القُنبلة القذِرة.. ما هيَ؟ و ما صِحّة الإدّعاءات الروسية بحِيازة أوكرانيا لها؟ و هل يُمكن استخدامها كرادعٍ نوويّ ضدّ روسيا؟

news image

 

تقرير - مروة شاهين - بث: 
حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن روسيا من استخدام السلاح النووي في أوكرانيا بعد اتهام موسكو كييف بالتخطيط لتفجير "قنبلة قذرة"، في حين تدور معارك وُصفت بالشرسة في محيط مدينة باخموت بمنطقة دونيتسك في إقليم دونباس شرق أوكرانيا ، وذلك بالتوازي مع المعارك في منطقة خيرسون الواقعة في الجنوب الأوكراني. 


وقال بايدن ردا على سؤال بشأن إمكانية اختلاق روسيا ذرائع لاستخدام سلاح نووي، إنها سترتكب خطأ فادحا إذا لجأت إلى سلاح نووي تكتيكي.
وأضاف متحدثا عن احتمال استخدام موسكو سلاحا نوويا تكتيكيا في أوكرانيا: "لا أضمن لكم حتى الآن أنها عملية اختلاق ذرائع، إذ لا نعرف ذلك بعد، لكن سيكون استخدامها خطأ جسيما للغاية".
الدّفاع الأميركية تُحذّر روسيا من عواقب التهوّر في أوكرانيا:
إذ حذر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) باتريك رايدر روسيا من أنها ستواجه عواقب في حال استخدمت قنابل ملوثة نوويا في أوكرانيا.


وقبل 3 أسابيع، كان الرئيس الأميركي قد وصف تهديد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا بالأخطر منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، وحذر من أن ذلك ينذر بـ"نهاية العالم".

روسيا تتّهم أوكرانيا بالتخطيط لاستخدام أسلحة دمار شامل في المعارك مع روسيا:

وفي رسالة إلى مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء، قالت موسكو إن وزارة الدفاع الروسية تلقت معلومات مقلقة حول خطط كييف لارتكاب استفزاز بتفجير قنبلة قذرة؛ لاتهام روسيا باستخدام سلاح نووي تكتيكي.
وجاء في الرسالة أن الخطوة قد تتم بدعم من دول غربية، وأن المعلومات تشير إلى أن المعهد الأوكراني للبحوث النووية ومحطة فوستوشني للتعدين تلقيا أمرا مباشرا من نظام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتطوير القنبلة القذرة، وأن الأعمال قد وصلت إلى مراحلها النهائية.
واتهمت موسكو في الرسالة كييف بالسعي إلى ترهيب السكان وزيادة تدفق اللاجئين ومن ثم اتهام روسيا بالإرهاب النووي، كما حمّلت أوكرانيا وداعميها الغربيين المسؤولية الكاملة عن جميع عواقب استخدام قنبلة قذرة.
و قال قائد قوات الحماية من المواد النووية والبيولوجية والكيميائية بالجيش الروسي الجنرال إيغور كيريلوف إنه "وفقا للمعلومات المتوفرة لدينا، هناك مؤسستان أوكرانيتان لديهما تعليمات محددة لصنع ما يسمى القنبلة القذرة، ودخل عملهما المرحلة النهائية".
لكن وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا نفى الاتهامات الروسية، وقال إن بلاده لم يكن لديها مطلقا ولا تخطط مستقبلا لتطوير أي قنابل قذرة، مضيفا أنها دعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة أوكرانيا لتتمكن من دحض ما وصفها بأكاذيب روسيا.

ما هي القنبلة القذرة؟ و كيف ردّ الغربُ اتهامات روسيا؟ :
تتكون القنبلة الإشعاعية أو "القنبلة القذرة" من متفجرات تقليدية معبأة بمواد مشعة لنشرها في الغبار وقت الانفجار، كاليورانيوم مثلاً و الذي يستخدم في تصنيع الأسلحة النووية، وتعد القنبلة القذرة من أسلحة الدمار الشامل.
و في الوقت نفسه، أجرى رئيس أركان الجيش الروسي فاليري غيراسيموف مباحثات عبر الهاتف مع كل من نظيريه الأميركي مارك ميلي والبريطاني توني راداكين، تناولت موضوع "القنبلة القذرة"، وفقا لبيان مقتضب أصدرته وزارة الدفاع الروسية.

 
وتعد هذه أول محادثة بين رئيسي الأركان الروسي والأميركي بشأن الحرب في أوكرانيا منذ 19 مايو/أيار الماضي.
من جهتها، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن المحادثة بين غيراسيموف ونظيره البريطاني جاءت بطلب من الجانب الروسي، وأضافت أن الأميرال راداكين "رفض خلال هذه المحادثة اتهامات روسيا بأن أوكرانيا تخطط لأعمال من شأنها تصعيد النزاع".
كما وصفت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا التصريحات الروسية بشأن القنبلة القذرة بالمزاعم الكاذبة، وحذرت واشنطن موسكو من عواقب وخيمة لأي استخدام نووي.
في المقابل، وصف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف رد فعل الولايات المتحدة على احتمال استخدام أوكرانيا قنبلة قذرة، بغير المقبول.
 

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتزم إجراء تفتيش للمنشآت الأوكرانية بسبب الإدّعاءات الروسية:
إذ أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها تستعد لإرسال مفتشين في الأيام المقبلة إلى موقعين أوكرانيين بناء على طلب كييف، عقب اتهام روسيا أوكرانيا بالسعي لتفجير "القنبلة القذرة". 
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة -في بيان لها- أنها على "علم بالتصريحات التي أدلت بها روسيا الاتحادية يوم الأحد بشأن أنشطة مزعومة في موقعين نوويين بأوكرانيا"، مضيفة أن كلا الموقعين يخضع بالفعل لعمليات تفتيش، وأن أحدهما تم تفتيشه قبل شهر ولم تجد فيه أي أنشطة أو مواد نووية". 
وأضافت الوكالة الأممية أن أوكرانيا طلبت منها إرسال مفتشين إلى موقعين زعمت روسيا وجود أنشطة نووية فيهما، وأشارت الوكالة إلى أن فريقا من مفتشيها سيزور مواقع أوكرانية للتحري عن وجود أنشطة ومواد نووية غير معلنة.
وكان وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا قد تحدث مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بشأن اتهام موسكو لكييف، ودعا الوكالة رسميا "لإرسال خبراء على وجه السرعة إلى المرافق السلمية في أوكرانيا"، أي المنشآت التي "تدّعي روسيا بشكل مضلل" أن أوكرانيا تصنع "قنبلة ذرية" فيها، على حد تعبيره.
ولم تكشف الوكالة الأممية عن الموقعين اللذين ستفتشهما في أوكرانيا عقب الاتهامات الروسية، غير أن وكالة الأنباء الروسية الرسمية "ريا نوفوستي" قالت إن الأمر يتعلق بمصنع تخصيب المعادن في منطقة دنيبرو بتروفسك (وسط)، ومعهد البحوث النووية في كييف.
معهدٌ أميركيّ يستبعد قيام روسيا بهجوم يحمل مواداً مُشعّة في الأراضي الأوكرانية:
إذ قال معهد دراسات الحرب ومقره الولايات المتحدة إن وزير الدفاع الروسي "سعى على الأرجح إلى إبطاء أو تعليق المساعدة العسكرية الغربية لأوكرانيا وربما إضعاف حلف الناتو بدعوات التخويف هذه".
كما أنه كانت هناك تكهنات بأن روسيا تخطط لتفجير قنبلة قذرة في أوكرانيا وإلقاء اللوم على القوات الأوكرانية في هجوم ما يسمى بـ"العلم الزائف".
وأضاف معهد دراسات الحرب أنه "من غير المرجح أن يستعد الكرملين لهجوم وشيك بقنبلة قذرة وإلقاء اللوم على أوكرانيا". 
 

جنوب أوكرانيا على موعدٍ مع معاركَ حاسِمة:
إذ حذر مسؤول أوكراني كبير من أن الجيش الروسي يحضر لخوض أشرس المعارك في خيرسون مع استعداد الكرملين للدفاع عن أكبر مدينة تحت سيطرته من هجوم كييف المضاد.
وتراجعت القوات الروسية في الإقليم الاستراتيجي الواقع جنوب أوكرانيا خلال الأسابيع القليلة الماضية لتجد نفسها في خطر الوقوع في حصار على الضفة الغربية لنهر دنيبرو.
ومدينة خيرسون، عاصمة الإقليم التي تحمل اسمه والتي كان يسكنها قبل الحرب نحو 280 ألف نسمة، هي أكبر مركز حضري لا تزال روسيا تحتفظ به منذ الاستيلاء عليه في وقت مبكر من غزو أوكرانيا قبل ثمانية أشهر.
كما أكد مسؤول موالٍ لموسكو أن الجيش الروسي سيقاتل حتى الموت في خيرسون، فيما أعلنت سلطات المدينة، التي ضمتها موسكو مؤخرا، أن عمليات إجلاء المدنيين بدأت في المنطقة، في مواجهة تقدم القوات الأوكرانية.
وقال القائم بأعمال حاكم منطقة خيرسون فلاديمير سالدو، في مقابلة على قناة روسيا 24 التلفزيونية "اعتبارا من اليوم، تنقل كل هيئات السلطة الموجودة في المدينة والإدارتان المدنية والعسكرية وكل الوزارات نحو الضفة اليسرى" من نهر دنيبر الذي يحد خيرسون. 
وفي وقت سابق، قالت روسيا إن قواتها أحبطت محاولة أوكرانية لاختراق خطوط دفاعها في منطقة خيرسون، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن "جميع الهجمات أُحبطت، وتم رد العدو إلى مواقعه الأصلية"، مضيفة أن أوكرانيا شنت هجومها صوب مستوطنات بياتيخاتكي وسوخانوف وسابلوكيفكا وبزفودن على الجانب الغربي من نهر دنيبرو.

روسيا تزعُم اقتراب الناتو من مواجهةٍ عسكرية مباشرة مع حلف شمال الأطلسي:
إذ أشار كونستانتين فورونتسوف نائب مدير إدارة عدم الانتشار والرقابة على التسلح في وزارة الخارجية الروسية، إلى أن الناتو يقترب من "مستوى خطر" ينذر بالمواجهة العسكرية المباشرة مع روسيا.
وقال فورونتسوف، متحدثا في الأمم المتحدة في إطار الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة: "دول حلف شمال الأطلسي تفضل أن تلتزم الصمت حول ضلوعها في الأزمة الأوكرانية".هم
وأضاف "ولكن، لا يمكنك إخفاء الحقيقة، فهذه الدول تتسابق في تقديم الدعم لنظام كييف، وتواصل إمداده بالأسلحة والذخائر، والمعلومات الاستخباراتية، وتدريب جنوده، وإدارة العمليات القتالية، وبالتالي هم يقتربون من خط الخطر الذي ينذر بالصدام العسكري المباشر مع روسيا".
ولفت فورونتسوف إلى أنه وفقا لمعهد "كيل" للاقتصاد العالمي، وصل إجمالي المساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا إلى 42.3 مليار دولار، أكثر من نصفها من الولايات المتحدة.
وتابع: "تواصل واشنطن جنى الحصة الأكبر من المكاسب من استمرار إراقة الدماء، فهي التي تضطر الدول الأوروبية لشراء الأسلحة والمعدات العسكرية منها قبل إرسالها إلى أوكرانيا".
ما صحّة الإتهامات الروسية بشأن القنبلة القذرة الأوكرانية؟ و ما احتمالات استخدامها من قِبَل الجانبين؟ 
و يُعتقد أن روسيا، و بسبب الخسائر الميدانية التي مُنيَت بها في الجبهة الشرقية الأوكرانية بعد التقدم الكبير الذي حققته القوات الأوكرانية في ما يخص استعادة العديد من الأراضي التي سيطرت عليها روسيا مع بداية الغزو في فبراير/ شباط الماضي، تُحاول نشر جوٍّ من عدم الثقة بين أوكرانيا و حلفائها الغربيين من خلال زيادة مخاوف الغرب بشأن تحويل الصراع العسكري في أوكرانيا من صراع تقليدي إلى صراعٍ نووي تدخُل فيه أسلحة الدمار الشامل إلى جانب الأسلحة التقليدية. 
و تُعدّ احتمالات قيام روسيا أو أوكرانيا باستخدام أسلحة نووية تكتيكية او قنابل قذرة في أي من الأراضي الأوكرانية قليلة نوعاً، إذ أنها مسألة مُستبعدةً لأن كلا الجانبين يسعى إلى السيطرة على تلك الأراضي، و إن استخدام أسلحة الدمار الشامل في أي مساحة جغرافية سيجعلها غير قابلة لأن تكون آهلةً بالسكان أو صالحة لأي شكل من أشكال الحياة لعقودٍ من الزمن، و بالتالي فإنه من غير المنطقي أن يقوم الجانب الأوكراني أو الجانب الروسي بمهاجمة ما يعتبِره أراضيه و تُرابه الوطني بأسلحة دمار شامل. 
ألا أنه و في جميع الأحوال، وحده الميدان العسكري و طرائق سيْره  و تحولاته، هو من يقرر نوع و مقدار و حجم الهجمات و الاستراتيجيات العسكرى التي يمكن استخدامها في أراضي المعركة، لاسيما أن روسيا تعاني من أوضاع عسكرية صعبة في الجبهة الأوكرانية، و بالتالي يمكن أن يكون هذا التصعيد الروسي الأخير – على مستوى التصعيد الدبلوماسي بشأن مطالبة الغرب بالرقابة على أنشطة أوكرانيا في مجال البحوث النووية و صناعة القنابل- ليس إلّا محاولة روسية للتعبير عن مدى استياء روسيا و تضررها من الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا ، و نداءً روسياً إلى الغرب بضرورة كسر الجمود الدبلوماسي بين روسيا و الغرب و عدم اتمادى في حالة العداء ضدّ روسيا، و إلّا اضّطرت روسيا في هذه الحال إلى اللجوء إلى خيارات عسكرية قد تكون نتائجها مدمرة بالنسبة للجميع، و لا سيما الدول الغربية التي تقدم الدعم العسكري لأوكرانيا لقتال الروس. 
و أيضاً إن أخذنا بعين الاعتبار إمكانية كون الإداعاءات الروسية حقيقية، فيمكن أن تكون المحاولات الأوكرانية لحيازة سلاح دمار شامل هو بمثابة إستراتيجية دفاعية أوكرانيا ضد روسيا، لا سيما أن روسيا هددت مراراً و تكراراً باستخدم أسلحة نووية تكتيكية في أوكرانيا، ما قد يُحفزّ الجانب الأوكراني على حيازة سلاحٍ يحمل مخاطر نووية يكون بمثابة سلاح ردع ضد القوات الروسية في حال حاولت هذه القوات إدخال ما يُسمّى بالإرهاب النووي إلى ميدان النزاع العسكري الدائر في أوكرانيا.