ألا يتعلمون من دروس التاريخ ؟!

كتب - عبدالله العميره
زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للمملكة، لم تكن مفاجئة..
المفاجئ أن لايكون الرئيس السيسي في بيته وبين أشقائه، بدون رسميات..
وكم من التعساء والحاقدين أحزنتهم وأغاضتهم زيارة الشقيق لأشقائه !
_____
الإختلاف ممكن أن يحدث بين الأشقاء، حتى في البيت الواحد، ولكن لايمكن أن يدوم .. فالأصل هو الإتفاق.
التاريخ ملئ بالدروس، وبعض الناس لا يقرأ أحداثه. وإن قرأ؛ لايفهم، ولا يتعلم.
العلاقة بين المملكة ومصر، ليست حبراً على ورق عابر، أو سياسات تتفق وتختلف بحسب الأمزجة ، أو ورق يُطوى ولا يقرأ..
والعلاقة بين البلدين ليست شعارات تظهر وتزول.. أو يُسيّرها " دلبوح عظيم الكردوس دماغة هلام مطحلب".
_____
ذات مرة قال لي مسؤول: " العلاقة بين البلدين أعمق مما تتصوره شعوب المنطقة، والدول الشرقية والغربية.
العلاقة بين الشعبين متجذرة، يتسارع عمقها رسوخاً أكبر مما يتصوره البعض ممن يحاول إيجاد شرخ؛ كلما طفى على السطح بعض ما يسعد الحاقدين والحساد من عملاء الأعداء، ومن ألد الأعداء..
_____
هذا المقال؛ أعتبره عابر، كتبت، ويكتب غيري من المحبين، مثله وأفضل بعد كل حالة عتاب؛ ما تلبث أن تزول.. وتستكين الحالة عند طبيعتها، وتزيد رسوخاً وتماسكاً، بخاصة في زمن يؤكد أن كل أخ لايمكن أن يستغني عن أخيه .
ومقالي هذه المرة ، أردت التأكيد على سؤال:
ألم يتعلم المغرضون والحاسدون، والسعداء بابتعاد البلدين عن بعضهما ؛ ألم يتعلموا من الدروس ؟!
نعم ؛ هناك اختلافات في الرأي .. ولكن، لاخلاف على المصالح المشتركة، ولا اختلاف على إدارة العمل كل في بلاده بالطريقة المناسبة.. وبالوسيلة التي تقرب بين الأشقاء.
ثمة أمر مهم، البلدان، بقيادتيها، وبمن فيهما من عقول سياسية، وإعلامية، ناضحة، لها بعد نظر، ودراية ؛ قادرين على معالجة أي اختلاف.
_____
كيف يكون الإختلاف بين الأشقاء المترابطين؟
هو كذلك ..
قد يكون العتاب قاسياً.. لكنه عتاب المحب.. عتاب يزيد من متانة العلاقة بين الأشقاء.
أما المثرثرون المتقوقعون حول ذاتهم، ممن يحاولون إثارة الرأي العام؛ لا قيمة لهم .
_____
الأجمل في الحالة السعودية المصرية الأخيرة، أن وسائل الإعلام " التقليدية / الرسمية، وحتى شبه الرسمية، بل وأيضا الخاصة المسؤولة " لم تتعامل مع الإختلاف، كما كانت تفعل سابقاً.
لأسباب :
أن وزيري الإعلام، ووسائل الإعلام، صارت أكثر نضجاً، وفهماً لتأثير الإعلام السلبي، عندما تستلم وسائل الإعلام المهمة، وتجعلها ساحة تراشق، لايقدم، ولا يفضي إلى حل، بل يؤخر.
الأهم؛ أن في البلدين قيادة مختلفة.
والعالم تغير عن ذي قبل.. تبدلت موازين قوى، وأصبحت سياسات التكامل بين الأشقاء هي الأكثر إلحاحاً لتعزيز القوة المشتركة وتوحيدها.
_____
التكامل بين المملكة ومصر؛ من أهم مطالب الشعبين، ومطالب شعوب دول الخليج، والعرب.
العلاقة تقوم على أعماق: تاريخية وحضارية ووجدانية..
العمق الحضاري المصري المعروف..
والعمق الحضاري السعودي على أرض الجزيرة العربية ضارب في التاريخ.
أهل العلم يعرفون ماذا كانت عليه أرض الجزيرة العربية، في أزل التاريخ .. "لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا"..
أكرر " حتى تعود " .. فقد كانت زاهية بالمروج والأنهار، والحياة صاخبة والحضارات.. حضارات سادت ثم بادت. وتبعتها حضارات.
( للتزود بمعلومات مفيدة.. يمكن الدخول على موقع هيئة التراث )
حضارات توالت في شبه الجزيرة العربية، ومن أوائل الحضارات البارزة - بعد ذلك:
حضارة المقر هي من ضمان الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية كانت توجد في إقليم نجد وتم إنشائها في عام 9000 قبل الميلاد.
وقوم عاد..شمال المدينة المنورة مدائن صالح.
وحضارة طسم وجديس، وهي حضارة قديمة في شبه الجزيرة العربية أقاموها قبل 3000 سنة ق م .
وحضارة دلمون؛ قامت هذه الحضارة في شبه الجزيرة العربية في القرن الثالث الألفية قبل الميلاد.
وحضارة ام النار، بدأت منذ عام 2600عام قبل الميلاد.
وحضارة مجان، وهي حضارة ظهرت بعد حضارة أم النار مباشرة.
ومملكة قيدار، 641 قبل الميلاد.
ومملكة كِندة، في القرن الثاني قبل الميلاد.
هذه بعض حضارات قديمة في الجزيرة العربية.
وفي التاريخ المزيد.. في صفحاته تفاصيل يمكن الرجوع إليها.
حضارات متتابعة إزدهرت، وإنعكس تأثيرها على الحاضر.
_____
لا أذكر هذا الجزء من تاريخ العرب في الحزيرة العربية ، وأصولهم، وحضاراتهم السابقة لأي حضارة على وجه الأرض.. لا أذكر ذلك للمؤرخين، إنما للشعوب، وبخاصة من يعتقد بفروقات حضارية بين العرب.
أو أن المملكة العربية السعودية؛ ليس لها تاريخ.
من يعتقد بأن السعودية ليس لها تاريخ حضاري؛ أكيد أنه لايعرف التاريخ، أو في عقله خلل، أو لم يخرج من ذاته، ولا يعتقد أن في الوجود غيره.
يوسف عليه السلام؛ خرج من الجزيرة العربية، وأنقذ فرعون من الجوع.
ومحمد صلى الله عليه وسلم ، خاتم الأنبياء ، خرج من أم القرى ، ودفن - عليه الصلاة والسلام، في المدينة. وشع نور الإسلام إلى أرجاء العالم.
وكانت - ومازالت مصر - من أهم المصادر الناقلة للإشعاع والتنوير الإسلامي.. خرج منها دعاة مهتدون على سنة محمد صلى الله عليه وسلم الصافية الخالصة من أي شوائب؛ أولئك؛ هداة مهتدون ، ممن لهم يد طولى في إيصال رسالة الإسلام الخالدة ، وتنقيحها من كل شائبةعلقت بصوفها وشعرها، المخالف للأصل النقي.
دعاة أزهريون من مصر ، يداً بيد، عقلاً مع عقل ، في وثاق مشدود مع علماء المملكة العربية السعودية.
تلك رسالة لابد أن يتعمق فيها ويفهمها المتحذلقون الجهلة.
حتى يكفوا عن الإتكاء المضحك على تقديرات وأفكار لامكان لها في التأثير على العلاقة بين مصر والسعودية.
مصر لها تاريخها، وحضارتها التي نفتخر بها، ولكننا نعتز ونفتخر بحاضرها أكثر.. نحب شعبها الطيب .. كل العرب يحبون شعب مصر، وندرك بأهمية مصر.
لذلك من يحب السعودية ، يتمنى لمصر أن تكون قوية بما يعزز قوة المملكة والعرب.
_____
جاهل؛ من يعتقد أننا نحاول أن نشتري الحضارة والتاريخ بالمال.
تاريخنا الضارب في الأعماق.. المتتابع ، لايقدر بمال، ولا بكنوز سليمان أو قارون.
الحضارة السعودية الحالية، هي التي جعلت العالم يفكر، ويسأل:
كيف تغيرت السعودية و إنطلقت في هذه المدة القصيرة؟!
لايمكن لحضارة أن تنطلق بهذه القوة إلا بتوفر قاعدتين:
الأولى: قيادة مبدعة، تستلهم تخطيطها من إرث حضاري متراكم.
الثانية: إمكانات كبيرة، ومخزون مستدام هائل. وعقول فذة مع إخلاص في العمل.
أما قيادتنا فقد توارثت الإدارة عبر أجيال..
آل سعود، يحكمون البلاد منذ ثلاثة قرون، في دولة إنطلقت عام 1727 - وقبل ذلك، يترسخ وجود الأسرة - آل سعود - في عمق الجزيرة، قيادات للعشائر والقبائل، ولهم وجودهم الفاعل في النسيج الإجتماعي .. حكام من الشعب، والشعب منهم).
هذا ليس شعاراً، بل واقع ، قد يتعجب منه من لايعرف إلا التنظير بالشعارات فقط دون حقائق.
أو؛ لايعرف حقيقة الوجود السعودي؛ من تعود على حكم الأغراب.
_____
المتابع للحالة السعودية، أن ثقة الشعب في نفسه وبقيادته، لا يوجد إرتهان بهذا الماضي العريق.. هذا أمر منتهين منه.
نحن التاريخ، ونحن نتغذى من جذور عميقة.. نحن أسيادنا منا، ونحن بهم أسياد.
هذا أمر لا تتوقف عنده المملكة وقيادتها وشعبها.
بل تمضي الحضارة إلى الأمام مستلهمين من التاريخ الوقود.
نحن نفخر بالعرب، وفي مقدمتهم الأشقاء في مصر.
وعلى العرب أن يفخروا بتاريخهم وحضارتهم الجديدة على أرض الجزيرة العربية (المملكة العربية السعودية).
العربي لايستجدي الفخر ..لأنه الفخر.
وأنا مع أخي، وابن عمي..
وكلنا نمضي إلى حيث نريد، من التكامل، وتبادل المنافع، والإستقرار والعيش الهانئ.