مركز البحوث والتواصل المعرفي يستضيف رئيس ألبانيا الأسبق.. ألقى محاضرةعن "الأمن البشري مقابل الأمن القومي"



بث: استضاف مركز البحوث والتواصل المعرفي فخامة رئيس ألبانيا الأسبق البروفيسور رجب ميداني في محاضرة بعنوان "الأمن البشري مقابل الأمن القومي" في إطار ندوة "قضايا الأمن والتعايش.. البلقان نموذجًا".
شارك في الندوة رئيس الجامعة الكندية للتكنولوجيا البروفيسور سوكول آبازي بمحاضرة عنوانها " المياه ووضع الشعوب في المرحلة القادمة"، بينما كان عنوان محاضرة مدير معهد التربية والتراث والسياحة البروفيسور رامز زكاي "التعدد الديني والثقافي في بلاد البلقان ودوره في الأمن الوطني لدول أوربا الشرقية".
فيما تناول البروفيسور رجب ميداني مفهوم "تحدي الموازنة بين أمن الدولة وأمن الإنسان"، فقال: "منذ نهاية الحرب الباردة، نشبت النزاعات المسلحة داخل الدول أكثر منها فيما بينها.
و يذكر أن الأمن القومي هو مجموعة من آليات الدفاع تهدف إلى حماية الدولة، بوصفها كيانًا ذا سيادة. وهي تشمل الحماية من الهجمات والتهديدات التي تنشأ من خارج حدودها الوطنية، ولكنها تشمل أيضًا الحماية من أي أعمال قد تهدد نظام الدولة من الداخل. هذه الهجمات، في معظمها، هي في شكل عسكري، وبالتالي فإن القوة العسكرية الدائمة ضرورية.
كما يظل الأمن القومي مهمًا، ولكن في عالم تندر فيه الحرب بين الدول، أصبح مفهوم الأمن البشري مهمًا أيضًا.
على عكس المفاهيم التقليدية للأمن التي تركز في الدفاع عن الحدود من التهديدات العسكرية الخارجية، فإنَّ الأمن البشري يهتم بأمن الأفراد".
وطرح ميداني "ثلاثة أسئلة بسيطة: 1- ماذا يفعل التحديث العسكري الباهظ الثمن بالنسبة إلى الأمن البشري المواطن؟
2-. ما التكلفة التي يجب أن يتحملها المواطن - من ناحية السلامة الشخصية والنفقات - لتنفيذ الأمن الخارجي؟
3. أليس الأمن البشري للمواطن الفرد أكبر عندما يكون التركيز في الأمن الداخلي، وليس الأمن الخارجي؟".
وتطرق ميداني لرؤية الإسلام للأمن البشري، فقال: "يولي الإسلام اهتمامًا كبيرًا للأمن البشري: فلا يمكن تحقيق النمو والازدهار في المجالات المادية والروحية من دون الأمن البشري.
يعدُّ الإسلام الأمن محصنا من أي تهديد؛ لأنه وفقًا للنصوص الدينية، وبخاصة الآيات القرآنية، يستنتج أن الأمن من أعظم نعمة الله، ويتقدم على الحاجات البشرية الأخرى من ناحية البعد الإنساني.
ومن وجهة النظر الإسلامية، الأمن البشري هو البنية التحتية لحياة الفرد والمجتمع وشرط مسبق لأي تنمية، لا سيما في مكافحة الفقر، ودعم حقوق الملكية للناس، وإقامة العدل وتجنب التمييز".
وأشار ميداني إلى الأمن السيبراني، والحدود الأخلاقية التي يبنغي أن تحكم الإعلام الرقمي، وطرائق مكافحة جرائم المعلومات، منوهًا بالثنائية بين الحرية والأمن، والاستقلالية والتبعية، وكيف يمكن المزاوجة بينها.
وتناول البروفيسور سوكول آبازي قضية المياه في البلقان، مشيرًا إلى التعاون المائي بشأن نهر الدانوب، وأنه ظلًّ أساسًا لتعزيز العلاقات بين الدول في أعقاب الحرب التي دارت رحاها في تسعينيات القرن الماضي، وأوضح أن "دول البلقان أجرت مفاوضات لإبرام اتفاقية لإنشاء منظمة تُعنى بإدارة حوض نهر الدانوب، جمعت هذه الدول، ثم امتد التعاون إلى التجارة والقضايا الخاصة بإزالة مخلفات الحرب وغيرها".
وأكد آبازي أهمية استمرار التعاون بما يحول دون حدوث خلافات تلقي بظلالها على أوضاع المنطقة، وتنذر بعدم استقرارها، ونشوب نزاعات تؤثر سلبًا في الأمن الإقليمي والدولي.
وأوضح البروفيسور رامز زكاي أن "الحديث عن التعددية الدينية الثقافية في البلقان يتطلّب تحليلاً للتطورات التاريخية والاجتماعية السابقة للشعوب والثقافات في قارة أوربا"، وقال: "إنَّ المشهد الديني في أوروبا محور المناقشات حول دور الدين في المجتمع المعاصر. يتعلّق أحد الأسباب بحقيقة أن التطورات الأوروبية، بما في ذلك التطورات الدينية، كان لها تاريخياً تأثير قوي في بقية العالم. ويصبح هذا التأثير أكثر وضوحًا اليوم في العصر الحديث، عندما اتخذت العمليات المعرفية بين الثقافات أبعادًا جديدة، وتطورت بسرعة كبيرة للوصول إلى كل ركن من أركان العالم في بضع دقائق".
وأضاف زكاي: "بدأت عملية التواصل بين المعتقدات والثقافات داخل القارة الأوربية في وقت مبكر جدًا، وهذا يتضح من الكتب والمصادر التاريخية اليهودية والمسيحية والإسلامية، لكنها اتخذت أبعادًا جديدة في القرن العشرين، حيث تم تصدير النموذج الغربي للحياة تدريجيّاً إلى دول البلقان، وقد كانت تحت الحكم العثماني لعدة قرون، ومن ثم تحت حكم الشيوعي، بما في ذلك نموذج الدولة القومية، وهيكل الاقتصاد الرأسمالي، والعلوم والتكنولوجيا. وهكذا أصبحت الثقافة الغربية عنصرًا مؤثرًا في التحولات اللاحقة التي ستجد بصماتها ليس فقط في دول البلقان، بل في مجتمعات كثيرة غير الأوروبية في العالم".
وانتهى الباحث إلى الآتي: "أولاً: الثقافة والدين ليسا ملكًا لتجمع قومي أو قاري، ولكن أيضًا ما يحدث في البلقان يمكن أن يكون له تأثير فوري في أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا، وفي أي مكان في العالم.
ثانيًا: التواصل وتبادل الخبرات الثقافية بين الشعوب والحوار والاحترام والتسامح فيما بينها هو أفضل ضمان للأمن القومي المستدام للجميع".

تقدمه رجب ميداني الرئيس الأسبق لألبانيا
وفد ألباني يزور المملكة ويشارك في فعاليات ولقاءات علمية في الرياض ومكة والمدينة
استضاف مركز البحوث والتواصل المعرفي ، وفدًا ألبانيّاً رفيع المستوى برئاسة البروفيسور رجب ميداني، رئيس الجمهورية الألبانية الأسبق (1997م-2002م)، وبرفقته البروفيسور "سوكول أبازي"، رئيس الجامعة الكندية للتكنولوجيا، والبروفيسور "رامز زكاي"، مدير معهد التربية والتراث والسياحة.
وأوضح رئيس المركز الأستاذ الدكتور يحيى محمود بن جنيد أنَّ هذه الزيارة تأتي في إطار سعي المركز إلى توسيع الشراكة الإستراتيجية مع المؤسسات والهيئات الثقافية والعلمية، ومراكز الفكر، والشخصيات ذات التأثير في صناعة القرار في الدول المختلفة، تحقيقًا لأهدافه في تعميق التواصل المعرفي، وتبادل الخبرات والأفكار ووجهات النظر، والتعريف بواقع الحياة في المملكة العربية السعودية، وما تعيشه من تحولات واسعة، من أجل تبادل المصالح، وإيجاد أرضية مشتركة تدفع علاقات المملكة الخارجية، وتطورّها على أساس راسخ.
وتضمّن برنامج الوفد الألباني زيارات لعدد من المؤسسات الثقافية والعلمية والبحثية في داخل مدينة الرياض وخارجها، وإقامة مجموعة من اللقاءات والفعاليات، وجولات على الأماكن التاريخية والمتاحف، التي تسهم في التعريف بالمملكة العربية السعودية، إضافةً إلى أداء فريضة العمرة والتعرف إلى التطور العمراني الكبير في الحرم المكي الشريف، وزيارة المدينة المنورة، والصلاة في المسجد النبوي الشريف، وقد شملت الزيارة مسجدي قباء والقبلتين، وطريق السنة الرابط بين مسجد قباء والحرم المدني الشريف، وجبل أحد.
وتضمنت جولة الوفد الألباني في الرياض زيارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، حيث استقبلته صاحبة السمو الملكي الأميرة مها بنت محمد الفيصل الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وقد اطلع على طبيعة عمل المركز، واستمع إلى شرح عن الخدمات البحثية والمكتبية التي يقدمها، كما زار الوفد متحف الفيصل، الذي يحتوي على مجموعة ضخمة من المخطوطات العربية والإسلامية الأصلية النادرة والفريدة.
وقدم مساعد الأمين العام لجائزة الملك فيصل الأستاذ إبراهيم بن عبدالرحمن الهدلق تعريفًا بالجائزة الملك فيصل، التي أصبحت تحتلُّ مكانة مرموقة بين الجوائز العلمية العالمية، وجرى بحث موضوع الترشح للجائزة من ألبانيا ودول البلقان، وكيفية تشجيع المؤسسات العلمية بها في ترشيح علمائها، وأكد الطرفان استمرار التواصل والتعاون المشترك.
واستقبل معالي الدكتور محمد بن علي آل هيازع مدير جامعة الفيصل وصاحبة السمو الملكي الأميرة الدكتورة مها بنت مشاري آل سعود وكيلة الجامعة للعلاقات الخارجية والتطوير الوفد، الذي تجوّل في الجامعة، ووقف على الكليات والمرافق والمعامل والمختبرات العلمية بها، وأبدى إعجابه بالمستوى المتميّز للجامعة، الذي يبرز ما وصلت إليه المملكة من تطوّر عبر اهتمامها بالتعليم ومؤسساته في جميع المراحل.
وزار الوفد الألباني الدرعية التاريخية، وتعرف إلى مشروع بوابة الدرعية أحد أهم مخرجات ومنجزات رؤية المملكة 2030، وتجول في أحياء المدينة وزار متحفها.
والتقى الوفد الألباني بمرافقة الأستاذ صالح بن علي زمانان، مدير الشراكات والمشروعات بمركز البحوث والتواصل المعرفي، المسؤولين في هيئة المسرح والفنون الأدائية، وأجرى حوارًا حول دورها وأنشطتها.
وتزامنت زيارة الوفد مع تنظيم الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالرياض ملتقى" الرياض المسرحي للعروض المبتكرة"، الذي حمل اسم الفنان الدكتور راشد الشمراني، فكان في استقبال الوفد المدير العام للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون المكلف نايف بن خلف الثقيل ومدير الجمعية بالرياض الأستاذ خالد بن محمد الباز.
وقد شاهد الوفد مسرحية "طريق صحراوي"، وأُقيمت جلسة حوارية شارك فيها عدد من المسرحيين.
وزار الوفد مدينة جدة، وتجوّل في جامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة، حيث استقبلهم رئيس مجلس الأمناء الدكتور عبدالله بن صادق دحلان، الذي قدم تعريفًا بالجامعة. وبعد الجولة، جرى توقيع اتفاقية تعاون بينها وبين الجامعة الكندية للتكنولوجيا.
وزار الوفد جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست"، وكان في الاستقبال نائب رئيس الجامعة للشؤون الحكومية الأستاذ سليمان بن محمد الثنيان، الذي عرّف بالجامعة، وزود الوفد بنبذة تعريفية، وألقى الضوء على أحدث أبحاثها.
وقد أبدى الوفد إعجابه بالجامعة، وباهتمامها بعلوم العصر، ما بلغته من تطوّر في هذا المجال.
وكان ختام زيارة الوفد في جدة بجولة شملت عددًا من أهم معالم المدينة، التي تبرز تاريخها، وما شهدته من تحولات واسعة، إلى جانب التعريف بالتراث السعودي من خلال زيارة بعض المتاحف ذات المقتنيات التاريخية القيمة.