عندما يعلو صوت الجهلاء… وتُختطف أدوات القوة

✍️ إعداد وتحليل: إدارة الإعلام الاستراتيجي بوكالة بث
مدخل تحليلي:
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث، وتتشابك فيه المصالح، لم تعد القوة في يد الحكماء، بل غالبًا ما نجد المال، والسلاح، والإعلام – وهي محركات التغيير الكبرى – في أيدي من يفتقرون للحكمة والبصيرة. وتلك ليست مبالغة، بل حقيقة نشهد نتائجها في مناطق الصراع، في الفوضى الثقافية، وفي انحدار الوعي العام.
كيف وصلت هذه الأدوات إلى أيدي الجهلاء؟ ولماذا يعلو صوتهم رغم وجود الحكماء؟ وهل يمكن للعالم أن يستعيد توازنه؟
🪙 المال في يد الجهلاء:
لم يعد المال حكرًا على المؤسسات التنموية أو المشاريع الرصينة، بل صار يُستخدم أداةً في الاستعراض، لا في الاستثمار المجتمعي.
🔹 اقتصاديات الثراء الفاحش على حساب الشعوب: هدر لثروات الأمم على التفاهات.
🔹 المؤثرون وصناعة التفاهة: مليارات تُصرف على محتوى رقمي سطحي يشجع على الشهرة الفارغة والسطحية الفكرية، بينما يُهمَّش الباحثون والمبتكرون.
🔫 السلاح في يد الجهلاء:
أخطر ما يحدث حين يُستخدم السلاح بلا وعي، أو يُمنح لمن يجهل معناه الأخلاقي والسياسي.
🔹 المليشيات الطائفية والفوضى المسلحة: حصلت جماعات متطرفة على تمويل وتسليح، لكنها استغلّته لتدمير مجتمعاتها:.
🔹 الدول الداعمة للنزاعات: بعض القوى العالمية أو الإقليمية دعمت أطرافاً مسلحة لتحقيق أهداف قصيرة المدى، فانهارت نظم وبُنيت حروب طويلة الأمد.
📺 الإعلام في يد الجهلاء:
حين تُصبح الكاميرا والميكروفون بيد من يجهل أبجديات الرسالة الإعلامية، يتحول الإعلام من سلطة وعي إلى منصة تضليل.
🔹 منصات الكراهية والدعاية السوداء: قنوات تدّعي المهنية، بينما تروّج للكراهية، وتزرع الانقسام، وتموّلها أطراف مستفيدة من استمرار الفوضى.
🔹 المؤثرون كمصدر للرأي العام: بعضهم لا يمتلك أي معرفة حقيقية، لكن يتابعه الملايين، فيصنع رأيًا عامًا مضللاً، ويُقصى المفكرون والإعلاميون الحقيقيون.
🤦♂️ ولكن، أين الحكماء؟
في المقابل، هناك قادة ومفكرون ومؤسسات نزيهة تمتلك أدوات القوة الثلاث (مال، سلاح، إعلام)، لكنها لا تحظى بالصدى ذاته.
لِمَ؟
لأنهم لا يصخبون.
لأنهم يرفضون التضليل.
لأنهم يحترمون عقول الناس، في عالم يميل للأسهل والأكثر إثارة.
⚖️ سؤال مركزي:
هل الزمن كفيل بحل المشكلة؟ هل سيتعلم العالم الدرس كما فعل في الحربين العالميتين؟
ربما. لكن ترك الأمور للزمن وحده يُشبه انتظار الحريق حتى يُطفئ نفسه.
💡 خلاصة:
"الجهلاء ضجّوا بالمال والإعلام والسلاح، لا لأنهم أذكى، بل لأن العالم صار يصفّق للأكثر صخبًا… في حين يهمس الحكماء من زوايا التاريخ. وما لم تُصنع منظومات تحمي الوعي، وتُعلي قيمة الحكمة، فسنظل نحارب النيران… التي أشعلناها بأنفسنا."