرب مع النازية.
ومن بين التدابير الأمنية التي اتخذتها روسيا بمناسبة احتفالات يوم النصر إلغاء مسيرات يوم النصر في أكثر من 20 مدينة روسية بسبب مخاوف أمنية، وألغيت الاحتفالات إلى حد كبير في المناطق الروسية القريبة من الحدود مع أوكرانيا، وطال الإلغاء أيضا شبه جزيرة القرم جنوبي أوكرانيا والتي ضمتها روسيا منذ العام 2014.
وجاءت التدابير الأمنية عقب هجمات بطائرات مسيرة تعرضت لها الأراضي الروسية في الأسابيع القليلة الماضية، ومنها هجوم على الكرملين في الثالث من مايو/أيار الحالي، قالت موسكو إنه كان محاولة من كييف لاغتيال بوتين، وهو ما تنفيه أوكرانيا.
وردا على سؤال عن إلغاء بعض احتفالات يوم النصر، ألقى ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين باللائمة على أوكرانيا، قائلا "عندما يتعين علينا التعامل مع دولة راعية للإرهاب بالفعل، فمن الأفضل اتخاذ إجراءات استباقية".
وإلى جانب الهجوم على مجمع الكرملين، تتهم موسكو أوكرانيا أيضا بالمسؤولية عن ضربات بالطائرات المسيرة خلال الأسبوع المنصرم على مستودعات وقود وقطارات شحن وعدة أهداف في شبه جزيرة القرم.


تقاريرٌ غربيّة تُرجّحُ مساعدة موسكو و بكين لإيران في تطوير برنامجها النووي:

إذ تمتلك طهران الآن أجهزة طرد مركزي متقدمة، ومخزونًا متزايدًا من اليورانيوم العالي التخصيب، وكادرًا من الفيزيائيين والمهندسين النوويين ذوي الخبرات العالي، فضلا عن رعاية من قوتين كبيرتين، مما يجعلها ربما أصبحت قاب قوسين أو أدنى من امتلاك التكنولوجيا الضرورية لإنتاج سلاح نووي، وفقا لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
إذ أن الضابط السابق المشارك في تتبع الشؤون الإيرانية بوكالة المخابرات المركزية الأميركية رويل مارك جيريخت، والخبير في مجلس العلاقات الخارجية راي تاكيه، قالا إن تحالف طهران مع كل من موسكو وبكين ربما ذلل أي عقبات تقنية مهمة كانت تعيق حصولها على السلاح النووي.
ولفت الكاتبان إلى أن ازدياد سرعة برنامج إيران النووي أثناء رئاسة باراك أوباما دفعت واشنطن والأوروبيين إلى تشديد العقوبات على إيران، وأحيانًا بموافقة الصين وروسيا.
أما اليوم، فتعد الجغرافيا السياسية أكثر ميولا لإيران، بعد أن تبين من خلال غزوه لأوكرانيا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يعبأ بنظام عالمي تقوده أوروبا والولايات المتحدة، لم يعد يهتم بمصالح روسيا في النظام التجاري الليبرالي العالمي.
واستنتجا أن هذا التحالف التعديلي أنهى عزلة إيران الإستراتيجية، في ظل سعي الدول الثلاث (روسيا والصين وإيران) لتقليص الهيمنة الأميركية، وهي تدرك أنها بحاجة إلى مساعدة بعضها عسكريًا واقتصاديًا لتحقيق الأهداف المشتركة، وهو ما جعل إيران تزود روسيا بتكنولوجيا الطائرات المسيرة وقذائف المدفعية لاستخدامها في الحرب الأوكرانية.
كما لم تعد روسيا -وفقا للكاتبين- لتتلكأ في تزويد طهران بمقاتلات "سوخوي سو-35" (Sukhoi Su-35) المتطورة، وأنظمة دفاع جوي أكثر تطورًا من تلك الموجودة لدى طهران، بل ربما تكون موسكو مستعدة لإمداد طهران بأي خبرة نووية تحتاجها.
ويرى الكاتبان أن من شأن حصول إيران على القنبلة أن يسرّع الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط، فإذا كانت الطبقة السياسية الأميركية ظلّت تعارض توجيه ضربات عسكرية لمواقع نووية إيرانية، فليس من الصعب تصور هؤلاء السياسيين وهم يبررون أن القنبلة الإيرانية لا تعني سوى القليل لميزان القوى العام، وأن التركيز ينبغي أن ينصبّ على آسيا.
أخيراً، إن التغيرات الحاصلة على المشهد السياسي الدولي لا يمكن باعتبارها سوى عودة لتهيئة ظروف حرب باردة جديدة متعددة الأطراف، تكون كل دولة لديها إمكانيات سياسية أو اقتصادية طرفاً مُباشراً فيها، بحيث لا تكون هذه الحرب حرباً بين دولتين أو قطبين فقط، بل بين قِسمَيْ العالم (الشرق و الغرب) ، و لا نُبالِغُ إن قُلنا أن هذه الحرب قد ترقى إلى مستوى حرب الإلغاء، لأنها ستحصُل بين أطراف متضادّة في كل شيء، بدءاً من الأفكار السياسية و الدينية، وصولاً إلى مجالات الثقافة و تنظيم المجتمع و الحضارة و الاقتصاد، ما يُضفي على هذه الحرب طابع الشمولية، و يجعلها أخطر بكثير من كافة سابقاتها.