العلاقات الأمريكية مع السعودية، الصين، روسيا، وأوروبا.. إلى أين؟

news image

 

 إعداد قسم الإعلام الإستراتيجي بوكالة بث:

العلاقات الأمريكية مع هذه القوى تمر بمرحلة إعادة تشكيل كبرى، في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية، وصعود المنافسة بين الأقطاب، وتغير أولويات السياسة الأمريكية. لنحلل كل علاقة على حدة، ثم نرسم الاتجاهات المستقبلية المتوقعة.

  العلاقات الأمريكية - السعودية: تحالف استراتيجي مع ضغوط متزايدة

🔹 الوضع الحالي:

السعودية لا تزال حليفًا استراتيجيًا رئيسيًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خصوصًا في مجالات الأمن والطاقة.

العلاقة تمر بتوترات بين الواقعية السياسية والمصالح المتباينة، خصوصًا مع توجه المملكة نحو تنويع تحالفاتها.

الملفات الشائكة تشمل: صفقات الأسلحة، الضمانات الأمنية، التوازن في أسعار النفط، والدور الإقليمي للسعودية في الخليج والشرق الأوسط.

🔹 الاتجاه المستقبلي:

✅ التحالف مستمر لكن بشروط جديدة: ستظل أمريكا بحاجة إلى السعودية كشريك استراتيجي.

✅ السعودية ستلعب دورًا أكثر استقلالية: مع استمرار رؤية 2030، المملكة تسعى إلى تنويع الشركاء (الصين، روسيا، أوروبا)، مما يعني أن عصر الاعتماد الأحادي على واشنطن قد انتهى.

✅ ملف الأمن سيظل الورقة الأهم: إذا أرادت واشنطن استمرار نفوذها في الخليج، فستضطر إلى تقديم ضمانات أمنية ملموسة، وليس مجرد تعهدات سياسية قابلة للتغير مع كل إدارة.

 العلاقات الأمريكية - الصينية: مواجهة باردة تتصاعد نحو القطبية الثنائية

🔹 الوضع الحالي:

أمريكا ترى الصين كـ أكبر تهديد لنفوذها العالمي، وتعمل على إبطاء تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي.

الحرب التجارية لا تزال مشتعلة، مع استمرار العقوبات على شركات التكنولوجيا الصينية مثل هواوي، ومحاولة تقليل اعتماد أمريكا على سلاسل الإمداد الصينية.

التوتر يمتد أيضًا إلى القضايا الجيوسياسية، مثل تايوان، بحر الصين الجنوبي، ومبادرة الحزام والطريق.

🔹 الاتجاه المستقبلي:

لا عودة إلى الشراكة التقليدية: لم يعد ممكنًا استعادة العلاقة كما كانت قبل صعود الصين، بل ستظل المنافسة والتوتر سمة العلاقة.

تصاعد المواجهة التكنولوجية والاقتصادية: العقوبات والتضييق الأمريكي على الصين في مجالات التكنولوجيا والرقائق الإلكترونية سيستمر، مع ردود صينية مقابلة.

التعايش القسري بين القوتين: رغم التصعيد، لن تحدث مواجهة عسكرية مباشرة، لأن الاقتصاد العالمي لا يحتمل انفصالًا كاملًا بين القوتين.

 العلاقات الأمريكية - الروسية: العداء المفتوح والمناورة غير المباشرة

🔹 الوضع الحالي:

بعد غزو أوكرانيا، أصبحت العلاقات في أسوأ حالاتها منذ الحرب الباردة، مع فرض عقوبات قاسية على روسيا ودعم أمريكي غير محدود لكييف.

روسيا تحاول كسر العزلة عبر تعزيز شراكاتها مع الصين، إيران، والهند، وكذلك التقارب مع دول الخليج.

أمريكا تعمل على إضعاف روسيا اقتصاديًا عبر العقوبات، وعسكريًا عبر دعم أوكرانيا، دون الدخول في مواجهة مباشرة.

🔹 الاتجاه المستقبلي:

 العلاقات لن تتحسن قريبًا: حتى مع تغيير الإدارات الأمريكية، من الصعب تخفيف العقوبات أو إعادة بناء الثقة.

✅ روسيا ستعزز تحالفاتها البديلة: ستتجه موسكو إلى تعميق علاقاتها مع الصين، الهند، وإيران لتخفيف الضغوط الغربية.

✅ المواجهة غير المباشرة ستستمر: ستظل أمريكا وروسيا تخوضان حروبًا بالوكالة في مناطق مثل أوكرانيا، إفريقيا، وربما أماكن أخرى.

العلاقات الأمريكية - الأوروبية: تحالف قديم لكنه في اختبار صعب

🔹 الوضع الحالي:

رغم الشراكة التاريخية، هناك خلافات كبيرة بين أمريكا وأوروبا حول التجارة، الاستقلال العسكري، والتعامل مع الصين وروسيا.

أوروبا تريد تقليل اعتمادها على أمريكا بعد تجربة ترامب، لكنها لا تزال بحاجة للحماية الأمريكية ضد روسيا.

ملف الطاقة أصبح حساسًا بعد وقف الغاز الروسي، مما جعل أوروبا أكثر ارتباطًا بالولايات المتحدة اقتصاديًا.

🔹 الاتجاه المستقبلي:

العلاقة ستستمر لكنها لن تعود كما كانت: أوروبا تدرك أن عليها بناء قوة عسكرية مستقلة عن واشنطن، خاصة مع دعوات ماكرون وألمانيا لتقوية الاتحاد الأوروبي أمنيًا.

 المشاكل التجارية ستزداد: أمريكا لن تتراجع عن سياسة حماية صناعتها، مما قد يخلق توترات جديدة مع أوروبا.

 الملف الأمني سيحافظ على العلاقة: رغم الخلافات، أوروبا ستظل بحاجة إلى الدرع العسكري الأمريكي في مواجهة روسيا.

الخلاصة: النظام العالمي الجديد يتشكل

🔹 السعودية: تحالف استراتيجي مع أمريكا، لكن بقدر أكبر من الاستقلالية، وتوجه نحو تنويع الحلفاء.

🔹 الصين: مواجهة اقتصادية وتكنولوجية مستمرة، مع عدم إمكانية الانفصال الكامل.

🔹 روسيا: عداء مفتوح مع أمريكا، مما يدفعها لتعزيز تحالفاتها مع الصين ودول أخرى.

🔹 أوروبا: شريك استراتيجي لأمريكا، لكن مع طموح للاستقلال الأمني والاقتصادي بشكل تدريجي.

النقطة الأهم: أمريكا لم تعد تملك الهيمنة المطلقة، بل تواجه نظامًا عالميًا متعدد الأقطاب، حيث تلعب كل دولة وفقًا لمصالحها، وليس وفقًا للإملاءات الأمريكية.

المستقبل مفتوح: هل ستنجح الدول العربية في استغلال هذا التحول لصالحها؟ أم أنها ستظل جزءًا من لعبة القوى الكبرى؟