عودة بلال علام.. كيف ؟ ولماذا ؟
كتب - عبدالله العميره
بعد غياب عامين؛ عاد #بلال_علام إلى التعليق على الدوري السعودي.
لا أعلم ما سبب العودة؟
هل هو نقص في المعلقين السعوديين؟
أم تنويع في الوجود على الساحة الرياضية السعودية التي أصبحت متقدمة على الدوريات العربية، وصارت عالمية؟ كلٌ يتمنى التواجد فيها؟
أم هناك سبب ثالث؟
لا أرغب التحدث عن السبب الأول ولا الثالث، فسأترك لكم التحليل، والتحقيق للتحقق، بما ترونه.
أنا؛ مع السبب الثاني، التنوع، بتواجد معلقين سعوديين، وعرب. وأجانب للقنوات الأجنبية الناقلة - إن رغبت تلك القنوات، وليس لديها معلق يحضر اللقاءات مباشرة.
ولأامنى حضور معلقين من القنوات الأجنبية نفسها، فوجودهم، لن ينقل مشاهد من المباراة، بل مشاهد أخرى عن الإنجازات في المملكة، وأسباب التطور.
(ولو إني أخاف أن يتأثروا من الموجودين، فلا يرون إلا التعصب الذي يعززه بعض المحللين المتكلسين وبعض مقدمي البرامج، أو بعض من الجماهير المتعصبة!).
_____
الإحتراف والعالمية تتطلب التنوع الذي يعزز القوة والرقي، كما احتراف اللاعبين، ووجود حكام أجانب.
الإنفتاح مطلوب، وأؤيد100% وجود خبرات عربية وعالمية - وأعني بالخبرات، أن يشارك في الدوري السعودي أفضل اللاعبين، وأفضل الحكام، وأفضل المعلقين، وأفضل المحللين .
لايجوز على الإطلاق، أن تدفع الأندية تكاليف استقدام حكم؛ وأشخاص لهم ميول متعصبة هم من يختاروا الحكام!!
كما لايجوز استقدام لاعبين ( أنصاف لاعبين من العالم) على حساب المحلي المتميز، ويُمنح الأجنبي (على الورق) رواتب خيالية، ويعودون لبلادهم، بعضهم يبقى محباً لنا، وكثير منهم يفضي بما رأى من فساد، وبأخلاقه السيئة فيسيئ لنا بعد أن أكل وشرب من طعامنا وشرابنا!
كما لايجوز منح الفرصة لمحللين أو مقدمي برامج سطحيين، لايرون في الحماسة بين الجمهور والمتعة؛ إلا من خلال التعصب ونشر الكراهية بين الجماهير!
عودة بلال علام بالمستوى الذي شهدناه في مباراة
التعاون والهلال، لايعطي إنطباعاً أنه عاد ليضيف.
كنت ( وربما غيري كذلك)، أستمعت إلى لغة تعليق قديمة، يذكرني ببلال علام قبل سنتين، عندما كان يدار التعليق بالمدح والميل الصاخب تجاه فريق، والقدح الصاعق للعقول المتزنة التي ترغب سماع معلومة من خبير، بإنصاف لايثير أحد.
( أن تكون منصفاً بدون إثارة أحد، هذا فن لايدركه إلا الخبراء).
كنت أستمع لبلال علام، وكأني أستمع للمعلق المصري محمد لطيف - رحمه الله، في زمن (طقها والحقها) ، ( وإذا فاتتك الكورة لايفوتك الرجال).. تقليدي ، مثير للشفقة بمدح كل من يقابله في الشارع؛ يقول له (تكفى امدحني) فيمدحه!
أعاد ذكر عبارات من أيام التعصب الأعمى، وشعارات متخلفة لأصحاب ميول اللون الواحد، وليس للفن الكروي. من أصحاب النظرة المحدودة الضيقة جداً.
بلال علام ، رجل أحترمه لشخصه، وكونه يطلب الرزق والسلامة.. وهو أستاذ في زمانه قبل عامين، وأعتقد مازال عنده الموهبة والثقافة التي تؤهله أن يبقة متميزاً في الحياد والإنصاف بدون هظم لأي فريق، يركز على المعلومة، وإضافة ثقافة معلوماتية ولغوية لجيل اليوم الشغوف بمتابعة كرة قدم راقية، في دوري يشهد منافسة قوية، ملفته للعالم المتابع بخاصة بعد قدوم النجم العالمي كريستيانو رونالدو.
إذا كان بعض اللاعبين الحمقى، والجماهير المتعصبة، وبعض الكتبه المتخلفة من بقايا الأمس، يريدون أن يفرضوا ثقافتهم وأساليبهم وتعاملهم السئ مع النجوم الكبار، بالرفس في الملاعب، والأساليب غير الأخلاقية ؛ يجب على المعلق المحترف المثقف أن يقدم الدروس في أخلاق اللعب، والتشجيع والتحليل والكتابة.
مع هضم متطلبات مهنة التعليق: الثروة اللغوية / الثقافة ، التحضير، الحياد، ودرجات التفاعل والإنفعال المعقول مع اللعب ، يعرف متى يتحدث، وكيف يتحدث، ويعرف متى يصمت، ويدع الشاشة تتحدث..الخ
من أدوار المعلق ( بخاصة أنه يتعامل مع حالة تتفاعل مباشرة مع الحدث / مع المباراة). أن يكون واعياً، وحذراً، وأستاذا في فن التعليق، في دوري له عناية خاصة من قيادة هذه البلاد.
إلا إذا كان علام عاد بإيعاز يهدف تكريس التعصب والتشاحن بين الأندية والمدرجات في المملكة، فهذا موضوع آخر يجب أن يوضع تحت المجهر!
فإما أن تكون عودته، وهو أكثر تطوراً، أو يعود من حيث أتى. والحكم ليس على علام فقط ، بل على كل معلق حتى لو كان سعودياً.
فالتعليق يتواكب مع العطاء في الملعب، ويتابعه العالم أجمع.
لانريد تشويه للدوري، سواء من معلق أو مدرب يوعز إلى لاعبيه بإيقاف النجوم بالضرب ، أو بالتصريحات حمالة المعاني غير الجيدة، ويستذكي فيها على الجماهير، بأساليب غبية. وتشويه اللعب والدوري أمام العالم. أولاعب جاء (مغترباً) ليستعمل أقذع الحركات تجاه المنافس في ملاعبنا.
من يريد أن يسئ، فعليه أن يتدارك تفسه بنفسه، أو أن توقفه السلطة الرياضية عند حده، وإعادته إلى بلاده.
نتذكر كيف تعاملت السلطات في دولة خليجية مع لاعب عربي تم تجنيسه، وعندما ارتقى منصة التتويج وضع على كتفه علم بلاده الأصلية، وليس علم المنتخب الذي يلعب له.. جاء القرارالسريع بإسقاط الجنسية منه وترحيله فوراً على أقرب طائرة.
وهكذا يجب التعامل مع أي مسئ لايحترم الأندية السعودية ولا الجماهير، ولا سمعة البلد.
_____
مثل الأستاذ بلال علام، وهو من بلد شقيق نحب الشعب فيها (مصر)، مثل تواجد بعض الأشقاء المصريين بكثرة على مواقع التواصل هذه الأيام .. وملاحظة دخولهم عالم ( الطقطقة البذيئة) ضد نادي سعودي. وكأني بهم حضروا، لاحباً في نادي سعودي وكرها في آخر، إنما أوجدوا - بإيعاز - لنشر التعصب وتعزيز الكراهية بين الجماهير الرياضية .
ومثل تلك الإيعازات الغبية؛ ممكن نجاحها - إلى حد ما - في ماضي السنوات.
الآن، كل شئ واضح، الناس أصبحت على معرفة. معظم الجماهير السعودية، تركت التجاهل والمجاملات، وأظهروا ذكاؤهم الذي لاينافسهم عليه أحد.
ومع لأن الذكاء السعودي يكشفهم، ويحبط إرادتهم الغبية، إلا أن الحذر من أساليب مشابهة.
وكثير من الجماهير العربية، تفهم ذلك أيضاً.
_____
رسالتي هذه لكل معلق، ومحلل، ومغرد.. أنتم تتواجدون في دائرة أقوى دوري عربي وآسيوي. والرياضة السعودية تجد إهتمام غير مسبوق من رأس الهرم في المملكة.
لايمكن تسليم البوصلة لأي كائن، مسؤول، أو رئيس نادي، أو لاعب، أو حكم، أو محلل، أو مقدم برنامج.. لايمكن تركهم يعبثون بالدوري، ويكرسون التعصب والبغضاء والتفكك بين أفراد المجتمع.
ليرتقوا بأنفسهم، وإلا سيكونوا ملفوظين من الجماهير من الأغلبية الصامتة.
إذا كانت بعض الجماهير وبعض المقدمين والمعلقين، والمحللين المتعصبين المتخلفين؛ يحاولون تصدرالمشهد؛ فإن صمت الراقين طالبي المتعة بدون تشويش من معلق أو حكم أو لاعب، يطالبون من رجل الرياضة الأول الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، أن يجعل حدوداً صارمة لمن يتجاوز، أو للدخلاء لتحقيق أهداف غير طيبة.
أرجو أن لايكون الصبر على الأذى في بدايته؛ ثقافة دائمة فينا.
لايكفي أن نبني؛ بل يجب - أيضاً - أن نعزز البناء بالقدرات المتميزة، ونصحح، وأن نحافظ على البناء من العبث.
المغرضون يعتبرون صبر المسؤلين في المملكة على (لسعة الشرارة) فرصة لهم لينفخوا فيها فتصبح حريقاً يصعب إطفائة، إلا بجهود وأموال مضاعفة - وغالباً ينتهي الصبر على صغار الأمور الخطيرة وهي في البداية، أو إهمالها، نتهي إلى ما يحط من قدرنا - بأننا لانستطيع إكتشاف الخطر ووأده من بداياته.
الصبر على ألذى - بخاصة في هذه الأيام بعد إنطلاق السياسة الجديدة في تشكيل القوة الناعمة / وأعني (هنا) المجال الرياضي) وخوف من لايريد الخير لنا، ولايريد لنا أن نتقدم يزيد من ردة فعل في محاولات لإقافنا، أو الإستثمار السلبي فيها.. الصبر لن يؤدي إلى خير.
ولا أعني أن نلاحق كل خطأ.. فلا أقصد كل الأخطاء. هناك أخطاء فردية لاتتكرر، وهناك أخطاء نتيجة العمل (من لايعمل؛لايخطئ)..
أعني الأخطاء المتكررة، والأخطاء المتعمدة، أو شبه المتعمدة.
لنضع في اعتبارنا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لستُ بالخِبِّ؛ و لا الخِبُّ يخدعُني".
ولاننسى من يصنع "الدبلوماسية الشعبية" و " القوة الناعمة" في الدول (؟!).
_____
أقدر للأستاذ بلال علام محبته للسعودية - كما نسمع منه عندما يخرج عن سياق التعليق ليعلن عن حبه للسعودية.. أقدر هذا؛ إنما المحبة بالأفعال، وليس بالأقول.. الأفعال ومضامين التعليق، والأسلوب في إيصال الرسالة؛ كلها لاتحتاج لثناء على الذات، أو إعلان المحبة والولاء.
هذا الكلام ينسحب على غيره من سعوديين وغير سعوديين، من جماهير، ومغردين، ومحللين .
_____
أستاذ بلال: استثمر في خبراتك، وقبولك، قبل أن تنحدر إلى مكان لا أحد يريده لقامة إعلامية .. طور من نفسك، من أسلوبك.. تابع المعلقين العالميين، كيف يخرجون ثروتهم المعرفية واللغوية، كيف (يشدّون) المتابع بثقافة فريدة، ومتى يسكتون تاركين المشهد يتحدث. إبتعد عن الميول، أو الإنسياق وراء المتعصبين.
كن صديقاً للجميع وكما تريد ؛ خارج الملعب. إنما في الملعب يجب أن يكون صديقك عقلك النزيه الواعي و"الميكروفون"،وجميع جمهور الأندية.
إرتقي بالجمهور.. أعتقد خبرته وثقافتك، تمكنانك من تعليم الجماهير كيف يحبون أنديتهم بدون إيذاء الأندية الأخرى.
يجب الإبتعاد عن ثقافة " المخرج عاوز كدا " ، لايوجد " مخرج " محترف، وطني، يسعى للرقي والإرتقاء، وعلى العدل والمصلحة العامة؛ يوافق على أن يحدد ميولك أوأسلوبك في التعليق.
_____
تلك رسالة - ليست لبلال - فقط، بل للجميع.
وأشكر الأستاذ بلال علام الذي ألهمني بعودته في أول مباراة بالدوري السعودي؛ بعد النقله الكبرى في السعودية، أشكره على إلهامي لهذا المقال..
أنصح بقراءة كتاب "سيكولوجية الجماهير" وأحد الكتب المهمة لـ "غوستاف لوبونالتي" الفيلسفوف والطبيب والمؤرخ الفرنسي الشهير.والكتاب يعنى بدراسة الجماهير من الناحيتين النفسية والإجتماعية وتعرض للتغيرات التي تحدث للأفراد حين يهبطون لمستوى الجمهور، كما يقوم بتصنيف أنواع الجماهير والمؤثرات والمحرك الذي يحركها .
وبالمناسبة؛ عُرف "غوستاف لوبونالتي" بأنه أحد أشهر فلاسفة الغرب الذين أنصفوا الأمة العربية والحضارة الإسلامية، فلم يَسِر على نهج مؤرخي أوروبا الذين صار من تقاليدهم إنكار فضل الإسلام على العالم الغربي. لكن لوبون الذي ارتحل في العالم الإسلامي وله فيه مباحث اجتماعية، أقرَّ أن المسلمين هم مَن مدَّنوا أوروبا.
كما يمكن قراءة كتب آخرى في علم النفس الإعلامي. هذه مهمة جداً لأي إعلامي حقيقي.