"رونالدو " و "فنانيس".. مثال لتجليات “القوة الناعمة”

news image

 

✍️ عبدالله العميره

 

مقدمة:

في زمن التنافس على التأثير العالمي، لم تعد الأسلحة الاقتصادية والعسكرية وحدها كافية لصناعة المكانة الدولية، بل برزت "القوة الناعمة" كوسيلة استراتيجية تعتمد على الجذب والإقناع، لا على الفرض والإكراه.

 

اليوم، تتجلى ملامح القوة الناعمة السعودية في نماذج متعددة، لعل من أبرزها ظاهرتان تستحقان التوقف والتأمل:

كريستيانو رونالدو: أيقونة كروية عالمية أصبح جزءًا من المشهد الرياضي والثقافي السعودي.

"فنانيس" على MBC: عمل كرتوني إبداعي يحوّل الرسائل المعقدة إلى لحظات مرحة وعميقة في آن.

 

ما هي القوة الناعمة؟

القوة الناعمة هي القدرة على التأثير في الآخرين وكسب قلوبهم وعقولهم من خلال الثقافة، الفن، الرياضة، القيم الإنسانية، والصورة الذهنية.

وتُعد السعودية اليوم من الدول التي تتحرك بذكاء في هذا الاتجاه، عبر أدوات متعددة، من أبرزها:

الاستثمار في الرياضة العالمية

إنتاج أعمال فنية إبداعية

تطوير الإعلام والتنوع الثقافي

الانفتاح على الزوار والجماهير من مختلف أنحاء العالم

رونالدو.. حين يصبح اللاعب العالمي برنامجًا للقوة الناعمة

حين ارتدى كريستيانو رونالدو قميص نادي النصر، لم تكن الصفقة مجرد تعاقد رياضي، بل كانت نقلة نوعية في استخدام أحد رموز كرة القدم العالمية ضمن مشروع رؤية السعودية 2030.

رونالدو، بما يحمله من جماهيرية واهتمام دولي، استطاع أن:

يرفع من قيمة الدوري السعودي على الصعيد العالمي.

يستقطب جماهير غير مسبوقة من دول متعددة إلى الملاعب السعودية.

يغيّر نظرة العالم نحو السعودية كمركز جذب رياضي وثقافي.

ورغم هذا التأثير الجلي، إلا أن الإعلام الرياضي المحلي – وللأسف – لم يُحسن توظيف هذه الأيقونة كما ينبغي، بل شابت التغطيات الإعلامية نزعة فئوية وتعصب ضيّق طغى على الشعور الوطني.

"فنانيس".. الفن الذي يختصر ألف تحليل

في المقابل، تقدم قناة MBC نموذجًا مميزًا من خلال الفواصل الرمضانية لشخصيات "فنانيس"، التي أصبحت جزءًا من ذاكرة المشاهد العربي، بأسلوب فكاهي جذاب ومليء بالإبداع.

ومن بين تلك الشخصيات، يلفت الانتباه مشهد "فنانيس البدين" وهو يقلد حركة رونالدو الشهيرة بعد تسجيل الأهداف:

"Siiiiii"

هذا المشهد القصير، في ثوانٍ معدودة، يختصر ما تعجز عنه تحليلات تلفزيونية مطوّلة:

النجم العالمي أصبح جزءًا من الوعي الجمعي السعودي، بل والعربي، من خلال الفن.

إنها دعاية غير مباشرة، لكنها مؤثرة، ومليئة بالرسائل:

الجاذبية

الروح الرياضية

التحول الثقافي

القبول المجتمعي

 

بين الرياضة والفن.. تكامل الأدوات

ما يحدث في السعودية اليوم ليس صدفة، بل مشروع متكامل يوظف الرموز العالمية (مثل رونالدو) والفنون المحلية (مثل فنانيس) ضمن إطار القوة الناعمة.

وهنا يظهر الفرق بين من يفهم التحولات، ومن لا يرى أبعد من شعار ناديه!

 

توصيات مهمة:

تعزيز التناول الإعلامي الذكي للرموز العالمية، بعيدًا عن الفئوية الضيقة.

دعم الإنتاج الفني الإبداعي الذي يوصل الرسائل الوطنية بطرق غير تقليدية.

استخدام الشخصيات الكرتونية مثل "فنانيس" في حملات وطنية وسياحية وتعليمية.

الاستفادة من التأثير العالمي لرونالدو عبر محتوى متعدد اللغات موجّه للعالم.

 

خلاصة:

رونالدو هو أكثر من لاعب، وفنانيس أكثر من رسومات. كلاهما يعكس أن السعودية اليوم تمتلك أدوات ناعمة قادرة على التأثير بعمق وأناقة، بعيدًا عن الضجيج.

"القوة الناعمة لا تُمارس بالقوة.. بل بالجاذبية. وها هي السعودية تفعل ذلك."

 

* مدير وكالة بث الإعلامية