إيران: حين تتكلم الدبلوماسية… والداخل يصرخ

news image

 

تقرير خاص – إدارة الإعلام الاستراتيجي – BETH

بينما تواصل إيران تحرّكها الدبلوماسي المكثف إقليميًا، عبر زيارات لوزير خارجيتها إلى مصر ولبنان والسعودية، يزداد المشهد الداخلي الإيراني اشتعالًا.
ففي عام 2024، أعلن وزير التعاون والعمل والرعاية الاجتماعية الإيراني أن 30% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر، و5 ملايين في فقر مدقع. 
أما في 2025، فتشير تقارير الإحصاء الرسمية إلى أن نصف سكان إيران معرضون لخطر الفقر الشديد، في ظل تراجع استهلاك الغذاء الأساسي، وانهيار القدرة الشرائية.

ورغم هذا الواقع، تسعى طهران إلى تسويق نفسها كشريك دبلوماسي موثوق، متناسية أن أي سياسة خارجية تفقد قيمتها حين يفقد الشعب ثقته في الداخل.
أرقام التضخم، وأزمات الكهرباء والماء، والاحتجاجات المستمرة من سائقي الشاحنات إلى الخبازين، ترسم صورة مغايرة تمامًا لما تطرحه إيران في المؤتمرات.

■ هل دبلوماسية "التقيّة" مستمرة؟

يرى محللون أن النظام الإيراني، الذي يقوم منذ عقود على تصدير الثورة بمنطق عقائدي أكثر منه سياسي، لم يُظهر حتى الآن رغبة حقيقية في تغيير جوهر مشروعه الإقليمي.
فزيارة وزير الخارجية الإيراني للقاهرة لم تمرّ دون أن يتبعها تصريح للمرشد الأعلى علي خامنئي، قال فيه بوضوح إن "التخصيب النووي جزء من الإرث الثوري للخميني"، مؤكدًا رفضه لأي تسوية توقف البرنامج النووي ( تصريح خامنئي)، ماذا يمكن أن نفهم من تصريح خامنئي؟.
القرارات كلها بيد  مرشد الثورة، لايمكن أن تتغير سياسة إيران إلا بتغير في عقلية المرشد أو انقلاب عليه .. هذا حتمي!

في هذه المفارقة، تتجلّى أزمة الثقة بين الأقوال الإيرانية والأفعال الثابتة. فالنظام لا يمانع طلب الأموال من الغرب، لكنه لا يتراجع عن طموحاته النووية، ولا يتوقف عن دعم شبكات النفوذ خارج حدوده، بينما يُترك الشعب غارقًا في الفقر والعتمة.


الإجابة على السؤال  ماذا يمكن أن نفهم من تصريح خامنئي؟   في تحليل وكالة بث الدقيق:

🔍 1. تكريس الملف النووي كمسألة "عقائدية" لا تفاوضية

حين يصف خامنئي السياسة النووية بأنها "إرث ثوري"، فهو:

يرفع الملف من كونه خيارًا سياسيًا إلى مرتبة العقيدة التي تمس جوهر "الثورة الإسلامية".

يجعل التراجع عنه بمثابة "خيانة للإرث" وليس مجرد تغيير في الاستراتيجية.

بذلك، يُغلق الباب مسبقًا على أي تسوية فعلية مع الغرب لا تحترم هذا "الإرث"، مهما كانت التحديات الاقتصادية أو الدبلوماسية.

 

⚠️ 2. رسالة مزدوجة: للداخل والخارج

للداخل: تأكيد على الثبات وعدم التراجع، حتى في ظل الاحتجاجات الشعبية والمطالب المعيشية.

"لن نساوم على التخصيب مهما بلغ الجوع."

للخارج: رسالة واضحة للغرب ودول الجوار بأن المفاوضات النووية لن تُغيّر الثوابت، وأن ما يجري ليس انفتاحًا بل إدارة أزمة.

 

🧠 3. توظيف التاريخ لترسيخ الحاضر

بربط المشروع النووي بالمؤسس (الخميني)، يُضفي خامنئي على المشروع شرعية تاريخية وثورية، ليصبح:

امتدادًا لـ"نهج الثورة"،

وليس مجرد استجابة لضغوط علمية أو عسكرية.

هذا يُصعّب على أي حكومة لاحقة، حتى إن تغيّر رأس النظام، أن تتراجع بسهولة عن البرنامج دون "نزع القدسية" عن الثورة نفسها.

 

💥 4. الوجه الحقيقي للدبلوماسية الإيرانية

في ظل هذا التصريح، تتّضح أكثر معالم السياسة الإيرانية:

الدبلوماسية = غطاء تكتيكي، لا نية حقيقية للتراجع عن الطموح النووي.

الرسائل الدبلوماسية التي تُرسل إلى دول كالسعودية ومصر، تقابلها عبارات عقائدية جامدة في الداخل، مما يكرّس ازدواجية الخطاب:

"سلام في الشكل… واشتباك في الجوهر".

 

🧭 الخلاصة – قراءة BETH الرمزية

تصريح خامنئي يختصر مشهدًا معقّدًا:

"نُفاوض… لكن لا نُغيّر المسار، لأن الطريق مرسوم منذ 1979."

وبالتالي، فإن أي محاولة لـ"احتواء إيران" دون فهم هذه الخلفية لن تكون سوى شراء وقت… لا حلّ دائم.
 

■ الشعوب العربية… في مكان آخر

في خضم هذا المشهد، تبرز أزمة أخرى لا تقل خطورة: جهل كثير من الشعوب العربية بما يحدث من حولها.
بينما تُرسم التحالفات وتُوزّع الأدوار، ينام البعض على نشرات الترفيه، ويستيقظ على واقع تغيّر دون أن يُستشار.

 

هنا تطرح وكالة BETH تعليقًا تحليليًا مكثفًا من أربع زوايا يختصر تناقض المرحلة:

🎯 تعليق BETH – 4 زوايا رمزية

1. سياسة احتواء إيران

من يحاول احتواء النار بالدبلوماسية…
سيكتشف لاحقًا أنها كانت وقودًا لا لهبًا عابرًا.

2. سياسة إعادة تصدير الثورة

الثورة التي تفشل في إطعام شعبها،
لا تُصدِّر إلا الخراب… ولو غلّفتها بشعارات التحرير.

3. الشعوب العربية الغارقة في الجهل

بعض الشعوب تنام على نشرة الطقس،
وتستيقظ على حدود جديدة رُسمت دون علمها.

4. الشعوب في واد… والحقيقة في واد

في زمن التزييف، لا يكفي أن ترى…
بل يجب أن تعرف أين تنظر.

 

🧭 الخلاصة:

لا يمكن لأي نظام أن ينجح خارجيًا وهو ينهار داخليًا.
وإذا كانت الدبلوماسية فن ترتيب الطاولة، فإن وعي الشعوب هو ما يحدد من سيبقى جالسًا ومن سيُطاح به.

ما يحدث في إيران اليوم قد لا يتوقف عند حدودها…
بل قد يتحوّل إلى عدوى وعي في دول مجاورة، لا سيما إن طال الجوع وسكت العقل.

 

✦ إشارات BETH الرمزية:

هناك دول تمارس الصحيح… تسعى للتوازن، تُخطئ أحيانًا، لكنها تملك نية البناء.

وهناك دول عالة… وجودها عبء، وخطابها ضجيج، لا تصنع حدثًا بل تتطفل على نتائجه. لاتكل من ممارسة الإبتزاز، بكل الوسائل، حتى لو كانت النهاية سيئة،.. نهاية قد تنتهي بالعبث ببلادهم،  وبالتالي استجلاب التغيير من الداخل قبل الخارج، والخلاص من أساليب الإبتزاز . .

وهناك دول متلونة… تتبدل مواقفها بتقلب الرياح، وتُراكم الخداع في كل اتجاه.

وهناك دول تستثمر في الخلافات… لا تزدهر إلا على فتنة، ولا تنمو إلا في ظلال الانقسام.
وهناك دول التعاون  والتنسيق  بينها أعمق من أي تصور؟

وفي المقابل، هناك مجتمع عربي يملك الحل الأخير… إن تمادى العالة، وتغوّل المتلون، وتمادى اللئيم.

 

الوقت لا ينتظر
يتسارع حينًا، ويبطئ حينًا،
بحسب حضور الذكاء الجمعي… وغيابه.

 

📌 ومضة: ليس الخطر في من يُخطئ، بل في من يعتاد الخطأ، ويزيّنه بشعارات مزيفة.