العقل الجمعي… لماذا لا يحب من لا يشبهه؟

✍️ عبدالله العميره
مقدمة:
في كل مجتمع، مهما اختلفت ثقافته أو دينه أو موقعه على الخريطة، هناك صوت خفيّ لا نراه، لكنه يُدير الكثير من ردود الفعل والتصورات:
العقل الجمعي.
ذلك الكائن اللامرئي الذي لا يفكر، لكنه يُحكم.
لا يُبدع، لكنه يُصنّف.
لا يتحاور، لكنه يُصدر الأحكام…
وهو غالبًا لا يحب المختلف، ولا يطمئن لمن لا يشبهه.
📌 ما هو العقل الجمعي؟
هو المجموعة من القناعات والانفعالات التلقائية التي تسكن وعي الناس كمجموعة، لا كأفراد.
هو ما يجعل مجتمعًا كاملًا يضحك على نكتة، أو يهاجم فكرة، أو يصفق لحالة، دون أن يُدرك أفراده أنهم لا يفعلون ذلك بقرار فردي.
العقل الجمعي يُشبه الظل الثقافي المشترك…
قد لا نراه، لكننا نتحرك داخله… ونخاف أن نخرج منه.
🔍 لماذا لا يحب من لا يشبهه؟
لأن المختلف يُهدد انسجامه.
العقل الجمعي يعيش على التكرار، واليقين المُريح، والطريق المألوف.
من يكسر الإيقاع، حتى لو كان أجمل… يبدو مزعجًا.
من يطرح سؤالًا جديدًا… يبدو كأنه يشكّك في كل ما سبق.
ولهذا، من يُفكر خارج السياق، يُرمى بتهم مثل:
"غريب، مجنون، معقّد، زايدها، ما يعرف مصلحته…"
وكم من نبغة، أو مفكر، أو فنان، أو زوهري…
دُفع خارج الدائرة، فقط لأنه لم يردد ما يردده الآخرون.
🌫️ العقل الجمعي واللاوعي… تحالف الخوف
العقل الجمعي لا يعمل وحده…
يتغذّى من اللاوعي الجماعي، من القصص الموروثة، والخرافات، ومخاوف الطفولة، وتجارب الفشل.
المختلف يُذكّرهم بما يخافون قوله.
الذكي يُحرك بداخلهم الشعور بالنقص.
الطيب الصادق يُعرّي زيف بعضهم دون أن يقصد.
ولأنهم لا يريدون مواجهة ذلك، يلجأون إلى الحل الأسهل: اتهام المختلف بأنه "خارج عن الجماعة".
🧩 الزوهري مثالاً…
خذ على سبيل المثال الإنسان الزوهري، كما جاء في تقرير لـ بث …
هو شخص يُحس، يُبادر، يُشبه نفسه لا غيره.
يفتح للناس الأبواب، ويعجز أحيانًا عن فتح بابه.
العقل الجمعي لا يفهمه…
فيراه إما مقدّسًا مبالغًا فيه، أو مجنونًا لا يُؤخذ على محمل الجد.
لكن الحقيقة؟
هو فقط شخص يسير أمام الزمن،
في مجتمع لا يزال يترنّح خلفه.
🎯 كيف تتعامل إن لم تكن منسجمًا مع العقل الجمعي؟
لا تبحث عن التشابه… بل عن الصدق.
– أن تكون شبيهًا بهم لا يعني أنك صادق مع نفسك.
كن ناعمًا في رفضهم… لكن صلبًا في فهمك.
– لا تهاجم، ولا تتراجع.
اصنع دائرتك الخاصة من العقول الحرة.
– لا تسجن نفسك في مجتمع لا يرى ما تراه.
ازرع أفكارك… ودع الزمن يحصدها.
– ما يُرفض اليوم، قد يُدرَّس غدًا.
ختامية رمزية:
العقل الجمعي كمرآة مكسورة… كلما حاولت أن ترى نفسك فيها، أعادت لك صورتك مشوهة.
لكنك لست مجبرًا أن ترى نفسك بعيونهم.
كن أنت… ودعهم يتعلمون لاحقًا كيف يُشبهونك.